خالد ترّو

الفنان التشكيلي والناشط الإجتماعي خالد محمد ترو من مواليد 18 تموز 1962، برجا الشوف – لبنان. كثيرة هي المحطات التي يجدر بنا التوقف عندها في سيرة خالد ترو، المهندس والفنان التشكيلي والناشط الإجتماعي.
إلى حيازته الدبلوم في الهندسة الداخلية، هو فنان تشكيلي في الفطرة والخبرة والعلم، شارك في العديد من المعارض اللبنانية، وأسس الجمعيات الاجتماعية والثقافية.
أراد من خلال هذه المنابر، أن يملأ فراغًا ويعالج إهمالاً يتخبط فيهما المجتمع منذ أجيال.
نشط في المجتمع والفن والثقافة والعلم والتراث والبيئة والرياضة، وجمع بين نشاطات متعددة مختلفة، نجح فيها وما زال.
ترأس سابقًا النادي الثقافي الاجتماعي في برجا، وهو من أعرق وأنشط الأندية في لبنان. خالد ترّو ليس مجرد ناشط إنساني تعاطف مع قضايا المجتمع ومشاكله، بل هو قيادي ملهم، كرّس إمكاناته من أجل الخدمة العامة والمصلحة الجماعية، متأثرًا بشكل لافت بالحرب وتداعياتها، لاسيما وأنها هددت القيم الوطنية برمتها. هذا الواقع دفعه للتحرك على أكثر من صعيد، لا سيما على مستوى اتحاد الجمعيات الاهلية المتعاقدة مع وزارة الشؤون الاجتماعية، حيث اعتُمِدَ أمينًا للسر. وخالد ترو علم آمن بمناقبية العلم سبيلاً لخدمة لبنان. صاحب رؤية مستقبلية. قاوم، على طريقته، الفساد والتخلّف والرجعية والتزمت وتداعيات الحرب. فنشط في زمن الإحباط، وتحرك في فترة الجمود، وناضل على أكثر من مستوى.
أسس مع الصحافي المرحوم عصام الحجار والصحافي فادي الغوش والصحافي عامر مشموشي مجلة المرصاد سنة 2001 حتى عام 2019 وكانت تعنى بشؤون منطقة اقليم الخروب السياسية والاجتماعية والتنموية والرياضية.
مصداقيته واتساع شبكة علاقاته الاجتماعية خدمتا بلدة برجا في العديد من النواحي. وهو الحريص على تحريرها من القيود التي تؤخّر في تقدّم أبنائها، إذ كان هاجسه الاول، ولا يزال، كما أثبتت أقواله وأفعاله، لمّ شملهم وتحسين فرص عملهم وحياتهم. وقد ارتبط اسمه بإنماء البلدة، حيث أطلق الكثير من المبادرات والبرامج والمشاريع التنموية.
وخالد ترّو رائد ارتقى أداؤه إلى المستوى العالمي وعَبَر الآفاق الدولية مقتحمًا الحدود على أنواعها من جغرافية وسياسية وإثنية ودينية. فهو عضو ناشط في الهيئة الادارية للرابطة اللبنانية الصينية للصداقة والتعاون وهي رابطة تعنى بالعلاقات اللبنانية الصينية والعربية والتبادل في الخبرات الاكاديمية والثقافية والتنموية والتعاون على مستوى رجال الاعمال.
في السياق، شارك ترّو في العديد من المؤتمرات الدولية، لعلّ البارز منها: مؤتمر الشباب العالمي في الجزائر في السنة2001، في العاصمة الجزائر، ومؤتمر الاشتراكية الدولية في اليونان سنة 2003، ومؤخرا مؤتمر الطاقة البديلة ومحاربة الاحتباس الحراري وتغير المناخ في بكين في الصين، من 3/7/2023 الى 9/7/2023.
واكب كل المراحل التي مرّت بها البلاد في النصف الأخير من القرن الماضي لاسيما فترة الحرب وتداعياتها، وهي المرحلة التي أثّرت جذريًا في بلورة فكره الإصلاحي ونهجه الإنمائي وسعيه الدائم نحو مجتمع مستقر متكامل وناهض.
