الشاعرة د. ربى سابا حبيب
في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى الشاعرة د. ربى سابا حبيب.
أديبة، شاعرة، أستاذة جامعية.
ولدت في طرابلس. تأهلت من المرحوم د. بطرس حبيب، ولها ثلاثة أولاد: ديمة، جورج، إلسا.
أنجزت تحصيلها المدرسي والجامعي حائزة الشهادات التالية:
بكالوريا قسم ثاني – قسم الفلسفة من مدرسة الروم الأرثوذكس في طرابلس 1967.
إجازة في الفلسفة العامة – كلية الآداب والعلوم الإنسانية – بيروت الجامعة اللبنانية، حزيران 1971.
إجازة في اللغة العربية وآدابها – الجامعة اللبنانية – كلية التربية، حزيران1971.
إعفاء من الكفاءة في السوربون سنة 1971 بسبب حيازتها إجازتين في الفلسفة وفي اللغة العربية، منحة من الحكومة الفرنسية لنيل شهادة الدكتوراه.
سنة 1947 نالت شهادة الدكتوراه في الآداب والعلوم الإسلامية بدرجة جيّد جدًا من جامعة السوربون – باريس 5. عنوان الأطروحة: موت وانبعاث الحضارة العربية في الشعر العربي الحديث - دراسة نصية لنتاج الشعراء – بدر شاكر السياب – خليل حاوي – أدونيس، وإشراف المستشرق الكبير شارل بيلا، أعضاء اللجنة: د. شار بيلا، ود. محمد بن شيخ، ود. روجيه أرنالديز.
مارست التعليم الجامعي منذ السنة 1974. وقد تولت تدريس المواد التالية:
الشعر العربي الحديث – النقد الأدبي – الأدب المقارن (كلية التربية – الجامعة اللبنانية من 1974 – 1984)
محاضرات في الأدب المقارن:
أبو العلاء المعري والشاعر دانتي
أدونيس وسان جون برس
بدر شاكر السياب وت. س. إليوت
إلياس أبو شبكة وبودلير
بالإضافة الى الإشراف على أطروحات مختلفة في الأدب وفي التربية في كلية التربية 1978 – 1977، لطلاب يريدون نيل شهادة الكفاءة من كلية التربية.
من مؤلفات الشاعرة د. ربى سابا حبيب المنشورة:
الضوء السجين أو الغربة العائدة 2001 – دار الأوديسية، لبنان
Retenue la lumière, ed. Aléas – Lyon France
L´exil et son envers ed. Aléas – Lyon France <
Les rêves se reposent déjà au creux de la main ed. CCLyma- France 2000
J´écris, éd.Jacques André- France 2005
عبق الأمكنة أو تلك الكنوز دار النشر، دار ضرغام 2009
فيما يلي سلسلة عناوين لنماذج من المحاضرات التي ألقتها خلال مسيرتها الأدبية والفكرية:
النبي "جبران خليل جبران 1991 في م.ج.- س – ليون فرنسا.
محاضرات مكثفة في 13/1/1996 في جامعة ليون 2 حول المواضيع التالية:
1- التمازج الحضاري بين الفرنسيين والعرب من خلال الشعر والأدب
2- أثر الأدباء والشعراء اللبنانيين في الأدب الفرنسي – دراسات ميدانية: جورج شحاده – صلاح ستيتية – ناديا تويني – فؤاد نفاع وغيرهم...
3- الإضافات اللبنانية على مستوى اللغة – الأسلوب التعبيري.
4- أيار 1995 في كوندسيون دولاسوا في ليون الأولى مع الشاعر اللبناني الكبير باللغة الفرنسية صلاح ستيتية تحت عنوان:
La francophonie est-elle encore un espace de liberté?
نشير إلى أنه خلال انعقاد هذه المحاضرة وصل خبر نيل الشاعر اللبناني ستيتية جائزة الفرانكوفونية.
5- 5/1/2001 محاضرات في أماكن مختلفة عن الخط العربي مع الخطاط العراقي غني العاني.
6- 22/7/2001 المرأة العربية أمام التحدي، في المركز الثقافي العربي ليون – فرنسا.
7- 29/10/2002 محاضرة عن الأدب العربي وعلاقة المعري بدانتي.
8- 11/2/2002 محاضرة ابن رشد وصدى أثره على الفكر الفرنسي.
9- 21/12/2003 في القاعة Prefecture de Lyon أثر الفكر الفلسفي – ابن رشد الغزالي، ابن سينا على الفلسفة الغربية.
10- Récital poétique en deux langues: la langue arabe et la langue française – Belleville – ville franche – France
11- 8 آذار 2005 وجهت إليها دعوة من الحلقة العالمية للمرأة لإلقاء محاضرة عن المرأة اللبنانية بالإضافة الى فن القول، في بكين:
"L´art du dire"
12- 18 كانون الأول 2005 بمناسبة توقيع كتاب:
“J´écris”
في مكتبة FNAC أكبر مكتبات ليون التي استقبلت سابقًا الكاتب اللبناني الفرنكوفوني العالمي أمين معلوف.
