المشهد اللبناني

المشهد اللبناني من يوم السبت 1 آذار 2025 حتى يوم الأحد 16 آذار 2025، إعداد أنطوان فضّول
يوم السبت 1 آذار 2025، يتحضّر رئيس الجمهورية للقيام بزيارة رسميّة إلى المملكة العربية السعودية، كما يستعد مجلس الوزراء لعقد جلسة مرتقبة ستبحث ملفات حيوية، أبرزها التعيينات الإدارية والأمنية، في ظل الحاجة إلى إعادة تفعيل عمل المؤسسات وتعزيز الشفافية في الأداء الحكومي. وفي هذا الإطار، أكد رئيس الحكومة، خلال لقاء إعلامي، أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في مسار الإصلاحات، مشددًا على أهمية التعاون بين مختلف الأطراف السياسية لتجاوز الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
أمنيًا، تواصلت التوترات على الحدود الجنوبية، حيث أفادت تقارير رسمية عن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، سواء عبر استهداف المناطق الحدودية أو تنفيذ غارات وهمية في أجواء الجنوب اللبناني. وأشارت مصادر متابعة إلى أن هذه التطورات تعقّد المفاوضات غير المباشرة المتعلقة بترسيم الحدود، في وقت يسعى لبنان إلى تكثيف جهوده الدبلوماسية لمواجهة التحديات الأمنية.
وفي سياق متصل، زار وفد وزاري مطار بيروت الدولي لعقد اجتماع مع الجهات الأمنية المختصة، بهدف تعزيز إجراءات المراقبة والحد من عمليات التهريب، وذلك بعد ورود تقارير عن محاولات لإدخال أموال بطرق غير شرعية إلى البلاد.
على الصعيد السياسي الداخلي، برزت تحركات لعدد من القادة اللبنانيين في اتجاهات مختلفة، حيث يعمل بعضهم على إعادة تمتين العلاقات مع العواصم الإقليمية، فيما يواصل آخرون الضغط من أجل إقرار إصلاحات تساهم في استعادة الثقة الدولية بلبنان.
أما على الساحة الدرزية، فقد شهدت الأيام الأخيرة مواقف متباينة على خلفية تطورات إقليمية مرتبطة بوضع الطائفة في بعض دول الجوار، في ظل تصريحات دولية أثارت ردود فعل لبنانية حذّرت من أي محاولات لاستغلال الأوضاع لتحقيق مكاسب سياسية.
في ظل هذه المعطيات، يبقى لبنان أمام استحقاقات مفصلية تتطلب توافقًا داخليًا يتيح للحكومة تنفيذ إصلاحات جذرية، في وقت يواجه فيه تحديات أمنية وسياسية واقتصادية متشابكة تتطلب معالجة متكاملة ومواقف موحدة للحفاظ على الاستقرار الوطني.
يوم الأحد 2 آذار 2025، استمرّت الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني، حيث واصلت قوات الاحتلال انتهاكاتها عبر استهداف المدنيين في المناطق الحدودية، وإطلاق النار باتجاه المواطنين، فضلًا عن توسيع نطاق الاحتلال في تخوم القرى اللبنانية. وأشارت مصادر متابعة إلى أن هذا التمدد الاحتلالي عقّد مهمة لبنان في التفاوض مع الكيان الإسرائيلي، إذ بات الحديث عن 13 نقطة حدودية محتلة، أُضيفت إليها خمس تلال استراتيجية، إلى جانب التوغلات اليومية التي تهدف إلى تحسين شروط التفاوض الإسرائيلي مستقبليًا.
في سياق التحركات السياسية الداخلية، يستعد مجلس الوزراء لعقد أولى جلساته خلال الأسبوع الطالع، حيث ستبدأ الحكومة بملف التعيينات في المراكز الأمنية والإدارية والدبلوماسية والقضائية، في خطوة تهدف إلى إعادة تفعيل عمل المؤسسات. وفي هذا الإطار، أكد رئيس الحكومة تمام سلام، خلال حفل فني في بيروت، أن لبنان أمام فرصة حقيقية للإصلاح، مشددًا على أن الحكومة الحالية تحمل مشروع الإنقاذ، وأن بيروت تستحق أن تعود إلى سابق عهدها كعاصمة الأدب والفنون.
من جهة أخرى، برزت زيارة المدير المعاون لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي هاوليانغ شو إلى لبنان، حيث شدّد على ضرورة تقديم الدعم الدولي لتعزيز الاستقرار والتعافي، معتبرًا أن المساعدة الدولية ستكون عاملاً حاسمًا في هذه المرحلة الحرجة.
أما على الساحة الدرزية، فقد أعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن نيته زيارة سوريا مجددًا، حيث طلب موعدًا للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع، وذلك في إطار محاولته لاحتواء التوتر في منطقة جرمانا. وترافق هذا الإعلان مع تحذيرات جنبلاط للسوريين من الوقوع في الفخاخ الإسرائيلية، فيما أثارت تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو حول نيته "حماية الدروز" في سوريا ردود فعل مستنكرة في الأوساط اللبنانية والعربية.
على المستوى الأمني، زار وزراء المال والداخلية والأشغال مطار بيروت الدولي، حيث عقدوا اجتماعًا مع المسؤولين الأمنيين لمناقشة آليات تعزيز المراقبة على عمليات تهريب الأموال، وتفعيل إجراءات التفتيش على الأمتعة والبضائع، وذلك بعد ورود تقارير عن محاولات تهريب أموال إلى لبنان عبر المطار.