لم تؤثّر الحرب على معنوياته ولم تحبط عزيمته بل ظلّ يدعم أكثر من نشاط في خدمة المجتمع ونهضته من كبوته. وبرز بشكل خاص في التزامه الميداني في اللقاء الوطني في إقليم الخروب حيث انتخب أمينًا للسر. ومن خلال عضويته، سابقًا، في النجدة الشعبية اللبنانية، نَمَتْ في حركته نزعة العمل التطوّعي ورغبة شديدة لمواجهة الحرمان وإهمال الإدارات الرسمية للريف اللبناني، ومسعاه السلوكي نحو ترسيخ أسس ثورة قوامها الثقافة والعلم والتضامن الاجتماعي والعائلي. ومع توالي السنين تحوّلت هذه التجربة إلى نهج تبنّاه نبض المجتمع المحلي.
كذلك أسس وترأس جمعية برجا البيت وتابع من خلالها شؤون الإرث الثقافي، لتلك البلدة العريقة. في مسؤوليته وحضوره وعمله، عكس صورة المسؤول الحكيم والهادئ والرصين. وقد أسهم في تنظيم المؤتمرات والندوات والمحاضرات، وجعل من برجا مركزاً ثقافياً مميّزاً، ممّا ساهم في رفع اسمها ورقيّ دورها الوطني. وهو يعمل اليوم على تأسيس متحف في برجا والجوار، يحتضن تراث المنطقة وإرثها الثقافي، ويحفظ أعمال الفنانين في إقليم الخروب.
ناشط ثقافي واجتماعي وفني على مساحة الوطن، إسمه اقترن بالفكر وديناميكية الحوار، وكلمته، في كل مناسبة أو مقام، كلمة فصل. لا يساوم، ولا يهادن. لكنّه يحافظ على وعي ومنطق، فهما طريقه الى القلوب والعقول. وفي مرحلة، كانت شديدة الدقّة من حيث التجاذبات الأيديولوجية والسياسيّة إلى أدنى مستوى لها في تاريخ لبنان المعاصر، ارتأى النائب والوزير علاء الدين ترو بين العامين 1992 و2018، استدعاءه والتنوّر بمشورته وخبرته وسعة اطلاعه.
وخالد ترو فنّان تشكيلي، في لوحاته ألوان متفجرة نعبّر عن حالة الإنسان، انطلاقًا مما عايشه في لبنان. منذ احترافه الفن التشكيلي وهو يقيم المعارض منها المحلي ومنها الدولي وآخرها مشاركته في معرض للفن التشيكلي في الاردن في الاكادمية الملكية في عمان مع مجموعة من الفنانين العرب.
ما يميّز لوحاته هذا البصيص من الأمل، هذه الفجوة في البعد اللانهائي، مصدر النور، الذي، داخل هذا الأتون من الألوان الحادة، يقول إنّ الفرح موجود وعلى الإنسان أن يؤمن به ويراه بالرغم من كل التشاؤم والإحباط.
ومضات ثائرة تشق عبثية القدر، تقتحم عالمنا فتُحدث الانقلاب الكبير.
بهذه المشهدية يترجم بالألوان والخطوط نبض التحرر. وهو يرسم ظلال الفصول الأربعة وعطر المدى وهمس الصدى وجرأة الريح. سيمفونية تموجات تجرفنا إلى العمق السحري، إلى حيث تتعرى الوقائع وتبرز حقيقتنا الجوهرية عند تقاطع ألمنا وسعادتنا، حبنا وافتراقنا، وحدتنا واتحادنا.
شأنه شأن كل مثقّف لبناني، قرر خالد ترو عدم الرضوخ للواقع أو الوقوف على الحياد، بل هو حمل لواء النهضة وسار في طريق التجديد. الأمر الذي أعطى حضوره دفعًا إستثنائيًا ومكانة خاصة. أثبت قدرة إعجازية على القفز فوق تناقضات الواقع السياسي والالتفاف على تداعيات الحرب. وتمكن بحكمة واتزان ان يدير شؤون المجتمع وشجونه بعيداً عن التأثيرات الطائفية والحزبية والمناطقية.
لم ينحصر نشاطه النهضوي الاصلاحي في المدى اللبناني بل تخطّاه الى منابر انسانية تعدّت في بعضها حدود الجغرافيا اللبنانية لتلامس الإطار الإقليمي والآفاق الدولية.
اللافت في مبادراته الاجتماعية والإنسانية نجاحه في إحداث تغيير على مستوى الرؤية والقناعات...
إعداد: أنطوان فضّول.