أبجدية إنسانية جديدة من لبنان إلى العالم.
بقلم أنطوان فضّول، أمين عام المنتدى الرقمي اللبناني.
لبنان الغد لا يولد من فراغ، بل من مرتكزٍ وتطلّعٍ وديناميّة حيث تلتقي الروح بالواقع، والعقل بالزمن، والإنسان بمصيره المشترك.
أما المرتكز فذاك الجذر العميق الذي يشدّ لبنان إلى عصب الأرض ونبض الشعوب، إلى هموم الإنسان الكبرى التي تتخطى كل الحدود والأعراق، إلى قضايا المرض والجوع والفقر والبطالة والعدالة والسلام.
لبنان الرسالة، عليه أن يعيد اكتشاف موقعه بين الأمم ويفعّل إنتماءه إلى جوهر الإنسانية لا إلى تقلبات الجغرافيا السياسيّة أو صخب التحوّلات الظرفية الضيّقة.
أما التطلّع، فهو روح لبنان المستقبل، تلك الروح التي يجب أن تتنفس من ثقافة العصر ومن تواصل الجماعة البشرية جمعاء.
في زمن يختصر المسافات ويشدّ العقول إلى لحظة واحدة، على لبنان أن يخلع عنه شرنقته الضيقة، كي يطلّ إلى عوالمنا من نوافذ الفكر والعلم والإبداع، وأن يجعل من حضوره الثقافي جسراً بين الشرق والغرب، بين التراث والمستقبل، بين الأصالة والتجديد.
وأما الديناميّة، فهي حركة التحوّل التي تفتح الأبواب على الآفاق الرقمية الجديدة، حيث تتخطى البشرية حدود العولمة نحو أبعاد أكثر عمقًا.
فتصبح الرقميّة لغة وجود، والمعرفة سلطة أخلاق، والمسؤولية الكونية التزامًا يتشارك فيه الجميع.
في هذا السياق، تستحيل هموم الإنسان الأولى من هواجس الجوع والفقر والبيئة والعائلة والصحة وتكافؤ الفرص، أبجديةً إنسانية جديدة تعيد صياغة العلاقة بين الفرد والمجتمع، بين العلم والضمير، بين السلطة والعدالة.
لبنان الغد مدعوّ كي يكون مركز تفاعلٍ بين هذه الأبعاد الثلاثة: أن يرسّخ مرتكزه في عمق إنسانيته، وأن يرفع تطلّعه إلى مستوى كوني، وأن يدير ديناميّته بعقل رقميّ مستنير.
هكذا فقط يمكنه أن يخرج من أزماته المزمنة إلى فضاء دوره الحقيقي — رسالة وطنٍ صغيرٍ بمسؤولية كبرى، في عالمٍ يصنع غده بعقول وضمائر متّحدة.
وعلى غرار الأبجدية الفينيقية الضاربة في التاريخ والمؤسسة لحوارات الشعوب، هكذا تولد اليوم أبجدية إنسانية جديدة من رحم الأرض اللبنانية، يطلقها المنتدى الرقمي اللبناني.