ماذا لو سيطرت الولايات المتحدة على مضيقي هرمز وباب المندب؟

كتب أنطوان فضّول.
في ظل التصعيدات الجيوسياسية المتزايدة في الشرق الأوسط، يطرح مراقبون احتمال سيطرة الولايات المتحدة الأميركية بشكل مباشر أو غير مباشر على مضيقي هرمز وباب المندب، وهما من أهم الممرات البحرية في العالم من حيث إمدادات الطاقة والتجارة الدولية.
ويفتح هذا السيناريو الباب أمام تحولات استراتيجية واقتصادية كبرى على المستويين الإقليمي والدولي.
يمر عبر مضيق هرمز أكثر من 20% من صادرات النفط العالمية، وهو منفذ الخليج العربي إلى بحر العرب والمحيط الهندي.
وتُعد دول مثل السعودية، إيران، الإمارات، العراق، الكويت، قطر من أبرز الدول التي تعتمد عليه لتصدير نفطها.
أما مضيق باب المندب، فيربط البحر الأحمر بالمحيط الهندي ويشكل مسارًا استراتيجيًا للسفن المتجهة من الخليج إلى أوروبا عبر قناة السويس.
أي اضطراب في هذا المضيق ينعكس فورًا على حركة التجارة العالمية وأسعار النفط.
في حال نجحت واشنطن في فرض سيطرتها المباشرة على المضيقين، فإنها ستكون قد امتلكت ورقة ضغط استراتيجية على مستوى العالم، خاصة تجاه الدول المستوردة للطاقة، وعلى رأسها الصين، الهند، أوروبا.
هذا السيناريو سيمنح الولايات المتحدة قدرة شبه مطلقة على إدارة إمدادات الطاقة العالمية.
إيران التي لطالما استخدمت تهديد الملاحة في مضيق هرمز كورقة ردع في وجه الغرب، ستجد نفسها محاصرة وخاسرة لأحد أبرز مصادر نفوذها الإقليمي.
وقد يترافق ذلك مع تراجع في قدرتها على المناورة أو التصعيد في وجه العقوبات أو الضغوط الدولية.
ستشكل السيطرة الأميركية تضييقًا مباشرًا على المصالح الصينية، خاصة وأن بكين تعتمد بشكل كبير على استيراد النفط الخليجي عبر هرمز، وعلى تجارتها البحرية عبر باب المندب.
أما روسيا، فقد تواجه عرقلة في مشاريعها التوسعية بالمنطقة، وفقدان أوراق استراتيجية مهمة على البحر الأحمر.
دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، قد تجد نفسها أمام معادلة صعبة: حماية أميركية لإمداداتها النفطية، تقابلها تبعية استراتيجية أكبر وقيود محتملة على سياساتها الخارجية.
في المقابل، قد تستفيد إسرائيل من تقييد نفوذ خصومها، خصوصًا إيران.
مصر بدورها ستتأثر من أي تغيير في السيطرة على باب المندب، لما له من صلة مباشرة بحركة الملاحة عبر قناة السويس، وما لذلك من انعكاسات اقتصادية وأمنية.
السيطرة الأميركية، إن تحققت، لن تمر من دون ردود فعل.
فاحتمالات تصاعد الهجمات على القوات الأميركية في المنطقة ستكون واردة، إلى جانب إمكان نشوء تحالف جيوبوليتيكي واقتصادي مضاد يضم الصين وروسيا وإيران ودولًا أخرى تسعى إلى كسر الهيمنة الأميركية على الممرات الحيوية.
يمثل هذا السيناريو ذروة التفوق الاستراتيجي الأميركي في المنطقة، لكنه في الوقت نفسه ينطوي على مخاطر استنزاف عسكري واقتصادي، واحتمال اندلاع مواجهات إقليمية ودولية.
فالمضائق هي نقاط اشتعال محتملة في صراع النفوذ العالمي.