عمر الطبّاع

ولد د. عمر الطباع، أو عمر فاروق الطباع بالإسم المركب، في بيروت في محلة زقاق البلاط حيث دارة أبيه. أنجز دراسته على مرحلتين الأولى في دمشق التي أمها صغيرًا لأسباب عائلية والثانية في بيروت بعدما عادت إليها العائلة فتابع تحصيله في كلية المقاصد. أما تحصيله الجامعي فتوزّع بين لبنان وفرنسا حائزًا شهادة دار المعلمين الابتدائية، والإجازة في الأدب والفلسفة من الجامعة اللبنانية فجر تأسيسها وقد كان في عداد رعيلها الأول. ثم توّج مسيرته العلمية بنيله دكتوراه الدولة في الأدب والفلسفة متنقلاً بين السوربون وجامعة القديس يوسف والجامعة اللبنانية، بسبب عدم الاستقرار وأحداث الحرب الاهلية. تعاطى التدريس باكرًا، وهو في السابعة عشرة، مدرّسًا اللغة العربية في المدرسة العزيزية في محلة البسطا. وبعد نيل الإجازة التعليمية (الليسانس) ودبلوم الكفاءة في التربية والتعليم، درّس الادب العربي والفلسفة العربية في عدد من ثانويات بيروت، منها الكلية العاملية، والمعهد العاملي، ومعهد البكالوريا المسائي، وثانوية ابن سينا، والكلية العلمانية الفرنسية (الليسه)، والانترناشونال كولدج. هذا إلى جانب تولّيه إدارة الدروس العربية في العديد من المعاهد، ومنها ثانوية الظريف الرسمية وثانوية الظريف الجديدة. إلى ذلك، وعلى المستوى الجامعي، هو محاضر سابق في الجامعة اللبنانية (كلية الآداب) – السنة الرابعة وكانت مادته الأدب في العصر المملوكي والعصر العثماني. لقد ساهم في إحياء المناهج الجامعية بما أدخل عليها من رؤية تجديدية وروح تحاكي العصر وتنسجم مع تحولاته ونبض أجياله. وهو الذي جاهد في سبيل حماية اللغة العربية وإحيائها مع المحاقظة على أصالتها وألقها وخصوصيتها. كان أحد أعضاء اللجنة العليا الفاحصة في امتحانات البكالوريا اللبنانية الأولى والثانية، وعضوًا في لجنة مادة الأدب العربي في امتحانات البكالوريا الفرنسية. أبصر النور كتابه الأول "عبقرية الخيال في رسالة الغفران" وهو طالب في السنة الأولى الجامعية، أتبعه في السنة الثانية بكتاب "المنهج الحديث في الأدب العربي"، ثم بكتاب "في معبد القلب" وهو من باب الوجدانيات. أصدر بمشاركة الأساتذة حسيب غالب وأديب صعيبي وديب صوفان وسليم البستاني كتاب "المنهج في الأدب العربي" لصفوف البكالوريا وكتاب "المنهج الحديث في الأدب العربي". وبالإشتراك مع الأستاذ سعيد سمعان ولفيف من الأساتذة، كتاب "قواعد اللغة العربية" لحساب دار مكتبة لبنان. قام بتحقيق "معجم الأدباء" لياقوت الحموي ونحو من ستين ديوانًا من دواوين الشعر العربي، في مختلف العصور، من الجاهلية حتى العصر الحديث. كما ألّف سلسلة "المشاهير من علماء العرب والإسلام". أغنى المكتبة اللبنانية بكتابات لا تزال تحتل الصدارة في عالم التأليف والكتابة. من أبرز ما صدر له "الرفض في الشعر العربي المعاصر" (أطروحة دكتوراه) في 1200 صفحة (جزءان)، ومحاضرات "الادباء" للراغب الأصفهاني (جزءان)، وابن المقفع (كليلة ودمنة)، و"مواقف في الأدب الاسوي"، و"في رياض الشعر العربي"، و"أناشيد الحب والجمال في الشعر العربي". بالإضافة إلى تحقيق رسالة في المنطق وتحقيق فتوح البلدان للبلاذري. حاضر بدعوة من مدير الدروس العربية في جامعة سيدة اللويزة، الدكتور منصور عيد عن الشاعر جوزف نجيم والشاعر صلاح لبكي، وأعد محاضرته عن الكاتب والسفير خليل تقي الدين، ولكن الظروف حالت دون انعقاد الندوة. يعكف حاليًا على إصدار كتابين جديدين الأول حول "تاريخ الفلسفة العربية" والثاني بعنوان "أدباء في ظلال الأرز" متناولاً فيه نخبة من أعلام الفكر اللبناني بينهم جبران وميخائيل نعيمه ومارون عبود وصلاح لبكي وجوزف نجيم فضلاً عن نخبة من الأدباء المعاصرين بينهم الدكتورة سلوى الخليل الأمين والدكتور محمد علي موسى والاستاذ فردريك نجيم. من مخطوطاته التي لا تزال قيد الطبع: يتيمة الدهر للثعالبي، المتنبي، أبو العلاء المعري، أحمد شوقي. أما كتابه "الرفض في الشعر العربي" فهو على نفاذ وستصدر الطبعة الثانية قريبًا. نشط في أكثر من جمعية فكرية ومنتدى أدبي. وله اليد الطولى في تفعيل النهضة في مجتمع الفكر والفلسفة وتحريره من كبوة التخلف والانحدار التي عاشها طيلة فترة الحرب. وأتت عضويته بوع خاص في اتحاد الكتاب اللبنانيين وفي ديوان أهل القلم ومشاركته في تأسيس "الحلقة الأدبية" وترشّحه مؤخرًا إلى عضوية النادي الثقافي العربي، لتترجم هذا الدور وترسّخ هذا التوجّع في مسيرته الوطنية والقومية. في مطلع العام 2013 ميلادية، نال تكريم دار نعمان للنشر خلال لقاء الأربعاء، ومنح درع التكريم بحضور لفيف من الأدباء وأهل الفكر وفي مقدّمهم الأستاذ ناجي نعمان مؤسس اللقاء والدكاترة ميشال كعدي، وإميل كبا والدكتورة سلوى الخليل الأمين والدكتور عماد الأمين، وعدد من رجال الصحافة والأدب. شارك في العديد من الندوات الفكرية وكان في طليعة الباحثين في عدد منها ودافع عن اللغة العربية في حلقة فكرية بدعوة من جمعية إحياء اللغة العربية بحضور حشد من أهل الفكر وكان في عداد نفر من الأدباء الطليعيين الذين دعوا إلى بث روح التجديد في اتحاد الكتاب اللبنانيين ومن هؤلاء الشاعر جورج شكور ود. الياس الحاج ود. سلوى الامين ود. ميشال كعدي واللواء د. ياسين سويد والمرحوم د. محمد علي موسى، ود. زهية درويش، ود. محمد قبيسي ود. شوقي خير الله والشاعر الأستاذ صالح الدسوقي، والأستاذ نجيب البعيني وآخرين... اقترن اسمه بالأدب الراقي وتخطى الحدود اللبنانية ليتمدد على مساحة الوطن العربي عنوانًا للتجديد والأصالة والمنهجية. لا بل إن كتاباته تعكس مستوى عالميًا يترجم سعة اطلاعه وعمق ثقافته. إن د. عمر الطبّاع من الأسماء اللامعة في الفكر والأدب، وهو اليوم أحد مراجع اللغة العربية وقواعدها بأسلوبه المتجدد والمفعم بالحياة، وقد أجمعت الإنتلجنسيا اللبنانية والعربية على ريادته في مجال الفكر والأدب.