مخرجو المسرح حرف أ

انطوان ملتقى: اسمه اقترن بالمسرح اللبناني بكل ما فيه من انجازات وانكسارات وفرح وحزن ونجاحات وخيبات امل. اعوامه حفلت بالبحث والسهر والاعداد والعمل والتضحية على امل يشاد مسرح لبناني وعربي يجسد التطلعات والاحلام. ولد ملتقى في وادي شحرور في قضاء بعبده في العام 1933 وبدا نشاطه المسرحي في العام 1937 في دور مزارع صغير وعندما كبر قليلا بدا يؤلف المشاهد مع اولاد الحي لكنه انتظر حتى العام 1950 ليقدم مسرحيته الاولى اخراجا وتمثيلا بعنوان الزير لفولتير افرح حصوله على شهاده البكالوريا القسم الاول ثم توالت اعماله المسرحية التي كان يقدمها في الهواء الطلق في وادي شحرور. تعرف الى السينما حين شاهد ماكبث الذي اخرجه اورسون ويلز وقام بتمثيله فترك فيه اثرا كبيرا. في المدرسة تعلم المسرح الفرنسي لذا كان دهشته كبيرة حين تعرف الى شكسبير في السنة الجامعية الاولى وقرر الانصراف الى التعمق به فغرق فيه في الجامعة كانت هناك رابطة وكانوا يعرفون حبه للمسرح فطالبوه بتقديم مسرحية لشكسبير لم يخيب امالهم فقام باخراجها ومثل الدور متاثرا برؤية اورسون ويلز السينمائية. وفي اطار الجامعة قدم مسرحيات عدة مع زملائه لكن الامر لم يتجاوز الهواية. من ابرز الاعمال التي قدمها مسرحية مظالم الحياه للشيخ فريد الدحداح ومسرحية تحت ظلال الزيزفون لالفونس كار. امتدت مرحله الهواية فتره غير قصيرة لكنه سرعان ما اكمل دراسته ونال اجازه في الفلسفه وانصرف الى التعليم. التقى بلطيفة شمعون وكانت تدرس الحقوق فتزوجا في العام 1959. في ذلك الوقت التقى بمنير ابو دبس في مقهى في منطقه البرج. اتفق الرجلان على التعاون في مسرحية ماكبث التي عرضت على التلفزيون واعد ملتقى النص وادى دور ماكبث وتولى ابو دبس الاخراج وكره السبحة. بقيت طمحهما تحريك عجلة المسرح. في موازاة ذلك طلب الاخوان رحباني من منير ابو دبس العمل معهما كمستشار مسرحي هذا ما حصل لفتره معينة. لكن نقطة التحول كانت عندما تعرف ابو دبس الى سلوى السعيد وسعاد نجار اللتين كانتا تشرفان على مهرجانات بعلبك. فسالتاه ماذا تريد كي تبقى في لبنان؟ فاجاب بانه يريد انشاء مدرسة وابلغهما انه يتعاون مع صديقه انطوان ملتقى. وهكذا قدمالهما مركزا للعمل في اخر خط المنارة شارع بلس. وانصرفا الى العمل في المحترف وتولياه تدريب عشرات الممثلين الذين اصبحوا بدورهم معلمين في المسرح لكل منهم رؤياه الخاصة. لكن الخلاف وقع بين ابو دبس وملتقى حول رؤية المسرحية فقرراه الانفصال في