المشهد اللبناني

المشهد اللبناني من يوم الأحد ٦ تشرين الاول ٢٠٢٤، حتى يوم الإثنين ٧ تشرين الاول ٢٠٢٤، إعداد: أنطوان فضّول
يوم الأحد ٦ تشرين الاول ٢٠٢٤، بعد مرور عام على اندلاع حرب طوفان الأقصى التي أطلقتها حركة حماس في السابع من تشرين الأول، وحرب الإشغال والمساندة التي شنها حزب الله في الثامن من الشهر ذاته، لا تزال المنطقة تشهد تطورات جذرية عسكرية وسياسية. وقد تزامنت هذه الذكرى مع عدة جردات بدأت تطرح أسئلة حول ما حققته الحرب على مختلف الجبهات، لا سيما في غزة ولبنان، وكذلك ما تعنيه هذه الأحداث لإسرائيل من حسابات الربح والخسارة.
منذ ذلك الحين، أصبح الصراع وجهًا لوجه بين إسرائيل وإيران، ولم يعد مقتصرًا على الأذرع الإقليمية مثل حماس وحزب الله. التصعيد العسكري المستمر، الذي بلغ ذروته بإطلاق الصواريخ التي استهدفت تل أبيب، كان له تداعيات كبرى، خاصة مع الزيارة الميدانية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للجبهة الشمالية مع لبنان، في وقت تستمر فيه الاشتباكات عند الحدود وتتصاعد الاعتداءات على الضاحية الجنوبية لبيروت.
في غزة، وبعد مرور عام على بداية العدوان، تجاوز عدد الشهداء الخمسين ألفاً، وأصبح القطاع المحاصر منذ سنوات تحت احتلال متجدد، رغم أن المقاومة الفلسطينية، بقيادة حماس، ما زالت تصمد وتواصل إطلاق الصواريخ. وفي الجنوب اللبناني، انقلب المشهد بسرعة بعد استشهاد السيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، وهو حدث هز المنطقة وما زالت تداعياته تتردد في لبنان وخارجه. تبادلت إيران وإسرائيل الضربات، في وقت تستمر فيه المقاومة اللبنانية بتنفيذ عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي عند الحدود.
على صعيد آخر، ما زالت إيران تمارس نفوذها في المنطقة، ما دفع أطرافًا لبنانية للمطالبة بفك ارتباط لبنان بساحات الممانعة الإيرانية. فقد زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بيروت لمحاولة عرقلة مبادرات تهدف لوقف إطلاق النار في لبنان وفصل الصراع اللبناني عن غزة، مع تأكيد إيران على دورها المركزي في القرارات اللبنانية، متجاوزة حتى حزب الله في بعض الأحيان.
هذه التطورات لم تقتصر على الصراع المسلح فقط، بل أثرت بشكل كبير على الوضع الداخلي في لبنان. فقد تصاعدت الانتقادات الموجهة لإيران ودورها في لبنان، حيث رأت بعض الأطراف أن إيران تحولت إلى عامل زعزعة للاستقرار، ما جعل لبنان رهينة لمصالحها الإقليمية. في المقابل، استمر نتنياهو في حملته التدميرية على لبنان، وخصوصًا الضاحية الجنوبية، حيث شهدت هذه المنطقة قصفًا مكثفًا حولها إلى كتلة من النار، ما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين وأضرار جسيمة.
في هذا السياق، اتخذت وزارة التربية اللبنانية قرارًا ببدء العام الدراسي في المدارس والثانويات الرسمية في الرابع من تشرين الثاني، مع السماح للمدارس الخاصة بالتعليم عن بعد بحسب إمكاناتها، في حين استمرت الجامعة اللبنانية في تعليق التدريس. أما على المستوى الدولي، فقد أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن رغبته في استضافة مؤتمر دولي لدعم لبنان، وهو ما لاقى ترحيبًا من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي دعا إلى تطبيق القرار 1701 ووقف إطلاق النار فورًا، مطالبًا بدعم دولي للضغط على إسرائيل.
بينما تستمر المعارك، يبقى لبنان على مفترق طرق، في ظل استمرار المواجهات وتنامي التوترات الإقليمية، مما يضعه أمام تحديات كبرى تتطلب تدخلاً دولياً حاسماً لتجنب المزيد من الانهيار.