جورج لبكي

تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى البروفسور جورج لبكي في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز.

رئيس المعهد الوطني للإدارة.
وُلد البروفسور جورج لبكي "للإدارة والحقيقة وللبنان والقيم".
بعد مرحلة مشبعة بالدراسة الجامعية المعمّقة، حصد جنى وفيرًا في الإجازات والكفاءات والدكتوراه والأستاذية والأهليات العليا، بدءًا بماستر في الإدارة الحديثة من ENAP في مونتريال، 1997. مرورًا بماجستير من الجامعة اللبنانية ، بيروت ، 1978. فدبلوم دراسات شاملة، في المالية العامة والضرائب، من جامعة باريس الثانية، 1979. ودكتوراه في اللغة الفرنسية وأدابها، من باريس الثاني عشر، في 1981، فدكتوراه دولة في القانون والإدارة العامة، من جامعة السوربون، باريس في 1984.
باحث وكاتب ومُفكر وأستاذ جامعي. إعتُمِدَ للتدريس في جامعات جورج تاون، جونز هوبكنز، وماريلاند في الولايات المتحدة الاميركية بين 1985-1988، وأستاذًا مساعدًا، في جامعة جورج تاون ، 1989-1991، منسق برامج، في كلية الدراسات الدولية المتقدمة (SAIS) في جامعة جونز هوبكنز ، 1991-1992.
يترأس المعهد الوطني للإدارة في لبنان، منذ 2015، ويشرف على تدريب جميع موظفي الدولة.
مسيرته الزاخرة استحقت له التنويه من أعلى المراجع الدولية، ولعل حيازته وسامين من الحبر الأعظم، ووسام الإستحقاق الفرنسي، إلى جانب أوسمة ودروع عدّة، كلّها استحقاقات تضيء على ما يختزل هذا العلم اللبناني من قيم ومزايا وشمائل وما أعطاه من عطاءات قطف ثمارها لبنان. وهو الذي حاز عن الوظائف العامة التي شغلها تقييمًا أدائيًا وظيفيًا ممتازًا، وقد تمرّس بمسؤوليات جمّة واستمد تميّزه من تلك الرزانة المتقاطعة مع العلم والخبرة.
تخطّت شهرته الحدود اللبنانية لتلامس الآفاق العالمية. فإلى مشاركاته الفاعلة في مؤتمرات إقليمية ودولية، سار اسمه بمحاذاة كبار رجالات الفكر والإدارة العالميين.
في جعبته أبحاث ودراسات وتقارير وإحصاءات ووثائق.
أغنى المكتبة اللبنانية كما العالمية والفرنكوفونية بباقة من ستة مؤلفات ومن ترجمات ومقالات بالعربية والفرنسية والإنكليزية منشورة في مجلات دولية مُحكّمة.
انتفض على الرجعية والتخلّف والرتابة وحمل لواء الديمقراطية والأصالة التي عرف كيف يطوّعها مع روح التجديد والعصرنة.
بأسلوب يتسم بالعمق والفرادة، خاطب قارئ هذا العصر، وموظفي القطاع العام.
بين سطور كتاباته نكتشف عالمًا من التحولات يخطفنا إلى آفاق الوطنية. وفي فكره المتحرر، ترددات لثورة إنسانية كبرى أطلقها قلم دافئ.
كلماته مشبعة بعمق ثقافي. أفكاره رصينة وأسلوبه سهل، مصقول بلغة متماسكة.
أصيل في انتمائه إلى وطنه وأمته ولغته. تغلّف شخصيته، ذات النشاط الصاخب والحركة المتواصلة، دماثةٌ تتغلغل إلى محدّثه تاركة أثرًا جميلاً فيه.
كان، ولا يزال أحد أحبّ الأقلام اللبنانية إلى قلوب العرب جميعًا، ومثالاً أعلى ليقظة الإداري في الشرق.
استطاع أن يُكوّن له شخصية وطنية مميزة.
مثقّف على ذكاء لمّاع. صادق، صريح، عفويّ، حرّ التفكير، متجرّد، حواريّ، يُقنعُ ويَقتَنِعُ. لم يزوّر حَجمَه، ولم يتوهّم، ولم يغترَّ.
عرفناه لبنانيًا عريقًا، عربيًا أصيلاً، عالمي الرؤية، إنساني الاتجاه.
في استعراض المدن التي زارها والدول الأجنبية التي استضافته محاضرًا أو خطيبًا تتضح هوية المفكر المتجرّد التي طبعت أفكاره والتي عَبَر بها الآفاق واقتحم الحدود على أنواعها من جغرافية وسياسية وإثنية ودينية.
هو ناشط في الحقل الاجتماعي والثقافي، ومرجع في المسألة الإدارية. منفتح على روح العصر، واسع الاطلاع وملم بالمفاهيم العلمية وبالثقافات الإنسانية والحضارية.
يقصده الموظفون والطلاب للاطلاع منه على الحقائق والمفاهيم، وللتبحر في عالم الوظيفة الرسمية.
تحوّل مرجعًا صادقًا وموضوعيًا يعتمد عليه. يمتلك رؤية تربوية وإدارية شاملة ارتكزت على خبرة عميقة ووطنية راسخة ومعرفة اعتمدت على العلم والاطلاع والاحتكاك المباشر مع أكاديميي العصر.
أحاطت فكره نسائم النهضة الإنسانية، فتراه ينكب على دراسة المجتمعات وتحولاتها وينشط في الأبحاث والدراسات العلمية الموضوعية. لقد نجح في التوفيق بين التقليد والحداثة، حيث واكب العصر وتقنياته وتحولاته دون ان يتخلى عن الحقيقة التاريخية.
متأثّر بالأسلوبين الأميركي والأوروبي في الإدارة، ما يضفي على عمله مزيدًا من الحيوية والواقعية وتحسّس متطلبات المجتمع وحاجاته.
يعود له الفضل في زرع بذور العمل المؤسساتي داخل إدارات الدولة وإرسائه على قواعد حديثة وعصرية.
إقترن اسمه بالحركة التجديدية التي شهدها المعهد الوطني للإدارة مؤخرًا، وقد تميزت بالشمولية والواقعية، وارتكزت على أساس رؤية مستقبلية موضوعية رُسِمَتْ في إطار من الانسجام والعصرنة.
على يديه، بدأت الإدارة تنتظم رغم الوضع السياسي الدقيق. وبفضله أخذت الأمور تسير كما تشتهي السفن.
قفز فوق التناقضات، وتحرّك بخفّة بين الألغام السياسية.
أدرك حساسية الوضع الداخلي واستوعب الواقع الإقليمي. رسم بحكمة خريطة طريق حافظت على خصوصية لبنان وجماله وتراثه وهويته.
مسيرته توغّلٌ في قضايا الإدارة، وجهاد في سبيل النهضة والرقي والتمدن.
لقد شرّف بلاده وأخلص لها وسهر على إعادة الإشراقة إلى ربوع أجهزتها الإدارية في أصعب الظروف وأدقّها.
(إعداد: أنطوان فضّول)