لويس فليفل

تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى روح قنصل لبنان الفخري في اوستراليا، الراحل لويس فليفل
وعزاؤنا أننا قمنا بتكريمه في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز خلال حياته
والده نقولا. والدته فرجيني (برجية). متأهل من كارمل بستاني.
في العقد الأول من عهد الانتداب الفرنسي للبنان، أبصر لويس فليفل النور في جديدة غزير في 8/1/1928.
نشأ في بيئة منحت بلاد الأرز كما الكنيسة المارونية خيرة شبابها يرفعون راية الحرية والإصلاح الفكري والعلم والمعرفة.
أنجز دراسته في مدرسة الحكمة – الأشرفية.
عمل موظفًا في مرآب تصليح سيارات ودراجات الفرنسيين. ثم اعتمد مفتشًا لدى الجيش الفرنسي عن الأسلحة ما بين حمانا وبئر حسن. ومركز عمله في بيروت.
ترعرع على مشارف خليج جونيه في مرحلة كان لبنان يسلخ عنه ثوب الاستعمار الأجنبي ويسلك في طريق الاستقلال والسيادة. ومن بوابتها العريقة تنشّق نسائم الانفتاح على الحضارة وروح العصر. فجذبته مغامرة الأفق البعيد إلى الإبحار نحو العمق الجغرافي للكرة الزرقاء. فطلب من أولاد عمته المقيمين معها في أوستراليا أن يقدموا أوراقه للهجرة في أواخر السنة 1948. وبعد موافقة السلطات الأوسترالية غادر لبنان إلى أوستراليا في 28 كانون الثاني 1949 عن طريق البحر. وبعد شهر من الإبحار وصلها في 28 شباط.
بعد شهر من وصوله إلى أوستراليا تزوّج. واتخذ مقاطعة فيكتوريا موطئًا له وسكن بداية في جيلونغ ثم انتقل إلى العاصمة ملبورن واستقر فيها.
كانت بداياته صعبة. عمل أولاً في فبارك شركة فورد في حقل جمع السيارات لمدة سنتين من السنة 1949 حتى 1951.
إلى إتقانه اللغة الفرنسية تابع دروسًا في اللغة الإنكليزية حتى امتلكها.
في السنة 1952 افتتح مقهى خاصًا له في جيلونغ. ثم ما لبثت أن كرّت السبحة وصار يملك سلسلة من ثلاثة مقاه.
أقام في جيلونغ مدة عشر سنوات. ثم انتقل إلى ملبورن حيث أسس اول مطعم فرنسي في أواخر السنة 1962 هو "وول نت تري" الذي أخذ اسمه يلمع عالميًا وبدأت شهرته ترتفع سنة بعد سنة حتى صار مقصدًا لكبار الشخصيات العالمية القادمة إلى أوستراليا.
هكذا نشط لويس فليفل في حقل الفنادق والمطاعم والسياحة وبنى أضخم شبكة فنادق في حينه: Le Chateau – Left Bank – Tib Pepi.
في السنة 1963 انتخب رئيسًا للجامعة اللبنانية الثقافية فيا لعالم في مقاطعة فيكتوريا. استقال في السنة 1969 في عهد الرئيس شارل حلو عشية تعيينه من قبل وزارة الخارجية اللبنانية قنصلاً فخريًا للبنان في مقاطعة فيكتوريا وتازمانيا. فكان بذلك أول قنصل عربي يعتمد في أوستراليا.
لعب دورًا ديبلوماسيًا مميزًا على مستوى العلاقات الأوسترالية الشرق اوسطية.
هو القنصل الوحيد كعربي لبناني الذي يمثّل مجموعة الدول العربية. كان يوقّع على كل البضائع التي تخرج من أوستراليا مؤكدًا على عدم ارتباطها بإسرائيل.
في اوائل السبعينيات زار الملك حسين مقاطعة فيكتوريا – ملبورن فاستقبله حاكم المدينة. وأمر الملك حسين بمقابلة المسؤول العربي في تلك المقاطعة فاختلى بالقنصل فليفل مدة عشرين دقيقة.
اهتم بنوع خاص بفكرة ربط لبنان بأبنائه المنتشرين في كل أنحاء العالم وخاصة في القارة الأوقيانية وفي اوستراليا تحديدًا.
في زمن الحرب الباردة سعى إلى تشكيل لوبي لبناني يجمع في إطاره كل اللبنانيين المشتتين في مختلف نواحي الأرض، يوحد صفوفهم يحميهم من شظايا النزاعات الدولية.
من موقعه القنصلي تمكن من حل مشاكل عديدة وعقد كانت مستعصية أمام تحقيق هذا الحلم الذي ازدادت اهميته والحاجة إليه في الزمن الحاضر حيث أن الوضع المتردي في لبنان لا يمكن أن يستعيد عافيته إلا بمشاركة فاعلة من جميع أبنائه لاسيما المغتربين منهم والذين ينتظرون بدورهم أن تبادر السلطات اللبنانية إلى التعاطي معهم بواقعية وموضوعية وتجرد وهو ما طالما نادي به وسعى إلى تحقيقه القنصل لويس فليفل.
أطلقت عليه الصحافة الأوسترالية لقب عراب الجالية اللبنانية في اوستراليا.
طالما اعتبر أن العلاقات بين لبنان والمغتربين ينقصها الكثير من التخطيط والتفعيل والمتابعة. من هنا أتت دعوته المتواصلة لدعم الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم وتنشيط المؤتمرات ورسم الاستراتيجيات التي من شأنها أن يرى فيها المغتربون حلاً لمجموع المشاكل والصعوبات التي يواجهونها.
بقي قنصلاً فخريًا من السنة 1969 حتى 1982. قدّم استقالته وطلب من الحكومة اللبنانية أن أن تعيّن مكانه قنصلاً او سفيرًا مسلكيًا من ملاك وزارة الخارجية كي يهتم بالجالية التي تضخّم عددها نتيجة الحرب.
هو القنصل الأول في تاريخ الجمهورية اللبنانية الذي يقدّم استقالته من تلقاء ذاته.
يزور فليفل لبنان باستمرار. وقد عاد للاستقرار فيه ستة أشهر في كل سنة منذ 1995.
حائز عددًا وافرًا من الأوسمة وشهادات التقدير منها وسام الأرز اللبناني في السنة 1966 ووسام اوستراليا – الملكة أليزابيت في السنة 1982.
وكلها تترجم حضوره الفاعل في عالم الانتشار وتعبّر عن امتنان المجتمعات الإنسانية لخدماته الجلّة وعطاءاته الوفيرة ومساعيه الحثيثة من أجل خير الإنسان ورقيّه، كما تؤشّر إلى دوره الفاعل في مسيرة النهوض بلبنان وشعبه وتوحيد جناحيه المقيم والمغترب.
(إعداد: أنطوان فضّول)