أنطوان خويري

في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى د. أنطوان الخويري

مؤرخ وأديب وشاعر. سياسي وصحافي.
ولد في غوسطا - كسروان العام 1936.
والده بطرس الخويري، والدته نبيهة صقر.
متأهل من سلوى منسى ولهما خمسة أولاد: بيارو د. في القانون والعلوم السياسية، بول دكتور في أمراض الدم والسرطان، فيكتور مهندس وصاحب مجلة آزيرو الهندسية، بسّام د. في علم الاقتصاد والتجارة، هشام مهندس ميكانيك.
يحمل وسام "المنظمة الإنسانية الفرنسية" من رتبة كومندور، ووسام الأرز الوطني من رتبة فارس، والوسام البابوي، ووسام الاستحقاق اللبناني وعددًا من الدروع الثقافية.
ولادته في كسروان ونشأته المسيحية عاملان يفسّران أبرز جوانب حركته السياسية ونشاطه الاجتماعي والوطني.
منذ فتوته، تفتحت في شخصيته نزعة ثائرة وُلدت عند تقاطع تاريخي- جغرافي استثنائي. فالزمن زمن مخاض نحو الاستقلال؛ والبيئة آفاق كسروانية تأصلت فيها القيم المارونية والحضور التاريخي ونبتت في فيئها العامّيّات ضد الطغيان، والثورات على الإقطاع جنبًا إلى جنب مع نزعة الانفتاح على حضارات العالم وروح العصر.
في هذه الأجواء النابضة بروح التحرر، نشأ د. أنطوان الخويري، شابًا كسروانيًا أصيلاً، يتلقى من عائلته حب الوطن والالتزام بالحق والصدق. ومن مسقط رأسه غوسطا – جارة سيدة لبنان – تَنَسّم جذوة الإيمان، وجرأة الرجولة.
في مرحلة طفولته، كان الزمن زمن انتداب فرنسي، والجمهورية الفتيّة تتحضر لولوج عهود الاستقلال بما حملته من وعود وأحلام وما زرعته من بشائر وآمال.
مع تنشئة عائلية طبعت حياته بشفافيتها، جاء تدرّجه الثقافي والعلمي ليطبع شخصيته الإنسانية وليحمل العلم بيد، والولاء لوطن الأرز في اليد الثانية. وبهاتين الخاصتين سار في معارج الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، متلقّيًا دراسته وتحصيله العلمي الذي أنجزه حائزًا الدكتوراه في السياسة من جامعة "سانت أولافس – لندن".
واكب جميع المراحل التي عبرتها الطائفة المارونية في لبنان، وعايش كل الأحداث الوطنية، لا من زاوية المراقب بل غاص إلى أعماقها مناضلاً، وأحيانًا من موقع المسؤول والمستشار.
أكاديميًا، نشط فترة في حقل التعليم، فدرّس الأدب العربي، ثم أدار الدروس العربية في معاهد عدّة، ونشأت على يديه أجيال من الطالبات والطلاب، أسهمت في تنشيط حركة النهضة في لبنان.
صحافيًا، لمع اسمه على أكثر من منبر. فإلى عضويته في نقابتي الصحافة اللبنانية والمحررين، مارس الصحافة في كل من جريدة "الزمان"، "البيرق"، "بيروت"، "الرواد"، العمل"، "أصداء"، "الحديث"، "الجريدة"، "الفصول". أسّس "دار الأبجدية للصحافة والطباعة والنشر" و"مركز الإعلام والتوثيق"، ومجلّتَي "الصحافة" و"آزيرو"، مساهمًا في تنشيط حركة التأليف والنشر في موطن الأبجدية، وحاملاً القضيّة اللبنانية بتضحية وجهاد.
وبعد أن تعرّف عليه الشعب اللبناني معلقًا سياسيًا موضوعيًا في إذاعة لبنان خلال حرب 1975 – وعبر أثير صوت لبنان حيث أعدّ وقدّم برامج عدّة منها: "ما وراء الاخبار"، "مختصر مفيد"، و"وقائع وحقائق"، فهو أحد مؤسسي "إذاعة لبنان الحر".
