فادي قمير

في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى سعادة المدير العام د. فادي قمير
المدير العام لوزارة الطاقة والمياه.
ولد في تنورين قضاء البترون للعام 1960.
والده اللواء الطبيب جورج قمير. والدته منى طعمه.
متأهل من كلود الخوري حلو ولهما ثلاثة أولاد جورج وجويل وكريستيل.
نشأ في بيت قوامه أساسات أربعة: الإيمان بالله وحب الوطن والشغف في العلم والخدمة بلا حدود. استمد من هذه الأسس ركائز بنى عليها صرح مستقبله الوطني والمهني والإنساني.
بعد الانتهاء من مرحلته المدرسية في أواخر السبعينيات، غادر لبنان إلى الولايات المتحدة الأميركية للبدء بدراسته الجامعية. فحطت به الرحال في تكساس حيث بدأ تخصصه في الهندسة المدنية، وحاز البكالوريا فيها سنة 1983 ثم انتقل إلى باريس ليتابع تحصيله الجامعي ويحوز سنة 1984 دبلوم دراسات عليا من معهد الجسور والطرقات في باريس وينهي هذه المرحلة بدكتوراه في الهندسة (الطاقة) من جامعة كلود برنار في ليون – فرنسا.
بعد نيله شهادة الدكتوراه، استقر في فرنسا من سنة 1988 حتى سنة 1993، متوليًا وظائف ومهمات عدة أسندتها إليه وزارة الصناعة الفرنسية: من رئيس مصلحة المباني في معهد البحوث والدراسات للإنشاءات المدنية، إلى مدير فني لمعهد دراسات الباطون في باريس، الى رئيس الوفد الفرنسي في خمس لجان فنية في الجمعية العمومية الأوروبية للمواصفات CEN.
شارك في وضع قوانين عدة ذات صلة بالطاقة والزلازل والباطون المسلح للإنشاءات المدنية. كانت مرحلة شديدة الاهمية بالنسبة لتعميق معرفته المهنية، وبلورة قدراته الإدارية ومفاهيمه العلمية.
مهمات إن دلت على شيء فعلى نبوغه وتفوقه في عالم الاغتراب، كما دلت على شفافيته وقدراته الإدارية والعلمية واتساع شبكة معارفه.
هذا اللبناني الشاب الذي احتل مراكز رفيعة المستوى ومسؤوليات ذات سقف عالمي وأوروبي تحديدًا، لا تزال أبحاثه وأفكاره وأسلوب عمله مصدر إلهام واهتمام ليس فقط في فرنسا بل في أوروبا عمومًا. وهو ما عبّر عنه خير تعبير وسام الاستحقاق الفرنسي برتبة فارس الذي منحه إياه الرئيس الفرنسي ساركوزي سنة 2010.
فتحت له هذه المواقع أبوابًا عدة وخولته الترقي في المراتب والمراكز والتوسع في المهمات وتبوء مواقع جديدة ليس فقط في فرنسا بل في سائر انحاء أوروبا.
سنة 1992، كان لبنان قد بدأ ينفض عنه غبار سنين الحرب ويستعيد عافيته ويشق طريقه الواعد نحو مستقبل عنوانه الإعمار والإنماء.
في هذه الأجواء، تلقى د. فادي قمير اتصالاً من رئيس مجلس الخدمة المدنية د. حسن شلق في إطار سلسلة الاتصالات باللبنانيين المغتربين التي باشرت بها الدولة لتشجيعهم على العودة إلى الوطن لتسلم وظائف حكومية فيه.
في اتصاله طرح د. شلق أمامه خيارات عدة لوظائف من الدرجة الأولى ليتسلّم إحداها بما في ذلك المصلحة الوطنية لنهر الليطاني التي لم يتردد في قبولها لكنه استمهل بعض الوقت ريثما يطرح المسألة على زوجته وأولاده. فزوجته طبيبة لها عملها ولديها مسؤولياتها، وأولاده باتوا في منتصف عامهم الدراسي.
في فرنسا، وقف قمير وأسرته عند تقاطع مصيري وخيار بين اتجاهين: إما البقاء في أوروبا او العودة إلى لبنان حيث أسدلت ستارة الحرب واستعيد الاستقرار وعادت القطاعات إلى الانتاجية والحركة إلى حيويتها ولاحت في الأفق تباشير نهضة جديدة شاملة وانطلاقة واعدة لعملية إعمار شاملة.
في الواقع، هي عائلة متماسكة، أثبتت تضامنها وشدة ولائها للبنان. فلم تتردد الأم كما الأولاد في التعبير عن الاستعداد للتخلي عن كل ارتباط إذا ما اختار الوالد العودة إلى الربوع اللبنانية.
