جرجس غلميّة
في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى الدكتور جرجس غلميه
المدير العام المتقاعد والأستاذ الجامعي. رئيس المجلس الوطني لقدامى موظفي الدولة.
المفتش العام المالي و المدير العام رئيس إدارة الموظفين وعضو هيئة مجلس الخدمة المدنية سابقًا.
متأهل من أنطوانيت نقولا الخوري من مغدوشه . لهما ولدان متزوجان في المهجر، برناديت في فرنسا وبرنار في قطر.
ولد في العام 1943، في جديدة مرجعيون، وكان فجر الاستقلال قد بزغ، ووطن الأرز يشق طريقه كسائر الأوطان المستقلة، يبني مؤسساته، يحدد خياراته، يطور قوانينه، ينشط قطاعاته الاقتصادية والمالية ويبلور رؤيته الاجتماعية والإنسانية ويؤسس لحضور جيوسياسي على خارطة العالم المتحضر.
في هذه الأجواء الواعدة، نشأ جرجس غلمية، مغمورًا بمسيرة علمية دراسية أكاديمية تميزت بجديتها وفرادتها.
أنهى تخصصه الجامعي بين لبنان وفرنسا، حائزًا سلّة من الشهادات العليا، كانت باكورتها الإجازة في العلوم السياسية والإدارية في العام 1972 من الجامعة اللبنانية، كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في بيروت. تبعها دبلوم دراسات معمقة في إدارة المالية العامة، في السنة 1982، من المعهد الدولي للإدارة العامة في باريس، ثم دبلوم دراسات عليا متخصصة في الإدارة الضريبية في السنة 1983، من جامعة باريس 9 - دوفين، فرنسا، فدكتوراه حلقة ثالثة في القانون العام في السنة 1984، من جامعة باريس 11، كلية الحقوق – سو، بدرجة جيد جدًا عن أطروحته بموضوع الإصلاح الضريبي في لبنان. ثم نال دبلوم تخصص في إدارة القروض، في السنة 1988، من المعهد الدولي للإدارة العامة IIAP باريس، فرنسا. وتوّج مسيرته الجامعية بدكتوراه دولة في القانون الإقتصادي والإجتماعي في العام 1991 من جامعة باريس 9 – دوفين، فرنسا، بدرجة مشرف جدًا عن أطروحته بموضوع الدين العام والأزمة المالية للدولة اللبنانية 1975 – 1990.
أربعون عامًا من الخدمة الإدارية تولى فيها مناصب عدة. بدءًا من السنة 1966 حتى 1972، مسؤول مشتروات اللوازم من الخارج في مصلحة التموين في المديرية الصناعية، الريجي. ثم مساعد مفوض الحكومة لدى إدارة حصر التبع والتنباك من 1972 حتى 1977.
هو خريج الدورة السابعة، الفئة الثالثة، من 1977 حتى 1978، في الدرجة العليا من دورات الإعداد لوظائف الفئة الثالثة، بصفة رئيس دائرة متمرن، فئة ثالثة، من 1978 حتى 1980 في المعهد الوطني للإدارة والإنماء ومجلس الخدمة المدنية.
شغل قبل تقاعده في 2007، في المفتشية العامة المالية في التفتيش المركزي، مركز مفتش معاون مالي، فئة ثالثة، من 1980 حتى 1992، ثم مفتش مالي، فئة ثانية، من 1992 حتى 1994. بعدها عُيّن مفتشًا عامًا ماليًا، فئة أولى من 1994 حتى 2002، فعضو هيئة التفتيش المركزي من 2002 حتى 2004، فمديرًا عامًا رئيس إدارة الموظفين الفئة الأولى وعضو هيئة مجلس الخدمة المدنية من 2002 حتى 2007.
أما الخبرة التعليمية والأكاديمية فقد امتدت على نحو أربعة وثلاثين عامًا. بدأها أستاذًا محاضرًا في الجامعة اللبنانية، كلية العلوم الإقتصادية وإدارة الأعلام الثانية، من 1984 حتى 2008، وفي المعهد الوطني للإدارة والإنماء، مجلس الخدمة المدنية، من 1998 حتى 2000، ثم من 2003 حتى 2006، وفي المعهد التربوي للتعليم المهني من 1993 حتى 1999. كذلك درّس في جامعة الحكمة، كلية الحقوق، قسم الدراسات العليا، من 2002 حتى 2018، ولا يزال، وفي جامعة الروح القدس، في الكسليك، في كلية إدارة الأعمال والتجارة، معهد العلوم السياسية والإدارة العامة، كلية الحقوق من 2008 حتى 2013.
شملت المواد، التي أعطاها في تلك الصروح الجامعية والأكاديمية، التشريع المالي والتشريع الضريبي والمالية العامة ومبادئ الإدارة العامة الحديثة، وثانون العمل والضمان الإجتماعي، القانون الإداري، التنظيم الإداري، الإدارة العامة، الإقتصاد العام، المحاسبة الوطنية، الوظيفة العامة وإدارة شؤون الموظفين، التشريع الضريبي الدولي، النظام الضريبي في لبنان... باللغتين العربية والفرنسية.
