وهيب كيروز

في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى روح الأديب الراحل وهيب كيروز
أديب ومؤرّخ وناشط ملتزم على صُعُد المجتمع والفكر الحر. رئيس متحف جبران سابقًا.
في بشري، في جوار الأرز، حيث سحر الطبيعة يحاكي الخلود ويتجلّى في أبهى مظاهره، ولد في السنة 1941، والزمن زمن مخاض نحو الإستقلال، فنشأ متأثّرًا منذ صغره بقيم روحية ووطنية ومفاهيم إنسانية.
إرتبط اسمه بعراقة اسم بشري كونها عاصمة الفكر الحر والسياحة الشرق أوسطية والهوية الحضارية التاريخية للبنان، وهي لأجل كل ذلك محجّة يقصدها كل زائر للبنان عبر العصور.
بعد نيله الإجازة في الآداب وفي الفلسفة من جامعة القدّيس يوسف، معهد الآداب الشّرقيّة، إختار التعليم رسالة ومهنة. درّس منذ العام 1965، تاريخ الأدبين: العربيّ والفرنسيّ والفلسفة العامّة وعلم النّفس والفلسفة العربيّة وتاريخ العلوم وعلم الإجتماع من خلال الفكر الإنساني.
أغنى المكتبة اللبنانية بإصدارات أكاديميّة هذه أبرزها:
- "عالم جبران الرسّام ” 1983. أوّل مبحث في فنّ جبران التّشكيلي. ولا يزال المرجع الأهمّ المعتمد في الجامعات ومختلف الدّراسات في هذا الإطار.
- " عالم جبران الفكري " بأربعة أجزاء. يشتمل على 1300 صفحة وشواهد شكلانيَّة: 124 لوحة. صدر في نهاية 1983، يعتبره الباحثون عموماً والجبرانيّون خصوصاً أوّل مبحثٍ يتناول جبران عالماً متكاملاً: كاتباً ورسّاماً. وهو يشكّل المحاولة الأولى في إخراج الدّراسات الجبرانيّة من فوضواها إلى منهجة الفصول وفق نموّ الرّؤيا وشموليّة الذّات الإنسانيّة الكونيّة والمتاكونيّة.
- " الجدليّة التّوحيديّة في فكر جبران" بالفرنسيّة. وهي محاضرة ألقيت في جامعة لوفان الكاثوليكيّة ( U.C.L.Bruxelles)، سنة 1979. ونشرت سنة 1983.
- " الأرز: رمزاً وأبعاداً في اللاوعي"، محاولة إستخراج المرموزات اللاوعية من الرّمز الّذي اختاره الرّامز. صدر سنة 1993 ومنح تكريماً للحائزين على " جائزة فخر الدّين " لمؤسّسها الجنرال عزيز الأحدب وبينهم المؤلّف الحائز على " جائزة فخر الدّين في الوطنيّة ".
- " جبران في متحفه ": في العربيّة 1994، في الإنكليزيَّة: الطّبعة الأولى 1995، الثالثة 1999، في الفرنسيّة: الطّبعة الأولى: 1996، الثّالثة: 2002، في الألمانيَّة: 1999.
- " مقدّمة تحليليّة للفكر الصّوفي في كتاب النّبي " 1997.
- " جبران خليل جبران: انبثاق الرّحم العذريَّة " بالفرنسيّة: Le Pinacle، بيروت 1999. كتيّب يحتوي على مجموعة تقصّيات شفهيّة جواباً على أسئلة محورها يلازم اللّاوعي والإبداع.
- " شعر إلى سعيد عقل " أو " الشّعرُ خلقُ غدٍ في الآن " 2003 (قصيدة- ديوان شعر) في مناسبة تسلّم جائزة سعيد عقل في دار نقابة الصّحافة.
- " مساهمات علميّة في بحث ظاهرة المخدّر ".
- " صوت في المدينة " أو " كتاب الأربعماية حكمة "، صدر في شباط 2006 عن دار بشاريا للنّشر.
- العديد من مقدّمات دواوين شعر وأبحاث في " البارابسيكولوجيا ".
- أربعة وعشرون مقالاً في مسائل فكريّة متنوّعة إجتماعيّاً وفنيّاً صدرت في مجلّة " بشاريا".
- " صوت جبران يوقظ صوت بشرّي الحزين "، أيّار 2013.
- " بيت مولد جبران وحديقته الكونيَّة "، 2018.