وفي ظل استمرار الخروقات الإسرائيلية، نفّذ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات وهمية في أجواء النبطية وإقليم التفاح، بينما استهدفت المدفعية الإسرائيلية أطراف مزرعة بسطرة قرب مزارع شبعا المحتلة. كما واصلت الطائرات المسيّرة الإسرائيلية تحليقها الكثيف فوق مناطق جبل الريحان وجزين، ما زاد من حدة التوتر في الجنوب.
وفي هذا الإطار، أقرّ نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري بأن الحكومة غير قادرة عسكريًا على إخراج إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة، مشيرًا إلى أن السبيل الوحيد المتاح حاليًا هو تكثيف الجهود الدبلوماسية لممارسة الضغوط الدولية على إسرائيل للانسحاب. كما شدّد على ضرورة أن تكون الدولة صاحبة قرار الحرب والسلم، وأن يتولى الجيش اللبناني مسؤولية تأمين الحدود والدفاع عن السيادة الوطنية.
يوم الإثنين 3 آذار 2025، برزت خطوة إعادة لبنان إلى واجهة الاهتمام العربي عبر الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى المملكة العربية السعودية، حيث عقد لقاءً وديًا وإيجابيًا مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مؤكدًا على عمق العلاقات اللبنانية-السعودية وأهمية الدور الذي تلعبه المملكة في دعم استقرار لبنان. كما مهّدت هذه الزيارة لتوقيع عدد من الاتفاقيات في مختلف المجالات خلال زيارة لاحقة مرتقبة.
وفي سياق متصل، أعلن رئيس الحكومة نواف سلام من دار الفتوى عن إطلاق مسيرة الإصلاح، مشددًا على تغيير أداء الحكومة لتحسين الخدمات الحياتية التي سيلمس المواطن اختلافها عن المرحلة السابقة. وأكد أن الحكومة ستكثّف جهودها العربية والدولية لضمان انسحاب العدو الإسرائيلي من كافة الأراضي اللبنانية حتى الحدود الدولية المكرّسة باتفاقية الهدنة.
وفي إطار المباحثات اللبنانية-السعودية، عقد الرئيس جوزاف عون جلسة محادثات رسمية مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في قصر اليمامة، بحضور أعضاء الوفدين اللبناني والسعودي، حيث ناقشا سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات. كما تخللت الزيارة مأدبة عشاء أقامها ولي العهد على شرف الرئيس عون والوفد المرافق، وسط أجواء وُصفت بالودية والمنتجة، في خطوة تؤسس لعلاقات أكثر عمقًا بين البلدين.
وبالتوازي مع ذلك، تحوّلت الأنظار إلى القاهرة، حيث توجّه الرئيس عون برفقة وزير الخارجية جو رجّي لتمثيل لبنان في القمة العربية الطارئة المخصصة لبحث القضية الفلسطينية. وأكد لبنان خلال القمة رفضه لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي كانت تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من غزة، مشددًا على ضرورة اتخاذ موقف عربي موحّد في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وفي سياق التطورات الإقليمية، برزت مواقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط بشأن الأحداث في جبل العرب والسويداء في سوريا، حيث أكد عزمه التوجّه إلى دمشق لتأكيد مرجعية الشام، محذرًا من محاولات الصهيونية لاستخدام الدروز كأدوات في قمع الشعب الفلسطيني والانقضاض على جبل العرب. كما هاجم الشيخ موفق طريف، معتبرًا أنه لا يمثل دروز المنطقة بسبب تعاونه مع إسرائيل، محذرًا من محاولات جرّ المنطقة إلى حرب أهلية جديدة.
وفي ظل استمرار التصعيد الإسرائيلي، واصل جيش الاحتلال عدوانه على جنوب لبنان، حيث أطلق النار على أحد المواطنين في كفركلا، ما استدعى نقله إلى مستشفى مرجعيون الحكومي. كما رفعت القوات الإسرائيلية سواتر ترابية جديدة على طريق عديسة لمنع الأهالي من الوصول إلى ممتلكاتهم، فيما نفّذت عمليات تجريف في منطقة غاصونا عند أطراف بلدة بليدا. ورافقت هذه التحركات تحليق مكثّف لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية فوق مناطق عدة، حيث بثّت رسائل تحريضية ضد حزب الله.
وفي تطور خطير، رفع جندي إسرائيلي العلم الإسرائيلي داخل بلدة كفركلا، ما شكل استفزازًا واضحًا للأهالي، في حين شنت الطائرات الإسرائيلية غارة على جرود الشعرة شرقي جنتا، في تصعيد جديد يعكس نوايا الاحتلال لمواصلة عدوانه على لبنان.
وسط هذه التطورات، يبقى المشهد اللبناني مفتوحًا على احتمالات متعددة، بين سعي السلطة السياسية لترسيخ الاستقرار عبر العلاقات العربية والدولية، وتصاعد التهديدات الإسرائيلية التي تنذر بمواجهات جديدة قد تفرض نفسها على المعادلة الإقليمية.
يوم الثلاثاء 4 آذار 2025، الزيارة الأولى خارج لبنان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون محطتها المملكة العربية السعودية واللقاء الخارجي الأول مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أنتج تفاهمات جوهرية عززت العلاقات الثنائية بين البلدين.
عكس البيان السعودي-اللبناني المشترك أهمية هذه الزيارة، إذ أكد على التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، وبسط الدولة اللبنانية سيادتها على كامل أراضيها، وحصر السلاح بيد الدولة، ودعم الجيش اللبناني، إلى جانب التأكيد على ضرورة انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من كافة الأراضي اللبنانية.
