في إطار برنامج "أعلام من بلاد الأرز"، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى الشاعر أنطوان وديع سعادة
شاعر ورئيس بلدية دير دوريت، إحدى بلدات الشوف النابضة بالحياة، وقد نهضت من تحت ركام الحرب واتخذت قرارها بتبني نهج الحياة والعيش المشترك والإيمان بلبنان.
ولد في السنة 1948، في دير دوريت – الشوف. تلقى علومه في المدرسة الرسمية في قريته وتابعها في مدرسة الصنائع، وحصل على دبلوم في العلوم الإلكتروميكانيكية.
عمل في وزارة الإتصالات وتنقّل في مراكز عديدة إلى تولّيه موقع مدير التفتيش في هيئة أوجيرو.
في عالم الشعر، هو شاعر زجلي، يترأس اليوم جوقة المسرح. بدأ رحلته المنبرية باكرًا، وعاش نصف قرن من العطاء الشعري الخمري المتواصل وما زال ينضح فكرًا عميقًا صافيًا وصورًا ربيعية وخيالاً خلاقًا ونفسًا إنسانيًا، وصوتًا ذا بحة خاصة.
أسس بداية جوقة المسرح في السنة 1973، مع الشعراء عادل خدّاج والياس أبو راشد وأحمد جمّول. نال لقب شاعر الشوف الأول في مباراة نظّمها نادي عين وزين في السنة 1970.
إنتسب إلى جوقة زغلول الدامور إلى جانب الشعراء جوزف الهاشم، وزين شعيب، والياس خليل في السنة 1977. وفي 1979، اتصل به الشاعر طليع حمدان فانضم إلى جوقة لبنان الجديد إلى جانب الشعراء حمدان وخليل شحرور ونزيه صعب.
في السنة 1985، أعاد جوقة المسرح وكان برفقته الشعراء الياس أبو راشد وسمير عبد النور وداني صفير. وفي السنة 1986، إنضم الشاعر الياس خليل إلى جوقته.
في السنة 1988، إنضم إلى جوقة الشاعر موسى زغيب مع إدوار حرب والياس خليل. وفي السنة 1992، ترك جوقة القلعة وعاد إلى جوقة المسرح إلى اليوم.
تبارى مع الشعراء زغلول الدامور، أسعد سعيد، حنا موسى، خليل شحرور، مروان كسّاب، أحمد السيّد، محمود أبو اسماعيل، عادل خدّاج، وسواهم...
أقام ما يقارب 1500 حفلة وأمسية في مختلف المناطق اللبنانية وقام بجولات اغترابية برفقة الشعراء طليع حمدان وموسى زغيب وأسعد سعيد وأحمد السيّد وجرجس البستاني والياس خليل وعادل خدّاج وعلي فرّوخ ومحمود أبو اسماعيل وبسّام حرب.
حائز دروعًا وشهادات وجوائز عدّة من مؤسسات ثقافية وتربوية واجتماعية.
له ثلاثة دواوين "نَقْدَة عصفور" و"سعيد عقل بين أنطوان سعادة والياس خليل" و"قطف من زهر".
أسلوبه متين السبك غزير التعبير، بليغ التكاوين، وفي بضع كلمات يرسم أكبر المعاني.
تناول في قصائده سواعد الفلاحين والأرض والطواحين والقرميد والورود والعصافير والمرأة والبيادر والالبسة التراثية. أنشد العتابا والميجانا والشروقي وأبدع.
يرتدي شعره عباءة وطنية اصيلة ويتسربل بوشاح العنفوان والكرامة والعزة.
أغنى الزجل اللبناني بقصائده وأشعاره، وهو طليعي من حيث مساهماته في تطوير هذا الفن الشعري شكلاً ومضمونًا بعد ان حافظ على تراثه وتاريخه وأصالته. وقد لمع بشكل لافت على منابر مسارح الارتجال حتى صار عنوانًا للزجل اللبناني، أميرًا له، يحمل لواء إحيائه منذ عقود، يُحيي خلاياه، فينعشها بنَفَسِهِ الشعري المبدع ويُطَعِّمُها بروح العصر وديناميته وثقافته ونبضه.
له فضل كبير في إنقاذه من إعصار الحرب وبراكينها وفي حمايته من غدرات الزمان وعثراته وإعادة نسج زاويته في ذاكرة الوطن ووجدان الشعب.
أنشد كل ما في لبنان من جماليات وحوّلها جواهر من كلمات وأحرف، رصّع بها الكتب والمجلات والجرائد والأصداء والآفاق والأمسيات.
إلى البساطة في التعبير والوفرة في الصور والتنوع في التشابيه، تتسربل أفكاره بالعمق الفلسفي والنضج الحياتي والخلقية المترفعة.
إلى إتقانه بالشعر وتألّقه فيه، برز أيضًا في حضوره الوطني وعطاءاته في مجتمعه وقد توّجها بانتخابه رئيسًا لبلدية دير دوريت.
