تداعيات مقتل منسق حزب "القوات اللبنانية" في جبيل

وقعت حادثة لم تكن متوقعة في شكلها وتوقيتها ومسرحها، تمثلت بتعرّض منسق حزب "القوات اللبنانية" في منطقة جبيل باسكال سليمان للخطف بعد ظهر الأحد 7 نيسان 2024، وهو من أبناء بلدة ميفوق الجبيلية.
وقالت مصادر مطلعة على ما توافر من معلومات لـ"الجمهورية"، انّ سليمان خُطف في مكان يقع ما بين بلدتي حاقل وعبيدات في وسط القضاء، بعدما قدّم واجب العزاء في بلدة الخاربة المجاورة الواقعة على بعد كيلومترات من مكان اختطافه عندما كان وحيداً في سيارته. وتابع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الحادثة، وطلب في سلسلة اتصالات مع وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي وقائد الجيش العماد جوزف عون والقادة الأمنيين، تكثيف التحقيقات والتنسيق في ما بين الاجهزة الامنية لكشف ملابسات القضية في اسرع وقت وإعادة سليمان سالماً الى عائلته.
وفي موازاة التدابير الأمنية التي بوشرت، تداعى "القواتيون" ومناصرون لهم الى التجمع امام المقار الحزبية في المنطقة، ولا سيما منها مقر مستيتا، لمواكبة التدابير المتخذة لمعالجة الحادث.
وفي الوقت الذي تردّد انّ ثلاثة مسلحين نفّذوا عملية الخطف، وصل رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ليلًا الى منسقية "القوات" في مستيتا - جبيل. وكان سبقه الى هناك عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب زياد الحواط ونائب "التيار الوطني الحر" سيمون ابي رميا، الذي اعتبر أنّ وجوده في جبيل تضامناً مع أهلها استنكاراً لما تعرضّ له سليمان "هو وجود طبيعي ولا سيما مع أخوتنا في القوات اللبنانية". ولفت إلى أنّ علاقته "ممتازة بالشخصي مع سليمان وأصلاً لديه وجود اجتماعي وحاضر دائماً في كل المناسبات وشخص محبب على القلوب". وتمنّى "لعائلة سليمان وزوجته أن يعود في سلام وبأسرع وقت ممكن، وأن تقوم الأجهزة الأمنية بالواجب والتنسيق في ما بينها لنصل إلى نتائج سريعة، لأنّه كلما طالت الأمور فإنّ التساؤلات تكبر معها. فالتمنيات أن تكون النتائج سريعة ويعود باسكال إلى منزله سريعاً وألّا تكون هناك أي خلفية خبيثة وجهنمية وراء ما حصل".
وكُشف ليلاً عن تعميم داخلي لـ"القوات" على المحازبين دعاهم الى "ضرورة البقاء على جهوزية تامة في انتظار توجيهات القيادة الحزبية". وتمنّى عليهم "عدم التداول بأي معلومات أمنية واتهامات مسبقة حفظًا على أمن المنسق المخطوف حتى اتضاح الصورة".
كما صدر عن الدائرة الإعلامية في حزب "القوات اللبنانية"، البيان الآتي: "يدعو حزب "القوات اللبنانية" جمعيات تجار جبيل ووجهاءها وبلدياتها ومخاتيرها إلى إقفال جميع المحال في جبيل ومنطقة جبيل ساحلاً ووسطاً وجرداً غداً الاثنين ( اليوم) استنكاراً لخطف ابن جبيل باسكال سليمان، ويدعو الاحزاب والشخصيات الحليفة والمستقلة إلى الوقوف صفاً واحداً استنكاراً وصداً لأي اعتداء على الحريات العامة والخاصة في لبنان".
يوم الإثنين 8 نيسان 2024، تمّ العثور على المواطن باسكال سليمان جثة في الداخل السوري وإستخبارات الجيش تعمل على استعادة الجثة بالتنسيق مع الصليب الأحمر اللبناني والمعلومات تربط العملية بعصابة سرقة سيارات.
أعلن الجيش اللبناني، ليل الاثنين 8 نيسان 2024، أن منسق حزب «القوات اللبنانية» في منطقة جبيل (شمال لبنان) باسكال سليمان، المخطوف منذ الأحد، قُتِل من قبل الخاطفين أثناء محاولتهم سرقة سيارته في منطقة جبيل (شمال لبنان)، وأنهم نقلوا جثته إلى سوريا.
وكان التحرك السريع للجيش اللبناني، بحثاً عن قيادي المخطوف سليمان، طوق توتراً سياسياً وشعبياً تصاعد في منطقة جبيل في شمال محافظة جبل لبنان وانتهى بإقفال المدينة وأوتوستراد بيروت – الشمال، احتجاجاً على اختطافه.