وجاءت هذه المواقف لتتكامل مع ما تضمنه البيان الختامي للقمة العربية الطارئة حول غزة، الذي شدد على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي اللبنانية والسورية المحتلة، ودعم الإجراءات التي تتخذها الدولة اللبنانية لإطلاق ورشة نهوض وفرض سيادتها الكاملة. وقد حظيت كلمة الرئيس عون أمام القمة بتقدير واسع من القادة العرب، حيث عكست موقف لبنان المبدئي من القضية الفلسطينية، وضرورة استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفق مبادرة بيروت للسلام وإعلان الرياض.
كما كشفت مصادر مطلعة أن زيارة الرئيس عون إلى المملكة العربية السعودية لم تكن مجرد لقاء بروتوكولي، بل أسست لمرحلة جديدة من التعاون بين البلدين، وهو ما تجلّى في حفاوة الاستقبال والمواقف الإيجابية التي عبّر عنها ولي العهد السعودي، وصولًا إلى إجراءات عملية تعكس الثقة المتبادلة بين القيادة السعودية ورئيس الجمهورية. وأشارت المصادر إلى أن القمة التي عقدها الرئيس عون مع ولي العهد وضعت العلاقات الثنائية على السكة الصحيحة، لا سيما في ظل التوافق على تعزيز العمل العربي المشترك والتنسيق في الملفات الإقليمية والدولية.
وفي سياق متصل، شكّلت مشاركة الرئيس عون في قمة القاهرة محطة أساسية، إذ أتاحت له عقد لقاءات ثنائية مع عدد من القادة العرب، أبرزهم الرئيس السوري أحمد الشرع، حيث تم الاتفاق على ضبط الحدود ومنع كافة أنواع التجاوزات، وتشكيل لجان تنسيق بعد تشكيل الحكومة السورية الجديدة. كما التقى الرئيس عون أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي أكد استمرار بلاده في دعم الجيش اللبناني والمساهمة في مشاريع حيوية كقطاع الكهرباء، في حين جدّد ملك الأردن عبدالله الثاني تأكيده على دعم لبنان في مواجهة التحديات الإقليمية.
ومن اللقاءات البارزة التي أجراها الرئيس عون، اجتماعه مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي أعرب عن دعم السلطة الفلسطينية للإجراءات التي تتخذها الحكومة اللبنانية لتعزيز سيادتها على كامل أراضيها وتطبيق القرار 1701. كما التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أكد دعم بلاده للبنان في ملف الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية. أما رئيس مجلس النواب نبيه بري، فقد وصف كلمة الرئيس عون في القمة بأنها "رائعة جدًا"، خاصة لجهة تمسكه بالحقوق اللبنانية واستعادة الأسرى، والتشديد على عدم التخلي عن أي جزء من الأراضي المحتلة.
وقد خلص البيان المشترك الصادر عن لقاء الرئيس عون وولي العهد السعودي إلى التوافق على تعزيز التعاون في مختلف المجالات، وإعادة تفعيل التبادل التجاري بين البلدين، إضافة إلى دعم الاقتصاد اللبناني للخروج من أزمته الحالية عبر تنفيذ الإصلاحات المطلوبة وفق معايير الشفافية والقوانين الدولية. كما شدد البيان على أهمية التزام لبنان بخطاب القسم الرئاسي، بما يرسّخ الاستقرار الداخلي ويعزز موقعه ضمن المنظومة العربية.
يوم الأربعاء 5 آذار 2025، عشية مناقشات الرئيس جوزف عون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والملوك والرؤساء العرب خلال القمة العربية الطارئة في القاهرة، وعشية انعقاد جلسة مجلس الوزراء، وجّه الرئيس نواف سلام بفتح تحقيق فوري مع وزير الأشغال العامة، لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصرين على خلفية الفيضانات التي أغرقت شوارع العاصمة، ما أدى إلى احتجاز المواطنين داخل سياراتهم وسط زحمة سير خانقة. كما عقد الرئيس سلام اجتماعاً مع وزير المالية ياسين جابر وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، حيث تم البحث في الوضع المالي وآليات العمل بعد تعيين حاكم أصيل للمصرف المركزي. وفي هذا السياق، أكد الوزير جابر في حديث صحفي أن تعيين الحاكم الجديد سيُنجز قبل نهاية شهر آذار، لضمان استمرارية العمل في المصرف، مشدداً على ضرورة أن يتمتع الحاكم الجديد بسمعة طيبة وخبرة طويلة في المجال المالي والنقدي. كما نفى جابر أي نية لشطب الودائع المصرفية، موضحاً أن الأولوية ستكون لوضع خطة نقدية واضحة تعالج ملف الودائع، على أن يتم لاحقاً التفاوض مع الدائنين، حيث طُلب من المصارف تأجيل هذا الملف حتى عام 2028 تقريباً.
أما على صعيد التعيينات الإدارية والأمنية والقضائية، فقد استبعدت مصادر متقاطعة إقرارها في الوقت الراهن، نظراً لاستمرار التداول في الأسماء المرشحة ضمن مختلف الأسلاك، في وقت رجحت فيه أوساط سياسية أن تتجه رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة إلى اعتماد تعيينات شاملة ولكن بشكل تدريجي، مع ترجيح اختيار وجوه جديدة تتمتع بالكفاءة والاختصاص.