ومنها لا يزال قيد الطّباعـة:
- دراسات فنّيّة ترتكز إلى الفلسفة والجماليَّة والأدب في نزعتها العالميّة." العالم يزورنا " ، مشروع يقضي بتحويل الغابة المجاورة لمتحف جبران إلى " حديقة جبران للعظماء ".
- " الفردوس الآخر للإنسان ".
- " سدرا ليباني رمز عائلة الإنسانيّة "
- " خلاصة فلسفيّة في كيفيّة إنماء الرّيف".
- " جبران خليل جبران: صراع العبقريَّة والقدر". إعادة تأليف هذه السّيرة في ضوء مستجدّات في الدّراسات كما في اكتشافاتي العديدة في أسرة جبران. وهجراتها، والتّأكّد العلميّ النّهائيّ من بيت مولده الأساسيّ.
- " الصّفائيَّة " أو " التّصفائيَّة " مبحث في " الصّوفيَّة " في مداراتها العربيَّة والمتوسطيّة والعالميَّة في ارتكازها على حكمة العقل.
- " التّكاؤنيَّة " المسوّدة الأولى لهذه الفلسفة الّتي لم أجد لها معادلاً في الفرنسيّة، قد يكون الإتّجاه إلى فعل: ETRE أو المصطلح: ESSENCE .
- "التحفة الفنيّة وتغيير الواقع".
اقترن اسمه بتحركات أهلية مدافعة عن البيئة. ساهم في إحياء لجنة أصدقاء غابة الأرز إنطلاقًا من نظرة شمولية تمددت أصداؤها على مساحة الوطن.
لم تقتصر حركته النضالية على البيئة ومكوناتها، بل تراه يحمل لواء الدفاع عن كرامة الوطن... وهو متطوّع، منذ 1960، في جمعيّات خيريّة هدفها النّهوض بالمجتمع، منها شبيبة ضدّ المخدّر والشّبيبة البشرّاويّة والنّادي الثّقافيّ الرّياضيّ والصّليب الأحمر اللبناني (فرع بشرّي، عاصمة جبّة بشرّي)، ولجنة مدينة الأطفال، وجمعيّة الفجر الخالد للفتيات.
شعور بالاعتزاز بشخص الفيلسوف اللبناني العالمي جبران وبمآثره، وعطاءاته للإنسانية، عامل أساسي دفعه إلى التحرك نحو تفعيل رسالة لجنة جبران الوطنية، فتسلّم إدارة متحف جبران في بشرّي منذ 1971 حتّى وفاته 2012.
شارك في العديد من المؤتمرات المحلية والدولية وألقى المحاضرات في مختلف المواضيع الاجتماعية والإنسانية مخاطبًا بموضوعية وتجرد جميع أبناء الوطن.
جال العالم بفكره وفنّه وروحه الإنسانية المبدعة.
نذكر من محاضراته ومعارضه الفنّيّة حول العالم، محاضرات في الآداب والفلسفة والجماليّة في:
- عديد من أندية ومعاهد وجامعات لبنان من بيروت، إلى طرابلس، فبشرّي.
- روما سلسلة من المحاضرات والأحاديث في إذاعة الفاتيكان- القسم العربي وكذلك " متحف روما الفولكلوري " بمناسبة عرض مجموعة من لوحات جبران سنة 1977.
- بروكسل سنة 1979 في " جامعة لوفان الكاثوليكيّة " (U.C.L. )
- دمشق 1993 جولة في قراءات فنيّة جماليّة لمجموعة من لوحات جبران اشتملت على مركز دمشق الثّقافي ومركز السقيلبيّة وصالونات أدبيّة قدّم فيها عدّة محاضرات منها " الجماليّة وأبعادها الكونيّة ".
- سدني استراليا 1998 في " مكتبة المدينة " شروحات للوحات جبران وأحاديث عن العائلة المارونيَّة.
- أبو ظبي، دولة الإمارات العربيّة المتّحدة سنة 1996: معرض لمجموعة من لوحات جبران الأصليّة مع ليلة شعر ومحاضرة تحت عنوان " معادلات اللامتعادلات في الذّات " بالإستناد إلى مقال " الكمال " لجبران.
- دبي، 2005 معرض لجبران مع أسبوع ثقافي متنوّع.