وأثارت الحادثة غضباً واسعاً، حيث تجمع مناصرو «القوات اللبنانية» في مركز للحزب في منطقة جبيل، وهدّدوا بالتصعيد وإغلاق الطرقات في حال عدم الإفراج عنه. وشارك رئيس الحزب سمير جعجع المناصرين في وقفتهم، وأعطى تعليماته لتهدئة الأمور، في وقت انضم ممثلون لـ«حزب الكتائب اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» إلى المحتجين؛ تضامناً مع عائلته وحزبه.
وبلغ عدد الموقوفين تسعة حتى قبل ظهر الاثنين، تبين أن أحدهم ضالع في عملية الخطف.
وتولّت «مديرية المخابرات» مهام التحقيق والمتابعة والملاحقة والتوقيف، كما تولت مهمة تفريع كاميرات المراقبة، وتقوم بالمهمة بالتنسيق مع القضاء المختص.
في الموازاة، لا تلوح في أفق البلد أي فرصة أمل بوقف تخبّطه السياسي والأمني والاقتصادي والمالي والاجتماعي على حافة الهاوية، فالعقول السياسية مجمّدة، وكلّ شيء فيه معطّل ومشلول، ويشلّ قدرته على الخروج من دوامة الأزمات المستعصية المتناسلة من بعضها البعض، وعلى النجاة من واسباب وعوامل التفسخ التي تتراكم على مدار الساعة، وتنذر، بخلفيتها السياسية والشعبوية، بخلق وقائع وإحداث منزلقات عواقبها وخيمة وكارثية على كل اللبنانيين.
عشية الذكرى 49 لحرب ١٣ نيسان 1975، شيّعت فيه القوات اللبنانية باسكال سليمان الى مثواه الأخير بعد القداس الذي أقيم لراحة نفسه في كنيسة مار جرجس جبيل، وترأسه البطريرك الراعي، وسط تضارب في المعلومات حول الجريمة التي يصر حزب القوات على اعتبارها "سياسية حتى يثبت التحقيق العكس".
يوم الجمعة 12 نيسان 2024، في جناز باسكال سليمان تخطى لبنان قطوع استثمار الجريمة في وقت يشهد العالم حبس أنفاس مع اقتراب الموعد المفترض للرد الإيراني على الاستهداف الإسرائيلي لقنصلية إيران في دمشق، حيث تشير معطيات متعددة المصادر إلى أن موعد هذا الردّ قد يكون قاب قوسين أو أدنى.
وللمرة الأولى تسجل السفارة السورية في لبنان موقفاً من الحدث ببيان رسمي أكدت فيه "حرصها على العلاقة الأخوية بين البلدين"، وأعربت عن "أسفها وإدانتها للجريمة التي ارتكبت بحق أحد المواطنين اللبنانيين وبعض ردود الأفعال عليها التي أدت الى اعتداءات مستنكرة طالت بعض المواطنين السوريين بما يخالف العلاقة الأخوية بين البلدين ويسيء الى كرامة المواطن اللبناني والسوري".
وأكدت السفارة "على موقف الجمهورية العربية السورية من ملف النزوح وأن سوريا كانت ولاتزال مع عودة أبنائها الى بلادهم، وهي لا تدخر جهداً لتسهيل هذه العودة، والحكومة اللبنانية على معرفة ودراية بهذا الأمر".
وشددت السفارة على "أن ما يعيق عودة السوريين الى بلادهم هو تسييس ملف النزوح من قبل الدول المانحة وبعض المنظمات الدولية المعنية بملف النازحين واللاجئين، وكذلك الإجراءات القسرية الأحادية المفروضة على الشعب السوري والتي تشمل اثارها السلبية المواطن السوري واللبناني". وفي البيان تعيد السفارة التأكيد على "حرص سوريا على أمن لبنان واستقراره وعلى التعاون مع أجهزته المختصة لتسليم المطلوبين من الجانبين بما يحقق مصلحة البلدين الشقيقين".
يوم الجمعة 19 نيسان 2024، وفي جديد ملف خطف في جريمة اغتيال منسق «القوات اللبنانية» في جبيل باسكال سليمان، فتسلَّم النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار من مخابرات الجيش ملفّ التحقيق الأوّلي في الجريمة، وأحاله الى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان طالباً إجراء المقتضى القانوني. وأحيل مع الملف ستة موقوفين من التابعية السورية بينهم الموقوفون الأربعة الذين نفّذوا الجريمة بداعي سلب المغدور سيارته بحسب إفاداتهم الاولية. ولا تزال الجهات الأمنية تنتظر توقيف اثنَين سوريين من المطلوبين في هذه الجريمة من الأمن السوري الذي كان وعد بتسليمهما من اصل خمسة مطلوبين بينهم لبنانيون.