وفي الشأن الدبلوماسي، عاد الرئيس عون إلى بيروت بعد مشاركته في القمة العربية في القاهرة، أعقبها بزيارة سريعة إلى الرياض، حيث تم وضع أسس تعاون للمرحلة المقبلة سيتم البحث في تفاصيلها خلال زيارة رسمية لاحقة للمملكة. من جهته، أجرى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي لقاءات جانبية مع عدد من نظرائه العرب، أبرزهم وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، حيث اتُفق على عقد لقاء موسع مستقبلاً لمناقشة الملفات المشتركة، وفي طليعتها أمن الحدود، قضية المفقودين اللبنانيين في سوريا، وملف النازحين. كما التقى الرئيس عون رئيس السلطة السورية المؤقتة أحمد الشرع، حيث بحثا في مستقبل العلاقات الثنائية.
في سياق آخر، ثمّن مجلس المطارنة الموارنة زيارة الرئيس عون إلى الرياض ومشاركته في القمة العربية، معتبرين أن هذه الخطوات تعزز العلاقات اللبنانية - السعودية وتساهم في استعادة التضامن العربي مع لبنان في مسيرته للنهوض. كما أشادوا بزيارة رئيس الحكومة إلى الجنوب، داعين المجتمع الدولي إلى مساعدة لبنان على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ما يتيح إعادة بناء المناطق الحدودية وتنميتها. وشددوا على ضرورة تفعيل الإصلاحات الاقتصادية، ودعوا إلى تصويب التحضيرات للانتخابات البلدية والنيابية لضمان تمثيل يعكس الواقع الاجتماعي، بعيداً عن منطق المحاصصة الطائفية والسياسية.
أما على المستوى الأمني، فقد تواصلت الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب، حيث خرق جيش الاحتلال بنود اتفاق وقف إطلاق النار عبر تنفيذ هجمات متكررة. فقد شنت مسيرة إسرائيلية غارة مزدوجة على سيارة مدنية في رأس الناقورة، ما أدى إلى وقوع إصابات، فيما حاول مواطنون وعناصر من الجيش الوصول إلى المكان، إلا أن الطائرات الإسرائيلية استهدفتهم مجدداً لمنعهم من الاقتراب. كما أطلق جيش الاحتلال قنابل صوتية ورصاصاً باتجاه مدنيين حاولوا تفقد منازلهم المدمرة في ميس الجبل، ما أدى إلى تضرر إحدى السيارات المدنية.
وفي هذا السياق، تمكنت فرق الدفاع المدني من انتشال أشلاء أحد الشهداء في بلدة مركبا، حيث نُقلت إلى المستشفى لإجراء الفحوصات اللازمة لتحديد هويته.
سياسياً، أكد النائب علي حسن خليل التزام الحكومة بالعمل على تحرير الأراضي اللبنانية، مشدداً على ضرورة اتخاذ موقف موحد داخل مجلس الوزراء لمنع الخلافات السياسية من التحول إلى انقسام وطني قد يعرقل الجهود المبذولة لمواجهة التحديات.
يوم الخميس 6 آذار 2025، اتخذ مجلس الوزراء في أولى جلساته قرارات بارزة، تمثلت في إصدار موازنة العام 2025 بمرسوم، وتكليف وزير المال بإعداد مشروع قانون خلال أسبوع لإعادة النظر بالرسوم الواردة فيها. كما أطلق المجلس ورشة تحضيرية للتعيينات، دون أن يخرج بأي قرار في هذا الشأن، وسط تباين الآراء حول تمرير التعيينات الأمنية دفعة واحدة أو تجزئتها. أما التعيينات الإدارية، فقد تقرر انتظار الآلية الجديدة التي كان وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، الدكتور فادي مكي، يعمل على وضعها بالتعاون مع رئاسة مجلس الوزراء.
في السياق السياسي، زار رئيس مجلس النواب نبيه بري قصر بعبدا، حيث التقى رئيس الجمهورية للبحث في نتائج زيارته إلى المملكة العربية السعودية، وما أفضت إليه لقاءاته مع القادة العرب على هامش القمة العربية. وشملت النقاشات أيضًا آلية التعيينات في المراكز الأمنية، ومن ضمنها مديرية الأمن العام.
فيما يتعلق بالإصلاحات، أقرّ مجلس الوزراء آلية تنفيذها وفق الأولويات، بعد نقاش مستفيض حول الضرائب المرتفعة في موازنة 2025، التي صدرت بمرسوم مع الإبقاء على إمكانية تعديلها لاحقًا عبر مشروع قانون. وبعد انتهاء الجلسة، أعلن رئيس الحكومة نواف سلام عن إطلاق ورشة إصلاحية شاملة استنادًا إلى البيان الوزاري، تضمنت إصدار المراسيم التنظيمية اللازمة لوضع القوانين النافذة موضع التنفيذ خلال مهلة شهر ونصف. كما تم التركيز على ضرورة استكمال البنود الإصلاحية الواردة في اتفاق الطائف، بما في ذلك القوانين التي تحتاج إلى إصدار أو إعادة تفعيل. وفي هذا الإطار، جرى التأكيد على أهمية عقد جلسات مجلس الوزراء في مقره الخاص، وفق ما نص عليه الدستور، بدلاً من انعقادها في القصر الجمهوري أو السراي الكبير، وتم الاتفاق على الكشف على مقر مجلس الوزراء قرب المتحف للإعلان عن آلية تنفيذ هذا القرار خلال الأسبوع التالي.