إمتازت مقالاته الصحفية بجرأته المشهودة. كما تميّزت خطاباته ذالسياسية وقصائده الثورية بنفحة العزّة والكرامة والحرّية. وطارت شهرته في أثناء حرب السنتين 1975 – 1976 (من إذاعة لبنان التي كانت تبث من محطة الإرسال في عمشيت)، وذلك من خلال تعليقاته السياسية، لاسيّما برنامجه الشهير "ما وراء الأخبار"، الذي كان ينتظره كبار المسؤولين والسياسيين في لبنان ودنيا العرب، وبخاصة اللبنانيون المنتشرون في أصقاع الدنيا، والذي كشف من خلاله "مؤامرة الفلسطينيين" بقيادة "أبو عمار" و"سائر الأبوات" كما كان يسمّيهم عن مشروع توطينهم في لبنان وإقامة دولتهم البديلة على أرضه، تنفيذًا لسياسة هنري كيسنجر وزير خارجية أميركا الهادفة إلى ترحيل المسيحيين عن وطنهم الأبي العزيز!..
ولعل تعليقه ضد ألكسندر سولداتوف سفير الاتحاد السوفياتي في لبنان آنذاك الذي كان يدعم الفلسطينيين وما يُسمّى بـ"الحركة الوطنية"، كان الأبرز والأقوى بعد تعليقه الشهير والخطير ضد مواقف "الجامعة العربية"، المُنحازة إلى الحركة الوطنية والفلسطينيين، وقد أعلن يومها عن استعداد لبنان للإنسحاب من "جامعة السيرك العربي"، حيث التمثيل والتهريج، الامر الذي أحرج المسؤولين اللبنانيين كافة، ما عدا أعضاء "ألجبهة اللبنانية" التي رحّبت بذلك الموقف، لأنه أدى يومها إلى إيقاف اجتماع "الجامعة"، وإيفاد الأمين العام محمود رياض في اليوم التالي إلى بلدة الكفور حيث كان مقر الجبهة اللبنانية المؤقت، وتمّ إطلاعه على حقيقة ما يجري من تآمر فاضح وخطير على لبنان!...
وكان للجامعة بعدها، موقف آخر إتّصف حينها بالاعتدال.
وكانت ملفتة لحظة فوزه في العام 1962، بالجائزة الأولى في المسرح من "تلفزيون لبنان" في برنامج "لبنان يشترك" 1962.
له اليد الطولى في دعم الجمعيات الإجتماعية والمنتديات الثقافية والمبادرات الخيرية التي اختبرته، طوال حياته، ركنًا وعضدًا ومساهمًا كريمًا.
إنتخب رئيسًا لاتحاد أولياء الطلاب في لبنان منذ العام 1977 وعُيّن مستشارًا في "المجلس التربوي التحكيمي" منذ العام 1995 حتى اليوم تولّى الأمانة العامة لمجلس كسروان الثقافي منذ العام 1971، ولا يزال.
من خلال ترؤسه "الجمعية الخيريّة الغوسطاوية" عرفه أبناء بلدته مرجعًا ومقصدًا يحمّلونه أعباءهم، فيحرص على متابعتها حرصه على شؤون عائلته تمامًا.
كذلك ترأس جامعة آل الخويري من العام 1966، حتى العام 1998، ثم انتخب رئيسًا فخريًا لها، فتابع من خلالها شؤون أفراد العائلة الاجتماعية ونظّم الروابط فيما بينهم وتابع همومهم وتواصل مع اكثرهم، لا سيما من نزح منهم إلى مختلف أنحاء لبنان، ومن هاجر في كل انحاء العالم. ووضع تاريخها، وتاريخ أحد رجالاتها الوطنيين الأباتي بطرس الخويري "ألراهب المجهول" الذي لعب دورًا وطنيًا كبيرًا وخطيرًا في الحرب العالمية الأولى...
