رامي عطالله، ملك جمال لبنان

في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى الأستاذ رامي عطالله، ملك جمال لبنان سابقًا
ولد في المريجة، في قضاء بعبدا، في بيئة زخرت بقيمها، نَهَلَ من موردِها. فطبعت تلك القيم شخصيته وتأطرت في أطرها خياراته.
هيمن سلام تلك المنطقة على حياته، فمنحته فرصة التأمل والتفكير العميق بما يجري على عموم الجغرافيا اللبنانية من حرب دمّرتها وأحداث مؤلمة تفاقمت قتلاً ودمارًا وتهجيرًا وظلمًا وانتهاكًا للحقوق.
لم تكن المرجية، محطة عابرة، أو مجرد مسقط رأس ومرتع طفولة، بل كانت ملهمته الأولى في حياته، منها استوحى روح العزة الوطنية، وتمرّس على الإلتزام الرعوي من خلال الخدمة الروحية في كنيسة الرعية.
نشأ في أحضان طبيعة نحتت في داخله حب الجمال، وأمضى فتوته على مشارف بيروت مواكبًا كل التحولات الاجتماعية والثقافية والسياسية والقومية التي مرّت بها العاصمة في مرحلة ما بعد الحرب.
مشهدية ترسخت في وجدانه وحرّكت لديه نوعًا من تمرد صامت، سرعان ما ترجمه بقرار إرادي والتزام نهائي.
توزّعت مرحلة شبابه بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية.
محطات في حياته، بلورت نظرته الإنسانية، وأنارت الدرب أمام فكره المتحرر.
موديل لبناني عالمي، تمرّس على النجومية تحت أضواء هوليوودية. كان يعمل موديل في الخارج مع عدد من شركات عرض الأزياء ومصمميها وكبرى دور الموضى في أميركا. تألّق في مهرجان مستر موديل في الولايات المتحدة، وفي مهرجان مستر غراند يونيفرس في بلغاريا حيث مثّل لبنان، فحقق حضورًا متميّزًا، ولامست شهرته حدود العالمية، قبل أن تعود وتتفتح براعمها تحت جذوع الأرز.
عاد إلى بلده الأم ليشارك في مباراة الجمال في السنة 2018، ويفوز بلقب الملك وهو الثالث بين ألقاب حصدها في مسيرته، إلا أنه الأحب إلى قلبه. فهي نقطة تحول في حياته ولحظة القَبْلِ والبَعْد، إحتل بعدها موقعه في قلوب الشباب وصار ملهمًا للكثيرين منهم.
نجاح ضاعف من ثقته بنفسه وخبرته.
أما رسالته الإنسانية التي تبناها في سنته الملكية، فكرّسها لخدمة الأطفال المصابين بالسرطان. فتعاون على هذا الصعيد مع جمعية "كيدز فورست" ورافق الجمعيات والمؤسسات الإنسانية لا سيما تلك التي تعنى بأطفال التوحّد والمدمنين وضحايا حوادث السير. كذلك دعم نشاطات جمعية الحياة الخيرية الإجتماعية، وساهم في الإضاءة على الوجه الثقافي لمدينة صور، والوجه السياحي لطرابلس، وفي إحياء المناسبات الروحية والوطنية على تنوعها.
بعد فوزه بلقب ملك الجمال، يتحضّر لتمثيل لبنان في حفل انتخاب ملك جمال العالم.
بدأ يشق طريقه إلى نجومية من لون مختلف، إلى عالم التمثيل، الذي دخله واحتل فيه موقعًا يؤشر إلى مستقبل زاهر...
شارك إلى جانب المغنية العالمية لوميز Loomis في فيديوكليب أغنيتها التي تحمل عنوان بعنوان “I just can’t”، حيث جسّد فيه دور محام يدافع عن لوميز بعد دخولها السجن.
تم تصوير هذا الفيديوكليب في هوليوود. وكانت تجربته الثانية في عالم الفيديوكليبات، حيث سبق أن اختير لبطولة فيديو كليب أغنية "طيارة" إلى جانب الفنانة الجزائرية كاميليا ورد، تحت إدارة المخرج فادي حداد.
كذلك بدأ مسيرته في التمثيل الدرامي، وكانت إطلالته الأولى في فيلم "ساعة ونص وخمسه"، أما الثانية ففي مسلسل "الكاتب".
يحب الكاميرا والكاميرا تحبه. له خبرة طويلة في التعاطي معها، ويطمح إلى عالم تقديم البرامج. والتلفزيون يبقى منبرًا لحوار مباشر مع ملايين البشر. هو يحب مثل هذا الحوار الحي والذي لا مجال أن يتحول إلى مخاصمة.
يدرس خطواته خطوة خطوة ويسعى بجهد كي لا يخوض تجربة أيًا كان حجمها ويفشل.
كذلك أخذت الرياضة حيّزًا وافرًا من اهتماماته. وتَبَحَّرَ في الثقافة وامتلك مقدرة ملفتة على التحليل ووضوحًا في التفكير والتعبير والإقناع.
أما البيئة فتحتل صدارة اهتماماته وهو ينشط في دعم كل برنامج يعيد إلى لبنان عافيته.
وكانت رمزية اهتمامه بالبيئة قد تجلّت بتبنيه أرزة تحمل اسمه يتولى رعايتها بالتنسيق مع رئيس بلدية الباروك وإدارة محمية الأرز هناك.
هو طموح، مثابر، سكب على الساحة اللبنانية حضورًا متألقًا ونضجًا ملحوظًا عكس توازنًا في الفكر الحر والرجولة.
شخص عفوي، متواضع، لم يغيره اللقب. يجسّد بتواضعه مرحلة الترقي في مسيرة الجمال اللبناني. وذاك التمرد على جمود النجومية اللبنانية وبداية ثورة ذات أبعاد دولية. لقد نجح في إطلاق حركة تقاطع زاوجت بين الغرب والشرق. وهو رائد في هذا المجال، من قلة نجحوا في تطعيم الروحية الشرقية بالنمط الغربي، متحدّين جدار الكلاسيكية والأفق المحدود ومفتتحين عصرًا جديدًا تقود الشابَ اللبناني روحٌ نحو العالمية.
بدأ اسمه يأخذ مكانته في عالم النجومية بعد أن فاز بلقب ملك جمال لبنان ومثل بلادنا في المباراة الدولية.
في قوة شخصيته دفء، وعلى يده، نطقت الرجولة بأبجدية الجمال، الذي خرج معه من وضعية الموهبة إلى موضوعية المقدرة، فصار ممزوجًا بالعلم والتقنية، مصقولاً بالخبرة وسعة الإطلاع وعمق المعرفة. فاجتمعت في محيّاه النشوة مع الخيال، وبدت تلاوين الرومنسية خارج كل المقاييس والأطر المألوفة.
تخطت مسابقات الجمال معه حدود الإحتفال الدوري التقليدي، وخرجت من يرقانة الفن المدبلج، وصارت شريكة في نسج جاذبية خاصة لشرق أوسطي معاصر.
تجربة رائدة وإشكالية متميزة، كان رامي عطالله أول من جسدها في مسابقة الجمال. معه غاصت هذه المسابقات في فلسفةٍ ما دون الحمراء، في العمق السحري حيث تحولت توازنًا طبيعيًا في مشهدية متماسكة الأبعاد والتفاصيل.
(إعداد: أنطوان فضّول)