بإشارة من قنصل لبنان في فانكوفر - كندا، الدكتور نك قهوجي، تحية شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى الفنان اللبناني العالمي كريم حوراني المقيم في فانكوفر، مقاطعة بريتش كولومبيا.
فنان لبناني يتألق في دنيا الإغتراب حضورًا وألمعية وإبداعًا. ولد في السنة 1987، قبل أن تطوي الحرب في لبنان ستائرها بسنتين. تقاطعت الفنون، في أسرته، مع الصناعة التقليدية التراثية، فوُلدَ تَميُّزَهُ من عصارة هذا التزاوج الفريد. والده وجدّه حرفيان بارعان أتقنا صناعة الجلود وإصلاح الأحذية والحقائب الجلدية. أما اخواله فعازفون على العود. كذلك والدته امتلكت صوتًا بلوريًا صقلته طربًا على يد جدّه، والدها، عازف العود والمطرب في الإذاعة اللبنانية، الفنان اللبناني محمد كريم الذي تألق في الستينيات والسبعينيات، في زمن كانت تنعت بيروت بسويسرا الشرق وكانت نافذة على الحرية ولؤلؤة الحضارة على جبين عالمنا العربي وعلى كتف البحر الأبيض المتوسط. نهل كريم حوراني من هذين المنهلين موهبة وخبرة، وأمضى فتوته في بيروت في مرحلة نهوضها من كبوتها واستعادتها عبق الحياة وعطر الإنماء بعد سنوات من التدمير والتحارب والعداء. بعد الإنتهاء من مرحلته المدرسية، إنطلق في مسيرته الجامعية وتمكن من دراسة أكثر من اختصاص، بدءً بإدارة الأعمال، مرورًا بعلم الآثار. وفي الوقت عينه، كان يتمرس على العزف على العود. حملته أمواج طموحه وهو في الخامسة والعشرين من عمره، إلى الإنتقال من لبنان إلى كندا والإقامة في فانكوفر حيث استقر وشريكته ساره، العازفة على الجيتار والموسيقى الكلاسيكية. هناك تمرّس على صناعة الآلات الموسيقية وصيانتها وترميمها لاسيما والكمنجة و الجيتار و العود وسواهما...
بدأ عمله في المرحلة الأولى في محلّة إقامته قبل أن يفتتح محترفًا أوسع في السنة 2018 في نيو وستمنستر. إلى غوصه في محيط العلم التكنولوجي والمعرفة الثقافية، إحتلت الموسيقى حيزًا وافرًا من نشاطه اليومي، فتمرّس على العزف وامتهن ترميم الآلات الموسيقية وصناعتها على يد كبار الصناع والمهندسين الموسيقيين الدوليين وفي طليعتهم المايسترو المجري جيزا بورغهارت.
إلى عضويته في جمعية صانعي الكمنجة في كولومبيا البريطانية وفي نقابة صناع الالات الموسيقية الأميركيين، شارك في العديد من المعارض والمهرجانات الفنية، وقدم دروس و ورشات عمل في صناعة الكمنجة والآت موسيقية اخرى.
بفضله لا يزال العود والكمان يقفان وسط الآلات الموسيقية الشرقية شامخين ومحتفظين بجمهورهما الواسع من عشاق الطرب الأصيل. رغم صغر سنّه، إلا أنّه مخضرم في العزف على العود وبارع في تصنيعهما بالطريقة اليدوية التقليدية التي يعمل على إعادة إحيائها. على يده يتجلى هذا الصمود الحرفي اليدوي في أقوى صوره، حيث تتنقل العين بين تفاصيل إبداعية أقرب إلى الروائع الفنية من كونها آلات موسيقية، فإلى جانب جمال صوتها وتميزها، تروي أيضاً الكثير عما تزدان به من فنون التصاميم والزخارف العربية، وبريق هذه التحف الفنية المرصعة. صار كريم حوراني اليوم من المتميزين بصانعة الكمان و الجيتار و العود ومحترفه يُعدّ قِبلةً لأشهر الموسيقيين والعازفين ومحبي العود والكمان.
خطَّ حوراني سبيله عبر نشر ثقافة الفن الشرقي في دنيا الغرب وأثبت المعادلة بين إيقاع الإبداع وإيقاع الموسيقى. هو مبدع من لبنان، جمع إلى العلم والثقافة، الموسيقى والفن الراقي والحس المرهف ومزجها في عوالمَ غايةً في الخيال والدقة في آن. يرفع اسم لبنان عاليًا بإسهاماته في إدخال روح العصر بتقنياته الحديثة ومفاهيمه الجديدة إلى الحركة الصناعية الفنية اللبنانية والعربية. لقد دخل سجل العبقرية الذهبي واستحق عن جدارة تقدير العالم وتمثيل النخب اللبنانية أفضل تمثيل. أحب الموسيقى وعشقها وفي داخله تصميم على إظهار موهبته المخبأة وتظهير طموح لديه إلى نجاح يعلم علم اليقين أنه قادر على تحقيقه. يمتلك كل المواهب والمعطيات التي تجعل منه مميزًا بين أبناء جيله. فإلى الذكاء الحاد، والعمق الثقافي والعلمي، تأتي شخصيته بمميزاتها لاسيما الثقة بالنفس وقوة الإرادة. وكلها عوامل اجتمعت فيه فنجح في وضع التكنولوجيا في خدمة الموسيقى والفنون، وفي ابتكار الآلات الموسيقية واحتراف صناعتها. لقد أعطته تجربته العالمية ثقة بالنفس وحافزًا فتح أمامه آفاقًا واسعة المدى ومنحه الجرأة على إعلان قدرته على الخوض في مشاريع أخرى. لقد ترك كريم حوراني أسرته وأحباءه ووطنه متوجهًا إلى كندا، حاملاً حلمًا وفكرة وتصميمًا، فحصد استحقاقًا للتتويج على عرش الإبداع الفني الراقي وهي خطوة اولى على الطريق الذي سلكه العظماء النخبويون.
إعداد: أنطوان فضّول.