أسمى داغر حماده
في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى المحامية اللبنانية الدولية أسمى داغر
أنهت تخصصها الجامعي حائزة الإجازة في الحقوق والدبلوم في الإستشارات الدبلوماسية الدولية، وبدأت العمل في المحاماة بعد انتسابها إلى نقابة المحامين اللبنانيين منذ العام 1982، مواكبة لبنان في رحلة عبوره معارج الربع الأخير من القرن العشرين وولوجه آفاق الحادي والعشرين.
إنتخبت عضوًا رديفًا في مجلس نقابة المحامين في بيروت منذ العام 2006، ترأست لجنة المرأة في النقابة، وانتخبت عضوًا في لجنة القائمة الانتخابية.
هي شخصية حقوقية، تخطّت أفكارها حدود الجغرافيا اللبنانية وتمددت على مساحةٍ ذات أبعاد إنسانية عامة.
من هنا نراها حاضرة ومشاركة في الكثير من الخطوات والمؤتمرات الإقليمية والدولية، تساهم في إدخال رؤية تجديدية إلى المجتمع، تستقي أسسها من تطور العصر وكنوز الحضارة واكتناه المعايير الإنسانية.
عُيّنت نائبة رئيسة لجنة المرأة في اتحاد نقابات المحامين العرب الذي أضفى على نشاطها الحقوقي العربي نفحة حضارية تنويرية توحّد صفوف المحامين العرب وتنمي قدراتهم وتحقق استقلالهم وتدفعهم نحو استكمال رسالتهم وتسير بهم نحو التمدن وتسمح لهم بالتواصل الحر والمنفتح في اطار الاستقلال والحرية والعدالة.
أما انتسابها إلى الرابطة الدولية للمحامين فأكسبها شهرة وجعلها مرجعًا دوليًا يمتلك مفاتيح المعرفة القانونية العالمية ويُعتمد على آرائها في المسائل المعقدة والشائكة.
حقوق الإنسان ثابتة ارتبطت بشخصها ومزايا أخلاقها المهنية مع ما اختزلته من نجاحات وحضور فاعل وريادي أخذ يتطوّر سنة بعد سنة. فإذا مكتب المحاماة الذي افتتحه يشق طريق النجاح بسرعة ملفتة ويغدو مصدر ثقة ومنجم خبرة وعلم بالقانون والتشريع المحلي والدولي، وموئل جذب لطلاب الحق والعدالة.
عاينت خلال الحرب مأساة الشعب اللبناني وعايشت الانهيار الذي طاول كل القطاعات، فرفضت البقاء على الحياد امام النفق المظلم الذي تعبر فيه البلاد، بل اتخذت قرارها بمقاومة الواقع المتردي من خلال نشاط اجتماعي وحركة إنسانية أثمرت عطاءات على مختلف المستويات.
غاصت في متابعة القضايا الاجتماعية حتى العمق.
عُرفت بسيرةٍ مشرّفة من العمل الاجتماعي والنضال من أجل رعاية الإنسان وحفظ كرامته.
إنخرطت باكرًا في الدفاع عن قضايا المرأة وزاوجت هذه المسيرة مع وعيها الصائب لأهمية تحقيق التنمية الاجتماعية، لمواكبة نضال نساء بلادها ودعم حقوقهن.
حضنت الطفولة اللبنانية وتصدّت لكل انواع الانتهاكات ضدّها، متمرّدة على ظواهر استغلال الطفل وتفشي الفقر.
كرست نفسها حامية لحقوق الأسرة، مدافعة بصلابة عن دورها، حارسة لقضاياها وموقعها داخل المجتمع.
أظهرت طوال عقود مثاليتها في العطاء في كافة الميادين الاجتماعية والإنسانية والوطنية، ولها بصمات ملموسة على المستوى الخيري والتنموي بنوع خاص. علمًا أن الانخراط في المجال الخيري والتنموي في لبنان يعد من أصعب المهام التي يمكن أن يقوم بها الفرد حيث أن هذا المجال محاط بالصعاب في دولة تكثر فيها المشاكل السياسية والاجتماعية. إلا أن حبها الكبير للبنان وتوقها إلى مساندة اللبنانيين في تذليل العقبات والصعاب لتنفيذ المشاريع هو ما دفعها على تكملة مهمتها الإنسانية.
إنطلاقًا من كفاءاتها، أثبتت أن المرأة قادرة على الإرتقاء إلى القمم، في مدارج القيم، مجسّدة من خلال نضالها صورة عن المرأة المتفوقة التي تعلو إلى مستوى العطاء الفكري والإنساني متسامية عن السياسة ومحدودية الآفاق، ومتحدّثة بكلام العقل والمنطق والحق في آن معًا.
مسيرتها عملية نضال لا يهدأ وصوتها إصلاحي دأب على وضع الأمور في نصابها الصحيح.
شخصيتها الرائدة وخلقياتها المتميزة بالشفافية والمصداقية والعلمية والترفّع، خوّلتها ولوج عالم الريادة من باب اختيارها رئيسة لمنتدى الحقوقيين المعني بشؤون الأسرة، فحازت احترامًا وتقديرًا من كافة المرجعيات الرسمية والشعبية اللبنانية.
تنشط من اجل تعديل قوانين عدّة مجحفة بحق المرأة، مناضلة إلى جانب رائدات وحقوقيات لمع نجمهن على مساحة الوطن.
بعملها التطوعي، وجهودها المتميزة في العمل المثابر، والإجتهاد في خدمة المجتمع، أثبتت أنها صاحبة رسالة سامية يحتذى بها في الوطن العربي.
ناضلت من أجل تحرير المرأة، متمردة على التقاليد، لكن بعيدًا عن أي تحد عنفي، مطالبة بالمحافظة على بعضها وإسقاط بعضها الآخر لاسيما التمييز بين الجنسين. أثبتت دور المراة وقدراتها الإبداعية الخلاقة وأحقية مساواتها للرجل دون التنازل عن دورها كأم وربة بيت وجدة حنونة.
رافقت المرأة اللبنانية بشؤونها وشجونها، انتفضت على التخلّف الذي يقيّد حركتها وشهّرت بظواهر الإهمال التي تفخخ مستقبلها. ناصرت حقوقها وكافحت من أجل حمايتها.
من رسالتها المبدعة استلهمت الأنتلجنسيا العربية حركتها في زمن الربيع العربي. ولعل حضورها على مستوى النهوض بالمرأة يأتي اليوم في المراتب الأولى في نضالات النساء العربيات.
في الواقع استطاعت أن تحمل الراية بجلد عنيد ومناعة حصينة وإرادة صلبة وإيمان عميق بقيمة المرأة، وبثقة لا يشوبها شك بأنها لا بد وأن تلتقي وتخرج من يرقانة قيودها وصمتها وخوفها.
تتوّج هذه العناوين نشاط المحامية أسمى داغر وتجعل منها علمًا من أعلام لبنان المميزين الذين واكبوه في كبوته وحملوا إلى مجتمعهم الإصلاح الصحيح والأخلاقيات السامية والنهضة الشاملة.
(إعداد أنطوان فضّول)