سمير مقوّم
في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى رجل الأعمال الأستاذ سمير مقوّم
مدير عام ورئيس مجلس إدارة شركة سي لاين
رجل أعمال ناشط في الملاحة البحرية وقطاع العقارات والبناء.
مدير عام ورئيس مجلس إدارة مجموعات ملاحية عدّة أهمّها: شركة سي لاين وسي كارغو وسيترانس وسيتريد.
ولد في درعون – حريصا السنة 1950، على مشارف خليج جونيه.
قد تكون هذه الحقيقة الجغرافية، دافعه الأول إلى التعلّق بعالم البحار الذي ولجه بثبات وغاص فيه عميقًا وأحرز فيه نجاحات واسعة.
عائليًا، متأهل من كريستيان العضم ولهما ثلاثة أولاد. أنطوني وشيرين ورالف.
أما دراسيًا، فقد تلقى دراسته في مدرسة الفرير دو لاسال والمعهد اللبناني للتجارة.
يبقى سمير مقوّم علامة فارقة في ميدان النقل البحري، ومرتعه مرفأ بيروت. ورث عن والده امتهان البحر بعد أن فضّله على العمل في القطاع المصرفي. فإذا بالمارد الأزرق يفتح أمامه الآفاق العالمية.
بدايته كانت موظفًا، في السبعينيات، لدى شركة هنري عبد الله البحرية حيث تولى المحاسبة فيها ثم تبوّأ منصب مدير مالي، حتى امتلك الخبرة الكافية التي تجعله يبحث عن مداه الحر واستقلاليته.
تعرف خلال الحرب إلى أحد الشخصيات المعروفة في عالم البحار، فأسس معه شركة ملاحة استمرت حتى العام 1979. كانت تجربة ناجحة عمومًا لاسيما انها أكسبته المعرفة العملية في كيفية اجتياز الظروف الأمنية الصعبة والمحافظة رغم الحرب والتوتر على ديمومة الحركة ونشاط التجاري.
في وقت لاحق، تعرّف على عبد الله الحص وسمير نعيمة وكلاهما علمان من أعلام عالم التجارة والاقتصاد، فاتخذ قرارًا بإعادة تجربة الشراكة مجددًا، وفتح باب التفاوض معهما. أثمر تواصلهم المشترك ولادة شركة "سي لاين" البحرية، إحدى أبرز شركات الشحن البحري وعمليات تخليص البضائع والشحن في لبنان والشرق الأوسط، والتي ولدت خلال الحرب ونجحت رغم الأوضاع المتردية بأن تربط مرفأ بيروت تجاريًا بمختلف مرافئ القارات، قافزة فوق الحواجز وعاملة في مختلف مرافئ لبنان غير مكترثة لشرذمة سياسية وتقسيم جغرافي.
لم يقف مقوّم عند هذه الحدود بل استمر على امتداد عقدين من الزمن في تفعيل نشاطه التجاري وتحسين اداء شركته وتطويرها من حيث التقنيات والحجم والمعلوماتية والحمولة والسرعة.
اللافت أمام المراقبين، أن شركة "سي لاين" كانت الوحيدة من نوعها التي استمرت في تأمين الخطوط البحرية والشحن المنتظم من وإلى بيروت، طيلة مرحلة الحرب، لاسيما في الفترة الممتدة من 1979 حتى 1990.
في أواخر الثمانينيات حصلت نقلة نوعية في مسيرة مقوّم التجارية.
مع تباطؤ حركة بيروت وتقلّص نسبة إقبال البواخر الكبيرة والشركات العالمية إليه أقنع مقوّم وبشكل تدريجي شركات دولية عدّة باعتماد شركة سي لاين وكيلة لها في بيروت.
في السنة 1988 اتخذت شركة هامبرغ سود، التي تحتل المرتبة العاشرة عالميًا، من شركة سي لاين وكيلة لها في بيروت. ما أعطى الشركة اللبنانية مدى دوليًا فتح أمامها الأسواق العالمية وثبّت موقعها على خارطة التجارة الدولية.
