كارميلين عسّاف
في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى د. كارملين عساف
ولدت في 10/1/1950 في علما الشعب في قضاء صور.
حازت في السنة 1973 الإجازة في اللغة الفرنسية وآدابها من الجامعة اللبنانية، كلية التربية. وفي السنة 1974 نالت الكفاءة فيها، والماجستير في علوم اللغة – تعلمية اللغة الفرنسية من جامعة نانسي الثانية – فرنسا، في السنة 1993. وبعد سنة، انجزت الدراسات العليا في هذا الاختصاص وفي الجامعة الفرنسية عينها. وأنهت مسيرتها الجامعية بنيل الدكتوراه في السنة 1998.
انتسبت إلى ملاك وزارة التربية منذ 1973 أستاذة التعليم الثانوي في اللغة الفرنسية وآدابها، وهي أستاذة متعاقدة منذ السنة 1999، علّمت في العديد من المدارس الخاصة والرسمية بما فيها ثانوية القلبين الأقدسين (البترون)، ودار المعلمين (البترون)، ومعهد مار الياس لراهبات العائلة المقدسة المارونيات (البترون).
بالإضافة إلى تعيينها مرشدة تربوية في وزارة التربية الوطنية في ثانوية أبو شبكة في ذوق مكايل، وفي ثانوية الملعب البلدي في طرابلس، عُيّنت منسقة اللغة الفرنسية في معهد مار الياس لراهبات العائلة المقدسة البترون وفي معهد القديس يوسف للآباء الكبوشيين البترون، كذلك في الجامعة اللبنانية كلية التربية في الروضة والعمادة في فرن الشباك.
إنها وجه من وجوه الحركة الفرنكوفونية في لبنان. بدأت تغوص في هذا المحيط الثقافي العالمي منذ توليها تدريس تعلّمية اللغة الفرنسية ومنهج اللغة الفرنسية في الدورة التدريبية لاساتذة التعليم الثانوي في كلية التربية – العمادة. وقد أثبتت جدارتها في هذا المجال ما شجع وزارة التربية الوطنية على اختيارها لتولي وحدة اللغة الفرنسية.
نشأت من وحي ثقافتها التربوية أجيال أسهمت في تنشيط حركة النهضة في لبنان وتحريرها من أتون الحرب والتخلف والانحطاط.
في السنتين 1988 و1989 انجزت دورة تدريبية لمدة تسعة اشهر في مركز الابحاث في جامعة نانسي في فرنسا. وفي السنة 1991، قامت بدورة تدريبية لمدة شهر في مدينة بوزنسون في فرنسا في مركز الالسنية. ما زاد في معرفتها وخبرتها التي بدأت تتسع آفاقًا. وكانت لافتة بما طرحته من أفكار خلال مشاركتها في السنة 2001 في حلقة دراسية حول الامتحانات الرسمية في ورشة عمل خاصة باللغة الفرنسية للمرحلة الثانوية.
عملت د. عسّاف من أجل التنمية العلمية الصحيحة والنهوض بالفكر وإنقاذ المجتمع لا سيما النخبة فيه من مستنقع الإهمال والتخلف، جاعلة من الصرح الأكاديمي جسر عبور نحو الحداثة ومواكبة العصر.
يبقى لها الأثر الكبير في تجديد المناهج وتطوير الأساليب التعليمية وتفعيل موقع الثقافة والعلم في مسيرة الوطن.
كثرة اللجان المشاركة في عضويتها تعكس ما تمتلكه من معطيات وقدرات علمية وخبرة تنظيمية.
نذكر من أبرز تلك اللجان: اللجنة المكلفة دراسة مشاريع الطلاب في الدبلوم، ولجنة امتحانات الدخول إلى الجامعة اللبنانية كلية التربية، ولجنة الامتحانات الشفهية للطلاب المؤهلين لإكمال الدراسات العليا والدكتوراه في جامعات فرنسا، ولجنة امتحانات الدخول إلى الجامعة اللبنانية واللجنة الفاحصة لدى المؤسسة الجامعية للعائلة المقدسة البترون، ولجنة دراسات ملفات المرشحين للتعليم في كلية التربية، بالإضافة إلى توليها إدارة أبحاث الطلاب الممرضين في الإجازة، وعضويتها في لجنة دراسة مشاريع الطلاب في الدبلوم وفي لجنة دراسة ملفات المرشحين للتعليم في الكلية وفي لجنة امتحانات الدخول إلى الكلية، ولجنة التأليف لمنهج التدريب، ولجنة مناهج اللغة الفرنسية الجديدة وتحسين المستوى اللغوي للطلاب في الجامعة اللبنانية.
إلى مشاركتها في وضع المناهج الجديدة للماستر في الجامعة الإسلامية في خلدة، أدخلت عمومًا إلى المناهج التعليمية الأكاديمية والجامعية نَفَسًا رياديًا إصلاحيًا جديدًا مواكبًا للعصر من جهة ومتلائمًا والخصوصية السوسيولوجية اللبنانية من جهة اخرى. فهي من الرائدات اللواتي ألهمن الإنتلجنسيا الشرقية والفكر التجديدي العربي.
في السنتين 1998 و1990 انضمت إلى هيئة تحرير المجلة التربوية Liaisons، كما تولت ترجمة النسخة الفرنسية لمنهج التدريب وتنفيذها.
صدر لها الكثير من الأبحاث والمقالات والدراسات، بعدما احتلت مسألة التربية الوطنية حيزًا كبيرًا في حركتها الفكرية. وفي هذا الإطار تعتبر من أبرز وجوه التجديد في الحقل التربوي وفي الوقت عينه من كبار المتمسكين بالأصالة والجوهر والجذور.
خطوات رائدة في زمن الاندحار الثقافي والفكري سجّلتها د. كارميلين عسّاف، هيّأت لحركة نهضة صامتة وفاعلة في آن، ساهمت في إحاطة الواقع التربوي اللبناني بهالة دفاعية صلبة وأسست لانطلاقة جديدة وروح منفتحة على العصر تنسجم وتطور العلم والحداثة من جهة وإرث لبنان الحضاري من جهة ثانية.
وبقدر ابتعادها عن السياسة، غاصت عسّاف في محيط التربية وسبحت في بحار الثقافة حتى امتلكت رؤية تربوية شاملة ارتكزت على خبرة عميقة ووطنية راسخة ومعرفة اعتمدت على العلم والاطلاع والاحتكاك المباشر مع تربويي العصر من خلال ما دوّنوه في المجلات العالمية والكتب والمراجع المتخصصة، فنشطت في اكثر من لجنة ذات وجه ثقافي وأدبي، حيث تركت أعمق الأثر في جغرافية الوطن الفكرية بكاملها، مسجلة حضورًا ملفتًا على مستوى ثقافة لبنان الفرنكوفونية ما أعطى حركتها بعدًا عالميًا جعلها تتخطى حدود وطن الأرز لتلامس الآفاق العالمية.
(إعداد: أنطوان فضّول)