هكذا اتخذ قمير قراره المحوري بالعودة إلى وطنه الأم ليساهم بخبرته ومعرفته ومن موقعه في إنجاح هذه المرحلة الجديدة. وبطبيعة الحال، استقبلته الدولة اللبنانية برحابة صدر واهتمام بالغ وقدرت تضحياته ومحبته لوطنه وثمّنت تخليه عن كل المكتسبات المالية والعلاقات الدولية خدمة للبنان وازدهاره وإعادة إعماره.
فصدر مرسوم تعيينه رئيسًا لمجلس إدارة المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، وباشر منذ سنة 1993 مهامه الجديدة في لبنان.
إنجازات عدة تحققت في عهده منها تمويل من البنك الدولي ضمن القرض المخصص للبنان والبالغة قيمته 58 مليون دولار أميركي. وقد تبنت دولة الكويت تمويل مشروع ري الجنوب على منسوب 800 متر. بالإضافة إلى تأهيل معامل انتاج الكهرباء ومشاريع ري البقاع الغربي، والقاسمية ورأس العين، وغيرها.
يعود له الفضل في وضع الخطة الخمسية للمصلحة المذكورة التي تم بموجبها تأهيل مشاريع الري في البقاع والقاسمية والمعامل الكهرمائية ودراسة مشروع ري الجنوب، والحصول على التمويل الخارجي من الصندوق الكويتي.
في 30/1/1999، صدر قرار بتعيينه مدير عام الموارد المائية والكهربائية في وزارة الطاقة والمياه.
أولى إنجازاته وضع ما يشبه خطة طريق للنهوض بقطاع المياه وتنشيط النمط المؤسساتي في النهج والأداء وإعادة بناء هيكلية جديدة للإدارة، تمحورت حول البرنامج التالي:
- إعادة تنظيم الإدارة وتحسين أساليب العمل وضبط مهام الموظفين وتنظيمها وإدخال المعلوماتية والإدارة الحديثة والتأهيل المستدام للجهاز البشري العامل فيها.
- وضع خطة عشرية للاستفادة من جميع مصادر المياه المائية ركيزتها السدود والبحيرات الجبلية، والإدارة المتكاملة للمياه. هذه الخطة العشرية، مدعومة من رئيس الجمهورية السابق العماد إميل لحود، أقرها مجلس الوزراء وصدرت بقانون برنامج عن مجلس النواب، وكان وليدها الأول سد شبروح ثم تتابعت المشاريع المنفذة بما فيها: مشروع القطين – عازار، والداشونية، ومشاريع سد العاصي واليمونة وبقعاتا وسواها...
- تعزيز علاقة المديرية العامة للموارد المائية والكهربائية بالمؤسسات الدولية والعالمية كالبنك الدولي، والبنك الأوروبي والصناديق العربية.
- المحافظة على المياه اللبنانية الدولية، مياه نهر الكبير الجنوبي والعاصي والوزاني، وتبني القانون الدولي في هذا الإطار مما سمح ببدء العمل بإنشاء سد العاصي وسد النهر الكبير الجنوبي، ودعم موقف لبنان من موضوع مياه الحاصباني والوزاني، ووضع تقرير مفصّل حول هذه المسائل كافة رُفع إلى الأمين العام للأمم المتحدة سنة 2002.
كذلك نشط د. قمير بنوع خاص في إطار "الاتحاد من أجل المتوسط" في سبيل وضع الاستراتيجية المتوسطية للمياه، وتطوير قانون المياه في لبنان، ما جعل سفير فرنسا في لبنان دوني بييتون يمنحه باسم دولته وسام الاستحقاق الفرنسي.
أصدر عددًا من الدراسات العلمية نذكر منها تلك التي أجرى فيها أبحاثًا حول القوانين الجديدة التي أقرتها فرنسا متناولاً بشكل خاص قانون الهزات الأرضية وقانون تسليح الباطون وقانون الطاقة.
في جعبته كم هائل من المحاضرات والندوات التي تتعلق بشؤون المياه والبيئة والطاقة، ومنها ما اعتمد مراجع للنهوض بمشاريع الري والمياه في لبنان والشرق الأوسط.
إلى ذلك هو عضو في الرابطة المارونية، يساهم في نهضة المجتمع الماروني وتعزيز مقوماته وبلورة رؤية له عصرية وواقعية وعلمية تلبي حاجات أبنائه وتعبد الطريق أمام مستقبل لهم مستقر يكلله النجاح والتقدم.
(إعداد: أنطوان فضّول)