د. شفيق سليمان

في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى د. شفيق سليمان

صحافي وإذاعي ومؤرّخ في لبنان ودنيا الإنتشار.
ولد عام 1936، في بيت مري (قضاء المتن)، التي انتُخب عضوًا في مجلسها البلدي من السنة 1963 حتى 1967، فترجم انتماءه إلى هذه البلدة العريقة إنماءً وإصلاحًا وخدمة لمجتمعها وتاريخها وخصوصيتها.
توزعت دراسته بين مدارس مسقط رأسه، و"مدرسة برمانا العالية"، و"الكلية الوطنية" في الشويفات، و"الكلية الداودية" في عبيه. أما تخصصه الجامعي فانطلق به في الولايات المتحدة الأميركية في "جامعة كارولينة الجنوبية" في العام 1980 قبل أن يعود إلى لبنان لمواصلة عمله ومتابعة دراسته بالمراسلة.
بعد مرحلة الدراسة والتحصيل الجامعي، عبر عقود القرنين العشرين والحادي والعشرين محلّقًا فوق محيط الفكر بجناحي الصحافة والتاريخ.
ولج عالم الصحافة منذ العام 1953، وانتسب إلى نقابة المحرري، في العام 1962.
كتب برامج إذاعية منوّعة وقدّمها عبر أثير "إذاعة لبنان" (الرسمية) من العام 1967 حتى 1978.
كما الإعلام المسموع هكذا المقروء تعرّف عليه واكتشف فيه الصحافي الغزير الإنتاج.
كثيرة هي الصحف والمجلات والدوريات التي دوّن بين صفحاتها مقالاته وأفكاره الرائدة. نذكر منها: الإذاعة، الهدى، دنيا الكواكب، النداء، الناس، الجمهور الجديد، لا ريفو دي ليبان، الدبور، الهدف، نداء الوطن، الراصد، الجمهورية، النهار، ملحق النهار، البيرق، ألف ليلة وليلة، الكفاح العربي، الضحى.
ترأس تحرير مجلة "دليلة" الأسبوعية من العام 1973 حتى 1978 وهي دوريّة روائية، مصوّرة، فنية، إجتماعية.
عمل في أمانة تحرير "الوكالة الوطنية للإعلام"، الصادرة عن وزارة الإعلام من العام 1978 حتى 1983، وهي المرحلة الحبلى بالتطورات والتداعيات الدراماتيكية على مستوى الوطن، حيث الحرب بلغت ذروتها.
هاجر إلى سان فرنسيسكو في الولايات المتحدة الاميركية السنة 1983، وأتمّ دورة باللغة الإنكليزية، قبل أن يتنقل بين ولايتي كاليفورنية وميتشيغن، وينشط في الصحافة، حيث انضم إلى الإذاعة العربية في كل من سان فرانسيسكو وديترويت، وتولى رئاسة تحرير مجلة "نغم" الشهرية (أدبية، فنية، سياسية)، الصادرة باللغة العربية في ديترويت.
مع حلول السنة 1987، إنتقل إلى أوستراليا، وأقام فيها، ولا يزال.
انتسب إلى "اتحاد الصحافيين الأوستراليين" منذ العام 1989، وكتب في بعض الصحف العربية الصادرة هناك، ومنها: النهار، والتلغراف، والشرق، والأنوار. كما نشر مقالات عدة في صحيفة "القدس العربي"، الصادرة في لندن.
انشأ في أوستراليا (أدلايد) مجلة "الملف" الشهرية (ثقافية، إجتماعية، تاريخية)، الناطقة باللسان العربي.
مثلما برز في الصحافة وتميّز، هكذا في التاريخ.
كمؤرّخ وباحث موضوعي، لم يتوقف كأكثرية أبناء جيله عند ثقافة تقليدية، بل جهد إلى التبحر ما وراء الواقعة التاريخية ليستخرج من أعماقها الحقائق بعد أن يفكك رموز طلسمها التي لم يتمكن مَنْ أبحر من قبل على تفكيكها.
وكما هي بهيّة شخصية الإنسان فيه، فإن شخصيته كباحث موسوعي في التاريخ هي الأبهى والأكثر سطوعًا.
أغنى المكتبة اللبنانية والعربية بباقة من المؤلفات الاستثنائية:
دير القلعة – بيت مري (بيروت العتيقة) 1967.
بيروت العتيقة (بيت مري) في التاريخ (الطبعة الأولى: 1971، المقدمة بقلم السفير عبد الله نجّار)، (الطبعة الثانية الموسعة: 2009).
سلسلة "تاريخ لبنان كما كان".
إلى جانب دراسات وأبحاث تاريخية نُشر بعضها في مجلة "لبنان"، الصادرة عن "مركز النشر اللبناني" في وزارة الإعلام، و"ملحق النهار"، إضافة إلى بعض الترجمات.
أعدت عن كتابه: "دير القلعة – بيت مري (بيروت العتيقة)"، وكتابه "بيروت العتيقة (بيت مري) في التاريخ"، أطروحات لنيل شهادة الليسانس وشهادة الماستير.
وردت نبذة من سيرته في موسوعة "وجوه مشرقة" للكاتب والصحافي أنطوان ناجي قزي، الصادرة باللغتين العربية والإنكليزية في سيدني – اوستراليا، بوصفه أحد "الكتّاب باللغة العربية" من المهاجرين اللبنانيين والعرب. كما ذكر اسمه في الحديث عن تاريخ الصحافة العربية في اوسترالية" بوصفه منشئ مجلة "الملف".
يبدو طموحه إلى إظهار الحقيقة، فعل تحدٍّ، يجعلنا، وبغير قصد منه، نقف إلى جانب الحق ضد الباطل. حيث ان عطاءاته للتاريخ اللبناني تشرق كما الشمس، وكالنار القوية تلدغ من أراد تشويه الحقائق. لقد عرفناه مفكرًا شجاعًا، يرى ما لا يراه الآخرون، ويتكلّم بما لا يتكلّمون.
إلتزم قضية الحقيقة بشكل مطلق ومتجرّد وعرف كيف يتعامل معها وكيف يبهر جمهور المثقفين، إذ عندما تفيض قريحته فهو الحكيم المتبصّر والخبير الرشيد.
شفيق سليمان الصحافي والباحث والمؤرّخ والمغترب، وجوه متعددة لعَلَم فرد هو ذخيرة للبنان لا تقدّر بثمن.
(بقلم: أنطوان فضّول)