جاك شديد
في إطار برنامج أيقونة الريادة، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى روح المحامي جاك شـديـد.
محامٍ ورئيس سابق لبلدية إدّه - قضاء البترون.
(الصورة في الأعلى سيدة البحار - إدّه البترون)
طوال حياته، حمل لواء النهضة وعمل في سبيل تنمية بلدة إدّه وجوارها ورفع حالة الحرمان والتخلّف التي عانت منها.
من مواليد 1910 في بلدة إدّه – قضاء البترون.
توفي في العام 1963.
تأهّل من الأميرة إيلين أبي اللمع ولهما ولدان : نسيب ومايا.
نشأ في بيئة تأثّرت بالثقافة المسيحية وفي زمن لعبت فيه الكنيسة المارونية الدور الأساس في تكوين الجمهورية اللبنانية ورسم خطوط سياستها الداخلية والإقليمية والدولية.
هذه الحقيقة احتلت موقعًا أساسيًا في تنشئته الوطنية وقناعاته الفكرية وثقافته الإنسانية.
أخذ من والديه، إضافة إلى الثقافة والعلم والمعرفة روح المواطنية والتعلّق بالأرض والجذور والتقاليد.
أما تحصيله العلمي فبدأه في اليسوعية قبل أن ينتقل إلى الجامعة اليسوعية ليدرس الحقوق.
في الثلاثينيات، حاز الإجازة وبدأ يمارس المحاماة في مكتب الأستاذ جان جلخ.
تأثّر عميقًا بروحية حزب الكتائب وتنظيمه وعقيدته.
التحق بصفوفه وهو شاب أسكرته ثورة الاستقلال فامتلأ اعتزازًا وكرامة واندفاعًا.
ومع توالي السنين، أصبح أحد كبار رجالاته وأبرز قيادييه.
من عضو ملتزم ونشيط، بدأ يتدرّج في المسؤوليات الحزبية.
شارك في تأسيس الأقسام الكتائبية في قضاء البترون قبل أن يعيّن عضوًا في المكتب السياسي الكتائبي.
وانطلاقًا من منبر الكتائب، دخل باب السياسة.
كان يؤمن بأن الأوطان لا تبنى إلا على أكتاف أبنائها ولا تحيى إلا بتجدد مسارها وهما جوهر رسالة الأحزاب وهدف نشأتها.
في زمن، كان لبنان فيه يتحوّل إلى ساحة للحرب الباردة ومحور أساسي في محاور النزاع العربي الإسرائيلي، اعتنق شديد الديمقراطية فكرًا والخصوصية اللبنانية إطارًا والإصلاح نهجًا.
عام 1960 ترشّح للانتخابات النيابية عن قضاء البترون ضمن لائحة ضمّت في صفوفها النائب السابق مانويل يونس وكان شديد مرشّح حزب الكتائب في هذه اللائحة وبالتالي الخصم الأول للائحة المدعومة من الأجهزة والنهج الشهابي.
مع أنّه لم يوفّق يومها في تلك الانتخابات(2)، وكان الفارق 175 صوتًا فقط، إلا أنّه ترك أثرًا بالغًا في عمق الوجدان الوطني لاسيما في صفوف الأجيال الشابة بما طرحه من أفكار وبرامج ورؤى.
يُذكر أنّه نال أصوات الناخبين في بلدته جميعًا.
شأنه شأن العديد من وجوه التغيير السياسي والاجتماعي الذين برزوا في أواسط القرن العشرين، ناهض كل التجاوزات والانحرافات السياسية والامنية.
علمًا أن تحرّكه المعارض هذا لم يكن موجهًا ضد النهج الشهابي في حركته الإصلاحية ولم يستهدف من خلاله التعدّي على مؤسسة الجيش اللبناني بل العكس تمامًا.
عُرف عنه انفتاحه على جميع أبناء لبنان بمختلف طوائفهم واتجاهاتهم السياسية، كما تميّز بدفاعه عن الحق وتمسّكه بالكرامة الإنسانية.
استقبل في مكتبه، محامين تتلمذوا على يديه، قدموا من مختلف التيارات السياسية اللبنانية بما في ذلك الحزب الشيوعي.
لم يتردد في الوكالة للدفاع أمام القضاء عن أحد كبار القادة الإيرانيين الذين هربوا إلى لبنان إثر الانقلاب الفاشل على الشاه.
كذلك، ورغم انتسابه إلى حزب الكتائب المناهض تاريخيًا للحزب القومي السوري الاجتماعي، تولّى المفاوضات بين أركان الحزب القومي والدولة اللبنانية.
توفي جاك شديد في 28 نيسان من العام 1963.
لا يزال اسمه حتى تاريخه مطبوعًا في ذاكرة من عرفه وعايشه.
كان رمزًا للانفتاح والتآخي، مؤمنًا بالتعددية والديمقراطية وحرية الرأي، في زمن كان التعصّب فيه هو الغالب.
(إعداد أنطوان فضّول)