كما توافق المجلس على وضع لائحة تفصيلية بالإصلاحات المطلوبة في كل وزارة، مع تحديد جدول زمني لتنفيذها وفق الأولويات، إلى جانب إعادة العمل بآلية شفافة للتعيينات الإدارية المقبلة، وتشكيل الهيئات الناظمة بالتنسيق مع وزارة التنمية الإدارية ومجلس الخدمة المدنية. وبالنسبة إلى الموازنة، أُكد أن الاستمرار بالصرف وفق القاعدة الاثني عشرية لم يعد ممكنًا، مما استوجب إصدار الموازنة بمرسوم لمنع التعطيل وتأخير الخدمات العامة، مع تكليف وزير المالية بإعداد مشروع قانون خلال أسبوع لمراجعة الرسوم المدرجة في الموازنة بهدف تجنب تداعياتها الاجتماعية والاقتصادية السلبية.
على الصعيد الدبلوماسي، أكد وزير الإعلام بول مرقص أن رئيس الجمهورية أطلع المجلس على تفاصيل زيارته إلى السعودية، مشيرًا إلى استعداد المملكة لدعم لبنان بشرط تنفيذ الإصلاحات المطلوبة. وتم التطرق إلى إمكانية رفع الحظر عن سفر السعوديين إلى لبنان وتسهيل تصدير المنتجات اللبنانية، وهو ما كان قيد البحث وفق البيان المشترك الصادر بعد الزيارة. كما كشف رئيس الجمهورية عن زيارة مرتقبة إلى السعودية بعد عيد الفطر، يرافقه خلالها عدد من الوزراء لتوقيع اتفاقيات ثنائية تعزز التعاون بين البلدين.
وفي إطار القرارات الحكومية، تم إقرار مشروع قانون يمنح بعض الإعفاءات الضريبية للمتضررين من الحرب الإسرائيلية على لبنان، إضافة إلى تعليق المهل الضريبية. كما أُقر مشروع قانون معجل لتمديد سن التقاعد للديبلوماسيين، والموافقة على اتفاقية قرض مع البنك الدولي لتمويل مشروع الحد من تلوث بحيرة القرعون. وتقرر السماح باستمرار عدد من السفراء من خارج الملاك في وزارة الخارجية بشكل مؤقت، تفاديًا لحالة الفراغ في بعض السفارات المهمة، إلى حين البت بأوضاعهم.
أما في الشأن العسكري، فقد وافق المجلس على تعاقد الجيش مع أطباء وصيادلة وممرضين وفنيين، إلى جانب تعيين 36 ضابط اختصاص لصالح المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. كما أُقرت معظم التوصيات الصادرة عن اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني حول الانتهاكات الإسرائيلية، مع الإبقاء على بند واحد قيد المناقشة.
وفي ما يتعلق بالتعيينات، شدد وزير الإعلام على أن مجلس الوزراء لم يتعامل مع الملف من منظور الأسماء، بل ركز على وضع منهجية تضمن الكفاءة والنزاهة، على أن تخضع التعيينات الأمنية لمعايير واضحة تتناسب مع خصوصية بعض الأجهزة. كما نفى أي اتفاق لبناني-أميركي-إسرائيلي يتيح لإسرائيل الإبقاء على احتلالها للأراضي اللبنانية، مؤكدًا أن الموقف الرسمي ثابت بشأن ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل.
في سياق آخر، نفى مصدر وزاري ما أشيع حول التمديد الدائم للسفراء من خارج الملاك، موضحًا أنهم طُلب إليهم تصريف أعمال السفارات بشكل مؤقت، بناءً على اتفاق بين رئيس الجمهورية وقائد الجيش ورئيس الحكومة ووزير الخارجية. وأُشير إلى أن القرار شمل خمسة سفراء في دول رئيسية، فيما استُثني سفير لبنان في فرنسا، رامي عدوان، نظرًا لكونه مستدعى لأسباب تأديبية.
في ملف الإصلاحات، أكد رئيس الحكومة أن ورشة الإصلاحات القضائية والاقتصادية والمالية ستنطلق قريبًا، مع الالتزام بتنفيذ البنود المتبقية من اتفاق الطائف، ومعالجة أي اختلالات في تطبيق ما تم تنفيذه سابقًا. كما كشف مصدر وزاري أن تعيين قائد جديد للجيش تأجل بانتظار استكمال التفاهم حول مجمل التعيينات الأمنية.
أما في الشأن الخدمي، فقد عقد وزير الأشغال العامة، فايز رسامني، اجتماعًا مع المعنيين للوقوف على أسباب غرق أوتوستراد سن الفيل – الدكوانة بمياه الأمطار، مؤكدًا أن التفتيش المركزي بدأ تحقيقًا في الحادث، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، في ظل الحاجة الماسة لإصلاح البنية التحتية المتهالكة.
على صعيد التطورات الأمنية، تردد أن اعتقال رئيس المخابرات العامة السابق في سوريا، اللواء إبراهيم حويجة، قد يلقي بظلاله على ملف اغتيال كمال جنبلاط، فيما اكتفى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق، وليد جنبلاط، بالتعليق على الخبر بالقول: "الله أكبر".
جنوبًا، تواصلت الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، إذ أكدت قيادة الجيش أن استمرار الاعتداءات يهدد استقرار البلاد والمنطقة. كما كثف الاحتلال من تحليق طائراته المسيّرة، وسط عمليات استهداف لمواطنين في الجنوب والبقاع. وقد أصيب شخصان برصاص الاحتلال عند بوابة فاطمة في كفركلا، فيما ألقى الطيران الإسرائيلي قنابل صوتية على مواطنين في رميش وتل النحاس.
في المحصلة، شهد لبنان حراكًا حكوميًا مكثفًا على الصعيدين الإصلاحي والسياسي، وسط استمرار التحديات الأمنية والاقتصادية، في ظل ترقب للمسار الذي ستسلكه هذه الإجراءات، ومدى قدرتها على تحقيق الاستقرار المنشود.
