إدغار رنّو
في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى المهندس إدغار رنّو
رائد في الهندسة الداخلية.
ثلاثة عناوين تختصر مسيرة المهندس إدغار رنّو: غوص في محيط الهندسة الداخلية والديكور بوجهها الإبداعي، تجوال في دنيا العطاء الوطني السخي، حضور حيوي في مسقط رأسه ومحيطه الجغرافي.
ولد في الثالث من تموز 1964، في دير القمر. يحمل الجنسيتين اللبنانية والكندية.
والده البروفسور أسعد رنو، أحد كبار الفنانين التشكيليين اللبنانيين وآخر الكلاسيكيين العمالقة. والدته منى فؤاد شرتوني، الأم المتفانية، الحاضنة للعائلة، والداعمة لزوجها وأولادها ورفيقتهم في مسيرتهم نحو العالمية.
تزوج السنة 2008 من ريتا صقر المتخصصة في الشؤون الحقوقية، كما في شؤون هندسة الحدائق، ولهما ابن، أندرو.
نشأ مع أشقائه الثلاثة الأكبر سنًا المهندس المرحوم ريشار رنو والفنان الشهير المهندس برنار رنو والقنصل العام لدولة لاتفيا في لبنان جيرار رنو، في جو من التوهّج الفني والتقاطع الثقافي العلمي، وفي كنف عائلة صارت عنوانًا للنهضة في لبنان، في زمن الحرب وارتحال القيم.
توزّع تحصيله الجامعي بين لبنان وكندا. حيث تلقى، بداية، علومه في المدرسة الأنطونية في بعبدا وتخصص في الهندسة الداخلية في أكاديمية مايكل أنجلو للفنون الجميلة.
بعد اندلاع الحرب، غادر، في العام 1989، إلى كندا حيث تخصص في الهندسة الميكانيكية.
في العام 1995، عاد إلى لبنان وطنه الأم واستقرّ فيه، ودخل عالم الهندسة الداخلية، فنشط في هذا الحقل لسنوات إمتلك على هامشها خبرة مزمنة ومتشعبة، ترجمها في تأسيس ثلاث شركات وهي:
شركة Designer للتصميم الداخلي والتعاقد، تأسست العام 2008 في السوديكو – الأشرفية، تضم مهنيين من ذوي المهارات العالية في الهندسة الداخلية وهندسة الحدائق وعلوم تصاميم البناء.
وفي السنة 2014، أسس مع عقيلته ريتا صقر، في منطقة برمانا – جبل لبنان، شركة Vivero، المتخصصة في أعمال التشجير وهندسة الحدائق.
كما أسس، السنة 2015 الشركة Designer للهندسة والآفاق الحديثة، في العاصمة عمان في الأردن، فكانت أيضًا رائدة في مجال الهندسة الداخلية.
أعماله في المملكة الهاشمية الأردنية، ومختلف الدول العربية، جعلته مهندسًا لبنانيًا ذا أفق عربي وثقافة أكثر شمولية، وأكسبته خبرة اضافية خصوصًا على مستوى المشاريع الكبرى. لمساته ما زالت ناطقة بوضوح في العديد من المشاريع الضخمة والقصور والفيلات والحدائق العامة والخاصة.
كثيرة هي المحطات التي يجدر بنا التوقف عندها في مسيرة المهندس إدغار رنو. فهو لم يرض البقاء على هامش الحياة، بل أخذ المبادرات وشارك في صنع قرارات أسست لحالة تنموية كانت بطاقة عبور مجتمعه إلى القرن الحادي والعشرين ومواكبته العصر وروحيته.
انتخب لدورتين 2004 و 2010، عضوًا في المجلس البلدي لبلدته المحبوبة دير القمر، وهي البلدية الأولى في تاريخ لبنان. كما اختير عضوًا في مهرجانات صيفيات دير القمر لمدة 12 سنة، ناهيك عن عضويته في مؤسسة كميل شمعون للأعمال الخيرية وهي جمعية هدفها مساعدة المحتاجين وتطوير المجتمع اللبناني.
لم يتوان يومًا عن تقديم كل ما تيسر من أفكار هندسية وإنمائية حرصًا على دير القمر وتاريخها وتراثها المعماري المتميّز، وخدمة لتنميتها وتطوير السياحة فيها وتفعيل الحياة ودورة الإقتصاد في مختلف قطاعاتها.
مدعومًا من والدته وشقيقيه، ينشط في الحفاظ على إرث والده البروفسور أسعد رنو الفني، حيث يعمل على تحويل قصره المتربع فوق أجمل تلة في دير القمر، إلى متحف ثقافي وفني وتراثي، يحتضن أبرز ما تركه الوالد الفنان من لوحات وجداريات وأوسمة وصور ومذكرات وأرشيف من كتب ومجلات وذكريات.
إدغار رنو في ترحال دائم يجوب الدول ويحتك بمختلف الحضارات الغربية والشرقية، يتعرّف على خصوصياتها، يعاين ما يميزها من جمالية فينقل مشاهداته إلى بلاده عاملاً في سبيل الإسهام في دفع المجتمع اللبناني إلى النهوض ومواكبة العصر والتطور والمدنية الحديثة.
الهندسة لا تلتقي مع الدمار والخراب فهي نقيضهما وهي علامة أفولهما. أما إذا نشطت فتتخطى طبيعتها العلمية البحتة لتصبح نوعًا من أنواع المقاومة وعنوانًا من عناوين الصمود وهو ما أتقنهما المهندس إدغار رنّو في حركته الهندسية الداخلية، بعد أن حصد النجاح، حيث تعكس أعماله قدرة يمتلكها في تطويع معالم الحضارة الدولية مع الذوق اللبناني الأصيل.
تكمن عالميته في تلك القدرة الاستثنائية على توحيد روح العصر بخصوصية التراث والإرث الثقافي الدولي. فالمشهد الهندسي يخرج من صومعته مصقولاً بفكر متنور ثائر على محدودية الزمن. وتظهر عبقريته بشكل خاص في تقاطع الأنماط الهندسية مع تلاوين الحضارة وآفاق العصر والحداثة.
الواضح في أعماله بشكل خاص ذاك الانسجام المتكامل في كل تفاصيل المبنى ومكوناته.
كما يظهر جليًا التنظيم في تفاصيل التفاعل داخل المكان والأبعاد الهندسية بملئها، حيث تتفاعل بدفء مع الجمال البصري والسمعي واللمسي وتتعانق في بوتقة الفنون الجميلة والأشكال الهندسية المتقاطعة.
تصاميم تحاكي الإعجاز بإبداعاتها. صروح أدخلتها لمساته عالم الرقي.
إمتاز بدقة التصاميم وروعة المشهدية الداخلية وبالقدرة الإعجازية على ترجمة الفخامة والروعة والذوق الرفيع، في إطار هندسة تكاملت أجزاؤها وتناغمت.
عراقة وجودة، إنها باختصار عناوين يحويها نشاط إدغار رنو اليومي.
حين نستلهم الكمال تقليدًا في الديكور، نكون قد دخلنا أفق نشاط هذا المهندس المتميز والرائد، فهو صاحب شخصية مبدعة وكريمة، لم تعط لبنان إلاّ روح الفن والجمال...
(إعداد: أنطوان فضّول)