صيدا تتحرر من الإحتلال الإسرائيلي

يوم السبت 16 شباط 1985، صيدا تفك أسرها مع انسحاب قوات الإحتلال منها ومن محيطها قبل يومين من الموعد المقرر. عرس وطني في شوارع المدينة وأحيائها واستقبال حافل للجيش. إستعادت صيدا في ذلك اليوم حريتها. وعمّ الفرح والإعتزاز قلوب أبنائها. إستقبلت يومها الجديد بعرس شعبي حيث خرج أبناؤها إلى الشوارع كما لم يخرجوا من قبل ورقصوا في الساحات وهتفوا للبنان والجيش وقد اعتلوا آلياته وهي تتقدم في شوارع المدينة ونثروا الأرز وماء الزهر على الجنود. وكانت قوات الإحتلال استبقت الموعد النهائي لانسحابها المقرر في الثامن عشر من شباط ونفّذته قبل يومين من موعده. أنزل العلم الإسرائيلي من موقع جسر الأولي عند العاشرة صباحًا لكنه عاد ورفع ثانية. أديرت محركات الآليات أكثر من مرة. مع وصول رئيس أركان الجيش الإسرائيلي موشي ليفي بطائرة هليكوبتر هبطت في تلة شرحبيل عند الحادية عشرة وخمس دقائق. أنزل الإسرائيليون علمهم من موقع الأولي بشكل نهائي وبدأوا انسحابهم بإشراف ليفي الذي توجه إلى جسر الأولي في عداد قافلة من اربع ملالات وصلت إلى الموقع بعد إخلائه بفترة وجيزة. إنسحبت الآليات الإسرائيلية في اتجاه شرحبيل وتحررت صيدا التي دخلتها طلائع الجيش اللبناني عند جسر الأولي، حيث عبرت سيارة عسكرية لبنانية ظهرًا تتقدمها قوة من فرقة الهندسة ثم تدفقت الآليات باتجاه الجنوب. وبدأ الجيش يتمركز من لحظة العبور ظهرًا حتى المساء في نقاط عدة داخل المدينة، بما فيها مدخل المخيم الفلسطيني والجسر المؤدي إليه. كذلك انتشر الجيش اللبناني في محيط صيدا في القنابه وعبرا والهلاليه وفي مركز التدريب في كفرفالوس وفي تلة مار الياس وتلة شرحبيل الزهراني ومغدوشه. وفي فترة بعد الظهر قام قائد الجيش العماد ميشال عون ورئيس الأركان محمود طي أبو ضغم بتفقد ثكنة زغيب في صيدا. ووجه العماد عون أمرًا يوميًا إلى القوة التي دخلت الجنوب قال فيها "ذهابكم إلى الجنوب يعني عودة إلى الوطن وانتشاركم في تلك البقعة لا يتم لملء فراغ أمني يحدثه انسحاب إسرائيلي. فما كان المحتل يومصا ناشرًا للأمن وضامن حرية بل كان قاهر الحريات ومفسدًا للأمن. لتكن علاقتكم مع المواطنين علاقة مودة وتبادل احترام متوسلين العدل في تطبيق القوانين المرعية على الجميع."