قافلة الشهداء
في السادس عشر من آيار 1989، أجرى المفتي حسن خالد حواره الصحفي الأخير، في دار الفتوى، وانتقل من مكتبه إلى منزله في الرملة البيضاء حيث تعرّض في الشارع الرئيس قبالة جامع عائشة بكار لجريمة اغتيال أدت إلى استشهاده ومرافقيه بمن فيهم الدركي أحمد عفيف الغوش.
في لقائه الصحفي الأخير أبدى قلقه على مصير لبنان إلا أنه جدّد ثقته بأن تحمل القمة العربية التي كانت على وشك الإنعقاد لبحث سبل وقف الحرب في لبنان وإعادة الامن والإستقرار والسلم إلى ربوعه، وعبّر عن تفاؤله بإرادة اللبنانيين في المنطقتين الغربية والشرقية على تجاوز الإنقسام والتفرقة.
رحل المفتي خالد... إنعقدت القمة العربية، وولدت من رحمها مناخات دولية وإقليمية ومحلية أفضت إلى الإتفاق على وثيقة الوفاق الوطني في مدينة الطائف السعودية بجهود اللجنة العربية الثلاثية العليا التي ضمت السعودية والمغرب والجزائر...
طويت ستائر الحرب باستشهاده وغابت معه قافلة الرجالات الشهداء الذين سقطوا في زمنها، بدءً بالإمام المغيّب موسى الصدر ، إمام المحرومين وأحد رواد الحوار الإسلامي المسيحي، مرورًا بكمال جنبلاط المتطلع إلى جمهورية لبنانية تقدمية إشتراكية، والمناضل لتحرير الشعوب العربية، فبشير الجميّل الذي التزم جمهورية لبنانية موحدة ودولة عصرية لا سيادة فيها إلا للشعب ولا حكم إلا للقانون، ثم رشيد كرامي العامل من أجل الجمهورية الديمقراطية الوطنية التي يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات.
توّج هذه القافلة سماحة المفتي حسن خالد وهو يبشر بولادة قريبة لجمهورية لبنان الواحد التي تسودها القيم ويتعايش فيها مواطنوها المسلمون والمسيحيون في ظل الحرية والعدل والمساواة التامة في الحقوق والواجبات.