علي حجازي

في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى البروفسور علي محمود حجازي
مدير كلّيّة الآداب والعلوم الإنسانيّة – افرع الخامس، الجنوب.
ولد في بلدةقبريخا، الواقعة في جبل عامل، قضاء مرجعيون، في الجنوب اللبناني، في كنف عائلة كادحة، وبيئة تلحّفت الحرمان، وتأطّرت بالإهمال، فقرّر الإنطلاق في مسيرة أقل ما يقال فيها إنّها انعكاس لإرادة التّحدّي والنّهوض والتّحوّل.
من عمق طفولة لا تزال تحمل إلى ذاكرته الدفء والطّمأنينة، إلى فتوّة عاشت مخاضًا مع الوجود واختبرت كل أنواع المخاطر والصّعوبات، وعاينت لبنان وهو يقع فريسة التّحوّلات الجغرافية والسّياسيّة المأساويّة، مرورًا بشباب اكتملت فيه الرؤية المستقبليّة وتحدّدت الخيارات؛ مسيرة تمدّدت على مساحة عقودٍ من القرنين العشرين والحادي والعشرين وتعتّقت بخوابي الفكر الأصيل.
توزّعت دراسته بين الجنوب وبيروت حيث استقبلته على التوالي مقاعد مدارس بلدته وبلدتي شقراء وخربة سلم. قبل أن يتابعها في مدارس العاصمة.
شدّته تلك المناقبيّة التي تحلّى بها أفراد قوى الأمن الدّاخلي، وتلك الروح الوطنيّة العالية والخدمة المجتمعيّة المسؤولة، فانخرط في صفوفها منذ السنة 1971، برتبة دركي متمرّن، في وقت تابع تحصيله العلمي، حتى نال شهادة البكالوريا اللبنانية – القسم الثاني، فقرّر الإنطلاق بدراسته الجامعيّة التي توزّعت بدورها بين الجامعة اللبنانية وجامعة القديس يوسف، فحاز من الأولى الإجازة التّعليميّة في اللغة العربيّة وآدابها، ومن الثانية شهادتي الماجستير (1983) والدكتوراه (1985). وفي العام 1996، حاز شهادة الدكتوراه – الفئة الأولى (دولة) – في اللغة العربية وآدابها، من الجامعة اللبنانية، متوّجًا تحصيله الجامعي برتبة "أستاذ بروفسور" في اللغة العربية وآدابها. وقد أعدّ الأطروحتي دكتوراه التاليتين:
قبريخا، دراسة فولكلوريّة أدبيّة، دكتوراه في اللغة العربيّة وآدابها (حلقة ثالثة 1985) جامعة القدّيس يوسف إشراف الأستاذ د. جبّور عبد النّور.
تطوّر القصّة القصيرة في لبنان، دكتوراه في اللغة العربيّة وآدابها (فئة أولى 1996) الجامعة اللبنانية.
لم يتوقّف نشاطه العلميّ عند هذه الحدود، بل التحق بكلّيّة التّجارة في جامعة بيروت العربيّة ودرس لثلاث سنوات.
في العام 1987، إنتقل إلى ملاك شرطة مجلس النوّاب، وراح يترقّى بالرتب العسكريّة والمناصب بدءًا بملازم، إلى رتبة مقدّم.
إلى ذلك هو ناقد وكاتب وباحث في القصّة والرواية مع الأدب الشّعبي وأدب المقاومة وأدب الأطفال. كذلك له تجربة في الإذاعة اللبنانية، حيث أعدّ مسلسلاً حول التراث الشّعبي والحضارة اللبنانية.
تخطّت أفكاره حدود الجغرافيا اللبنانية، وتمدّدت على مساحة ذات أبعاد إنسانيّة عامّة، كما ألهمت الإنتلجنسيا العربيّة، بعد أن ساهم من خلال عمله الأدبي وانقدي والكتابي، في ترسيم رؤية تجديديّة تستقي أسسها من تطوّر العصر وكنوز الحضارة واكتناه المعايير الإنسانيّة.
وشأنه شأن كل مثقّف عربي، قرر عدم الرّضوخ للواقع أو الوقوف على الحياد، بل هو حمل لواء النّهضة وسار في طريق التجديد. فضلاً عن أن!ه أستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية – منذ العام 1988، وأستاذ مشرف في جامعة القديس يوسف.
إن النّهجين الفكري والوطني اللذين برزا جليين في مسيرته الأكاديمية واللذين التزمهما منفردًا تحوّلا حالة عامّة، إلتفّ حولهما معظم الأكاديميين، الأمر الذي أعطى حضوره دفعًا إستثنائيًا ومكانة خاصة، تمت ترجمتهما في العام 2013، من خلال تعيينه مديرًا لكلّية الآداب – الفرع الخامس، في الجنوب، فراح يتولّى من خلال هذا الموقع تطوير المناهج والبرامج وتفعيل القيمة الجامعيّة اللبنانية.
له باقة وافرة من المؤلّفات والأبحاث، وقد تُرجمت أعماله القصصيّة إلى الصّينيّة والفرنسيّة والفارسيّة والإنكليزيّة، بعد أن اكتشف القرّاء، عبر العالم، بين سطور كتاباته عالمًا من التّحوّلات يخطفنا إلى آفاق التّحرّر من كلّ قيد تنفر منه "حريتنا".
مثّل لبنان في العديد من المؤتمرات المحلّيّة والإقليميّة والدّوليّة، واستضافته كبرى الدّول محاضرًا بما في ذلك الصين والجزائر والقاهرة وعمان والخرطوم. ومؤخّرًا كانت له مشاركة قيّمة في المؤتمر الفكريّ التأسيسيّ الأول حول "الفكر المسيحي/الإسلامي والقيم الإنسانيّة" الذي نظّمه المركز الإستشاري للبحوث الأنثروبولوجية، في بيروت في 6 كانون الثاني 2014، وفي المؤتمر العلمي الخامس الذي نظّمته الجامعة اللبنانية كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بعنوان "العلوم الإنسانيّة في التعليم العالي: واقع وآفاق" بتاريخ 3 و4 و5 نيسان 2014.
في استعراض المدن التي زارها والدول التي استضافته محاضرًا أو خطيبًا تتضح هوية المفكّر المتجرّد التي طبعت أفكاره والتي عَبَرَ بها الآفاق، واقتحم الحدود على أنواعها من جغرافية وسياسيّة وإثنيّة ودينيّة.
إلى ذلك هو عضو في اتحاد الكُتّاب اللبنانيين، حيث انتخب أمينًا سابقًا للشؤون الخارجيّة. كذلك هو عضو في الإتّحاد العام للأدباء والكُتّاب العرب، وفي اتّحاد الكُتّاب العرب، وفي المجلس الثّقافي للبنان الجنوبي. وقد شارك في تأسيس ملتقى الثلاثاء الثّقافيّ، وحلقة الحوار اثّقافيّ، وفي الإعداد للمؤتمر الأول للثقافة الشّعبيّة في لبنان.
بعد عقود من الخدمة في سلك قوى الأمن الدّاخليّ وسبع وعشرين سنة من التفرّغ للتعليم في الجامعة، يبدو البروفسور علي حجازي رائدًا في قضايا المجتمع وفي الخدمة والعطاء، كما في مسائل الفكر الذي نفح فيه من روحه وأبقاه حيًا، فاستحقّ على عطاءاته وسام الإستحقاق اللبنانيّ من الدرجات 1 و2 و3، ووسام الأرز الوطنيّ من رتبة فارس، ووسام الأرز الوطني من رتبة ضابط.
(إعداد: أنطوان فضّول)