المشهد اللبناني

المشهد اللبناني من يوم الأربعاء 1 كانون الثاني 2025، حتى يوم الجمعة 17 كانون الثاني 2025، إعداد: أنطوان فضّول
يوم الأربعاء 1 كانون الثاني 2025، ومع دخول لبنان عام 2025، أطلّت عليه بوادر التحولات الكبرى وسط أجواء مشحونة بالأمل والقلق في آنٍ معاً. فبينما استمرت الاحتفالات بقدوم السنة الجديدة في معظم المناطق اللبنانية رغم الظروف الصعبة، بقيت الأنظار متجهة نحو جلسة التاسع من كانون الثاني، التي عُقد عليها الكثير من الآمال لإنهاء الفراغ الرئاسي المستمر. لقد بدت الاحتفالات وكأنها محاولة لتجاوز الماضي القاتم الذي أثقل كاهل اللبنانيين، فيما ظهرت مؤشرات على جدية القوى السياسية في التعامل مع هذا الاستحقاق باعتباره فرصة لإنهاء الأزمات المتراكمة.
شهدت الساعات الأخيرة حراكاً سياسياً مكثفاً، كان أبرز ملامحه تصاعد الحديث عن احتمال ترشيح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع. على الرغم من التباينات في مواقف القوى السياسية، إلا أن تصريح رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل أضفى أبعاداً جديدة على المشهد. فقد أشار إلى أولوية الشرعية الشعبية التي يمتلكها جعجع، لكنه اشترط قدرته على جمع اللبنانيين وحل الأزمات الوطنية، مما يعكس حاجة البلاد إلى توافق واسع النطاق حول المرشح الأنسب.
وفي السياق ذاته، شهدت بكركي لقاءات مكثفة، أبرزها اجتماع البطريرك بشارة الراعي مع الرئيس السابق ميشال سليمان الذي دعا إلى إعلان حياد لبنان في السنة الجديدة. كما التقى البطريرك نائب رئيس حزب الكتائب، النائب سليم الصايغ، الذي شدّد على ضرورة انتخاب رئيسٍ حرّ قادر على استعادة ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي بعيداً عن التسويات التقليدية التي كرّست الأزمات.
على الصعيد الأمني، شهد الجنوب تطورات لافتة مع تمركز وحدات الجيش اللبناني في بلدة شمع - صور، بالتنسيق مع قوات اليونيفيل، في إطار تعزيز اتفاق وقف إطلاق النار. وأعلنت قيادة الجيش بدء عمليات إزالة الذخائر غير المنفجرة، داعية المواطنين إلى الالتزام بتعليمات الوحدات العسكرية حفاظاً على سلامتهم. في المقابل، حذّرت السلطات الإسرائيلية سكان جنوب لبنان من العودة إلى قراهم في الوقت الراهن، ما يعكس استمرار التوتر على الحدود.
وسط هذه المشاهد، يبقى لبنان في مواجهة تحديات مصيرية تحتاج إلى تكاتف داخلي ودعم دولي، بينما يُعقد الكثير من الآمال على أن تحمل جلسة التاسع من كانون الثاني بداية جديدة نحو استعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي.
يوم الخميس 2 كانون الثاني 2025، شهدت الساحة اللبنانية تطورات متسارعة تمحورت حول الاستحقاق الرئاسي المقبل والمشهد السياسي العام في البلاد. ومع اقتراب موعد الجلسة البرلمانية المخصصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، تكثفت الاتصالات السياسية واللقاءات بين مختلف القوى المحلية والإقليمية والدولية. فالتجاذبات السياسية اشتدت بين قوى المعارضة المتمسكة برفض التدخل الإيراني في الشؤون اللبنانية، ومؤيدي التوجهات الحالية القائمة على التفاهمات الإقليمية.
من الناحية الدبلوماسية، عززت فرنسا حضورها في الملف اللبناني عبر المبعوث الرئاسي جان إيف لودريان، الذي تزامن وصوله مع اتصالات أجرتها باريس مع طهران ودمشق. أما السعودية، فقد لوّحت بإرسال مستشار وزير الخارجية يزيد بن فرحان بدلاً من الوزير نفسه، في حين لم يتأكد بعد وصول الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، الذي ينتظر لبنان دوره في حماية وقف إطلاق النار وتعزيز الاستقرار.
على صعيد التحضيرات المحلية، ركزت القوى السياسية جهودها على غربلة أسماء المرشحين للرئاسة، مع استمرار الانقسام بين المطالبين برئيس يواكب المتغيرات الإقليمية والدولية وآخرين يفضلون الالتزام بالخيارات التقليدية. وأعلن حزب القوات اللبنانية بلسان النائب فادي كرم عن جدية ترشح رئيس الحزب سمير جعجع، شرط تأمين تأييد واسع من الكتل النيابية، بينما أثار موقف التيار الوطني الحر بشأن دعم جعجع تساؤلات حول مدى جديته.
في موازاة ذلك، عكست اللقاءات السياسية التي شملت مرشحين مستقلين مثل فريد هيكل الخازن توجهات نحو التوافق على مرشح وسطي، وسط تأكيدات بأن الوصول إلى رئيس توافقي هو السبيل لتجنب مزيد من الانقسامات.
أما المعارضة النيابية، بقيادة النائب أشرف ريفي، فقد أعلنت رفضها لأي مرشح مدعوم من إيران، مشددة على ضرورة إنتاج سلطة جديدة تتبنى سيادة لبنان وتنفيذ الإصلاحات. في حين استمر حزب الله في دعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، مع إبقاء الأبواب مفتوحة على خيارات بديلة في حال تراجع حظوظه.
على المستوى الحكومي، عُقدت جلسة لمجلس الوزراء تناولت ملفات حساسة، أبرزها طلب وزارة الزراعة رفع شكوى ضد الاحتلال الإسرائيلي بسبب انتهاكاته المستمرة، ومناقشة تعديل الحد الأدنى للأجور. في المقابل، أُثير جدل حول دور إيران في إعادة إعمار المناطق المتضررة، حيث أطلق وزير العمل مصطفى بيرم تصريحات حادة ضد من يحاول منع الأموال الإيرانية.
ميدانيًا، تصاعدت التوترات على الحدود الجنوبية مع تكرار الخروقات الإسرائيلية. وشملت هذه الخروقات عمليات توغل في مناطق حدودية، ترافق بعضها مع قصف استهدف مواقع حزب الله، الذي أكد استعداده للرد في حال استمر التصعيد.
بالمحصلة، يمر لبنان بمرحلة دقيقة وحساسة تتطلب توافقًا داخليًا ودعمًا خارجيًا للخروج من أزماته المتراكمة. ومع اقتراب موعد الجلسة البرلمانية، يبقى المشهد مفتوحًا على جميع الاحتمالات، بانتظار ما ستفرزه الأيام القليلة المقبلة من تفاهمات أو مواجهات جديدة.