كانت ولا تزال له اليد الطولى في النهوض بالبحث الأكاديمي وتطوير المناهج الجامعية وإدخال روح العصر إليها. أبحاثه تملأ فراغًا كبيرًا في المكتبة العلمية اللبنانية والعربية والفرنكوفونية وتتحول مرجع ثقة يعتمد عليه الطلاب والباحثون، فهو واسع الإطلاع، شمولي المعرفة، عصري الثقافة.
إنتدب إلى خارج لبنان، إلى فرنسا وكندا، لمتابعة دورات تدريبية عدة وإعداد برامج تدريب لموظفي الدولة. ومثّل لبنان في مؤتمرات محلية ودولية، في تونس والمغرب ومصر، بحثت في سبل مكافحة الفساد...
تجلّت رؤيته التنموية الإصلاحية في برامج العديد من اللجان الإصلاحية في الإدارة اللبنانية التي شارك في عضويتها، منها لجنة تبسيط الإجراءات وتحديث أساليب العمل من 1996 حتى 1998، لجنة تقييم أداء الموظفين من 1997 حتى 1999، لجنة تقييم الأداء المؤسسي من 2003 حتى 2004، لجنة تقييم الأداء الأكاديمي لفروع الجامعات الخاصة في لبنان في 2010 و2011.
كما أن مشاركته بين العامين 1991 و2000، في لجان فاحصة عدة، في مباريات مجلس الخدمة المدنية، لملء المراكز الشاغرة في الإدارة والمؤسسات العامة، ساهمت في رفع المستوى الوظيفي والإداري في القطاع العام.
ألقى محاضرات وندوات عامة في إطار مؤتمرات وورش عمل ودورات تدريبية مختلفة.
له دراسات وأبحاث ومقالات منشورة في الشؤون المالية والضريبية والإقتصادية والإدارية إلى جانب كتاب بالفرنسية بعنوان:
Droit du Travail et de la Protection sociale au Liban
ويعد حاليًا كتابًا بالفرنسية:
Droit Fiscal International
وسيليه كتاب في التشريع المالي والضريبي.
إنتخب في العام 2009 لمدة ثلاث سنوات عضوًا في الهيئة الإدارية وأمينًا عامًا للشؤون القانونية في المجلس الوطني لقدامى موظفي الدولة. وفي العام 2012، جرى تجديد انتخابه بالصفة ذاتها لثلاث سنوات جديدة. وفي 13/10/2015، إنتخب لمدة ثلاث سنوات نائبًا لرئيس هذا المجلس وأمينًا عامًا للشؤون القانونية.
في 15/10/2018، إنتخب رئيسًا للمجلس الوطني لقدامى موظفي الدولة لثلاث سنوات، من 2018 حتى 2021. وقبل ذلك عضوًا في هيئته الإدارية وأمينًا عامًا للشؤون القانونية ولشؤون رئاسة مجلس الوزراء ولشؤون مجلس الخدمة المدنية...
حاز من رئاسة الجمهورية في العام 2007 ولمناسبة إحالته على التقاعد في 27/9/2007، وسام الأرز الوطني من رتبة كومندور تقديرًا لمناقبيته الوظيفية وخدماته المميزة في هيئات الرقابة لأكثر من ثلاثين سنة (التفتيش المركزي نحو 25 عامًا ومجلس الخدمة المدنية نحو ستة أعوام) إلى جانب دروع تقديرية من جهات رسمية ومدنية.
وفي السنة 2008 منحه المجلس الوطني لقدامى موظفي الدولة درعًا تقديرًا لجهوده الوظيفية.
نال في 7/7/2013، جائزة جورج طربيه للثقافة والإبداع للعام 2013 خلال المؤتمر 21 لتجمع البيوت الثقافية في لبنان الذي انعقد في سرايا محافظة الجنوب في صيدا.
بعد تقاعده، لم يتوقف عن العطاء بل استمر ناشطًا في مختلف المحاور. وهو لا يزال حاضرًا في الشأن الوطني برصانته وحكمته. أفكاره تستنهض الهمم وتنبت براعم النهضة الربيعية وتخطّ دروب الاستقلال الثقافي، وتزاوج بين حدود الحضارة والعصرنة.
يبقى المدير العام د. جرجس غلمية مرجعًا في الوظيفة العامة وقوانينها وأنظمتها. خدم الحق والحقيقة طيلة نصف قرن، متخطيًا بجرأة وثبات، مختلف القيود التي حاولت أن تكبّل مؤسسات الدولة.
بصماته شديدة البروز في سجل القطاع العام، وصدى قراراته يعكس اعتداله وإنصافه ونزاهته المترفّعة ووطنيته المتجرّدة.
موظّف جريء، شرّف دولته بتاريخه العريق، لا سيما وأنّه في أحلك المراحل، لم يتأخّر في تولّي المهمات الصعبة والنظر في القضايا ذات المواضيع الحساسة والمسائل الدقيقة، واضعًا كفاءته في خدمة الوطن وجاعلاً سيادة القانون هدفًا رئيسًا، رسّخ من خلالها مفهوم دولة المؤسسات السيّدة والعادلة في إطار الجمهورية اللبنانية المستقلّة.
(إعداد: أنطوان فضّول)