- توجيه وتوثيق العديد من الأطروحات الجامعيّة عن جبران في رؤية مختلفة وآفاق جديدة. وفي أرشيفه أيضًا، مجموعة من الأناشيد، نذكر منها:
- " نشيد المعلِّم". (تلحين الموسيقار هواش فخري)
- " نشيد المدرسة الأنطونيَّة، حصرون".(تلحين البروفسور فؤاد فاضل)
- " نشيد الأرز". (تلحين البروفسور فؤاد فاضل)
- " نشيد لبنان".(تلحين الموسيقار توفيق سكّر)
أما في حقل المسرح فأغناه بباقة من الأعمال المسرحية:
- " شقّور والجنيّة " (باللغا اللبنانيّي) مرسحيّة للصّغار يعلّم فيها شقّور حبّ الجنيّه بدلاً من الخوف منها فتنفجر مياه النّبع المحبوسه.
- " جبران المجنون " مرسحيّة إيحائيّة راقصة. بعض تعابير مجهولة المصدر بالعربيّة. تتعاقب المشاهد المُستغربة حتّى يصل المجنون إلى روءية وجه " النّبي ".
- " النّحّات والضّيعة " أو " يقظة بكرا بعتمة اليوم " تركّز إستقرائيّاً، على عيوب أهل الضّيعة. فالنّحّات يقتلع بإزميله الأقنعة ويكشف عن الجواهر الأصيلة ومعه فتيان الضّيعة يقتلعون آفاتِ أبناء بلدتهم ويزرعون، رمزيّاً، أعضاءَهم السّليمة (عين، يد، لسان...) في أجسامِ أهاليهم. ولكن يوجد في الضّيعة دهان. ويركّز الصّراع على الإزميل والفرشاة.
- " الجرس الأنطوني": حوار يطال أبعاد ونهايات النّزاع في مطانيوس " الإنسان في طبيعته المركّبة" و" النّاسك " الّذي يحبُّ إنسانه والإنسان. جملةً ولكنّه يتألّم ويصارع خيفة أن يبقى حيث هو.
- " عودة ألعازر " (باللغا اللبنانيّي). و" المجنون " السّقراطيّ يبلغ الذّروة في تنويع الأساليب بين رفض ألعازر العواطف الأموميّة والأهليّة حتّى وصل إلى التّساؤل المرّ حول فعلة يسوع الّذي أقامه من القبر وأعاده إلى"عالم هنا" بعد أن كان يتنعّم في " عالم حبيبته " الّتي قد تكون " الحقيقة ".
غاص في محيط الفكر الحر، وأبحر في عالم الثقافة ونشط في أكثر من جمعية ذات وجه ثقافي واجتماعي وأدبي، حيث ترك أثرًا عميقًا على جغرافية الوطن الفكرية بكاملها، مسجّلاً حضورًا ملفتًا الإذاعة والتلفزيون والقطاع التربوي.
مسيرته الأدبية والفكرية والفنية استحقت له المكافآت المحلّيّة والعالميّة، نذكر منها:
- جائزة " ميشال برتي " على كتابه " عالم جبران الرَّسام " سنة 1983.
- " جائزة الأمير فخر الدين " في الوطنيّة لمنشئها الجنرال عزيز الأحدب. (1993)
- جائزة "جبران خليل جبران " لمنشئها " رابطة إحياء التراث العربي" عن العام 1999، سدني- استراليا.
- عضو في " أكاديميا الفكر اللبناني" (1996)
- عضو شرف في إتّحاد كتّاب الصين (صيف 2000)
- " جائزة سعيد عقل " (كانون الأوَّل 2003)
- درع " نقابة معلِّمي المدارس الخاصَّة" فرع الشَّمال (آذار 2006)
- درع " جامعة سيّدة اللويزه" (نيسان 2006)
- درع " ليسيه عبد القادر " (2008)
- درع " لجنة جبران الوطنيَّة " ، (أيّار 2013)
- " وسام الأرز الوطني من رتبة فارس" من فخامة رئيس الجمهوريَّة اللبنانيَّة العماد ميشال سليمان. ( أيّار 2014)
- جائزة "الرهبانيّة المارونيّة الانطونيّة "، (آذار 2019)
في العاشر من تشرين الثاني 2012، غادر الحياة وعاد إلى تربة بشري تحتضنه فيبقى عطره الأدبي عابقًا في أرجاء الوطن بما ترك من آثار والتماعات وبصمات في مسيرته الخالدة.
(إعداد: أنطوان فضّول)