التطورات اللبنانية الأخيرة تعكس ديناميكية معقدة على الساحة السياسية والأمنية، في ظل تصاعد الأزمات الداخلية والإقليمية. فقد شهدت الأيام الماضية تطورات بارزة على صعيد الاستحقاق الرئاسي، مع وصول الأمير يزيد بن فرحان المكلف بملف لبنان في الخارجية السعودية إلى بيروت، برفقة السفير السعودي وليد بخاري. جاءت الزيارة كمؤشر على التزام المملكة بمساعدة لبنان لتجاوز أزمته الراهنة وتقليل تبعاتها الإنسانية، فضلاً عن تأكيد دعم الجهود الدولية لتعزيز استقرار لبنان وسيادته. الأمير بن فرحان عقد لقاءات سياسية بارزة، شملت الرئيس نبيه بري، الذي أعلن تصميمه على إنجاز انتخاب رئيس للجمهورية خلال الجلسة المقبلة. كما التقى قائد الجيش العماد جوزاف عون وشخصيات سياسية أخرى.
وفي سياق التحضير للجلسة النيابية المرتقبة، نشطت يوم الجمعة 3 كانون الثاني 2025، الاتصالات بين الكتل النيابية في محاولة لتشكيل تكتلات عابرة للطوائف، مع تصاعد التنافس بين المرشحين جهاد أزعور وسليمان فرنجية، وظهور احتمال ترشيح اللواء إلياس البيسري بدعم من الثنائي الشيعي. ورغم ذلك، ظلّت الشكوك قائمة حول إمكانية تأمين النصاب أو التوصل إلى توافق على اسم المرشح النهائي، وسط استنفار المعارضة تحسباً لأي مفاجآت.
على الصعيد الأمني، برزت اشتباكات بين الجيش اللبناني وعصابات سورية حاولت إعادة فتح معابر غير شرعية على الحدود الشرقية. الجيش اللبناني ردّ بحزم، ما أدى إلى إصابات في صفوفه وصفوف المسلحين. وتجددت الاشتباكات لاحقاً، وسط إجراءات مشددة لمنع التهريب وحماية السيادة الحدودية. وعلى الجانب الآخر، تصاعدت التوترات في الجنوب مع استمرار الخروقات الإسرائيلية، التي شملت عمليات نسف وتجريف وتحذيرات لسكان المناطق الحدودية.
وفي الشأن الإقليمي، جرى اتصال بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والمسؤول السوري أحمد الشرع، تناول الاعتداءات على الحدود. دعا الشرع ميقاتي لزيارة سوريا لبحث الملفات الثنائية. في هذا الوقت، فرض الأمن العام اللبناني إجراءات تفتيش مشددة في مطار رفيق الحريري الدولي، ما أثار انتقادات من شخصيات دينية وسياسية، وسط اتهامات بالتعرض لحقائب دبلوماسية إيرانية.
أما على المستوى الدولي، فقد أثنى مسؤولون أميركيون على أداء الجيش اللبناني في الجنوب، خصوصاً في إزالة الذخائر المتفجرة وضمان عودة النازحين. وتزامنت هذه الإشادة مع زيارة مرتقبة للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان لمتابعة ملف وقف إطلاق النار.
إجمالاً، تعكس هذه التطورات تعقيد المشهد اللبناني، حيث تتداخل الأبعاد السياسية والأمنية والإقليمية، في وقتٍ يسعى فيه لبنان للبحث عن حلول تضمن انتخاب رئيس جديد وإعادة الاستقرار للبلاد.
يوم السبت 4 كانون الثاني 2025، شهدت الساحة اللبنانية سلسلة من التطورات السياسية والأمنية التي عكست تعقيدات المشهد الداخلي والإقليمي. فقد بدأ العد العكسي للجلسة الرئاسية المقررة في التاسع من كانون الثاني، وسط استمرار ضبابية الترشيحات وعدم بلورتها نهائياً بين الفرقاء السياسيين. وبينما ترقبت الأوساط السياسية والشعبية نتائج هذه الجلسة، سادت مخاوف من تكرار سيناريو الجلسات السابقة. في هذا السياق، جدد "اللقاء الديمقراطي" موقفه الداعم لترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون، فيما قام الوفد السعودي برئاسة الأمير يزيد بن محمد بن فهد الفرحان بجولة بعيدة عن الأضواء شملت المسؤولين السياسيين لمناقشة الملف الرئاسي عشية الجلسة المنتظرة، وتم تمديد الزيارة لمزيد من المشاورات.
في خضم هذه الأجواء، أكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط دعمه لترشيح العماد عون، معتبراً أن هذا الدعم ينسجم مع قناعة الحزب بأهمية الاستقرار والأمن. كما شدد على ضرورة مواجهة الخروقات الإسرائيلية المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار وتحمل الجهات المعنية مسؤولية لجم هذه الانتهاكات التي تعيق بسط السيادة اللبنانية. وأكد جنبلاط دعمه الإجراءات الأمنية لضبط الحدود مع سوريا ومنع التهريب، إلى جانب تعزيز الرقابة في المرفأ والمطار.
في إطار الاهتمام الدولي بالملف الرئاسي، أفادت مصادر متابعة أن الوفد السعودي نقل رسالة حازمة بشأن ضرورة انتخاب رئيس جديد في الموعد المحدد، مشدداً على أهمية أن يستعيد الرئيس الجديد ثقة المجتمعين العربي والدولي، حيث تتوقف علاقات دول الخليج مع لبنان على توجهات الرئيس المنتخب.
كما حمل الموفد الأميركي آموس هوكشتاين رسالة مشابهة، مع تأكيده متابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل. في موازاة ذلك، بحث رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد مع رئيس مجلس النواب نبيه بري أهمية مقاربة الاستحقاق الرئاسي بموقف متماسك.
على صعيد آخر، صعّد حزب الله من خطابه السياسي والأمني، حيث أكد الشيخ نعيم قاسم أن المقاومة غير مرتبطة بجداول زمنية وأنها لن تسمح لإسرائيل بفرض شروطها أو إعادة تشكيل المشهد الحدودي. وفي ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية، زعمت وسائل إعلام إسرائيلية أن تل أبيب لن تنسحب من لبنان بعد انتهاء مهلة الستين يوماً، مشيرةً إلى نواياها بمنع سكان القرى الحدودية من العودة إلى منازلهم.
في هذا السياق، أشار العميد المتقاعد ناجي ملاعب إلى أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها الميدانية خلال معركتها البرية، ما دفعها للقبول باتفاق وقف النار رغم خسائرها الفادحة. وأوضح أن الوضع الميداني والسياسي فرض على حزب الله خيارات محدودة، في ظل دعم أميركي لإسرائيل في مواصلة انتهاكاتها.
يتضح أن غموض الاستحقاق الرئاسي واستمرار التوترات الحدودية يهددان بإبقاء البلاد في حالة من اللااستقرار، ما لم تتفق القوى السياسية على رئيس جديد يعيد توجيه لبنان نحو مسار يعزز وحدته وسيادته.
يوم الأحد 5 كانون الثاني 2025، شهدت الساحة اللبنانية تطورات متسارعة خلال الأيام الماضية، خصوصاً على الصعيدين السياسي والأمني، حيث تكثفت الاتصالات الداخلية والخارجية لحسم الاستحقاق الرئاسي الذي يشهد تأجيلاً مستمراً وسط تعقيدات داخلية وإقليمية.