يوم الجمعة 7 آذار 2025، دخلت ورشة الإصلاحات ومحاولات إعادة تفعيل مؤسسات الدولة في دائرة ضغوط إقليمية متزايدة الصعوبة. فقد تصاعد التوتر على الساحل السوري بعد اندلاع مواجهات خطيرة بين الإدارة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع وعناصر عسكرية وحزبية محسوبة على النظام السابق، بينما واصلت إسرائيل خرق السيادة اللبنانية عبر السماح لمئات المدنيين الإسرائيليين من طائفة "الحريديم" بالدخول إلى منطقة حولا الحدودية تحت ذريعة زيارة قبر أحد الحاخامات، في ظل حماية مباشرة من جيش الاحتلال. وجاء هذا التصعيد وسط أجواء متوترة تحيط بتفاهمات غزة، حيث ارتفعت المخاوف من تجدد الحرب على القطاع، بينما عاد الحوثيون إلى التصعيد عبر توجيه تهديدات باستهداف الملاحة البحرية الإسرائيلية ما لم يتم إدخال المساعدات والأسلحة خلال مهلة زمنية محددة.
سياسياً، سجلت زيارة الرئيس نبيه بري إلى بعبدا تطوراً مهماً بعد عودة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون من جولاته الخارجية، حيث أطلعه على نتائج محادثاته في الرياض مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إضافة إلى مشاركته في القمة العربية الاستثنائية في القاهرة، فضلاً عن تطورات الوضع في الجنوب. وأشاد بري، وفق مصادر مقربة منه، بمضمون كلمة الرئيس عون في القمة ووصفها بالمتميزة، إلا أنه غادر القصر الجمهوري دون الإدلاء بأي تصريح، رغم أن موضوع التعيينات شكل أحد محاور البحث، فيما أكدت مصادر القصر الجمهوري أنه لم يكن منزعجاً من مجريات اللقاء.
في سياق متصل، تواصلت الاتصالات لإطلاق مسار التعيينات في مراكز الدولة مع انطلاق العهد الجديد، وتأكد أن الأسبوع المقبل أو الذي يليه سيشهد بدء التعيينات العسكرية والأمنية إذا ما تم التوصل إلى توافق، بحيث تصدر دفعة واحدة، وإلا فسيتم تعيين قائد الجيش أولاً، حيث يعتبر العميد رودولف هيكل الأوفر حظاً لهذا المنصب، تليه تعيينات المديرين العامين للأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة. غير أن التجاذبات السياسية لا تزال تحول دون حسم الأسماء، خاصة بين تيار المستقبل الذي يدعم تعيين العميد رائد عبد الله مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، والرئيس فؤاد السنيورة الذي يدفع باتجاه تعيين العميد محمود القبرصلي بدعم من رئيس الحكومة نواف سلام، في حين لم يحسم رئيس الجمهورية موقفه بعد. وبالنسبة للأمن العام، فقد بقيت المنافسة محصورة بين العميد حسن شقير والعميد مرشد سليمان والعميد فوزي شمعون، مع ترجيح كفة الأخير نظراً لكونه في سلك الأمن العام ويشغل حالياً منصب رئيس مكتب الجنسية والجوازات والأجانب.
وأكدت مصادر سياسية أن التفاهم على تسريع التعيينات كان من أبرز النقاط التي بحثها رئيس الجمهورية مع رئيس مجلس النواب، مع تجنب البت في أي أسماء خلال اللقاء تفادياً لأي تأويلات تمس صلاحيات رئاسة الحكومة. وأشارت المصادر إلى أن النقاش لا يزال مفتوحاً حول خيار تجزئة التعيينات أو إصدارها دفعة واحدة، فيما يُرتقب عقد لقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة قبيل الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء التي ستبحث في التعيينات الأمنية والعسكرية.
على صعيد آخر، تسارعت التحركات الدبلوماسية اللبنانية لمواجهة التصعيد الإسرائيلي والانتهاكات المتواصلة للقرار 1701. وفي إطار التحضيرات للانتخابات البلدية والاختيارية، زار وزير الداخلية أحمد الحجار كلاً من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، حيث بحث معهما سبل إنجاز الانتخابات في موعدها، إلى جانب مناقشة المستجدات السياسية والأمنية والقضايا المرتبطة بعمل الوزارة.
في المقابل، أثار قرار مجلس الوزراء بتمديد سن التقاعد للدبلوماسيين والسفراء في وزارة الخارجية من 64 إلى 68 عاماً استياء الحزب التقدمي الاشتراكي، الذي اعتبر في بيان له أن القرار يحرم الإدارة العامة من التجديد ويفاقم حالة الترهل الإداري، مطالباً بفتح باب التوظيف عبر مجلس الخدمة المدنية بدلاً من اللجوء إلى التمديد. كما أثار إقرار مجلس الوزراء لموازنة 2025 بمرسوم جدلاً واسعاً، حيث انتقد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل القرار، مشيراً إلى أن الحكومة لم تحقق أي تقدم في الإصلاحات رغم مضي عشرة أشهر على تشكيلها، ومطالباً بإدخال تعديلات جوهرية على الموازنة في مجلس النواب.