العام 1961. بعد خمسة اعوام كان فؤاد افرام البستاني رئيسا للجامعة اللبنانية فطلب من ملتقى اقامة معهد لتعليم المسرح. مرت الايام الى ان تلقى ملتقى اتصالا من البستاني يبلغه صدور مرسوم بانشاء معهد الفنون الجميلة وفيه قسم للمسرح وعينه رئيسا لقسم المسرح وبقي في هذا المنصب حتى العام 1983 ثم عاد الى رئاسته من 1984 حتى 1999. الى براعته في اداء ابرز ادوار ابطال المسرحيات الشكسبيرية اطل ملتقى في مسلسلات تلفزيونية لا تزال في الذاكرة مثل دور القاضي في 10 هون عبيد صغار.
خلال الحرب كان ملتقى من اكثر المحبطين اذ راى ان كل ما بناه وعمل لاجله ينهار، المسرح الاختباري، مسرح مرور النقاش، انقسام الجامعة اللبنانية بما فيها قسم المسرح والتمثيل الذي كان يرعاه منذ اوائل الستينيات، اضافة الى انهيار مسارح المدينة في شكل عام والحركه هنا المسرحية التي كانت انتظمت في مسيرتها واندفاعها وتنوع انتاجها. في ذروة تدهور الاوضاع الامنية انتقل ملتقى الى فرنسا لان ولديه جيلبرت وزاد كان يعيشان هناك. امضه ملتقى فترة في فرنسا لكنه سرعان ما قرر العودة لاثبات حضوره واستمراريته ملبيا طلب مطرانية بيروت المارونية في زمن المطران اغناطيوس زيادة الذي طلب من انطوان وضع مخطط تنظيمي لمسرح يقام في مكان تحت كنيسة تابعة للموكرانية في منطقة الجميزة فكان مسرح مارون نقاش الذي صممه ملتقى في شكل حديث قابل للتحول الى اشكال عدة من مسرح على النمط الايطالي الى مسرح على النمط الاليزابيثي حيث يمكن وضع الخشبة في الوسط والمشاهدون يحوطونها من الجهات الاربع. اما المقاعد فكانت متحركة تستدير حول نفسها لتسهل على المشاهد متابعة العروض تحت اي شكل كانت. على خشبته اخرج ملتقى عمل درنمات الشهير زيارة السيدة العجوز في العام 1987. فجاء العمل كانه استعادة لاسلوبه السابق في المسرح الاختباري. فتح الخشبة من جهاتها الثلاث واستعمل ديكورا رمزيا متقشفا تاركا مساحة اكبر للايحاء والتخيل من المشاهدين. وحاول في ادارة ممثليه ان يصل الى درجه هو من الاتقان والصدق كما كان يامل وكما يطمح دائما في اعماله. في العام 1993 توقف المسرح وتحول مشغلا للخياطة بامر من المطران خليل ابي نادر. فاصيب ملتقى بخيبة امل كبيرة. رجل مسرحي عظيم ممثل شكسبيري ممتاز يجمع المسرحيون على انه اهم ممثل لادوار شكسبير بالعربية. امنه بالمسرح وحمل التمثيل معنى فلسفيا ورسالة انسانية. عصامي بنى نفسه مسرحيا علم ونظم وطور عبره حلقة المسرح اللبناني وقسم المسرح في الجامعة اللبنانية.

