رانيا غصن الحاج

في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى النجمة رانيا غصن الحاج
فنانة لبنانية غاصت منذ طفولتها، في محيط القيم الأخلاقية، تنهل من نبعها، ومن وحيها ترسم أطرًا لحياة أقرب ما تكون إلى العمل لخير الإنسان ورقيّه ورفعته.
منذ فتوتها تشغلها امور الفن والثقافة ، حيث نشأت في أحضان عائلة منحتها تربية فنية برعاية والدها الإعلامي نبيل غصن الذي أشركها مبكراً في عالم التمثيل الإذاعي في برامج للأطفال بُثت عبر أثير "إذاعة لبنان" و"صوت لبنان".
حازت الإجازة في الإعلام والعلاقات العامة من الجامعة اللبنانية.
منذ التسعينيات وهي تعمل في إخراج الإعلانات والبرامج التلفزيونية والأفلام التوثيقية.
تتزاوج أعمالها بين الحداثة والاصالة. وهي مشبعة على الدوام بنَفَسٍ ثقافي وبرؤية عالمية منفتحة.
مع بلوغها سن الرشد، تكوّن في فكرها المتحرر جنينُ فنّانة مُلْهَمة، أخذَتْ مقدرتُها تتطوّر وموهبتُها تتبلور سنة بعد سنة.
إعتمدت في مسيرتها أسلوبًا خاصًا وتقنية فريدة، عرفت كيف تعبّدُ من خلالهما درب مستقبلها الفنّي.
إن الحداثة والتقنيات البصرية تزاوجت عندها مع الخصوصية الشرقية وتطبّعت مع الهوية اللبنانية ذات المكونات الفسيفسائية.
اعتُمِدَت عضواً في لجنة التحكيم في برنامج "غني مع غسان" لأربعة مواسم متتالية.
حلّقت عاليًا في عالم الفن المسرحي الغنائي، من خلال تأديتها أدوار البطولة في مسرح الفنان غسان الرحباني، لأربع سنوات متتالية من 1996 حتى 2010.
نراها نجمة المسرحيات التالية:
- "هنيبعل"، إلى جانب المطرب غسان صليبا
- "كما على الأرض كذلك من فوق"
- "من الحب ما قتل" مع الموسيقار الراحل ملحم بركات على مدرجات بعلبك.
هي اليوم نجمة الغناء في الحفلات الموسيقية للفنان الياس الرحباني في لبنان والبلاد العربية.
صوتها بلوري يُشيعُ في داخلنا أنوار الفرح، فهو ترنيمة الوديان وأنشودة البحار، إذ يمتاز بسحرٍ شرقي وبرنّةٍ مختلفة تولّدت من خامة مثقفة أصيلة.
ريادتها في عالم الموسيقى وقطاعات الفنون متشعبة التجارب، وإيماناً منها بقدرات المرأة ومسؤولياتها على الصعد: التربوية، والثقافية، والاجتماعية، وتجسيداً لدورها في بناء مجتمع لبناني وعربي راقٍ وحضاري، قرّرت رانيا غصن الحاج، مع شركة "جدارات انترناسيونال ش.م.م"، إنشاء أوركسترا سيمفونية نسائية 100%، على مستوى رفيع، تلعب فيها النساء وحدهنّ أدوار العزف والقيادة والإنشاد.
وقد أطلقت عليها اسم: أوركسترا "هُنَّ" السيمفونية Honna Symphony Orchestra وكانت أولى حفلاتها من السراي الحكومي، بحضور رئيس الحكومة السيد سعد الحريري.
إن هذه المجموعة من الموسيقيات المحترفات، يشكّلنَ صورة جمالية، ثقافية وحضارية متكاملة تنعكس على الناس فرحًا وإعجابًا بمواهب المرأة وقدراتها الفاعلة بالمشاركة في بناء مجتمع متنوّر وحضاري، نتباهى فيه ونفخر، في لبنان وجميع البلدان العربية.
يكمن دور أوركسترا "هُنَّ" السمفونيّة في خلق حماس عند المرأة اللبنانيّة والعربيّة لابراز الثقافة الموسيقية عند الاجيال الصاعدة واعادة بناء القطار الفكري والفعلي من جديد للتقدم نحو مستقبل افضل.
أما رقص التانغو فأتقنته رانيا وبات يمثّل عندها هوية خاصة وعلامة فارقة بعدما أجادته بمستوى عالٍ.
إلى ذلك، فهي فنانة تشكيلية مرهفة، تتخطى طبيعة لوحاتها المسارات التقنية فتتحوّل إلى نورٍ شفاف حيوي ناطقٍ بأبجدية اللون تمطر فرحاً وحبوراً وتشد الأنظار، حيث يستشفّ المشاهد نسقًا جماليًا جديدًا وآفاقًا تفاؤلية، فتغدو الحياة معها رؤية ربيعية.
تتميّز أعمال رانيا الفنية بتوازن لافت وإتقان مشبع بالعفوية، توّجتها بمسحة روحية عميقة، وفي كل انكسار للضوء قفزة نحو العمق الوجداني.
رانيا غصن الحاج إنسانة مرهفة، إستطاعت أن تُكوّن لها شخصية متميزة في ميادين الاعلام والفكر والحضور الفني والثقافي والاجتماعي والوطني.
طالما آمنت بعدالة قضايا المرأة الشرقية وأحقية تحررها وصوابية انفتاحها على العصر وحضارته. فانتهجت اسلوب العيش بحرية ملتزمة، منفتحة على آفاق المدَنيَّة.
تفتحت لديها براعم الموهبة باكراً، فعبق أريجها في المحيط الذي عاشت فيه. وهي من أتباع الرومنسية.
خلال مسيرتها الزاخرة بالعطاءات على مستوى الفن والثقافة، عرفتها جمعيات عدّة، أهلية وفنية وثقافية واجتماعية، عضوًا ناشطًا وركنًا من أركانها.
إمتلكت مخزونًا إنسانيًا واجتماعيًا كبيرًا، نتيجة تعاطيها المباشر والمبكّر مع حاجات مجتمعها.
رَسَمَ نشاط رانيا غصن الحاج ملامحَ حيّة تفيض عطاء وخيرًا مجرّدًا يترجَمُ لغة ينطلق بها قلب لا يعزف إلا ألحان المحبة.
ما نقوله هو لسان حال كل من تعرّف على هذه الفنانة المبدعة، والإعلامية الرائدة والناشطة الاجتماعية المعطاءة.
لقد تألقت إنسانياً وثقافياً وأثبتت أن المرأة تتمتع بكفاءات وقدرات عالية، وأنها تستحق ان تشارك في صنع القرار وفي تحمّل شتّى المسؤوليات.
(إعداد: أنطوان فضّول)