كلود عبيد

تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى النقيبة الدكتورة كلود عبيد، في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز.

مواليد جبرايل، عكار. متأهلة من العميد محمد عبيد ولهما ولدان : الطبيب مكرم والمهندس مروان.
فنانة تشكيلية، كاتبة، ناقدة، نقيبة الفنانين التشكيليين اللبنانيين. حازت شهادتها الجامعية من الجامعة اللبنانية في بيروت.
مسيرتها الفنية حافلة بالمعارض الفردية التي نظمتها والجماعية التي شاركت فيها داخل لبنان وخارجه ومنها معرض أقيم سنة 2010 استضافته السفارة الأميركية وآخر في تكساس حيث تألقت لوحاتها ولاقت تهافتًا واستحسانًا وتقديرًا عميقًا.
تمتزج الألوان في لوحاتها وضاءة، متحابة، ماطرة فرحًا وحبورًا، تشد الأنظار، وتعيد نسج مشهديتها في نسق جديد بأبعاد واعدة وآفاق تفاؤلية، فتغدو الحياة معها رؤيا ربيعية.
أعطت المكتبة اللبنانية باقة من نتاجها الفكري ضمت مجموعة متناسقة ومتكاملة من كتب ودراسات ومقالات ومقابلات وتصريحات ومواقف، عالجت في فصولها مواضيع متعددة الجوانب، منها ما يفتقده الأدب ولم يسبق أن تناوله الأدباء، أو لم يفكروا في تناوله أو لم يتوصلوا إلى الإلمام به. ومنها ما تحتاجه النهضة الفنية والفكرية في طروحاتها وحركتها المتجددة.
من مؤلفاتها:
- نقد الإبداع وإبداع النقد.
- التصوير وتجلياته في التراث الإسلامي.
- جمالية الصورة، جدلية العلاقة بين الفن التشكيلي والشعر.
- الألوان: دلالاتها ورمزيتها.
أسلوبها أدبي متميّز، يرتدي ثوب الجمالية ويتعطّر بالفلسفة الراقية ويغوص بك في محيط الفكر العالمي وأوقاينوس الحضارة الحيّة، تغرف من فيض، وتسبح بلا تعب، وتشرب بلا ارتواء.
خلال مسيرة زاخرة بالعطاءات على مستوى الفن والثقافة والفكر لا سيما في مرحلة ما بعد الحرب، عرفتها جمعيات اهلية فنية وثقافية واجتماعية عضوًا مؤسسًا وركنًا من أركانها تشارك في إنهاض لبنان من كبوته وإعادته إلى موقعه على خريطة الثقافة العالمية.
من هذا المنطلق كان انتسابها إلى جمعية الحوار الوطني، وجمعية الفنانين التشكيليين والنحت اللبنانيين، واتحاد الكتاب اللبنانيين، وجمعية السكيزوفرينيا والجمعية العالمية للفن.
وقد توجت مسيرتها هذه بانتخابها على رأس نقابة الفنانين التشكيليين اللبنانيين، حيث نجحت من خلال موقعها في تظهير أفكارها بأبعاد وطنية وإنسانية لامست بها الحاجات والهواجس المزمنة التي تكدست بفعل تداعيات الحرب وتواتر السنين وإهمال الدولة وتشرذم أهل الفن والفكر والأدب والشعر.
في رصد دقيق لنشاطها النقابي نتلمس هذا الزخم وتلك الكثافة في العطاء الغني رغم ندرة الإمكانات ومحدوديتها وغياب الدعم الرسمي الذي يكاد أن يكون تامًا.
تقول كلود عبيد:
"يحمل الفن في باطنه أسرار كل القيم. هو جزء من الالتزام السياسي والثقافي والاقتصادي في بناء الوعي المرتبط بفهم المجتمع بأبعاده وآلياته وقيمه وتجلياته الثقافية المختلفة. والأهم من ذلك هو جزء من مقومات الحضارة ودال على رقيها وتميّزها.
"أنتمي إلى وطن صغير في الجغرافيا، عظيم في التاريخ، يشكل ضميرًا لأمته، مرآة لهمومها، عنفوانًا لكرامتها، مقاومة لمضطهديها، إبداعًا لإبداعها، مستعيضًا بكبر العقل عن ضعف الإمكانات.
"ولبنان بهذا المعنى، ومبدعوه بهذا المعنى، هم جسر العبور من كهوف الشرق، من مستنقع الشرق إلى الشرق الجديد حسب تعبير خليل حاوي، ومن كهف الفرد إلى فضاء الإنسان حسب تعبيري إذا كان لي أن أمتلك هذا الحق".
"الفن في لبنان غير مدعوم بتطور اجتماعي ومؤسسي متواز، فما زال الفن يحتل مكانة ثانوية في المجتمع، ولا يحظى بالرعاية المطلوبة من قبل الدولة إلا بالقدر اليسير.
"الفن في العالم العربي بالمجمل ما زال يعاني من إشكاليته في بناء الهوية، خصوصًا في هذا الزمن الذي يتراجع مع تقدم الهيمنة الثقافية الموازية للهيمنة السياسية والاقتصادية التي يعتمدها الغرب في محاولته طمس الخصوصيات الثقافية والهويات القومية.
"بما أن غاية الفنان الاولى هي دائمًا التغيير، فعليه حمل رسالته الاجتماعية والسياسية وتأديتها بمعنى تحرض الناس على معرفة الآخر. فوعي الفنان موجه إلى خدمة الإنسان في كل مكان . وهكذا المعارض تكون أداة تمكن الفرد من الاتصال بغيره والتفاهم معه وتكون وسيلة اجتماعية للتفاهم بين الفنان ومجتمعه الخاص الفردي والمجتمعات الأخرى.
"لوحاتي هي عالمي ومشاعري ورؤيتي لذاتي وللإنسان، تختزن فرح حزني وأحزان فرحي، سعادة آلامي وآلام سعادتي، باختصار هي رسالة فنان لكل متذوق ليشاركه سعادة الحب والخير والجمال وهو الهدف الأسمى لكل إبداع.
"لوحاتي مفتوحة كما الكون، متنوعة كما الطبيعة، دافقة كما الحياة، دافئة كما المشاعر، وأريدها جميلة كما الاحلام وواقعية كما الوجود.
(إعداد: أنطوان فضّول)