الجماعة الإسلامية تستعيد نشاطها الميداني في لبنان

إستعادة «قوات الفجر» دورها في العمل العسكري ضد إسرائيل سعّرت الحملة على الإخوان المسلمين في لبنان وبدأت عملية تأيب الشارع السني ضدّهم بتهمة «التصاقهم» بحزب الله.
لم تشكّل الجماعة الإسلاميّة يوماً خطراً على غيرها من القوى السياسيّة في «الشارع السنيّ». ولطالما نُظر إليها كحالة محصورة في «جيوب» بعض المدن وقرى الأطراف، تقتات من بيئة تنمو على العقيدة الإسلاميّة المتشدّدة نوعاً ما، من دون أن يسجّل لها فوز مدوٍّ في منازلة شعبيّة أمام التيّارات السياسيّة الأكثر انفتاحاً وعلمانيّة.
هكذا، بقيت الأصوليّة الدينيّة مصدر أمان بالنسبة إلى القوى السنيّة غير العقائديّة، لمراوحتها مكانها، وخصوصاً أنّ «الأشهر الذهبية» في العقد المنصرم، سرعان ما انتهت بعد سلسلة هزائم مُني بها «الإخوان المسلمون» في المنطقة، تُوّجت بـ«الضربة القاضية» عبر إسقاط نظام الرئيس المصري محمّد مرسي، فيما فضّل نظام الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عدم التغلغل في التفاصيل اللبنانيّة مُبقياً على «شعرة معاوية» في التعاطي مع حلفائه. غياب الغطاء الإقليمي وانخفاض المداخيل الدّاخلية أرخيا تدهوراً في أوضاع الجماعة الماليّة ودفعها إلى عصر النفقات وخفض موازنات عدد من مؤسّساتها وقطع الهواء عن إذاعة «الفجر»، الناطقة باسمها، في بعض المناطق.
وعلى المستوى العسكري، لم ينظر المتابعون إلى مواظبة «قوات الفجر» على متابعة مهامها العسكريّة كأمر يستحق التوقّف عنده، وخصوصاً أنّ عناصرها القليلين كانوا يعملون في أغلب الأحيان سراً ومن دون قدرات عسكريّة يُعتدّ بها في ظل أزمة ماليّة وتدقيق أمني، حتى كادت «قوات الفجر» تُمحى من الذاكرة.
التقليل من شأن «الجماعة» كان من شيَم حلفائها وخصومها على حدّ سواء، إذ لم يروا فيها إلا نائباً واحداً لا يصل إلى البرلمان من دون «دفشةٍ» من القوى السياسيّة الأُخرى، وعلى رأسها تيّار المستقبل. لذلك، بقي «القرار السياسي» منسجماً مع «المستقبليين»، حتّى باتت «الجماعة» في بيروت تُصوَّر على أنّها حديقة خلفيّة لبيت الوسط. وهذا كان واحداً من الأسباب التي «شلّعت» تنظيم «أبناء الشيخ حسن البنّا» وأنتج فرقاً تُغني كل منها على هواها في منزل واحد.
اليوم، كلّ هذا اختلف. منذ أن لمع نجم «قوات الفجر» في العمل المقاوم ضد اإسرائيل أخيراً، بدأت «النقزة» من «الجماعة الإسلاميّة» تكبر، وخصوصاً بعدما استعادت دورها القيادي في القضيّة الفلسطينيّة ما أكسبها جماهيريّة وحيويّة غير تقليديّة داخل مراكزها. فهي الفصيل السني الوحيد عربياً الذي يُساند غزة عسكرياً، ما حوّلها إلى «مغناطيس» لكثيرين من الشبّان اللبنانيين الذين يرون أن فلسطين متروكة من أبناء جلدتهم.
رغم أن آلية فتح باب الجهاد لا تزال حساسة في الوقت الحالي، وخصوصاً أنّ الوضع لا يستلزم النفير العام في الجنوب، فإن الجماعة الإسلامية عادت للعمل ضمن مجموعات قليلةـ إدراكًا منها بأهميّة استعادة الجماعة لدورها المقاوم.
وإذا كانت عمليّة «طوفان الأقصى» وتأييد «حماس» قد أعادا الوهج إلى الجماعة في لبنان، فإن مسؤوليها لم يسلموا من الانتقاد والهجوم، وآخره من عدد من نواب العاصمة رفضاً لما سمّوه «العراضة العسكريّة» التي رافقت تشييع أحد شهداء «الجماعة» أخيراً. الانتقاد كان تحت الطاولة قبل أن يخرج إلى العلن، على لسان النواب: وضاح الصادق وفؤاد مخزومي وإبراهيم منيمنة ومارك ضو. وأرفق هؤلاء انتقاداتهم بتأليب الشارع على الجماعة واتهامها بأنها ليست سوى «غطاء سني» لعمليات حزب الله العسكريّة.