أسعد رنّو

الرسّام اللبناني العالمي الراحل البروفسور أسعد رنّو
والده خليل ووالدته نجلا حاطوم.
من مواليد بلدة دير القمر في الشوف.
درس المرحلة الابتدائية في مدرسة راهبات القديس يوسف دير القمر (1927-1932). بين 1932 و 1939 التحق بمدرسة الفرير ماريست (دير القمر) وبين 1939 و 1944 تابع دروسه في مدرسة الفرير – الجميزة.
إنضم إلى ملاك وزارة الأشغال العامة في العام 1944 وعين مفتشًا عامًا لأعمال الصيانة من انطلياس حتى الحدود اللبنانية – السورية شمالاً. وبقي في هذه الوظيفة حتى السنة 1950.
تزوج من منى فؤاد الشرتوني ورزق منها أربعة أولاد: ريشار، برنار، جيرار، إدغار.
أتقن الفرنسية والإسبانية والإيطالية الى العربية.
أحبّ الفن منذ صغره، ووهب نفسه له، كمدرّس وكرسام، وسار في خطى الرسّام العالمي والفنان المبدع رفائيل الذي وهب التاريخ والفن والحضارة مجدًا أزليًا.
في العام 1950 رسم لوحة تذكارية رمزية تمثل الصداقة الإسبانية –اللبنانية، أهداها لرئيس جمهورية إسبانيا الجنرال فرانكو، لمناسبة انعقاد المؤتمر القرباني في مدريد.
كانت تلك اللوحة بداية تحوّل في حياته، إذ حظيت بإعجاب كل من رئيس الجمهورية الأسبق بشارة الخوري والبطريرك الماروني المثلث الرحمات أنطون عريضة، وقد زوّداه برسالتين حملهما إلى الجنرال فرانكو يطلبان منه تشجيعه ودعمه. فاستجاب رئيس جمهورية إسبانيا لهما وأصدر مرسومًا قضى بأن يتخصص في رنو بالفن الكلاسيكي على نفقة الدولة الإسبانية، لأربع سنوات، تمكّن خلالها من نيل شهادة البروفسور التي يتطلّب الحصول عليها، في العادة، ست سنوات.
ثم عاد الى لبنان لينطلق في العمل على نطاق واسع، بعد أن عمّق دراسته في تاريخ العظماء في عالم الفن، وتبحّره في روائع رفائيل وميكال انج وبوتيتشلي وفولاسكيس، ومختلف عباقرة الفن الكلاسيكي في عصر النهضة.
توفي عن 86 عاماً.
الأوسمة

لمناسبة زيارة البابا يوحنا بولس الثاني الى لبنان، رسم رنو لوحة تمثل قداسته يتسلّم الأرزة اللبنانية من البطريرك نصر الله صفير.
لوحة نالت إعجاب البابا القديس الذي أبرق إليه شاكرًا ومنحه الوسام الحبري تقديرًا لخدماته في حقل الفن لاسيما الفن الكنسي. وقد تولى البطريرك الكاردينال صفير تقليده الوسام.
نذكر أن لرنو لوحة تمثل الرئيس الراحل جون كنيدي موجودة في الغاليري الوطنية في واشنطن، ولوحتان للقديس شربل في الفاتيكان (واحدة خاصة بيوم التطويب، والثانية بيوم التقديس).
إلى ذلك، فإن مسيرته الفنية استحقت الكثير من الأوسمة اللبنانية والعالمية وشهادات التقدير، لعل أبرزها:
وسام شرف – مدريد، السنة 1953.
وسام العمل – مدريد، السنة 1955.
وسام الأرز الوطني من رتبة فارس – لبنان السنة 1958.
وسام القبر المقدس – القدس السنة 1960.
وسام المهدوية – الدار البيضاء السنة 1961.
وسام ضابط اكبر – فرنسا، السنة 1961.
وسام الشرف – ليل فرنسا، السنة 1962.
وسام شرف الولايات المتحدة واشنطن – اميركا السنة 1962.
وسام الطفولة – سويسرا، السنة 1963.
وسام الارز اللبناني من رتبة ضابط – لبنان، السنة 1965.
دبلوم شرف – فرنسا السنة 1965.
الوسام البابوي – الفاتيكان السنة 1971.
وسام الارز من رتبة كومندور – لبنان السنة 1993.
وسام القديس غريغوار الكبير البابوي روما – الفاتيكان السنة 2003.

المعارض
خلال مسيرته الفنية، أقام الفنان أسعد رنّو 13 معرضًا خاصًا في لبنان، واشترك في ستة معارض دولية في ألمانيا واسبانيا والمغرب وأميركا وفرنسا وسويسرا حيث نال أوسمة رفيعة بعد تقييم لوحاته.
عدد لوحاته المباعة 2800 من أصل 3500 لوحة موزعة بين لبنان وبلاد الانتشار.
نذكر من تلك المعرض:
معرض في تطوان – مراكش 1952.
معرضان في مدريد واشبيليا – اسبانيا 1953.
معرض في الاونسكو – لبنان 1956.
معرض في الاونسكو – لبنان 1957.