الترجمات:
ترجمة لكتاب باللغة العربية للياس الرحباني: نادفة القمر – الى اللغة الفرنسية 2002 صادر سنة 1996.
ترجمة كتاب للشاعر هنري زغيب: حميميات الى اللغة الفرنسية 2007
الدكتورة ربى سابا حبيب شاعرة لبنانية عربية فرنكوفونية، خاطبت في أدبياتها إنسان هذا العصر في قلقه ووحدته وصمته واضطرابه ووجعه، فأنعشت خلاياه المتآكلة، برحيق من ربيعيات براعم كلماتها الدافئة، وأسكرته بخمرة تعتّقت في خوابي أسطر مخملية صقلت في مرجلها لغة فريدة تمكنت من خلالها من مخاطبة كل الإنسانية على تناقضها وتنوّعها وتشعب تلاوينها، وهنا تكمن ليس فقط عبقريتها، بل عالميتها.
حضورها في وجدان اللبنانيين ذو أثر عميق على أكثر من مستوى وصعيد. فهي أديبة وشاعرة ومفكرة أثرت بحضارتنا وتركت لمكتبتنا الوطنية مجموعة مؤلفات وكتابات ومحاضرات. وهي وجه من وجوه التجديد في الفكر اللبناني وهي علم من أعلام الريادة والنهضة. أينما سار ظلّ فكرها المتنوّر إنتعشت المساحات... في الجامعات وفي الأمسيات الأدبية والشعرية وفي المدوّنات الفكرية.
شاعرة مرهفة، صادقة، مثقفة على رقي، مؤدلجة على حكمة، في أدبياتها عمق الفلسفة، وسيمفونية حب وسلام، توّجت بها قصائدها شفافيةً وحنينًا ولهفةً إلى الصفاء، بأنقى ما يكون النقاء.
(إعداد: أنطوان فضّول)
مختارات مما كتب عن الأديبة ربى سابا
يا شاعرة الغـربـتـيـن
افتتاحية هنري زغيب في ندوة "الأوديسيه" حول كتاب ربى سابا حبيب "الضوء السجين أو الغربة الراجعة" (مركز توفيق طبارة – الثلاثاء 4 أيار 1999)
من غربةٍ في القلب القريب، الى غربةٍ راحت تشقُّ دربها عكس السير في مواجهة القدر.
وطنها بعيد، ورفيق العمر في هجرةٍ عن الذات. فما أصعب صحراء المنفى والمنأى معاً.
حنين الى وطنها، عادت اليه كي تعانق فيه السلام والزيتون، وحنين الى رفيق العمر الذي عادت ولم تجده منتظراً حتى تعانق فيه الحنان والحنين.
ولم يكن بدٌّ من صدر يتلقّف الآخ، فكان الشعر.
الملجأ والملاذ، الصرخة والجسر بين الـ "أنا" والـ "أنا"، هذا الجميل المتوحش الذي يغلفنا بنور الخلاص حين اللحظة عالقة بين حبل السّرّة والجنين.
كتبت، كتبت، في لهفة من يبعد الموت بالكتابة، بلهفة من يقدم الجسد أضحية على مذبح الروح، بلهفة من يتنسّك في صومعة القلب كي يبعد أكثر صوب الله، فكان الشعر خيط آريان الذي أخرجها من دوامة النفق.
وها هي خرجت، وبأنقى ما يكون البهاء خرجت.
هي الثكلى بالجراح، خرجت بكامل العافية لأن الشعر أنقذها.
خرجت ترينا الوجع ولا توجعنا، لأن الشعر أخذ الآخ عنها وعنا. أيها الشعر، أيها الشعر، يا منقذنا من الضياع في ليل هذا العالم!
ويا ربى، يا شاعرة الغربتين، ذات يومٍ، يا غربةٍ، ذات وطنٍ، وينفلت من ليله الضوء السجين الى فجر الغربة الراجعة، فيكون فرحٌ، ويكون وطنٌ، ويكون شعرٌ منك يشيل بأرضنا الشاعرة الى آخر الأرض.
يا أيتها...
بقلم الدكتور منيف موسى
"يا أيّتها"...
من فوق، شجرة زيتون، جئت، وعلى جبينين صليب، رسم بزيت الميرون، ويداك ترتفعان أيقونة من روائع بيزنطية... نشيداً يرنم على اللحن الملائكي... إن البرايا بأسرها تفرح بك يا ممتلئة نعمةً. وتمجدك...
