لبنان ونبوخذنصّر الثاني

(605 – 562 ق.م.) إتخذ الملك الكلداني نبوخذنصّر الثاني، قاعدة له، مدينة "ربلة" شمالي غربي منطقة الهرمل، عند نهر العاصي الشمالي. في وادي بريسا، أقام نصبين على واجهتين صخريتين متقابلتين تشرفان على الممر الذي يعبر الوادي من الهرمل باتجاه سهلة مرجحين وجباب الحمر. في النصب الأول يبدو الملك الكلداني واقفًا أمام شجرة كبيرة. في الثاني يبدو وهو يصدّ أسدًا يهاجمه. وفي كلا النصبين كتابة بالخط المسماري تشير إلى مآثر الملك الكلداني وإلى حملته العسكرية التي وصلت إلى لبنان. يقول النص المسماري: "من البحر الأعلى إلى البحر الأدنى... هذا ما أوكله لي مردوخ... لقد جعلت مدينة بابل مميزة بين الأقطار ومساكن الناس. كملك حكيم دائمًا رفعت اسمها ممجدًا بين المدن المقدسة... مع معابد الربّين نابو ومردوخ..." في ذلم الزمن، كان لبنان، جبل الأرز، غابة مردوخ العنية، العابقة بالروائح العطرية، ذات الشجر العالي الذي أراده نابو ومردوخ زينة مناسبة لبيت ملك السماء والأرض، كان مُبتلى بعدو غريب متسلّط عليه ينهب خيراته ويشرّد بنيه فيهربون إلى مناطق عدة. بالإتكال على سيدي نابو ومردوخ، نظّمت (جيشي) في (حملة) إلى لبنان. جعلت هذا البلد هانئًا واستأصلت أعداءه في كل مكان. أعدت المهجّرين إلى بيوتهم. وهذا ما لم يفعله أي ملك من قبل. شققت مسالك في الجبال الوعرة وفتّتت الصخور ففتحت ممرات خلالها، وأنشأت طريقًا مستقيمًا لنقل أخشاب الأرز، التي حملها النهر معه إلى سيدي مردوخ. جذوع الأرز الطويلة المتينة ذات اللون الداكن والجمال الرائع، إنتاج لبنان الوفير، غدت محمولة في النهر كالأقصاب. وقد اختزنت الأخشاب في بابل". وعملت على أن يعيش سكان لبنان معًا بأمان وألا يزعجهم أحد. ولكي يعتبر كل طامع في أرضهم فلا تحدّثه نفسه بالإعتداء عليهم، فإنني قد أقمت هناك نصبًا لي. ليشهد أنني الملك الذي لا يزول ملكه.