اقتصادياً، قدّر البنك الدولي كلفة إعادة الإعمار والتعافي في لبنان بنحو 11 مليار دولار، وفق تقريره لعام 2025، الذي حدد حجم الأضرار والخسائر في عشرة قطاعات رئيسية منذ اندلاع الصراع في أكتوبر 2023 وحتى ديسمبر 2024. وأشار التقرير إلى أن الحكومة تحتاج إلى تمويل يتراوح بين 3 و5 مليارات دولار للبنية التحتية، بينما يقدر حجم التمويل المطلوب من القطاع الخاص بين 6 و8 مليارات دولار، يوجه أغلبه إلى قطاعات الإسكان والتجارة والصناعة والسياحة. وأعربت مصادر رسمية عن قلقها بشأن كيفية تأمين هذه الأموال، خاصة في ظل سعي لبنان إلى إنشاء "صندوق إعادة الإعمار" وتحديد الجهات التي ستساهم في تمويله.
ميدانياً، شهد الجنوب اللبناني تصعيداً خطيراً تمثل في دخول مجموعة كبيرة من يهود "الحريديم" إلى ضريح العباد عند أطراف بلدة حولا، تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي، في خطوة اعتبرها الجيش اللبناني انتهاكاً سافراً للسيادة اللبنانية ولقرار مجلس الأمن 1701. وترافق هذا الخرق مع إطلاق القوات الإسرائيلية النار على مجموعة من المواطنين في كفركلا، ما أدى إلى إصابة اثنين من فريق "جهاد البناء" المكلف بالكشف على الأضرار التي خلفها العدوان الإسرائيلي، إضافة إلى إصابة مواطن سوري بجروح خطيرة.
ولم تتوقف الاعتداءات عند هذا الحد، إذ نفذ جيش الاحتلال عمليات قصف استهدفت مناطق عدة في الجنوب، شملت وادي زبقين، حرج بيت ياحون، وادي برغز، جبل الريحان، الزهراني، بلدة أنصار، والعزية في منطقة صور، إضافة إلى البيسارية، حيث بلغ عدد الغارات أكثر من 30 غارة. وفي تبرير لهذه الهجمات، زعم وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الغارات تهدف إلى إزالة "تهديدات عاجلة" كان حزب الله يخطط لتنفيذها.
وفي إطار استعراض القوة، حلق الطيران الحربي الإسرائيلي ليلاً على علو منخفض فوق الضاحية الجنوبية، كما امتد التحليق إلى منطقة البقاع، ما رفع منسوب التوتر وسط ترقب للردود المحتملة على هذا التصعيد.
يوم الأحد 9 آذار 2025، شهد الوضع الداخلي في لبنان تصعيداً أمنياً متزايداً، حيث استمرت العمليات العسكرية في الجنوب على وقع القصف والملاحقات، مما أثر سلباً على محاولات إعادة التطبيع في قرى الحافة الأمامية. كما تواصل سقوط الشهداء والجرحى، وكان آخرهم جندي في الجيش اللبناني استشهد إثر أزمة صحية، بعدما تعرض المشيعون في كفركلا لإطلاق نار من قوات الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى استهدافهم بالمسيّرات والقنابل الصوتية.
في ظل هذه التوترات، تكثفت الاتصالات لمنع الاحتلال من المضي في انتهاكاته، خاصة أن لبنان أكد التزامه الكامل بمندرجات القرار 1701. في الوقت ذاته، بدأت الحكومة الجديدة أولى خطواتها نحو تنفيذ برنامجها القائم على تطبيق البنود غير المنفذة من اتفاق الطائف ودستوره، حيث بحثت مسألة تحديد مقر خاص لجلسات مجلس الوزراء، إلى جانب التحضير لإجراء التعيينات الإدارية والعسكرية. كما كثفت الحكومة مساعيها لمواجهة تداعيات الأحداث الخطيرة في سوريا على الداخل اللبناني، ومتابعة الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على العائدين إلى الجنوب.
وبحسب مصادر وزارية، بقي البحث قائماً عن المقر الخاص لمجلس الوزراء، مع اتخاذ قرار بعقد الجلسات كل يوم خميس، إلى حين إيجاد موقع ملائم من الناحيتين الأمنية واللوجستية. أما آلية التعيينات، فظلت قيد الدراسة، فيما كان الاتجاه سائداً نحو تعيين أعضاء الهيئات الناظمة لقطاعات النفط والكهرباء والاتصالات، مع إمكانية تعيين قائد الجيش خلال الجلسة المقبلة أو التي تليها. لكن حتى اللحظة، لم تُحسم أي قرارات أو أسماء، باستثناء التداول في أسماء الضباط المرشحين لمناصب قيادية في الجيش وقوى الأمن الداخلي وأمن الدولة.
أما على الصعيد الأمني، فلم يطرأ أي جديد يذكر بشأن وقف الخروقات الإسرائيلية في الجنوب، كما لم تُسجَّل أي اتصالات حديثة مع طرفي لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار، الأميركي والفرنسي، لبحث سبل ضبط الانتهاكات. وبالرغم من ذلك، استمر قائد الجيش جوزاف عون بالتواصل مع قيادة الجيش والجهات المعنية، إلى جانب التنسيق غير المباشر مع لجنة الإشراف الخماسية، سعياً لوقف العدوان واستعادة النقاط المحتلة في أقرب وقت ممكن.
وفي سياق متصل، كثّف الرئيس عون جهوده لمنع امتداد ألسنة اللهب السورية إلى الداخل اللبناني، لا سيما بعد الاشتباكات التي اندلعت على الحدود الشرقية. وشدد على ضرورة ضبط الحدود بين البقاع وسوريا للحؤول دون حدوث توترات أمنية جديدة أو موجات نزوح إضافية.
دولياً، وصلت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس-بلاسخارت، إلى إسرائيل، حيث التقت كبار المسؤولين الإسرائيليين لمناقشة تنفيذ تفاهم وقف الأعمال العدائية الموقع في 26 تشرين الثاني 2024، إضافة إلى قرار مجلس الأمن رقم 1701. وفي بيان لها، شددت بلاسخارت على أهمية منع فرض أمر واقع جديد على الأرض، داعية إلى المضي قدماً في تنفيذ الحلول التي أقرها مجلس الأمن.