على الصعيد السياسي، استكملت الكتل النيابية مداولاتها بشأن الموقف من جلسة انتخاب الرئيس المقررة في التاسع من كانون الثاني. شهدت هذه الفترة حراكاً سعودياً وأميركياً لافتاً، حيث التقى الموفد الأميركي آموس هوكشتاين في الرياض مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، لبحث التطورات اللبنانية. هذا اللقاء، الذي شارك فيه مستشار الشؤون اللبنانية الأمير يزيد بن محمد الفرحان، عكس تنسيقاً واضحاً بين الطرفين لمعالجة الشغور الرئاسي.
في السياق ذاته، قام الأمير يزيد بزيارة لبنان استمرت ثلاثة أيام، حيث عقد سلسلة اجتماعات معلنة وسرية مع قيادات سياسية وروحية لبنانية. ورغم تكتمه على نتائج الزيارة، أشار بعض النواب إلى أن قائد الجيش العماد جوزيف عون بات اسماً بارزاً ضمن الخيارات الرئاسية، في حين شدد الموفد السعودي على ضرورة تحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة، والتزام لبنان باتفاق الطائف وحصر السلاح بيد الدولة.
على الجانب الآخر، تواصلت الجهود لتشكيل تكتل نيابي جديد يهدف إلى توحيد المواقف بشأن الاستحقاق الرئاسي. أفادت مصادر أن هذه المساعي شملت تكتلاً وطنياً واسعاً يضم نواباً من مختلف الطوائف والمناطق، مع التركيز على توسيع المشاركة النيابية في التكتل.
وفي ظل هذه التطورات، أكدت مصادر سياسية أن نتيجة الحراك السعودي والأميركي ستظهر قريباً، إما عبر توافق يؤدي إلى انتخاب رئيس جديد، أو تأجيل الجلسة مرة أخرى.
أما على الصعيد الأمني، فقد تصاعدت الانتهاكات الإسرائيلية جنوباً، حيث توغلت قوات الاحتلال في مناطق لبنانية عدة، منها الطيبة وعيترون، وارتكبت أعمالاً عدائية شملت إطلاق النيران، تفجير منشآت، وتجريف أراضٍ. ورغم الجهود المبذولة من اللجنة الخماسية الدولية – اللبنانية – الإسرائيلية لضمان وقف إطلاق النار، إلا أن إسرائيل استمرت في خروقاتها بشكل خطير وممنهج، مما أثار قلقاً واسعاً محلياً ودولياً.
في موازاة ذلك، شهدت مدينة طرابلس احتجاجات نظمها أهالي المعتقلين الإسلاميين، مطالبين بالإفراج عن ذويهم المحتجزين في السجون اللبنانية. هذه الاعتصامات تأتي في ظل أجواء من التوتر الاجتماعي والسياسي، مما يعكس تعقيد الوضع الداخلي اللبناني.
ختاماً، يتسم المشهد اللبناني بتشابك الملفات السياسية والأمنية، حيث يبقى الاستحقاق الرئاسي محور الاهتمام، في ظل التدخلات الخارجية والمفاوضات الداخلية المستمرة، بينما تظل الانتهاكات الإسرائيلية تهديداً دائماً لأمن الجنوب وسيادة لبنان.
يوم الإثنين 6 كانون الثاني 2025، أكد المبعوث الأميركي آموس هوكستين أن الجيش الإسرائيلي سينسحب من كامل الأراضي اللبنانية، لكنه أقرّ بأن تنفيذ اتفاق وقف النار ليس سهلاً.
وفيما جدد التأكيد على الالتزام بدعم الجيش اللبناني، قال بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري: «تسرني دائماً العودة إلى بيروت لمتابعة وقف الخروق بين لبنان وإسرائيل، ونتابع تنفيذ الاتفاق، كما أن الجيش الإسرائيلي بدأ انسحابه من الناقورة وسيستمر بذلك إلى حين الخروج من كامل الأراضي اللبنانية»، مشدداً على «ضرورة التوصل إلى توافقات، والتركيز على إعادة بناء الاقتصاد والإعمار».
وتزامنت زيارة هوكستين إلى بيروت حيث التقى مسؤولين لبنانيين، بانسحاب الجيش الإسرائيلي من بلدة الناقورة التي احتلها خلال توغله البري قبيل أيام من سريان قرار وقف النار، ليدخلها الجيش اللبناني ويتمركز في المواقع التي تحت السيطرة الإسرائيلية.
ويعوّل لبنان على نتائج مهمّة المبعوث الأميركي الذي رعى صياغة اتفاق وقف النار وتوقيعه بين الطرفين اللبناني والإسرائيلي، وبدا لافتاً أن الزائر الأميركي استهلّ نشاطه بلقاء قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون في مكتب الأخير في اليرزة، قبل أن ينتقل إلى الجنوب، ثم عاد إلى بيروت ليلتقي رئيسي البرلمان نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي حيث قال "ما زال لدينا 20 يوماً وسنستمر بالعمل الذي قمنا به لانسحاب الجيش الاسرائيلي وانتشار الجيش اللبناني بمواكبة قوات اليونيفيل».
وأضاف هوكستين: «أجرينا مباحثات بناءة للغاية وتم البحث في قرار وقف النار ووقف الأعمال العدائية، والرئيس ميقاتي أظهر التزاماً بالاستمرار في تطبيق هذا الاتفاق».
وبموازاة خروقاتها البرية والجوية للسيادة اللبنانية، نفذت إسرائيل ما التزمت به لجهة انسحابها من منطقة الناقورة، وتسلّم الجيش اللبناني المواقع التي أخلاها الجيش الإسرائيلي، وأعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش اللبناني، في بيان، أن «وحدات الجيش تمركزت حول بلدة الناقورة – صور، وبدأت الانتشار فيها بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)».
وأكد البيان أن «الانسحاب الإسرائيلي حصل بالتزامن مع انعقاد اجتماع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار في رأس الناقورة في حضور كبير مستشاري الرئيس الأميركي جو بايدن، السيد آموس هوكستين»، مشيراً إلى أن الجيش «سوف يستكمل الانتشار خلال المرحلة المقبلة، وستُجري الوحدات المختصة مسحاً هندسياً للبلدة بهدف إزالة الذخائر غير المنفجرة». ودعت قيادة الجيش إلى «عدم الاقتراب من المنطقة والالتزام بتعليمات الوحدات العسكرية إلى حين انتهاء الانتشار».
إلى ذلك، واصلت إسرائيل اعتداءاتها في المناطق والبلدات التي تحتلها في جنوب لبنان، وأفادت مصادر ميدانية بأن «دورية تابعة لقوات الاحتلال، اختطفت عدداً من المزارعين بينهم 5 لبنانيين و14 سورياً بينهم 4 نساء كانوا يعملون جميعاً في سهل المجيدية في قضاء حاصبيا، ولاحقاً تمّ الإفراج عن النساء الأربع واقتادت المختطفين إلى داخل فلسطين المحتلة».
