طلال المقداد

في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى الأستاذ طلال محسن المقداد
رجل أعمال وإنماء
مواليد 1955. لاسا، في قضاء جبيل. يعيش فيها صيفًا، وينتقل شتاء إلى بلدة اللويزة.
متأهل من دلال كمال المقداد، ولهما ثلاثة أولاد: ربيع، محسن، حسين، علا.
منذ شبابه وهو ناشط في المسائل الاجتماعية، يحتك بقضايا الوطن ويثابر على تلبية حاجاته.
أحب لاسا مسقط رأسه منذ نشأته حبًا عميقًا وتربّى على خدمة أبنائها.
نشأته في أحضان عائلة لها حضورها على الساحة الإسلامية طبعت روحية مسيرته طيلة عقود القرن العشرين ولا تزال.
عوامل تفاعلت في قناعاته الوطنية والأخلاقية والمجتمعية. فإذا بالإسلام يحتل كل جوارحه وتصبح رسالته هاجسه الأول وخدمة مؤسساته قُوتَهُ اليومي.
وطني في الصميم، يخشى على بلاده خشيته على عائلته. يعيش هاجس وحدة الشعب والأرض. من هنا كانت ملفتة تلك الوقفة الثابتة إلى جانب قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية وتلك المبادرات التي تحركها روح الديمقراطية والتحرر من قيود الطائفية والمناطقية والتخلّف والتقوقع والعبودية الزعائمية. ولا عجب في ذلك فهو مترسّل لخدمة الأمة والناس. وهي لفحة طوباوية ميّزت تعاطيه مع هذا الشأن.
لقد حمل لبنان في عقله وخفقات قلبه. آمن به وعمل بهديه، وما رأى أمامه إلا الإنسان وما امتلأت نفسه إلا بالمحبة نحو أخيه المواطن.
لطالما أغمض عينيه عن عثرات الغير، غافرًا لمن أساء إليه ولو كثرت أخطاؤه والخطايا.
مسيرة طويلة وخطوات جبارة في زمن الإنحدار الثقافي والفكري هيّأت لحركة نهضة صامتة ساهمت في إحاطة الواقع الإجتماعي الجبيلي بهالة دفاعية صلبة وأسست لانطلاقة جديدة تنسجم مع تطور العلم والحداثة من جهة وإرث المنطقة الحضاري من جهة ثانية.
واكب المراحل التي مرّت بها البلاد في النصف الأخير من القرن الماضي لا سيما فترة الحرب وتداعياتها، وهي المرحلة التي أثّرت جذريًا في بلورة فكره الوطني ونهجه الإصلاحي والإنمائي وسعيه الدائم نحو مجتمع مستقر متكامل وناهض.
رفض الوقوف متفرجًا على أبناء وطنه يذوقون الموت والدمار وكل أنواع المآسي ضحايا حرب مدمرة فرضت على لبنان ودكّت كل أسواره وزلزلت أساساته وشلّعت أجزاءه وحوّلته فريسة تنهشها السياسات الدولية المنقسمة بين شرق وغرب في زمن تهيمن عليه تجاذبات الحرب الباردة وضحية تمزقها شظايا الصراع العربي الإسرائيلي وتداعيات القضية الفلسطينية والتحولات الدراماتيكية التي يعيشها العالم العربي. تأثّر عميقًا بالواقع المأساوي الذي أصاب المجتمع اللبناني خلال الحرب حيث أخذ عدد الشهداء في التضاعف والجرحى بالارتفاع وحيث المستقبل الأسود خيّم فوق رؤوس الجميع. أكثر ما كان يقلقه خطر الانهيار العائلي الذي بدأت ملامحه تظهر في أكثر من منطقة. والعائلة بالنسبة له الحصن المتبقي لقيامة لبنان وخلاصه.
لم تؤثر الحرب على معنوياته ولم تحبط عزيمته بل ظل يدعم أكثر من نشاط يتجه في سبيل خدمة المجتمع ونهضته من كبوته.
لم ينتم لحزب سياسي او تيار فكري او كتلة نيابية، بل بادر منفرداً متّخذاً الانماء اطار لحركته. ما استقطب حوله الرأي العام في قضاء جبيل وجعله مصدر الهام لأبنائه ومحط تقدير لعائلاته.
أما نشاطه الخدماتي والانساني فوسم سيرته. لقد اقترن اسمه بمشاريع شق الطرق وتعبيدها وانارتها وتأهيل المدارس وانشاء شبكات الصرف الصحي...
كما نشطت على يديه الحركة الانمائية والاعمارية كذلك لم يتوان عن تقديم الرعاية للمرضى والفقراء والدعم المادي والمعنوي للكنائس والجوامع ودور العبادة والتعليم والمستوصفات وللجمعيات والاندية، الى جانب تقديم الاعانات الاستشفائية والتعليمية للمواطنين وتفعيل الحركة الثقافية والفنية. حتى أُطلق عليه لقب "رجل الانماء" وقد استحقّه عن جدارة... والأفق المنظور لا يشير الى تلاشي حركته في هذا الإطار، بل الى استمرارها وتفعيلها.
خدم قضاء جبيل بتجرد ومسؤولية وسعى في سبيل عمرانه وازدهاره. وقد أسهم في تجديد الحياة الاجتماعية والثقافية فيه.
تربّى على التعلق بمنطقة جرد جبيل بنوع خاص، والمحافظة على طابعها التاريخي والثقافي من جهة وعلى محورية العيش المشترك فيها، ترجمة لخصوصية لبنان ومجتمعه ذي التشكيلة الطائفية المتعددة.
لم يتوان خلال الأزمات عن أخذ المبادرات لدعم حالة الصمود والتجذّر والثبات. تعاطى مع الجميع على قدم المساواة، وتمكن من استيعاب التعارض السياسي العام وواقع الانقسام المذهبي والحزبي والطبقي ، بحكمة وانفتاح والتزام بالمصلحة العليا للبلدة والمجتمع.
مع نشاطه في التجارة العامة، لم يرض البقاء على هامش الحياة، بل تولى قيادة مجتمعه الذي عاصره منذ طفولته، نحو التأسيس لحالة عمرانية وإنمائية كانت الملاذ الاول لهذه المنطقة خلال فترة الحرب المأساوية، وبطاقة عبورها نحو عودة الحياة إلى ربوعها.
طلال المقداد وجه إسلامي عريق، ورجل أعمال ناجح، وركن من أركان النهضة الإجتماعية في قضاء جبيل، ويد اجتماعية معطاءة، قدّم لوطنه ولجبيل مدينة الحضارة والتاريخ، بسخاء وبلا تردد. واكب مجتمعه في مسيرة عبوره معارج القرن العشرين، وأراد مع بدايات القرن الحادي والعشرين أن ينقّي صورته الإسلامية ويُضفي على سماحتها ضياءً، تلمّسته مختلف أطياف الشعب اللبناني بمسلميه ومسيحيّيه.
(إعداد: أنطوان فضّول)