وصف هنري فيلد لبنان بمهد الإنسان العاقل بعد مطالعته لدراسات أعدّت حول الآثار الأيكيولوجية التي عثر عليها في مناطق لبنانية عدة بدء بأدوات تعود للعصر الحجري وأسلحة صيد صوانية وُجدت في العقيبة وعدلون ورأس الكلب وصولاً إلى بقايا إنسان كسار عقيل النياندرتالي الذي وجدت بقاياه في إحدى المغاور قرب أنطلياس وهي بقايا لفتى عاش منذ ثلاثين ألف سنة يُعتبر أقدم هيكل بشري اكتشف إلى حينه.
ولا عجب من قدم لبنان فاسمه مذكور في التوراة اليهودية والكنعانية وفي الميتولوجيا الإغريقية والفرعوينة وفي المخطوطات القديمة الأولى بما فيها كتابات المؤرخ سنخوني أتن 1300 ق.م. الذي حفظ لنا تدوينات تور الجبيلي مؤسس التاريخ كعلم تسجيل الأحداث عبر الزمن.
إنها ريادة لبنانية وقد تجلت في عطاءات كبار من رجالات برزوا في كل القطاعات والميادين، فخلّدهم التاريخ. منهم، قدموس ناشر الأبجدية في العالم، وزيون مطلق الفلسفة الرواقية المتشبثة بالقيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية. وزينون مطلق الفلسفة الرواقية المتشبثة بالقيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية. إلى إقليدس وبيتاغورس مبدعي علم الرياضيات والهندسة، وموخوس الصيدوني مؤسس نظريات علوم الذرة. وبابنيانوس وأولبيانوس وسواهما من معلمي جامعة بيروت الحقوقية الذين لهم جميعًا الفضل في نشر مبادئ الحرية والعدالة وحقوق الإنسان.
يشهد التاريخ على ريادة المدن الفينيقية في النزعة المدنية الإنسانية. فمدينة جبيل التي وهبت اسمها للكتاب المقدس، كانت مأهولة في الألفية الثامنة قبل المسيح، وهي المدينة الأقدم في العالم. واستحقت صيدا لقب المملكة الأولى في التاريخ وأم الإمبراطوريات وسيدة البحار. وهي إلى جانب صور أطلقتا في العالم القديم أسس الديمقراطية ونظام الحكم بمجلسين.
ليس غريبًا أن نتحدث عن لبنان القديم كحاضرة حضارية، ولد في رحاب مدنه نظام المجتمع بروحيته المدنية.