معرض في الفينيسيا – لبنان 1962.
اربعة معارض متتالية:
الاونسكو 1967 – 1971.
ثلاثة معارض في دير القمر 1962 -1965.
ثلاثة معارض في السوديكو 1965-1969.
معرض في طرابلس 1990.
معرضان في المركز الفرنسي 1991 – 1992.
ثلاثة معارض في زحلة 1963 – 1968.

مؤلفاته:
أغنى المكتبة الفنية اللبنانية والعربية والعالمية بباقة من المؤلفات التخصصية القيّمة:
أطروحة باللغة الإسبانية عن تاريخ الفن الاسباني وانفعالاته في القرن العشرين.
سلسلة "أحدث قواعد الرسم"، 14 جزءاً، المكتبة العصرية، صيدا، 1963.
"تاريخ الفن العالمي"، في ثلاثة أجزاء، 1965، ترجمة رياض معلوف.
حافظ في مسيرته الفنية على المدرسة الكلاسيكية حتى بات رمزًا من رموزها وعمادًا من أعمدتها، وقد ألبسها عباءة شرقية بروحية الأيقونة وبنبض ربيعي مشرق وإيحاءات فلسفية.
تنساب الألوان داخل اللوحة مشعة تخترق رقعتها تلاوين دفاقة كوميض بلوري يبث الحياة ويبعث الأمل.
رغم جمودها ووضوح لغتها، إلا أنها تترك في العين ترددات مخملية من أنوار وأضواء.
تمسكه بالفن الكلاسيكي يأتي في إطار قناعة تمسك بها طوال مسيرته حيث اعتبر المدرسة الانطباعية الكلاسيكية، في الرسم، الصخرة الأم ورائدة الفنون من حيث الأساس والقواعد، وما من فنان أو كاتب أو شاعر وصل الى قمة المجد إلا وقد بنى ثقافته على أسس فعالة وقواعد متينة. وهو طالما شبّه مدرسة الفن باللغة التي يستحيل إتقانها ما لم يتمرس الفنان على تهجئتها؛ ففي الفن الكلاسيكي ثمّة دروس للمسافات وقواعد لمزج الألوان وطرق انعكاساتها، وعلم للمقاييس والعضلات.
لقد تعاطى رنو مع لوحته الكلاسيكية كتعاطي الفنان الموسيقي المبدع مع توليد السيمفونيات.
وعلى هذا النهج أسس أكاديمية "ميكال أنج" للفنون الجميلة التي اتخذت من ريشته وأسلوبه ونَفَسِه نبضّها ونَسَقَها. وقد علّم في صفوفها أجيالاً من طلبة الفن، وقد أطلقها بداية في زحلة في السنة 1962 قبل أن ينقلها إلى بيروت.
واليوم يعمل أبناؤه على تحويل قصره في دير القمر إلى متحف يحكي مسيرته ويحاكي فرادة إبداعاته. وهو يقع على ربوة من أجمل ربوات دير القمر المطلّة على مدن الشوف وقراه. يتألف من أربع طبقات تزينت سقوفها وحيطانها بجدرانيات (Fresques) يزيد حجمها على المائتي متر مربع وبلوحات الـ"فريسك" الممهورة بالفن الكلاسيكي.
محترفه الفني تحول منجمًا تكدست فيه اللوحات والمنحوتات والمراجع والذكريات.
افتتح أسعد رنو مرحلة التجديد في الفن التشكيلي المشرقي الكلاسيكي بعد أن أشبعه بالحركة واللون.
كلاسيكيته اختلفت شكلاً ومضمونًا، فهي توهّج ثلاثي الأبعاد وهي مجموعة خلايا لونية متحابة، متراصة، متوازنة، مستقلّة، مشبعة نضجًا ومتحدة بعفوية كشلال هادر.
أسلوبه المتحرر طبع المشهد التشكيلي وسمح للحياة بالتسلل إلى كل خلية من الخلايا النورانية التي تتشكّل منها مساحة اللوحة.
نجحت ريشته في رسم حدود الطيف بتموجاته وتمايلاته وإيقاعاته والتصاقه بالنور وذوبانه بجمالية الكون والروح والفن.
تتراءى المرأة في قصائده اللونية متسربلة بوشاح ربيعي عاصف. كذلك زرع في وسط لوحاته أطياف من طبيعة لبنانية ورموز وطنية، وجوه لنساء جميلات ولرجال من الماضي، تحكي تراث لبنان وتاريخه منذ فجر التاريخ وحتى اليوم.. تتجول بينها وكأنك تقرأ في كتاب، يروي حقائق ويؤرخ لمحطات، على وقع أصداء سرمدية وأنوار ما فوق البنفسجي.
فنان احترف صياغة الخطوط والألوان جمالاً وهو مسكون بالإبداع، تتدفق اللوحات من بين أنامله غزيرة كما الأنهار، يغمرها سحر لا يفك رموزه إلا من يتقن لغة الحب والجمال والعظمة.
ففي وجوه شخصياته، تعبير صارخ عن مكنونات النفس، رسمها بدقة متناهية، وبلمسة خاصة.