قمرٌ أنت من سماء المشرق يطل على جبل لبنان وبحره. وكأن دارك فرقد العزلة في مناسك المتهجدين في صوامع نقشت حجارتها من فعل الطاعة فإذا تربة الوطن حنين اليك عدوة الإياب وقد ارتحلت راعية شقراء على صورة ارتعاش الوردة فوق الرابيّة... وكأن كلماتك في "عبق الأمكنة" ترجيع ناموس، مغارة...
بقلم الأدبية مي منسّى
قرأتها لا كمن يتمتم صلاة في سرّه. لا كمن يتلو قصيدة أفقية، أنشدتها كمزمور، بنفسٍ كئيبة على وتر حزين، على إيقاع مزمار رعوي، على إيقاعها هي الشاعرة المنفية تحت طلاء مراياها، تخلط أوراق العمر بين غربة واغتراب، تمزق حجاب الألم بتنهدات تسكّن النزف وتلهي الإنتظار.
ربى تتطلع الى الربى والسهول والبيت في الهناك، في مرآة منفاها، في ملامح المدينة البديل التي احتوت أشياءها والقصيدة، أنوثتها والجنون، غابة شعرها الخريفي بين خصلات ضبابها، هذه المدينة "ليون" التي فردت على جدران شوارعها ملامح الحبيب الغائب، حتى لا تزيدها الغربة غربة، حتى يرشقها النهر الأبدي من مياهه عماداً. كان الحنين لها بالمرصاد داءٌ أكولٌ تسعى الى إسكاته بجمر قصيدتها، بجرعات من ذاكرتها.
لولا غربتك هذه لما كتبت "المنفى وعكسه". لما كنت منحت الليل بين المرآة وعكسها، ولما كانت قصيدتك تعرّت من قشور الأرض لتكتسي بغلالات روحها وتتهيم متصوّفة الى أثرية الذكريات لا جسدها، الى روح الحجر لا ثقله، الى عطر الزيتون لا مرارته، الى وشم المدينة لا قروحها. لولا غربتك لما تمددت ذراعاك بطول البحار لتغمر نوافذ الحنين وتعانق الزمن القابع في زوايا الإنتظار.
في كلماتك ارتعاشات حب ونكهات أبدية، وقشعريرات موجعة تتخطى الأبيات وتكسر الأوزان المضطربة، مرصودة لإزعاج ذاكرتنا وتنبيهها من النسيان.
بقلم المطران جورج خضر
ما حبّبني في هذا الديوان إن ما دعي شعراً هو بأكثره شعر أي يبني عالماً يقوم على القول ويسكن القلب لكونه يحييك في حلم، في غربة، في حنين، في ليل، في الأزاهير، في الحب، في الآتي على الرجاء.
الشعر يقيم في الحس، في الصورة، في الدرب، في المدى، في الزمان الذي قد يكون لحظة أبدية كما تقول شاعرتنا.
وهنا تواجهنا مشكلة العلاقة بين القلب والعقل وارتباطها في القصيدة. في الصوفية المسيحية الشرقية نقول إن العقل ينزل الى القلب ويحيا فيه. أنا لا أفهم شاعرية العقل الذهني المحض ولا أفهم استقلاله. ديوان ربى سابا حبيب هو من الأرض والسماء معاً أي من الإنسان في معاناته. لم أقل في أمله فقط وربى تتألم ولكن تطل من ألمها على ما يفوقه أو ترجو أن يفوقه.
تفوق السنين كثيراً من غربتها والحنين يقيمها في الوطن المنشود ويطل عليها بهاؤه. هي بهذا المعنى أخروية أي غالبة الزمن والمدى. لعل جوهر الأبدية أنها الغلبة على الزمن والمدى المحدودين وانتقالك بذا الى مجدٍ لا محدود.
شفافية هذا الشعر، بساطته الكبيرة، رهافته تجعلك على رغم العنوان في ملكة الضوء الذي يلقيك على الظفر "أمام نار الوجوه". ولولا قالت الليل وشفت في قوله ورقت الا أنها توحي بالنور وتقول مطلعه. وعندها، على ما ورد على لسان العرب، النار أي الدفء والنور واحد وتقهر به الدهر، بالحروف الأيقونات، الحروف التي تسكن الألف، وآخر الكلمات عندها العودة الى الألف. إذ ذاك لا يبقى الصعود ضرباً من المستحيل.
تلعب ربى على المضادات على أسلوب Rembrand أوGeorges de la tour في الرسم فيحتدم الوجدان الشعري عندها حتى الوتر. على هذا المناول تقول:
يبدو أنك
تعرف الحدين
واحد على ضفة العذاب
وآخر لنهاية الضوء
كما تلعب على تضاض المحسوس والمعقول. في القصيدة نفسها:
ذكرني في أنفاسك والغلبات
في حضرة الوفاء
وحضرة الندى فوق الأعشاب