واستهدفت دبابة «ميركافا» إسرائيلية أحد المنازل في بلدة عيترون لناحية بلدة عيناتا الشعب، فيما وجه الجيش الإسرائيلي تهديداً إلى سكان عدد من القرى في جنوب لبنان، وتوجه الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إلى الأهالي، قائلاً: «لا ينوي جيش الدفاع استهدافكم، ولذلك يحظر عليكم في هذه المرحلة العودة إلى بيوتكم من هذا الخط جنوباً حتى إشعار آخر، وكل من ينتقل جنوب هذا الخط يعرض نفسه للخطر».
في هذا الوقت عمل «الدفاع المدني اللبناني» على انتشال جثث 7 أشخاص من تحت الأنقاض في بلدة الخيام، يعتقد أنهم من مقاتلي «حزب الله».
يوم الأربعاء 8 كانون الثاني 2025، البلاد على قاب قوسين من انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية، ليصبح الرئيس الرابع عشر بعد الاستقلال. تطور جاء كجزء من تحولات جذرية شهدتها لبنان وسوريا وفلسطين والمنطقة ككل، ما يعكس توافقاً محلياً وعربياً ودولياً على أهمية هذا الاستحقاق.
عشية انعقاد الجلسة الرسمية، تهيأت الكتل النيابية للتصويت لصالح العماد عون، الذي حظي بدعم واسع النطاق. على الساحة الدولية، شهد لبنان زيارات مكثفة من موفدين دوليين، بينهم الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان، الذي التقى مسؤولين لبنانيين بارزين، والموفد الفرنسي جان إيف لودريان، الذي قام بجولة شملت كتلة الوفاء للمقاومة، والنائب جبران باسيل، والنائب فيصل كرامي، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط.
في سياق داخلي، أعلنت حركة أمل وحزب الله وحدة الموقف والتزام التوافق، كما انسحب المرشح سليمان فرنجية لصالح العماد عون، ما عزز التوجه نحو انتخابه. في المقابل، استمرت بعض الكتل، مثل التيار الوطني الحر، في إبداء اعتراضها، معتبرةً أن العملية الانتخابية تفتقر إلى الشروط الدستورية اللازمة.
التحركات السياسية اتسمت بتنسيق عالٍ، حيث عقدت اجتماعات مكثفة بين الأطراف السياسية. أظهرت الإحصائيات الأولية أن العماد عون حصد دعماً كبيراً بلغ 75 إلى 78 صوتاً، وسط توقعات بزيادة هذا العدد إذا انضمت كتل أمل وحزب الله لدعمه.
على الصعيد الخارجي، لعبت الضغوط الدولية دوراً حاسماً، حيث تقاطع الموقف السعودي-الأميركي-الفرنسي على دعم العماد عون. هذه الضغوط ساهمت في فرض توافق خارجي قوي انعكس على الداخل اللبناني، رغم استمرار بعض التوترات والخلافات حول الحاجة إلى تعديل دستوري لانتخاب قائد الجيش رئيساً.
أما المعارضة، فقد أعلنت تبنيها للعماد عون كمرشح إنقاذي بهدف حصر السلاح بيد الدولة وتطبيق الدستور. ومع ذلك، استمرت التساؤلات حول قدرة الأطراف المختلفة على تحقيق توافق كامل، خصوصاً مع اقتراب الجلسة من نهايتها.
في المحصلة، اتسم هذا اليوم بحراك سياسي غير مسبوق، حيث أظهرت النتائج الأولية تفوق العماد عون، مما يمهد لمرحلة جديدة في لبنان. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في قدرة الرئيس الجديد على استعادة الثقة الشعبية والدولية، وترميم البنية السياسية المتهالكة، في ظل الأزمات المتفاقمة التي تواجه البلاد.
بعد ظهر يوم الخميس 9 كانون الثاني 2025، انتهت مرحلة الفراغ الرئاسي التي استمرت عامين وشهرين وبضعة أيام، بانتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية، ليصبح الرئيس الرابع عشر للجمهورية الثانية. حظي انتخابه بتأييد واسع من مختلف الكتل النيابية، ما شكّل انفراجاً سياسياً وارتياحاً شعبياً، بالإضافة إلى دعم دبلوماسي عربي ودولي. هذا الدعم عبّر عن آمال بنقل لبنان من حالة اللااستقرار إلى مرحلة استقرار تعيد الثقة بالمؤسسات السياسية وتفتح الباب أمام الإصلاحات المنتظرة.
مع انتخاب العماد عون، انطلقت مرحلة جديدة تجلّت معالمها في خطاب القسم الذي ألقاه أمام مجلس النواب. في خطابه، قدّم عون تعهدات عديدة، أبرزها إعداد قانون جديد للانتخابات، وتطبيق اللامركزية الإدارية، وإعادة إعمار ما دمّره العدوان الإسرائيلي، وتعزيز قدرات الجيش لحماية الحدود. كذلك، أكّد عزمه على تعزيز استقلالية القضاء ومكافحة الفساد. وقد وعد بأن يكون حريصاً على التوازن بين المؤسسات، مشيراً إلى أهمية تشكيل حكومة متجانسة قادرة على تنفيذ هذه المشاريع.
الجلسة النيابية التي شهدت انتخاب العماد عون جرت بحضور 128 نائباً، حيث نال 99 صوتاً في الدورة الثانية، بعد فشله في الحصول على النصاب المطلوب في الدورة الأولى. كان لافتاً تصويت كتلتي "الوفاء للمقاومة" و"التنمية والتحرير" لصالح عون في الدورة الثانية، بعد لقاءات وضمانات حصل عليها "الثنائي الشيعي" من الرئيس المنتخب، تضمنت تعهّدات حول انسحاب الاحتلال الإسرائيلي وإعادة الإعمار، بالإضافة إلى تمثيل الطائفة الشيعية في الحكومة الجديدة.
الجلسة الانتخابية شهدت سجالات بين بعض النواب، لكن رئيس المجلس نبيه بري تدخّل لتهدئة الأجواء وشطب العبارات النابية من المحضر. وبعد انتهاء عملية الانتخاب، غادر العماد عون مجلس النواب إلى قصر بعبدا وسط مراسم احتفالية. هناك، استعرض كتيبة التشريفات وتلقى وسام الاستحقاق اللبناني والقلادة الكبرى لوسام الأرز الوطني. كما تلقى سيلاً من برقيات التهنئة من قادة الدول العربية والغربية، متمنين له النجاح في قيادة لبنان نحو الاستقرار والإصلاح.
الطريق إلى انتخاب العماد عون لم تكن سهلة، إذ جاءت بعد 13 جلسة نيابية فاشلة وحركة مكثفة من الموفدين العرب والدوليين. وشكّل انتخابه خطوة مرحباً بها على الصعيدين العربي والدولي، حيث عبّر الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد محمد بن سلمان عن تهانيهما، فيما أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزمه على زيارة لبنان قريباً.
ترافق انتخاب الرئيس مع تطلعات كبيرة نحو مستقبل أفضل للبنان، حيث أكّد العماد عون أن عهده سيتركّز على بناء دولة القانون والمؤسسات، والعمل على إصلاح الإدارة العامة، وتعزيز الحوار الوطني، والانفتاح على دول الجوار في إطار علاقات متوازنة.