وهو يكاد لا ينسى مظهرًا من مظاهر حياتنا اللبنانية الا ويخلّده بالألوان والأنوار. فإذا باللوحة يسرح فيها النهر والجدول وتكسوها المظاهر القروية المألوفة.
لوحاته كعادتها تأسر المشاهدين، تشعل صدورهم بما ينفخ فيها من تجدد.
قدسية مشهديته اللونية تكمن في هذا الصمت الهادر الذي يرشدنا إلى طريق النور السرمدي.
ما يجب ألا نتناساه أن تقنية أسعد رنو ليست مفردة بل هي تيار فكري وفني ينبع من تفجّر في الطاقة الداخلية الإنسانية وانسياب نحو التجدد الدائم. ففي لوحاته توازن لافت وإتقان مشبع بالعفوية الخلوقة وقد توّجها بمسحة روحية تناجي الروح، تدفئها، وبحركاته البركانية يروي ظمأ النفس في صحراء رحلتها داخل القطب البشري الخالي. وفي كل انكسار للضوء قفزة نحو العمق الوجداني، وفي تمدده تحرر من كل قيد وانقباض.
سيمفونية عبور نحو أفق إنساني متسام، تعزفها كل لوحة وقّعها أسعد رنو. أفق لا يمكن تلمّس أبعاده الثلاثية إلا بعد تقمّص الإحساس الخاص المتدفق من باطن المشهد الأسعدي.
أضفت لوحاته على الفن الكلاسيكي غنى وروعة وإبداعية خلاقة وجمالاً شرقيًا مبنيًا على أساس تراثي وأساس تقني فني معاصر.
في كل لوحة كتاب مفتوح على فكرة قدسية ممهورة بأبجدية السلام وفيها نافذة على دنيا الخلود.
أنبياء وقديسون وأبرار يتوسطون العمق التصويري. وجوههم تشع فرحًا ورجاء وعلى أجسادهم يرسم الدهر تجربة إنسانية تكافح الصعوبات وتجاهد عبر الزمن في مسيرة عبورها إلى الملكوت.
هي لوحات لاهوتية تسمو بالإنسان إلى آفاق الروح وعوالمها.
تنتشر لوحاته في الكنائس والأديار على طول مساحة وطن الأرز من شماله إلى جنوبه ومن بقاعه إلى ساحله، فتشكل سبحة مقدسة ، في كل حبة من حباتها إنجيل مرسوم بحبر الإيمان وممهور بختم القداسة.
هي في مجموعها نهر دفاق من أيقونات دافئة دفاقة تساعدنا على الصلاة والتأمل وتؤمن لنا مساحة من طمأنينة مشبعة بالحب الإلهي.
كثير من لوحاته الأيقونات غدرت بها عوامل الحرب والزمن والإهمال فتضرر بعضها ودُمّر بعضها الآخر واختفى الكثير منها ولم يبق منها أي أثر، فخسر لبنان باندثارها ذخائر فنية لا تقدّر بثمن، ففي رصيده أكثر من 5000 لوحة بينها 83 من الجداريات، موزعة في كنائس لبنان. وله لوحة ذائعة صيت تصور القديس شربل والأرزة اللبنانية مرسومة بالذهب الخالص في إطار من الفضة، قُدّمت للفاتيكان باسم الدولة اللبنانية يوم تطويب الأب شربل مخلوف.
الكثير من الجداريات التي سبق أن رسمها، لم تعد بارزة، إما بسبب التدمير الممنهج في مرحلة الحرب، كما هي حال الكنائس في الشوف، وإما بسبب احتراق الكنيسة كما هي الحال في دير الأحمر، وإما لأسباب أخرى خاصة بالأديار والرعايا.
نذكر من هذه الجداريات التي اختفت:
العائلة المقدسة في العطشانة
حياة القديس شربل في بريتال
دير السيدة في مزرعة الضهر
دير مار الياس في الكحلونية
مار يوسف في دير دوريت
دير مار يوحنا في زغرتا
دير مار الياس الحي في عاليه
دير مار يوسف في كفرعميه
دير مار جرجس في الناعمة
دير مار جرجس في الجيه
دير مار شربل في الجيه
سيدة بشوات في دير الأحمر
دير مار ضوميط في روميه
دير السيدة في الحدث
مار روحانا في مار روكز في الدكوانة
كنيسة سانت تريز في بعلبك
مار أوغسطينوس في الكسليك
أما الجداريات التي لا تزال نابضة في الكنائس وعلى المذابح وفي القصور فقد خصصنا لكل منها بابًا في هذا الدليل:
كنيسة مار شربل في عبرين
دير مار شعيا في برمانا
دير مار أنطونيوس في زحلة
دير مار الياس في قب الياس
دير مار جرجس في المعلقة
دير السيدة في بعلبك
دير مار الياس في عانا
دير مار الياس في بدادون
دير مار أنطونيوس في بيت شباب
سيدة التلة في دير القمر
قصر بيت أبو شديد في جديتا
كنيسة مار أنطونيوس في سرجبال
العائلة في كنيسة أرز الرب
سيدة الإنتقال في بشري
كنيسة مار شربل في الفنار
(إعداد: أنطوان فضّول)