في السنة 1989 اضطر إلى نقل مكاتب شركته إلى قبرص وبقي من هناك على تواصل مع مرافئ لبنان كافة.
في العام 1993 اتخذت شركة غريمالدي غروب الإيطالية، التي تحتل المرتبة الرابعة عالميًا، من شركة سي لاين وكيلة لها.
وفي السنة 2006 نجح مقوّم في إقناع شركة APL/NOL وهي إحدى اهم الشركات العالمية بالمجيء إلى بيروت للعمل التجاري.
خطوة جعلت من سمير مقوّم وكيلاً لتسع شركات عالمية.
بعد نجاحاته في دنيا الملاحة البحرية، شدّته إليها موجة الإنماء والإعمار في فترة ما بعد الحرب، فأراد أن يواكب تلك المرحلة.
في هذا الإطار، اتفق مع شقيقه على دخول غمار قطاع بيع العقارات سويًا، فأسس بالاشتراك معه شركة استثمار نفذت بناء مشاريع عمرانية عدّة ووحدات سكنية وشقق فخمة، وتشييد العقارات وفرزها وبيعها، ما ساهم في إعمار منطقة زوق مصبح وأدونيس.
أثمر نشاطه العمراني إنجاز مجموعة بنايات تتناغم والنهضة العقارية العصرية وتنسجم مع المعايير الهندسية الحديثة وقد شكّلت واحة متميّزة بجماليتها وهندستها وموقعها.
وهو يسعى، في إطار مواز، إلى إطلاق مشروع سياحي يجذب إلى مرفأ بيروت ولبنان البواخر السياحية العالمية.
انتدب سمير مقوّم إلى عضوية التجمّع الوطني للإصلاح الاقتصادي منذ السنة 2007 ولا يزال ناشطًا فيه حتى اليوم، يساهم من خلاله في بلورة استرتيجية اقتصادية شاملة تضبط إيقاع النشاط الاقتصادي اللبناني.
الحديث عن الملاحة البحرية في لبنان، في الربع الأخير من القرن العشرين، يخفي في طياته كلامًا على كل انواع المخاطر والخسائر والأعباء في بلد تجتاحه الحرب وتضرب كل مقوماته وتعيق حركة قطاعاته الاقتصادية.
تجربة سمير مقوّم خير شاهد على ما عانى منه رجل الأعمال اللبناني في تلك العقود. وشخصيته الصامدة والمثابرة، ونجاحاته التي حصدها داخليًا وإقليميًا ودوليًا، تكشف بوضوح قوة عزيمة اللبنانيين ومقدرتهم وفرادتهم.
هذه الخبرة التي امتلكها في عالم التجارة البحرية، وهذا الموقع العالمي الذي حازه في هذا المضمار، جعلت منه عضوًا ناجحًا في الغرفة الدولية للملاحة، تولى هذه المهمة من السنة 1993 حتى 1998. فكان من اللبنانيين الأوائل المنتسبين إلى الغرفة الدولية للملاحة، وقد أثبت جدارة ومسؤولية ومستوى إداريًا رفيعًا ما دفع بذوي الشأن إلى انتخابه نائبًا أول لرئيس هيئة الغرفة الدولية للملاحة في السنة 1998، ولا يزال يحتل هذا المركز الشديد الأهمية حتى اليوم.
سمير مقوّم سليل الفينيقيين أسلافه الذين امتطوا أمواج شاطئ جونيه وشقّت سفنهم البحار.
أعماله لامست مختلف مرافئ البحر الأبيض المتوسط فأعاد إلى الأذهان عصر فينيقيا الذهبي ومستعمراتها التجارية المتوسطية.
التراث الفينيقي البحري راسخ في عمق وجدانه، يعتز بتاريخهم ونشاطهم الذي كرّسهم أسيادًا على المحيطات.
الملاحة البحرية تخطّت عنده حدود التجارة لتصبح مدى للحرية وبابًا متقدّمًا لحراسة الوطن والمجتمع وعمقًا للأخلاق والرجولة ونافذة على عالم الروح وبواكير العطاء اللامحدود والحركة التي لا تهدأ.