يوم الجمعة 10 كانون الثاني 2025، شهد المشهد العام سلسلة من الأحداث المترابطة التي رسمت ملامح المرحلة المقبلة، بدءً بتحديد سريع لمواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد لتشكيل الحكومة، بناءً على نص المادة 53 من الدستور. وبرز تنافس بين الرئيس نجيب ميقاتي ومرشحي المعارضة النائبين فؤاد مخزومي وأشرف ريفي، وسط توقعات بتقارب النتائج في ظل حسابات سياسية معقدة. في اليوم الأول لنشاطه الرسمي، استقبل الرئيس جوزاف عون رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وناقش معه الأوضاع في الجنوب، مؤكداً ضرورة انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي المحتلة. كما تلقى عون دعوة من الرئيس القبرصي للمشاركة في اجتماع المجلس الأوروبي، حيث أكد الأخير دعمه للبنان واستعداده لتعزيز العلاقات الثنائية وتقديم المساعدات الضرورية. شهدت الأيام الأولى أيضًا زيارات دبلوماسية لافتة، مثل زيارة السفير السعودي وليد بخاري لعدد من المرجعيات الدينية، ما يعكس رغبة في تعزيز الاستقرار السياسي. في الوقت ذاته، رحب المجتمع المصرفي والاقتصادي بانتخاب الرئيس الجديد، معتبرين أن ذلك خطوة مهمة لاستعادة الثقة الدولية وتحقيق الإصلاحات المطلوبة.
على الصعيد الأمني، تصاعدت الاعتداءات الإسرائيلية في الجنوب، مع غارات أدت إلى سقوط شهداء وجرحى في مناطق مختلفة. كما استمرت الخروقات الجوية والاستفزازات الميدانية، ما دفع الجيش اللبناني للتحرك لإزالة السواتر الترابية واستعادة مواقعه. في المقابل، أوعزت وزارة الخارجية اللبنانية بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي احتجاجاً على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي استهدفت القطاعات الزراعية والحيوانية.
إلى ذلك، أشارت المصادر إلى أن رئيس الجمهورية أبدى إصراراً على الإسراع بتشكيل الحكومة لمواكبة التحديات الراهنة، بما في ذلك استكمال انسحاب الاحتلال من القرى الحدودية وانتشار الجيش اللبناني. كما أكد التزامه بتحقيق الاستقرار في الجنوب وضرورة دعم الاتحاد الأوروبي للبنان في هذا المجال.
وفي سياق المشاورات السياسية، أعلن النائبان مخزومي وريفي ترشحهما لرئاسة الحكومة، مع التركيز على الإصلاحات وإنقاذ البلاد، بينما أكدت مصادر سياسية أن الرئيس ميقاتي ما زال يحتفظ بحظوظ قوية لتولي المهمة. ولفتت إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تكثيفاً للاتصالات بين الكتل النيابية للوصول إلى توافق حول الشخصية الأنسب.
يعكس هذا المشهد العام حالة من الترقب بين تطلعات الإصلاح السياسي والضغوط الأمنية، وسط استمرار الاعتداءات الإسرائيلية ومحاولات القوى اللبنانية التوصل إلى صيغة تضمن استقرار البلاد وإعادة بناء الثقة الداخلية والدولية.
يوم السبت 11 كانون الثاني 2025، عشية بدء الاستشارات النيابية في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية، تعددت الترشيحات لتولي هذا المنصب، وكان أبرزها الرئيس نجيب ميقاتي والقاضي نواف سلام، وسط انقسام بين الكتل النيابية وقوى المعارضة.
وبرزت أسماء أخرى مثل النائب فؤاد مخزومي والنائب إبراهيم منيمنة كمرشحين بديلين، بينما أعلنت كتلة التنمية والتحرير وكتلة الوفاء للمقاومة تأييدهما لإعادة تكليف نجيب ميقاتي. في المقابل، تباينت مواقف المعارضة ونواب التغيير، حيث انسحب منيمنة لصالح نواف سلام، في حين ظل مخزومي مرشح المعارضة الأساسي.
على صعيد آخر، شهدت الساحة الدبلوماسية حراكاً لافتاً، إذ ربطت اللجنة الخماسية الدولية بين مواصفات رئيس الحكومة الجديد وخطاب القسم الرئاسي. كما عاد السفير السعودي إلى بيروت وسط توقعات بدور إقليمي مؤثر في تشكيل الحكومة.
وفي تطور لافت، زار الرئيس نجيب ميقاتي العاصمة السورية دمشق، حيث عقد لقاءات رفيعة المستوى مع نائب الرئيس السوري أحمد الشرع وعدد من المسؤولين السوريين. ناقش الجانبان قضايا ذات اهتمام مشترك، مثل ملف اللاجئين وترسيم الحدود البرية ومكافحة التهريب. وأكد ميقاتي أن العلاقات اللبنانية-السورية يجب أن تُبنى على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
أما على المستوى الحكومي، فقد اتجهت التوقعات إلى تشكيل حكومة مؤلفة من 24 وزيراً، مع توزيع الوزارات على القوى السياسية بما يضمن التوازن دون منح أي طرف الثلث المعطل. كما عُلم أن البيان الوزاري سيستند إلى خطاب القسم الرئاسي، مع استبعاد صيغة "الجيش والشعب والمقاومة" واستبدالها بمعادلة تضمن الدفاع عن النفس في إطار اتفاق وقف إطلاق النار.
أعلن التيار الوطني الحر عزمه البقاء في صفوف المعارضة، بينما حظيت القوات اللبنانية بفرصة تولي وزارات كانت من نصيب التيار في الحكومة السابقة. وعلى صعيد التهاني الدولية، زار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان لتهنئة رئيس الجمهورية الجديد، وسط تأكيدات دولية على دعم استقرار لبنان وتعزيز سيادته.
جاءت هذه التطورات لتضع لبنان على أعتاب مرحلة جديدة مليئة بالتحديات السياسية والاقتصادية، مع آمال بإعادة بناء الدولة ومؤسساتها على أسس قوية تضمن استقرارها ومستقبلها.
يوم الإثنين 13 كانون الثاني 2024، إنتهت الإستشارات النيابية الملزمة التي دعا إليها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى تكليف القاضي نواف سلام رئيس محكمة العدل الدولية لتشكيل الحكومة في لبنان.
لم ينفصل مشهد الاستشارات النيابية في القصر الجمهوري عن الواقع السياسي الجديد والذي تطلب من غالبية الكتل النيابية التماهي معه، وكان شريط الإستشارات لاسيما في فترة بعد الظهر ترجمة لذلك، وفي الوقت نفسه أخرجت هذه الاستشارات مفاجآت في ترجيح كفة السفير نواف سلام في تكليفه رئاسة الحكومة سريعا مع العلم أن كتل المعارضة كان سبق لها أن أكدت تسميتها لسلام.
هذه الإستشارات التي أجراها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون تظهَّرت فيها إشكالية الميثاقية بعد تمنع كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة عن تسمية أحد لرئاسة الحكومة، الأمر الذي قلب الأمور حتى وإن اعتبر البعض أنه كان متوقعا، وافسح هذا التمنع من المكون الشيعي، في المجال أمام طرح أسئلة بشأن التأليف وتسهيله والمعوقات والمشاركة.
