حسين عبيد
في إطار برنامج "أعلام من بلاد الأرز"، تحية شكر وتقدير من أنطوان فضول والمنتدى الرقمي اللبناني إلى البروفسور حسين علي عبيد
أبصر النور، في السنة 1963، والزمن زمن تحوّل.
أما تخصصه الجامعي فحصد في نهايته كمًا من الإجازات والدكتوراه والكفاءة، توجّها بدكتوراه دولة في العلوم السياسية والإدارية من الجامعة اللبنانية في 24/4/2004، وحيازة رتبة بروفسور في العلوم السياسية في 21/12/2017.
مارس التعليم الجامعي، واعتُمدَ أستاذًا محاضرًا في معهد جويا الجامعي، من 2002 حتى 2012، وفي الجامعة الإسلامية من 2006 حتى 2012، وفي كلية إدارة الأعمال في النبطية من 2005 حتى 2013، وفي كلية الحقوق، الفرع الثالث، في طرابلس من 2005 حتى 2008. وفي كلية الحقوق، الفرع الخامس، في صيدا، من 2007 حتى 2015، وفي كلية الحقوق، الفرع الأول، في الحدث – بيروت، من 2006 إلى تاريخه.
له اليد الطولى في تطوير المناهج اللبنانية وتوسيع آفاقها ومواكبتها روح العصر. وقد عُيِّنَ مديرًا للفرع الأول لكلية الحقوق في الجامعة اللبنانية من 2 شباط 2015 حتى 4 شباط 2018. كما انتخب نائب رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية في 18/12/2018.
حمل إلى أروقة الجامعة مفهومًا جديدًا ودينامية ملفتة وإدارة شفافة، وشخصية فذّة تميزت بثقافتها وخبرتها وسعة اطلاعها ورقي أدائها وعمق فكرها وشمولية نشاطها.
لقد مارس مهامه بحكمة العارف ودراية الفاهم وأخلاقية المتفاني في خدمة العلم، وسلوكية العامل من أجل استعادة لبنان مكانته المرموقة كجامعة للشرق الأوسط.
خلال مسيرته الطويلة، بذل جهودًا جبارة من أجل رفع مستوى التعليم الأكاديمي في لبنان. ويبقى له الأثر الكبير في تطوير الأساليب التعليمية وتفعيل موقع العلم والثقافة في المجتمع.
هو أشبه بحالة تراكمية من المعرفة والخبرة والمقدرة. ترك أثرًا بيّنًا في عصرنة آداء الجامعة اللبنانية وتطويرها وتفعيلها بما ينسجم ومستلزمات التطور السريع الذي يعيشه العالم.
يختزن في فكره المتنوّر تفاصيل دقيقة لمسيرة وطن عَبَرَ معه كل أنفاق القرن العشرين ومحطاته المحورية المتأتية من ترددات الحرب الباردة كما الصراع العربي الإسرائيلي وتداعيات القضية الفلسطينية، إضافة إلى الأزمات الداخلية المتراكمة والتي انفجرت في نهاية المطاف حربًا شعواء، لم يسلم من شظاياها قطاع.
منذ فتوته شدّته السياسة إليها كعلم له جاذبيته، وترسخت في داخله قناعة بأن الجمود داخل المجتمع يكدّس الأزمات قبل أن يأتي عامل الزمن ويفجرها دفعة واحدة.
آمن بحركة حضارية تنويرية تنهض بالأمة من كبوتها وتنمي قدراتها وتوحد اتجاهات أبنائها وتحقق استقلالهم وتدفعهم نحو استكمال رسالتهم الحضارية وتسير بهم نحو التمدن وتسمح لهم بالتواصل الحر والمنفتح مع الشعوب الأخرى في اطار الاستقلال والحرية والعدالة.
إمتلك رؤية تربوية شاملة ارتكزت على معرفة اعتمدت العلم والاطلاع ركائز لها، واستندت على خبرة عميقة بفعل تدريسه الجامعي المتشعب التوزيع والتنوع المناطقي.
غاص منذ يفاعه في عالم الفكر، فإذا به واسع الثقافة، يتمتع بمقدرة في تحليل الوقائع وفي قراءة مسبقة للتحولات الدولية والاستراتيجيات العالمية.
إستعانته بالمنطق تجلت بوضوح في كل محاضراته وندواته، حيث جاءت أفكاره المتسلسلة والمترابطة لتتملك الموضوع الذي يعالجه بكليته.
هذا الأسلوب المتميز لم يلد عرضيًا بل جاء ثمرة موهبة خاصة أولاً، ونتيجة خبرة مديدة في الزمن، بدأت منذ مرحلة الجامعة، ونمت بعد انخراطه في النشاط السياسي الحزبي والأكاديمي من بوابة حركة أمل.
أغنى المكتبة بمجموعة من المؤلفات والدراسات القانونية والسياسية والاستراتيجية، لعل أبرزها:
الإنتخابات النيابية، 1992.
علم الاستراتيجيا. كتاب مشترك مع الدكتور خليل حسين في السنة 2012.
الأنظمة السياسية، دراسة مقارنة، 2013.
المجتمعات المتعددة.
الأقليات وإشكالية التعايش، 2014.
القانون الدستوري العام، كتاب مشترك مع الدكتور صالح طليس، 2016.
إضافة إلى العديد من الأبحاث والمقالات والدراسات المنشورة في المجلات القانونية والسياسية، منها:
المحكمة الدولية في سيراليون، 2015.
سيادة الدولة، 2016.
حقوق الإنسان في المواثيق الدولية، 2017.
في كتاباته عمق في التحليل، وقراءة واقعية للحدث، ودقّة في عرض المنطق، وفيض من علم ومعرفة وفيها أيضًا إيحاءات صائبة تستشرف المستقبل بحكمة وموضوعية.
محاضر غزير الأفكار، عميق المنطق، واقعي الرؤية. سعة اطلاعه وخبرته في القضايا الدولية، وثقافته المنفتحة على مختلف المنظومات الإنسانية، جعلت منه أحد أعمدة البحث الاستراتيجي. وهو اليوم مرجع يُعتمَد على قراءته في البحث عن حقيقة واقع اتجاهات السياسة في لبنان والشرق الأوسط.
يبقى في سيرته وخبرته ومؤلفاته عنوانًا مشرقًا في حقل الوعي الاستراتيجي للتحولات السياسية.
لقد برز في حقل الكتابة في الاستراتيجيا السياسية. وهو محلل سياسي ذو مستوى عالمي، تمكن من توقّع العديد من الأحداث قبل وقوعها بما امتلك من خبرة في فهم اتجاهات العلاقات الدولية والسياسات الخارجية للدول صاحبة القرار في العالم.
منذ ان بدأ احتراف الكتابة وهو يستقطب القراء ومتذوقي الفكر الاستراتيجي. وقد ساعدته خبرته في حقل التعليم الجامعي على جذب الفئة الشابة من المجتمع إلى حقول فكره الخصبة.
بأسلوبه المفعم بالحياة خاطب كل الاجيال. كما ان الانتلجنسيا اللبنانية والعربية أجمعت على ريادته في مجال التأليف بعد ان أثمرت تحديثاً في المناهج وتطويراً لأساليب التدريس ومواكبة للعصر. فكانت مشاركاته في تأليف الكتب أو في إصدارات مستقلة، خطوة لتجديد الفكر العربي وتحديثه مع محافظته على الأصالة في مرحلة التحولات الكبرى.
إعداد أنطوان فضّول