روبير الأبيض

في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى روبير عبدو الأبيض
رئيس المجلس الأورثذكسي اللبناني.
أمضى طفولته وشبابه في أحضان بيروت مواكبًا كل التحولات الاجتماعية والثقافية والسياسية والقومية التي مرّت بها العاصمة.
مسيرته العلمية توّجها بحيازته شهادة في التجارة والإقتصاد، في إدارة الأعمال والتسويق من جامعة إيفرين في فرنسا، والشهادة في تسويق السياحة العالمية الدينية والثقافية، وأخرى في برمجة الكومبيوتر، إلى جانب دراسته القانون والحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية.
التمسّك بالهوية اللبنانية والتبحّر في الروحية المسيحية وثقافتها المشرقية، قناعتان ثابتتان في أفكار روبير الأبيض، وبارزتا الحضور في أدائه، وهو رجل الأعمال الناشط في أكثر القطاعات الإقتصادية دقّة، كما هوالواسع الاطلاع والمناضل المثابر والمبادر في ميادين المجتمع والقضايا الوطنية والإنسانية.
زاوج في عمله بين التجارة والسياحة وإدارة الأعمال، ونجح في تأسيس شركة فاعلة متخصصة في هذه القطاعات: شركة شركة وايت هوليداي للسياحة والسفر وإدارة الأعمال الدولية، كما اعتُمِدَ مديرًا إقليميًا في شركة Silk Road العالمية للسياحة بين لبنان وسوريا واليمن والأردن واليابان.
من خلال هذين الموقعين تلمس أهمية السياحة في لبنان ودورها في تنمية الاقتصاد، حيث تستقبل مكاتبه السياح والمغتربين فيوجههم ويرشدهم سياحيًا ويعمل على تأمين احتياجاتهم لزيارة بلدان أخرى واختيار المناطق السياحية، والفنادق والمطاعم، وسائقي سيارات الأجرة المناسبين لمرافقتهم.
مكاتبه السياحية مجهزة بمجموعة متخصصة من العاملين لتقديم الخدمات للمغترب والسائح، وهو يعمل من أجل إيصال لبنان إلى مصاف الدول السياحية. وهنا تأتي إسهاماتها في تفعيل عمل نقابة أصحاب وكالات السياحة والسفر في لبنان.
أما عضويته في غرفة التجارة والصناعة فكان لها الدور الريادي في الغوص في ميادين الإستيراد والتصدير وفي نهضة الحركة الاقتصادية في لبنان، إذ اتخذ نشاطه الاقتصادي أبعادًا حيوية متشعبة الأطر والمعايير، بعد أن حلّق عاليًا في عالم الأعمال.
لم يكن حضوره الإجتماعي أقل إشراقًا، بل على العكس، تشعّب هو الآخر ليغطي مختلف نواحي الحياة الوطنية.
منذ فتوته وبيروت تمنحُه، رغم ضبابية الحرب وأنفاقها، ثقافة مثلثة الأبعاد، ترسخت عميقًا مع توالي السنين:
البعد الأول محوره الروحية الأورثذكسية بجذورها الضاربة عميقًا في الزمن. البعد الثاني، محركُه الحرص على رقي المجتمع والسهر على وحدته وسلامته. والبعد الثالث اندفاعُه في سبيل قضية الوطن واستقلاله وسيادته.
هذه القناعة المثلثة الأبعاد حملته إلى تأسيس وترؤس المجلس الأورثذكسي اللبناني بداية، ثم تأسيسه وانتخابه أمينًا عامًا للقاء الوطني اللبناني، إلى جانب تأسيسه شبكة إنماء بيروت، مسؤوليات كبرى تبوّأها، وتحركات واسعة نفّذها بهدف الترقي بمدينة بيروت إلى مصاف المدن العالمية ورفع مستوى مجتمعها وتنميته والدفع نحو تمتين أواصر العيش المشترك وتجذّر المسيحيين في الشرق وتعزيز معايير الإنتماء للوطن الواحد والإنماء والعدالة واحترام الحريات والحقوق ونشر الثقافة والديمقراطية والفكر الحر، ونبذ التطرف والتقاتل الطائفي والمذهبي، وتدعيم الوحدة الوطنية وترسيخ الإيمان بالله.