اولى إشارات الاعتراض على ما سُرِّب حول مشهد صب الأصوات لمصلحة سلام كانت طلب كتلة الوفاء للمقاومة تأجيل الموعد الذي كان محددا عند الثالثة إلا الدقيقة العاشرة، سرعان ما عولج لاسيما أن ما من موعد آخر للإستشارات.
في المحصلة، حصدت تسمية السفير سلام على ٨٤ صوتا نيابيا كما عكست خيارات النواب بغض النظر عن رقم عدم التسمية، اما الرئيس نجيب ميقاتي فحصل على تسعة أصوات. ما خرجت بها نتيجة الاستشارات تنتظر تعاطي الرئيس المكلف معها الذي يلتقي رئيس الجمهورية فور عودته من الخارج ويدلي بتصريح يتاح من خلاله الإجابة عن عدة استفسارات ورسم ملامح التعاون مع رئيس الجمهورية.
في هذه الإستشارات أيضا، تكررت الإشادة بخطاب القسم وبضرورة تضمينه في البيان الوزاري. وبحسب المعطيات فإن رئيس الجمهورية نجح في إنجاز التكليف السريع ويأمل في تأليف سلس مكررا القول اننا أمام فرصة.
كما يعقد اجتماع في بعبدا، يضم الرؤساء عون وبري والرئيس المكلف سلام، للتداول في اطلاق المشاورات النيابية في المجلس النيابي، بدءاً من يوم غد الاربعاء.
دولياً، يصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت يوم الجمعة في 17 الجاري، وفي اليوم التالي، يصل الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش، لتقديم التهاني للرئيس عون، والوقوف على حاجات لبنان للمساعدة في المرحلة المقبلة.
وفي اطار عودة الوضع الى طبيعته، تفتح السفارة الاماراتية في بيروت ابوابها قريباً.
وهنأ الرئيس الفرنسي ماكرون سلام بتكليفه تشكيل الحكومة متمنياً له «كل النجاح في تشكيل حكومة تخدم جميع اللبنانيين».
وقال البيت الابيض ان الرئيس عون قادر على ادارة فصل جديد من لبنان، واعتبر ان لبنان امام فرصة كبيرة لبدء فصل جديد لا يعتمد على الارهاب، وان لبنان امام مرحلة فارقة، ويمكن ان يكون على اعتاب توافق سياسي داخلي، اذا ما تم استغلال الفرصة الحالية.
وسط هذه الاجواء، اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط خلال جولته على المسؤولين، أن مع إستكمال عناصر الدولة يكون لبنان معدًا لتصفية الكثير من المشاكل، مشيرا الى أننا «كلنا أمل بعهد الرئيس عون». واستهل أبو الغيط لقاءاته من السراي الحكومي، وزار رئيس مجلس النواب نبيه بري، ثم الرئيس عون مساءً.
وكانت الاستشارات النيابية الملزمة التي اجراها امس، رئيس الجمهورية جوزيف عون انتهت الى تسمية القاضي في محكمة العدل الدولية الدكتور نواف سلام رئيساً للحكومة ب 84 صوتا مقابل 9 اصوات حصل عليها الرئيس نجيب ميقاتي. و35 نائباً لم يسموا احدا (المجموع 128 نائبا) بينهم كتلتا امل وحزب الله. بعد حصول تنافس بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومرشح المعارضة القاضي الدكتور نواف سلام، بعدما اعلن عضو كتلة تجدد النائب فؤاد مخزومي صباحاًسحب ترشيحه لرئاسة الحكومة بعد اجتماع لنواب المعارضة ليل امس الاول قرروا فيه ترشيح الدكتورنواف سلام.
في الموازاة، وقبل ايام قليلة من انتهاء موعد الشهرين لإتمام الانسحاب الاسرائيلي زار وفد عسكري اميركي لبنان،والتقى الرئيس عون بحضور السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون برئاسة قائد المنطقة الوسطى الجنرال مايكل كوريلا. وضم الوفد رئيس اللجنة التقنية لمراقبة وقف اطلاق النار الجنرال جاسبير جيفرز وعددا من الضباط الاميركيين المعاونين. خلال اللقاء، قدم الجنرال كوريلا التهاني الى الرئيس عون بانتخابه رئيسا للجمهورية وتناول البحث سبل تفعيل التعاون بين الجيشين اللبناني والأميركي في ضوء الدعم الذي تقدمه السلطات الاميركية للبنان. كما تطرق البحث الى الوضع في الجنوب ومراحل تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب وفق برنامج الانسحاب المعد لهذه الغاية.
ثم انضم الى الوفد الأميركي، قائد القوات الدولية الجنرال آرولدو لازارو ونائب رئيس لجنة مراقبة وقف اطلاق النار الجنرال الفرنسي غيوم بونشان، وقائد الجيش بالإنابة اللواء الركن حسان عودة مع وفد من ضباط الجيش، حيث استكمل البحث في الوضع في الجنوب والإجراءات المعتمدة لتنفيذ القرار 1701، والتعاون القائم بين الجيش اللبناني والقوات الدولية ولجنة المراقبة.
في الجنوب، شهد ليل الأحد الاثنين أعنف الغارات الإسرائيلية في جنوب لبنان وبقاعه منذ وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024. ونفذ الطيران الحربي الاسرائيلي منتصف ليل الاحد - الاثنين، غارة على أحد المعابر لجهة القصر- الهرمل.
واستهدفت مسيرة معادية، دراجة نارية في بلدة عيترون بصاروخ موجه. هذا ونجت عائلة من قصف مدفعي إسرائيلي استهدف منزلهم في رشاف. وقام جيش الاحتلال بعملية تمشيط واسعة بالأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة في الخيام.وعملية تمشيط كثيفة بالاسلحة الرشاشة لمنطقتي المفيلحة ورأس الظهر غرب بلدة ميس الجبل. وتقدمت قوة اسرائيلية معادية مع جرافة عسكرية من D9 و دبابتي ميركافا و الية هامفي انطلاقا من بلدة عيتا الشعب مرورا بأطراف دبل - ورميش وصولا مفرق بلدة حانين حيث تمركزت في المنطقة.
كما قام الجيش الإسرائيلي باحراق عدد من المنازل في حي المفيلحة، وسُمع اكثر من ١٥ تفجيراً محدوداً في الحي مع استمرار سماع اصوات العيارات النارية والتمشيط بوتيرة متصاعدة منذ صباح،أمس وسط تحليق مكثف ومنخفض للطيران المسيّر الإسرائيلي وتحركات لآليات ودبابات وجنود الإسرائيليين. كما سجلت تحركات لآلياتها داخل البلدة، بعد أن كان سمع قرابة الأولى من بعد منتصف الليل، دوي قوي ناجم عن تفجير في البلدة. واستمر العدو بتفجير منازل وبنى تحتية في عيتا الشعب كما تقدمت دبابة ميركافا معادية من المالكية بإتجاه منطقة الكيلو 9 في أطراف بلدة عيترون واقدمت على اطلاق قذيفتين مباشرتين بإتجاه احد احياء البلدة وفي اطار ممارساته التعسفية بحق المواطنين، خطفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مزارعاً من وادي خنسا، في سهل الماري.