انطوان نجم: منذ السبعينيات خاض غمار المسرح من الباب الواسع وكي لا يحصر نفسه في مجال واحد قدم اعمالا تنتمي الى المسرح الطويل والف الشانسونيه وخاض غمار مسرح الطفل. كان يجد نفسه اكثر في المسرح الطويل. لان المشاهد لا تفوته كلمة بخلاف الشانسونيه علما انه نجح في النوع الثاني ولقيت مسرحيه شوف وطنش نجاحا واسعا اضافة الى مسرحية الاطفال والي بالوكاله. اعترف نجم بانه لم ينل حقه ورغم انه قدم عشرات المسرحيات واعمالا اذاعية والتلفزيونية عديدة والسبب انه لم ينجح في الترويج لاعماله. تلك كانت الحال مع 23 عملا قدمها قبل ان يرحل باكرا.

آلان بليسون: هو من اصل فرنسي ولد في العام 1929 في مدينة حلب تلقى علومه في لبنان واستقر فيه. بدا نشاطه المسرحي كممثل في مسرحيات عدة ادارتها شخصيات قوية في مقدمتها لكن هذا النشاط بقي في اطار الهواية والجمعيات الخيرية حتى الستينيات حيث انتسب بليسون الى تجمع المركز الجامعي للدراسات المسرحية في اطار المدرسة العليا للاداب. شارك في كثير من الاعمال ولعب دور ارلاكان الى جانب روجيه عساف في مسرحية ارلاكان خادم السيدين من اخراج ان ماري ديهاي. انتقل الى الاحتراف مع مسرحية بيكيت من تاليف جان انوي واخراج هايغ خندجيان على مسرح كازينو لبنان ولعب في ثلاث مسرحيات لغبريال بستاني هي سمك القرش واجازة فلبين من اخراج روجيه عساف وفي ذكرى علاء الدين من اخراج ادواردو مانيه وهم او الاستيلاء على السلطه التي اخرجها انطوان ملتقى. بقي بليسون ممثلا حتى السبعينيات قبل ان ينتقل الى الاخراج عبر مسرحيه الدون جوان الاخر من تاليف ادواردو مانيه. استغل قدراته المسرحية في الالقاء فقدم عرضا مشهديا لشعر ساميه توتنجي في دار الفن والادب في العام 1981 وقراءات من شعر فؤاد غبريال نفاع في العام 1972. في معهد غوته الالماني قدم قراءة من حزيران والكافرات بالتعاون مع نضال الاشقر وهي قصيدة طويلة متعددة الاصوات للشاعرة ناديه تويني كتبتها متاثرة بهزيمة حزيران 1967.

إيلي لحود: اقامت محترفات وتوقفت وفتحت مسارح ابوابها واقفلتها. وايلي لحود لا يزال ثابتا في التوجه الذي اختاره في العام 1980 يوم عاد الى لبنان حاملا دكتوراه في الاخراج المسرحي من الصوربون. انشا محترف عمشيه المسرحي الذي لا يزال قائما منذ ذلك التاريخ رغم الظروف الصعبه التي اعترضته. لم يرده مدرسة بل خط عمل، اسسه في وقت كان الاهتمام الوحيد للشباب الانخراط في الة الحرب. فقرر منحهم فرصة مختلفة وتوفير مشقة الانتقال الى بيروت على هواة التخصص بالفن المسرحي مع ما في ذلك من اعباء مالية واخطار. فتح ابواب محترفه للجميع للعامل والمزارع والميكانيكي كما للطالب والموظف وصاحب المهنة الحرة. الاعتبار الوحيد لديه كان الموهبة لا شهادة التي يحملها المنتسب. اما الاعداد الذي يتلقونه تطبيقيا فهو نفسه الذي يتلقاه طلابه في معهد الفنون حيث يدرس مادة التمارين التمثيلية. رؤيته المسرحية تقوم على المسرح الشامل الذي يهتم بكل عناصر المسرح ويعتبر ان الصمت مفردة مسرحية كالكلمة. الصمت التعبيري طبعا لان الصمت الذي لا يعبر يعني الموت والكلمه التي لا يقولها الجسد تصبح من دون قيمة في هذا المفهوم. اما جسد الممثل فجسر عبور الى المشاهد تنتقل عبره الكلمه الى هدفها ولكنه في الوقت نفسه وقود يتخلى عن مظهره الخاص ليلبس الشكل الفني المطلوب في هذا المعنى يصبح الممثل الالة الموسيقية والعازف في ان واحد وعلاقته بالجمهور تقوم على الوعي المستمر له كحضور متفاعل اما الايماء فهو من اهم اساليب التحضير في هذا المحترف فلا يدرس كفن مستقل بل لبلورة مفهوم الصمت والسعي الى التخلي عن الكلمة فعندما يمتنع الانسان عن التعبير بالكلمة يصبح جسده كله تعبيرا. لحود تولى رئاسة قسم التمثيل في معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية في الفرع الثاني.

إيفان كركلا: اسم كركلا العريق اصبح مرادفا لمؤسسة فنيه ضخمة وفي قمة هرم هذه المؤسسة يقف ايفان كركلا طارحا نفسه كمتداد اساسي لابيه هكذا تولى اخراج اعمال عدة اهمها اليسار ملكة قرطاج والاندلس الحلم الضائع تلتها بليلة قمر و1000 ليلة وليلة. ورغم تخصص ايفان في الاخراج في لندن تاثر بوالده الذي كان يحرص على اصطحابه الى المسرح عندما يزور البلد كل صيف ولعل هذا التواصل الموسمى كان كافيا ليقرر السير في هذا الحقل. يتميز ايفان في المامه في شتى الفنون من رقص الى موسيقى الى رسم الى تمثيل وعمله في الفرقة يندرج في هذا الاطار. لقد ادخل المسرح الاوروبي المعاصر الى الفرقة ومزاجه باسلوب كركلا الشرقي وهذا التطور مهم.