الأمير بشير الشهابي
في عهد الإمارتين المعنية والشهابية كانت بلدة "غزير" الكسروانية مسرحًا لبعض الصراعات التي رافقت سياسة الحكم في الجبل، وكان أبناؤها في طليعة المطالبين برفض الإقطاع وتحقيق العدالة بين اللبنانيين حين قامت ثورة الفلاحين في كسروان.
عاد الإزدهار إلى البلدة في العهد العثماني الذي أولاها اهتمامًا خاصة وعناية دائمة، مما رفع شأنها بين بلدات الجبل.
إرتبط اسم هذه البلدة بشخصية المير بشير الشهابي الكبير الذي ولد في غزير بعد أن أقطعها الأمير منصور شهاب العام 1760 لابن أخيه الأمير قاسم والد الأميرين حسن وبشير.
وعاش الأمير بشير مع والده في دار جميلة واسعة تعلوها قناطر عالية، وقد رصّعت أرضها بالرخام اللامع وزيّنت جدرانها بكتابات عربية رائعة، وأحاطت بها أسوار عالية تضم ميدانًا فسيحًا فيه نبع ماء يصب في جرن حجري كبير.
لكن الأمير قاسم توفي وكان عمر ولده بشير حوالي الثلاث سنوات، فعاش الأمير تحت رعاية المقربين، وبقي فترة في غزير، إنتقل بعدها إلى دير القمر بحثًا عن مكانه في الحكم.
سرعان ما بدأ نجمه بالشروق وصارت كلمته تهز البلاد.
إشتهر الأمير بشير حتى أصبح من ألمع الأمراء الشهابيين وأعظمهم شأنًا إلى أن سجنه أحمد باشا الجزار وأخيه حسن في عكا ورضي لاحقًا عليهما، فأفرج عنهما في السنة 1800.
قام الأمير بشير بزيارة مسقط رأسه غزير، وكان شقيقه الأمير حسن واليًا عليها فاستقبل بفرح كبير وسط الأهازيج والإحتفالات والحشود التي تقاطرت لرؤيته.
إلا أن اللبنانيون انقسموا حوله بين من رآه أعظم الأمراء وبين من يعتبره أكثرهم إجرامًا ودموية.
بعد موت الأمير عمّت الإضطرابات الجبل وتحرك الفلاحون ضد الإقطاع، وكان لغزير دور كبير خلال تمرد يوسف بك كرم على المتصرف الأول داوود باشا.
ثم عاد الإستقرار والإزدهار إلى ما بات يعرف بالمتصرفية.