يذكر انه تم إرجاء دخول الجيش اللبناني الى بلدة ميس الجبل، الى موعد لاحق. كما تم إرجاء دخول وحدات من الجيش الى بلدة عيترون التي كانت مقررة اليوم إلى موعد يحدد لاحقا. نتيجة التفجيرات والانتهاكات التي يقوم بها الإحتلال.
يوم الثلاثاء 14 كانون الثاني 2025، شهدت الساحة السياسية اللبنانية تطورات لافتة مع تكليف الرئيس نواف سلام بتشكيل الحكومة الجديدة في ظل العهد الرئاسي الجديد للرئيس جوزاف عون. نجح الرئيسان في تبديد الهواجس التي أثارها "الثنائي الشيعي" حول تسمية سلام، ما فتح الباب أمام موجة من الآمال بتجاوز العقبات وإطلاق خارطة طريق متكاملة تشمل خطاب القسم وخطاب التكليف بمشاركة جميع المكونات اللبنانية.
استُهلت الجهود بلقاء الرئيسين عون وسلام مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث وضعوا النقاط على الحروف بشأن إعادة بناء السلطة التنفيذية. وأكد سلام في بيان التكليف التزامه بإعادة الإعمار والعمل الجاد على تنفيذ القرار 1701، مشددًا على ضرورة انسحاب العدو الإسرائيلي من كافة الأراضي المحتلة وبسط سلطة الدولة اللبنانية بالكامل وفق اتفاق الطائف.
رغم هذه الخطوات، ظهرت تعقيدات جديدة مع إعلان "الثنائي الشيعي" مقاطعة الاستشارات النيابية غير الملزمة، ما أثار جهودًا مكثفة لإقناعهما بالعدول عن القرار. شهدت الاتصالات دخول الرئيس بري على خط التهدئة بالتنسيق مع الرئيس عون، في حين ثمن بري خطاب سلام واعتبره خطوة إيجابية بحاجة إلى تنفيذ عملي.
ترافق ذلك مع جولات بروتوكولية قام بها سلام على رؤساء الحكومات السابقين، حيث التقى تمام سلام، فؤاد السنيورة، ونجيب ميقاتي، وأجرى اتصالات هاتفية مع سعد الحريري وحسان دياب. وأكد جميعهم أهمية تسهيل تشكيل الحكومة بعيدًا عن الشروط التعجيزية، داعين إلى الشراكة الوطنية وتضافر الجهود لتحقيق الاستقرار.
على صعيد الدعم الدولي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزمه زيارة لبنان لتقديم الدعم للرئيسين عون وسلام، مؤكدًا التزام فرنسا بمساندة لبنان في مواجهة تحدياته. كما عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن استعداد الأمم المتحدة لدعم إعادة الإعمار وتنفيذ وقف إطلاق النار.
أعادت هذه التطورات تذكير اللبنانيين بأهمية الوحدة الوطنية، إذ شدد الرئيس عون خلال لقائه وفد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى على أن كسر أي مكون يعني كسر لبنان بأكمله، وأكد ضرورة مشاركة الجميع في إعادة الإعمار وتحمل أعباء الصراع مع إسرائيل. كما دعا إلى تعزيز العلاقة بين المواطنين والدولة بعيدًا عن الطائفية.
على الرغم من التحديات، أبدى الرئيس سلام تصميمه على العمل من أجل بناء حكومة قوية قادرة على تحقيق الإصلاحات الضرورية، وإنصاف ضحايا انفجار مرفأ بيروت والمودعين، معتبرًا أن الرهان الحقيقي يكمن في بناء مؤسسات قوية وتعاون جميع اللبنانيين لتحقيق الإنقاذ والإصلاح.
في ظل التطورات السياسية اللبنانية التي شهدتها المرحلة الأخيرة، تمحورت الأحداث حول تعقيدات عملية تشكيل الحكومة وتداعياتها على المشهد الوطني. برز الخلاف في وجهات النظر بين القوى السياسية، لاسيما بعد إعلان "الثنائي الشيعي" موقفه المبدئي بدعم ترشيح الرئيس نواف سلام، خلافًا للتفاهمات السابقة التي نصت على إعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي.
يوم الأربعاء 15 كانون الثاني 2025، لم تشارك كتلتا "التنمية والتحرير" و"الوفاء للمقاومة" في الاستشارات النيابية غير الملزمة، مما أثار تساؤلات حول نوايا الأطراف ورفضها للعزل أو الإقصاء. في المقابل، أكّد الرئيس نبيه بري، رغم غيابه عن الجلسات، أن لبنان بحاجة إلى المضي قدمًا، داعيًا إلى الحوار والتوافق لإنهاء الانقسامات.
التقى الرئيس نواف سلام، المكلّف بتشكيل الحكومة، عدداً كبيراً من النواب والكتل السياسية، حيث استمع إلى رؤيتهم لتأليف الحكومة وأولويات المرحلة المقبلة. ورغم تنوع الطروحات بين حكومة تكنوقراط أو حكومة سياسية مطعّمة باختصاصيين، كان هناك توافق على ضرورة إشراك الجميع وتجنب العزل السياسي لأي طرف.
في موازاة ذلك، أظهرت المساعي الدولية، خصوصاً الفرنسية، اهتمامًا بدعم لبنان. وارتبط هذا الحراك بزيارة مرتقبة للرئيس إيمانويل ماكرون، وسط حديث عن مبادرات لتسهيل تشكيل الحكومة وتعزيز المساعدات الخارجية. كما أعربت مصادر رسمية عن أملها في تسريع التأليف لتجنب عرقلة الجهود الرامية إلى إعادة بناء الدولة وإنعاش الاقتصاد.
على صعيد آخر، استمرت الخروقات الإسرائيلية في الجنوب اللبناني، حيث شهدت بلدات حدودية عمليات قصف وتجريف وتوغل من قبل القوات الإسرائيلية، ما زاد من حدة التوترات. وفي المقابل، تحرك الجيش اللبناني لتأمين المناطق المتضررة وإعادة فتح الطرق.
قضائيًا، أُثير ملف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت مجددًا، مع استعداد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لاتخاذ خطوات جديدة. وعلى مستوى الدعم الدولي، وصف الصحفي الأميركي توماس فريدمان الرئيس المكلف نواف سلام بأنه يمثل أملًا كبيرًا للبنان، داعيًا إلى الالتفاف حوله لإنجاح مهمته.
في ظل هذه المعطيات، باتت الأيام المقبلة حاسمة لتحديد مسار لبنان، خاصة مع لقاء مرتقب بين الرئيسين بري وسلام، والذي قد يفتح الباب أمام تفاهمات جديدة تسهم في إنهاء الانقسام والمضي قدمًا في عملية التشكيل الحكومي.
