مارون النقّاش
ولد العام 1817 في مدينة صيدا، وكان والده آنذاك صاحب تجارة ومال وجاه، فانتقل إلى بيروت لتطوير تجارته وأصبح عضوًا في مجلس بلديتها.
أما نجله مارون فعمل مع أبيه منذ نشأته وبرع في التجارة متقنًا على الأرقام ومسك الدفاتر حسب الأصول، مما ساعده على تبوء مناصب حكومية عدّة، كرئيس كتاب جمارك بيروت وعضو مجلس تجارة بيروت وغيرها.
إضافة إلى اهتماماته التجارية، كانت لديه مواهب عدّة، فأتقن علم المنطق والعروض والمعاني، والبيان والبديع وتعلّق بتأليف الشعر، كذلك تعلّم الموسيقى وأتقنها.
بدأت علاقته بالمسرح متأثرًا بما قدّمته الإرساليات الأجنبية من أعمال فنّية في لبنان.
لكن التأثير الاكر كان في إيطاليا.
عندما عاد إلى لبنان، قرر نقل هذا الفن الجديد إلى اللغة العربية، بل نقل الشكل المسرحي الإيطالي إلى بيروت وقدّم ثلاث مسرحيات هي "البخيل" و"أبو الحسن المغفّل" و"الحسود السليط".
علمًا أنه بعد المسرحية الثانية وافقت السلطات العثمانية على طلبه بإنشاء مسرح قرب بيته، ولا يزال الموقع حتى الآن يحمل اسمه في منطقة الجميزة.
بين المسرحيتين الأولى والثالثة، تطورت قدرة التأليف عند مارون نقاش وكأنه انتقل من النص الأدبي إلى النص شبه المسرحي الذي كتبه بعناية فائقة ورسم خطوطه الدرامية بدقة وأثبت فيه موهبته الكبيرة.
لكن نقّاش لم يعش كثيرًا، فارق الحياة باكرًا العام 1855، وفي عينيه دمعة حارقة وأسف شديد بسبب عدم تقبّل معاصريه هذا الفن الجديد الذي عمل من أجله.
بعد رحيله، تابع تلامذته رسالته فألفوا وقدّموا المسرحيات حتى نهاية القرن التاسع عشر، وبفضلهم انتقلت عدوى المسرح إلى سوريا قم إلى مصر.
لذلك يفتخر اللبنانيون بأن مارون نقاش اللبناني العربي عرّف لبنان إلى فن الخشبة لينقله بعد ذلك على أجنحة روّاده الجدد إلى كافة أقطار العرب.