السفير آصف ناصر
في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى السفير آصف ناصر
سفير لبنان، مواليد طرابلس في 14 نيسان 1943.
متأهل من مها خيربك، أستاذة دكتورة متخصصة في النحو العربي والنقد الأدبي الحديث، أستاذة محاضرة في الجامعة اللبنانية وجامعة البلمند؛ وله منها أربعة أبناء: محمّد (محام بالاستئناف وأستاذ محاضر في الجامعة اللبنانية)، أمل (طبيبة متخصصة في أمراض الدم والسرطان)، حيدر (طبيب متخصص في الجراحة العامة) حسّان (ارتحل في ربيعه الثاني عشر).
تزامنت نشأته مع بزوغ فجر الاستقلال، ما طبع فكره الوطني ورؤيته السياسية بطابع سيادي، أخذ يتبلور سنة بعد سنة ليلامس الآفاق اللبنانية كافة.
هذا ما يفسر شدّة تمسكه بالدولة المؤسساتية والارتباط المواطني بالروح القومية. وهي ثوابت منحى تجلى بوضوح في فكره الرائد وترجمه في تعاطيه مع نشاطه البلوماسي والتربوي والفكري.
يتقن إلى العربية، الفرنسية والإنكليزية والإيطالية والروسية. تلقى دراسته في مدرسة الآباء الكرمليين في طرابلس(الطليان). أما تحصيله الجامعي فحصد منه سلّة من الشهادات العليا: إجازة في الرياضيات وأخرى في التربية ودبلوم دراسات عليا في الحقوق.
في حقل التربية والتعليم، درّس مادّة الرياضيّات وتنسيقها في مدارس عدّة: مدرسة مار الياس للآباء الكرملييّن في طرابلس، ومجدليا، مدرسة راهبات المحبّة (اللعازاريّة) دار النور في طرابلس وضهر العين، مدرسة راهبات المحبّة (اللعازاريّة) البيت المركزي في الأشرفية في بيروت، مدرسة الآباء البندكتان (الآباء البيض) في طرابلس، كليّة التربية والتعليم الاسلاميّة في طرابلس، مدرسة راهبات العائلة المقدّسة (عبرين) في طرابلس، مدرسة الرّوم الوطنيّة للبنات في طرابلس.
علّم مادة الأدب الفرنسي في مدرسة الآباء البندكتان عام 1967، 1968، 1969، والترجمة في مدرستي راهبات المحبة وراهبات العائلة المقدّسة، وتاريخ العلوم عند العرب في مدرسة الآباء الكرمليين من العام 1970 حتى العام 1986 ومادة القانون في قسم الأكتوارية في كلية العلوم في الجامعة اللبنانية.
كذلك أقام دورات تدريبيّة لتأهيل معلّمي الرياضيّات في المناهج التي استحدثت في العام 1970 في مدرسة الآباء الكرملييّن, ومدرسة الفرير, ومدارس راهبات المحبّة في لبنان.
طوال مرحلة الحرب، لمع اسمه في حقل التربية والنهضة العلمية والفكرية. حاور الأجيال الشابة ورافقها نصف قرن. بث في المدارس كافة روح التعاون داخل صفوف الفريق الأكاديمي والإداري كما بين الموظفين والتلاميذ وفرض نوعًا من الجدية في العمل.
مسيرة طويلة وخطوات جبارة في زمن الانحدار الثقافي والفكري هيّأت لحركة نهضة صامتة ساهمت في إحاطة الواقع التربوي اللبناني بهالة دفاعية صلبة وأسست لانطلاقة جديدة تنسجم مع تطور العلم والحداثة من جهة وإرث لبنان الحضاري من جهة ثانية.
إنتسب في العام 1983 إلى نقابة المحامين.
تمّ تعيينه سفيراً من خارج الملاك من العام 1994 حيث أسس سفارة لبنان لدى جمهورية كازاخستان، وترأسها لحين العام 1999 حين أنهيت مهام السفراء المعينين من خارج الملاك.