في العام 1963، خاض الانتخابات البلدية للمرة الأولى وحاز ثقة أهالي غوسطا ففاز بعضوية المجلس البلدي، ثم انتخب سنة 1986 رئيسًا للبلدية حتى العام 1998، فانتعش في عهده الإنماء البلدي إجتماعيًا وتربويًا فهو مؤسس ثانوية غوسطا الرسمية، ومجلة "أوغوسطا" ورابطة غوسطا الثقافية فضلاً عن مشاريع تنموية كثيرة. وبدأت تلاوين النهوض تلوح في الأفق تعكس ديناميكية وتنوّرًا ومصداقية في التعاطي مع الثقة التي منحه إياها أبناء البلدة.
سياسيًا، آلمه وضع لبنان الذي بدأ بالتردّي منذ منتصف الستينيات، وادرك المؤامرات التي تُحاك في الخفاء للنيل من استقلاله وكيانه، فبادر إلى تأسيس "منظمة الطلائع اللبنانية" في خلال حرب 1975 – 1976.
ومع اندلاع الحرب في 13 نيسان من العام 1975، لم يقف على الحياد، بل التزم الدفاع عن الوطن وتأييد الشرعية اللبنانية والزود عن حياض البلاد وسيادتها، ما دفع إلى اختياره مساعد أمين عام "الجبهة اللبنانية" ومجلة "الفصول".
كان الهدف من نشاطه الوطني تحصين المجتمع المسيحي، والمساهمة وفي وأد الفتنة في مهدها، والسّهر على الوحدة الوطنية من خلال تعليقاته ومقالاته وخطبه الداعية إلى الحرية والكرامة والسيادة.
مؤرّخ وأديب، مارس الأدب والشعر والخطابة وإلقاء المحاضرات، وله عدد من المؤلفات الادبية والمسرحية والتربوية والتاريخية، إذ عُني عقب الحرب في لبنان، بالقضية اللبنانية ووضع "موسوعة الحرب في لبنان"، التي أرخت الحرب بتواترها اليومي، بموضوعية وصدق وأمانة.
صدر له عن دار الأبجدية:
موسوعة الحرب في لبنان (12 جزءًا حتى الآن).
المسرحيات التالية: "فتاة الدير"، "قيس كفيفان، مار مارون، بونا يعقوب، و12 مسرحية قيد الطبع.
حب ومسؤولية – البابا القديس يوحنا بولس الثاني – تعريب.
زحلة ملحمة صمود وبطولة – حوادث زحلة 1975 – 1981.
الحوادث الطائفية في لبنان – تعريب وتعليق.
جبران خليل جبران النابغة اللبناني.
بشير الجميّل والقضية اللبنانية.
كيف جئت؟ دراسة علمية حول موضوع الجنس والحياة.
الراهب المجهول.
ملف إذاعة "صوت لبنان".
الاتفاق اللبناني – الإسرائيلي.
كميل شمعون في تاريخ لبنان.
لبنان لبنانيّ في الهوية والإنتماء والجذور.
تاريخ بلدة غوسطا الديني والحضاري والاجتماعي.
تاريخ بلدة غزير السياسي والحضاري والاجتماعي.
إنجيل يسوع.
مريم العذراء أم الله.
تاريخ الزجل اللبناني.
الاعياد المسيحية في لبنان – تقاليد وتراث.
أصدر مع الأستاذ قزحيا بطيش سلسلة كتب مدرسية للصفوف المتوسطة: "السمير في القراءة والأدب".
في قراءة موضوعية لسيرته الذاتية وعبر صفحات مؤلفاته، وما سجّل من أفكاره ومقالاته وأبحاثه وندواته والحوارات التي أُجريت معه، نكتشف معالم فكر نيّر رَصين، خرج من رحم الأصالة واقتحم جدار الحداثة وواكب العصر بحيويته نحو آفاق النهضة الحضارية.
(إعداد: أنطوان فضّول)