حين تاقت البلدة لوحدة عائلاتها وتعاون جميع الفئات فيها، إستقر الرأي على أن يتولى رئاسة بلديتها وجهٌ يجمع إلى الحكمة والصيت الحسن والمقدرة الإدارية، محبةَ الجميع والالتفافَ حوله والتعاونَ معه. فإذا بالخيار يقع على الشاعر أنطوان سعادة، فانتخب رئيسًا لبلدية دير دوريت في العام 2016. وإذا بمسيرة إعادة البلدة إلى موقعها التقليدي على خريطة السياحة الشوفية تنطلق.
لافت هذا التعاون المتين بين رئيس البلدية ومجلسها واللجان المنبثقة عنها وعموم أهلها، وهو يزداد رسوخًا يومًا بعد يوم. فالإنسجام بين أعضاء المجلس البلدي يثمر نهضة غير مسبوقة في تاريخ البلدة. لقد قام المجلس البلدي برئاسته وبالتضامن معه بإنجازات غيّرت معالم البلدة العريقة وزادت في جاذبيتها.
قبل انطلاقة ولاية المجلس البلدي، كانت البلدية في حالة ركود وشلل بفعل ما مرّ عليها من نكبات وعثرات وظروف صعبة...
إشكاليةٌ، عقد العزم على معالجتها معالجة جذرية، وقد نجح في نهاية المطاف في مسعاه. فإذا بالبلدية تستعيد عافيتها ورونقها ودورها. وإذا بحركة النمو تنشط من جديد لتبشر بمستقبل واعد، سرعان ما بدأت تلوح تلاوينه في الأفق.
تشهد البلدة حاليا تحولاً جذريًا على كافة الأصعدة وبخاصة في بنيتها التحتية، وطرقها، وأقنيتها، وأدراجها مع سعيه لترقيم أحيائها، ومدّ شبكات الصرف الصحي والإنارة على مدار ساعات اليوم، ونظم الري واستجراره من مصدر المياه إلى حقول المزارعين. كما أنجز بناء مركز حديث للبلدية. وفي الرياضة أنهى تشييد ملعب لكرة السلة.
من حيث النهضة البيئية، حرص على حماية المساحة الخضراء وتوسيعها ومكافحة كل أشكال التلوث والإعتداءات على الطبيعة. تعيش البيئة في عهده عرسًا ربيعيًا. فأزهرت النظافة في كل شبر من ربوعها وتحولت ديردوريت مقصدًا لكل من يبحث عن واحة هدوء وهواء نقي. فعادت سياحيًا إلى موقعها التقليدي.
خلال مدّة قصيرة، أحيى المهرجانات الفنية، وأنعش السياحة. وزيّن الأحياء والشارع العام لمناسبة الأعياد. وطاولت برامجه اجتماعيًا مختلف فئات المجتمع ولامست كل الحاجات بما فيها الصحية والإنسانية.
في جعبة رئيس البلدية مشاريع جمّة ينوي تحقيقها، ساعياً من خلالها الى جعل بلدته ساحة وفاق ووئام، يرتع أبناؤها وسكانها في بحبوحة العيش والهناء والسعادة، واستتباب الأمن.
وتبقى كلمة حق تقال فيه كإنسان مرهف الاحساس، متفان في سبيل ابناء بلدته ووطنه، متسامح الى اقصى الحدود لكنه لا يتراجع عن الحق، كريم، لا يرد سائلاُ أو طالب حاجة، ويدافع عن المظلومين.
ويبقى تواضعه الذي لا يسمح له بالكشف عن كل ما يقوم به من عطاء وهبات ومساعدات وتضحيات، ميزة تضاف إلى مزايا هذا المسؤول النبيل المقدام، المليء بالحيوية والطموح.
جولة في أحياء ديردوريت واستطلاع لآراء أبنائها، فنلتقى جوابًا واحدًا "نعم! إنّه الريّس وهو يستحق".
ساهم وجوده في المجلس البلدي في ترسيخ الوحدة في صفوف عائلات البلدة وبلدات الجواروتنمية قطاعاتها وتطوير بناها التحتية وتفعيل حضورها الثقافي والفني والرياضي. وتنشيطها بيئيًا وصحيًا واجتماعيًا بعد تطوير الإدارة البلدية ورسم استراتيجيات وبرامج تعيد الحياة إلى مكوناتها وتدخل العصرنة في حركتها.
حضوره في الشأن العام ونسجه علاقة احترام مع كل الفرقاء واقعان تجليا خدمة للناس بما لديه من إمكانيات إنسانية أكسبته ثقة مجتمعه ومحبة عارفيه.
يكاد يحصد الشاعر أنطوان سعادة رضى جميع الأهالي من كبيرهم إلى صغيرهم. يحبونه لأنه ناجح ومتزن ومبدع وحكيم ولأنه قريب من الجميع ولأنه أيضًا يعرف أين تكمن العلل ويعرف كيف يعالجها ويمحو آثارها.
"حقًا، هو يستحق"!
(إعداد: أنطوان فضّول)