هو من العاملين على ترسيخ الوحدة الوطنية والعيش المشترك من خلال التمايز الطائفي الحضاري والتعددية التي تمتاز بها مدينة طرابلس، فقد وطّد ولا يزال صداقات عميقة مع أصدقاء له من مختلف الإتجاهات، وكان أطلق في العام 1969 حركة ثقافيّة اجتماعية تفاعلت والبيئة الطرابلسية وعممت التعليم المجاني على طبقة الفقراء والمحتاجين من مختلف الطوائف واستمرت على نشاطها حتّى صيف 1975 حين توقّفت بسبب الحرب الأهلية.
حضوره في الشأن العام ونسجه علاقة احترام مع كل الفرقاء واقعان تجليا خدمة للناس بما لديه من إمكانيات إنسانية أكسبته ثقة مجتمعه ومحبة عارفيه خصوصًا في مدينة طرابلس حيث أقام علاقات اجتماعية وإنسانية سرعان ما تمددت على مساحة الوطن.
تَدَرُّجٌ ثقافي عاشه في النصف الثاني من القرن العشرين، زرع في فكره المتنوّر بذور الحوار الحضاري الذي تتعايش مع نبضه الأنتلجنسيا اللبنانية منذ أن حملت لواء النهضة في العالم العربي.
تعرّف على شريكه في المواطنية وتنشّق نسائم الانفتاح على العالم الخارجي وعلى روح العصر. شارك في ندوات فكريّة عدّة وألقى محاضراتٍ عديدة في التربية والدبلوماسيّة كما نشر له العديد من الأبحاث والمقالات. أسس مكتباً للترجمة وضخ إلى المكتبة اللبنانية والعربية كمًا كبيرًا من الكتب أهمها:
من الروسية: خواطر آباي،
من الفرنسية والإنكليزية: سلسة روائع الأدب الكلاسيكي.
من الإنكليزية: مسيرة قائد شيعي، محمّد حسين فضل الله، في معنى الأشياء، في علة الأشياء، موت بائع، قلب الظلام، السفراء، تاريخ موجز للمواطنية، الفلسفة ببساطة،
من الفرنسية: بن لادن الحقيقة الممنوعة، الله – الذهب – الدم، أندروماك، بول وفرجيني، أقاصيص مرعبة من الخيال، أوزار الحب،
من الفرنسية القديمة: الأنوار الماسونية السبعة.
من العربية إلى الفرنسية: جبران أصالة وحداثة.
إلى جانب العديد من المؤلفات التي لا تزال قيد الطبع.
في مرحلة التقاعد كانت له اليد الطولى في إطلاق مجلة الدبلوماسية الصادرة عن منتدى سفراء لبنان، وقد أسند إليه إضافة إلى إعدادها، مركز مدير تحريرها المسؤول.
السفير آصف ناصر وجه إنساني كريم وخلاصة فكر وأدب عالميي المشارب.
فارس الندوات الثقافية. هو الإنسان الإنسان والرجل العصامي والدبلوماسي اللبق والإداري القدير والصديق الصدوق ذو الحس الوطني الراسخ الذي يترجم في كتاباته وفي نتاج يراعه وفي خطاباته.
دبلوماسي متجرد تمام التجرد. لم يتخذ إلا القرار الهادف لمصلحة لبنان العليا وعزته وكرامته.
لم يتأطر أو يرتهن أو يساوم. تعاطى الدباوماسية باحتراف واحترام. وجعل من قضية الوطن الهدف الاسمى.
عرفناه نظيف الكف امينًا وفيًا للبنان وشعبه، رجلاً مبدئيًا رفض كل أنواع المساومات.
إلى ثقافته المنبثقة من روح الانفتاح الحضاري والتجذر الذاتي، جاءت المشهدية الدولية التي عاينها لتضفي على قناعاته في الإصلاح والتمدّن مزيدًا من الحكمة والخبرة.
هو اكتناز معرفي يخوله الإسهام بجدية وموضوعية في مسيرة الإنماء والتطور والحداثة وقيادة لبنان في طريق نهضة شاملة تسلخ عنه رواسب الحرب المدمرة وتجعله يحاكي العالم المتمدن ريادة ونموًا وازدهارًا.