يوم الخميس 16 كانون الثاني 2025، على ثلاثة محاور رئيسية، تحركت الجهود لإعادة بناء الدولة اللبنانية ووضع البلاد على طريق التعافي والإصلاح، بالتوازي مع استكمال تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي:
المحور الأول ركّز على معالجة الخلافات المتعلقة بتكليف الحكومة الجديدة، حيث واجهت مساعي تشكيلها اعتراضات من الثنائي الشيعي الذي اعتبر التغييرات الحاصلة بمثابة "انقلاب". هذا الملف شهد انفراجًا نسبيًا بعد اجتماع جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس المكلف نواف سلام في عين التينة، إذ حملت النقاشات مؤشرات إيجابية على التعاون القادم، مدعومة برسائل عربية أكدت الحرص على مشاركة جميع الأطراف في الحكومة تحت سقف التفاهمات السابقة.
على صعيد الحكومة المرتقبة، أفادت مصادر مطلعة بأن التركيبة الوزارية ستُعلن قبل نهاية الأسبوع التالي، بعد أن أتم الرئيس المكلف مشاوراته النيابية غير الملزمة، وسط غياب بعض النواب عن الحضور. في الوقت ذاته، أكدت تصريحات نواب من الثنائي الشيعي تمسكهم بمبادئ التوافق والشراكة، ورفضهم لأي محاولات لتهميشهم أو فرض أجندات سياسية تمس التوازن الوطني.
المحور الثاني تناول الجهود الدولية والعربية لضمان استمرار وقف إطلاق النار جنوباً. فقد وصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى بيروت لمتابعة تنفيذ القرار 1701، بما في ذلك انسحاب إسرائيل من المناطق الجنوبية المتبقية. بالتزامن، توالت زيارات المسؤولين الدوليين، إذ زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان للتهنئة بانتخاب رئيس جديد ودعم تشكيل حكومة قوية. كما أجرى ماكرون اتصالات مع القيادة السعودية لتأكيد الدعم المشترك للبنان واستقراره.
من جهة أخرى، شهدت بيروت زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي سلّم دعوة للرئيس اللبناني لزيارة عمان. كما تلقى الرئيس دعوات مماثلة من قطر، مما يعكس الحراك العربي الداعم للبنان في هذه المرحلة الحرجة.
المحور الثالث تمثل في القضايا المالية والقضائية والاجتماعية. أعلن حاكم مصرف لبنان بالإنابة، وسيم منصوري، تحسناً في الوضع النقدي مع ارتفاع الاحتياطي بالعملات الأجنبية. وأشار إلى خطوات قريبة لمعالجة أزمة الودائع، مشددًا على ضرورة تعيين حاكم أصيل للمصرف. أما قضائيًا، فقد استأنف المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، جلسات التحقيق، وسط تحديات تعيق تنفيذ قراراته بسبب غياب تعاون النيابة العامة التمييزية.
الوضع الأمني جنوباً شهد تصعيداً خطيراً مع استمرار توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي دمرت منازل واعتدت على ممتلكات المواطنين في بلدات عيتا الشعب والطيبة ومارون الراس. تلك الاعتداءات تأتي رغم سريان وقف إطلاق النار، وسط غياب محاسبة دولية فعالة للانتهاكات الإسرائيلية.
فيما يتعلق بالذكرى الوطنية، بدأ تيار المستقبل تحضيراته لإحياء ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث يُتوقع أن يلقي الرئيس سعد الحريري كلمة تضع ملامح موقفه من التطورات السياسية الراهنة.
تتشابك في المشهد اللبناني تحديات سياسية، اقتصادية، وأمنية، في وقت يسعى فيه الداخل والخارج لتكريس الاستقرار واستعادة الثقة. ورغم العقبات، يبدو أن البلاد تتحرك بخطى بطيئة نحو التعافي، مدعومة بجهود محلية ودولية تسعى لتخفيف حدة الأزمات التي أنهكت لبنان وشعبه.
يوم الجمعة 17 كانون الثاني 2025، شهد لبنان سلسلة من التطورات السياسية والدبلوماسية المهمة التي عزّزت آمال تشكيل حكومة جديدة ووضع حد للأزمات المتراكمة. فقد كان لقاء عين التينة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف نواف سلام بمثابة دفعة قوية نحو تأليف الحكومة، حيث أكدت المصادر السياسية أن المشاورات بلغت مرحلة متقدمة لتحديد الشكل النهائي للحكومة. تم الاتفاق على ضرورة تشكيل حكومة من 24 وزيرًا، تضم اختصاصيين وغير سياسيين مع تمثيل نسائي موسع. رغم ذلك، بقيت العقدة الشيعية عالقة بانتظار التفاهم النهائي حول الأسماء والحقائب السيادية.
زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان جاءت لتؤكد دعم فرنسا والمجتمع الدولي للبنان، حيث التقى الرئيس عون وبري وسلام، وناقش معهم تطورات الوضع الحكومي، وسبل إعادة الإعمار في الجنوب بعد العدوان الإسرائيلي. ماكرون شدد على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة وتنفيذ الإصلاحات اللازمة لضمان استقرار لبنان واستعادة الثقة الدولية به. كما وعد بتنظيم مؤتمر دولي لحشد التمويل لإعادة إعمار لبنان، مشيرًا إلى أهمية حصر السلاح بيد الدولة ودعم الجيش اللبناني.
على صعيد آخر، طالب رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون خلال لقائه ماكرون بضرورة الضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي اللبنانية المتبقية، والالتزام الكامل بالقرار 1701، محذرًا من أن أي تأخير يهدد استقرار البلد. كما دعا إلى إعادة تنشيط عمليات التنقيب عن النفط والغاز في البلوكات البحرية اللبنانية.
وفي خطوة لافتة، قام ماكرون بجولة شعبية في الجميزة، حيث التقى المواطنين واستمع إلى مطالبهم، مؤكدًا التزام فرنسا بدعم لبنان في هذه المرحلة الدقيقة. وفي ختام زيارته، أشار ماكرون إلى أهمية تعاون جميع الأطراف اللبنانية وتجاوز المصالح الفردية لتأمين مستقبل أفضل للبلاد.
من جهته، عبّر نواف سلام عن التزامه بتشكيل الحكومة سريعًا، متعهدًا بالعمل على مدار الساعة لإنجاز التشكيلة والانطلاق بعملية الإنقاذ المطلوبة. وأكد أن الحكومة ستضم وزراء يتمتعون بالكفاءة، مع التشديد على أهمية التعاون مع جميع القوى السياسية لتحقيق الهدف المشترك.
إلى ذلك، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إسرائيل إلى وقف انتهاكاتها الصارخة للقرار 1701، مشددًا على ضرورة انسحابها الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة. كما جدد دعمه لدور القوات الدولية (اليونيفيل) في الحفاظ على الاستقرار جنوبًا.
وسط هذه التطورات، برزت إشارات إيجابية عن قرب تشكيل الحكومة، خاصة في ظل الضغوط الدولية والداخلية لتسريع العملية. مع ذلك، يبقى المشهد اللبناني مرهونًا بمدى تجاوب القوى السياسية مع متطلبات المرحلة وحجم التنازلات التي يمكن تقديمها لتجاوز الأزمات الراهنة.