إلى ذلك، حمل روبير الأبيض لواء رعاية المساجين وتحسين أوضاعهم. من خلال مشاركته في تأسيس الجمعية الأورثذكسية لرعاية المساجين، سعى إلى تحسين حالهم وحال السجون وتطوير التشريعات الناظمة لواقعهم والحرص على حقوقهم والتخفيف عن أعباء عائلاتهم.
كان ولا يزال دافعه في السياسة، الدفع بالمجتمع اللبناني إلى سبيل النهضة، حضاريًا وعلميًا وثقافيًا وإنسانيًا وأخلاقيًا، كي يستعيد، لبنان، دوره الرائد، كمنارة للحرية، ومنبرًا للكلمة، ومشعلاً للمحبة وحقوق الانسان.
كانت بداية عمله السياسي مقرونة بروح اجتماعية ومصبوغة بحالة انسانية بيّنة، من هنا أتت مبادرته مؤخرًا لخوض الانتخابات النيابية في العام 2013، مدفوعًا بحسّه الوطني ونضاله المستمر وشعوره بالمسؤولية تجاه وطن يمتلك كل مقومات النهوض لكنّه يبقى مشلولاً بفعل هيمنة الفاسدين وعبث المتآمرين وهيمنة المتنفذين، تجار الحروب وسماسرة المصالح الخاصة.
قرر خوض الإنتخابات النيابية 2018 بعد أن وُلد القانون الإنتخابي الجديد. فتقدّم بالترشّح في دائرة بيروت الأولىطارحًا أمام اللبنانيين عمومًا مشروعًا متكاملاً من شأنه، لو نجح، أن يبدّل في وقائع كثيرة ويغيّر مفاهيم جمّة ويكشف حقائق مستترة، ويعيد للبنان موقعه الريادي في العالم ودنيا الفكر الحر.
ليست السياسة عالمًا غريبًا عن مسيرته النضالية. فهو مناضل سياسي، كافح طويلاً خلال الحرب وفي الفترة اللاحقة لها، من أجل إحداث تغيير في الواقع نحو حالة ثابتة من الاستقرار والنهضة والعصرنة.
يتمتع برؤية ثاقبة ويغلب في آرائه المنطق والعلم، مخاطبًا اللبنانيين جميعًا بأفكاره الإصلاحية.
شخصيته المميزة وسعة اطلاعه وخبرته في القضايا الدولية وثقافته المنفتحة على الحضارات والمنظومات الانسانية، دفعت بالكثير من جمعيات ذات أطر دولية إلى الإعتماد على روحية عمله بما فيها عضويته في غرفة التجارة فرنكوليبانون وفي جمعية الشراكة بين لبنان والصين وجمعية الصداقة بين لبنان وألمانيا وفي لجنة الحوار بين الأديان والطوائف الإسلامية والمسيحية.
هو المؤمن غير المتزمّت والإنسان الدولي المعتصم بالحكمة، صاحب الدور الرائد في الحوار الإسلامي المسيحي وفي تلاقي الشرق والغرب.
نشاط روبير الأبيض يلخّص مسارًا متكاملاً في تفعيل الديمقراطية والتجذّر الحضاري والتضامن الدولي في الشرق الأوسط والعالم.
حضور أمثاله في عمق الحياة الحياة اللبنانية والشرقية يضفي عليها هالة من الإتزان والواقعية والثبات في وقت تعصف الأعاصير من كل حدب وصوب.
يبقى أنّه رجل سلام وداعية وحدة وطنية ورسول وئام بين البشر. إنّه إطفائي في كل شيء. لم يذكر مرة عنه أثار نعرة، بل كان في كل مواقفه رسول محبة وإخاء، مبشرًا بوحدة الكلمة والحق.
(إعداد: أنطوان فضّول)