وفي إطار الدعم الخارجي، تسلم الجيش اللبناني الدفعة الأولى من الهبة القطرية من الوقود لعام 2025، المقدمة عبر صندوق قطر للتنمية، بهدف تعزيز قدراته في ظل الأوضاع الراهنة.
أما على الصعيد الدبلوماسي، فقد أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب اختياره رجل الأعمال اللبناني الأصل، ميشال عيسى، سفيراً للولايات المتحدة في لبنان. وأوضح في منشور عبر منصة "تروث سوشيال" أن عيسى رجل أعمال بارز يتمتع بخبرة في المجال المصرفي وريادة الأعمال. من جانبه، اعتبر مستشاره مسعد بولس أن هذا التعيين يعكس أهمية لبنان والجالية اللبنانية-الأميركية بالنسبة لإدارة ترامب، خاصة في ظل سعيه لتحقيق السلام في المنطقة.
سياسياً، كشف نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أن اتفاق وقف إطلاق النار لم يتضمن أي بنود سرية، مؤكداً أن مصطلح "جنوب الليطاني" ورد فيه خمس مرات، وهو جزء لا يتجزأ من القرار 1701. وأوضح أن جميع الأهداف التي استهدفتها المقاومة كانت عسكرية، مشدداً على أن الحزب مستمر في عمله رغم التضحيات التي قدمها. كما أكد أن المقاومة لن تتوقف، داعياً وزير الخارجية اللبناني إلى تسليط الضوء على الخروقات الإسرائيلية التي تجاوزت 2000 انتهاك حتى الآن.
وأشار قاسم إلى أن العلاقة مع رئيس الجمهورية تتسم بإيجابية، مؤكداً أن الحزب يسعى للتعاون مع الرئيس سلام، وأن وجوده في الحكومة ومنحه الثقة يأتيان في هذا السياق. كما شدد على أن العلاقة مع التيار الوطني الحر لم تنقطع، نافياً وجود أزمة داخل الحزب.
على الأرض، واصلت إسرائيل انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، الذي انتهت مدته في 18 شباط، من خلال اعتداءات متواصلة جواً وبراً ضد المواطنين اللبنانيين. وفي كفركلا، تجمع الأهالي لتشييع 24 من أبنائهم الذين سقطوا جراء العدوان الإسرائيلي، وسط ركام المنازل والمحال المدمرة. وخلال التشييع، حلّقت طائرة مسيرة إسرائيلية فوق المشاركين، قبل أن تطلق قوات الاحتلال النار عليهم، ما أدى إلى إصابة أحد المواطنين برصاصتين، نُقل إثرهما إلى مستشفى مرجعيون في حالة حرجة.
وفي وقت لاحق، استهدفت قوات العدو محيط بوابة فاطمة في كفركلا، مما أسفر عن إصابة أحد عناصر الجيش اللبناني. كما أطلق الاحتلال النار تجاه رعاة الماشية في مزرعة بسطرة، مستخدماً قذائف هاون. تزامناً مع ذلك، شهدت أجواء منطقة الهرمل تحليقاً مكثفاً للمسيرات الإسرائيلية.
وفي حادثة منفصلة، توفي جندي في الجيش اللبناني إثر أزمة قلبية بعدما تعرض لإطلاق نار من الجيش الإسرائيلي خلال تشييع شهداء كفركلا. كما فُقد الاتصال بالجندي زياد شبلي أثناء مروره في مزرعة بسطرة، ما دفع الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل إلى إرسال دورية للبحث عنه في منطقة المجيدية، حيث سُمع دوي إطلاق نار وانفجار قذيفتين إسرائيليتين.
وفي بلدة العاقبية، تفاقمت الأوضاع الأمنية بعد اندلاع إشكال كبير بين الأهالي ومجموعة من السوريين، تبادلوا خلاله إطلاق النار، ما استدعى تدخل الجيش اللبناني للسيطرة على الموقف.
في ظل استمرار الوزراء في أداء مهامهم بصمت، ضمن الإمكانيات المتاحة، بقيت المخاطر الأمنية الضاغطة من الجنوب والشمال والشرق في صدارة الاهتمام، بهدف إسقاط الذرائع واتخاذ الإجراءات المناسبة لضبط الحدود مع سوريا، منعًا لانفلات الأوضاع وانتقال الأزمة السورية إلى لبنان، الذي كان بحاجة إلى الاستقرار أولًا لإطلاق برامج الإصلاح والإعمار، على أمل تحقيق الإنقاذ المنشود.
يوم الإثنين 10 آذار 2025، هيمنت التطورات في سوريا على الأجواء اللبنانية والعربية سياسيًا وأمنيًا، وسط تصاعد المخاوف من انزلاق البلاد إلى حرب أهلية قد تمهّد للتقسيم، ما لم يتم تدارك الأمر مبكرًا. في الوقت ذاته، استمرت متابعة الوضع الجنوبي بشكل يومي، بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير الذي أسفر عن استشهاد جندي لبناني برصاص الاحتلال في كفركلا، وخطف آخر يُدعى زياد شبلي بعد إصابته في كفرشوبا.
في سياق متصل، طرأ تطور أمني جديد في الشمال، حيث أوقفت مخابرات الجيش في كانون الثاني الماضي شخصًا في عكار يُدعى "م. خ."، من مواليد 1994، يُلقب بـ"أبو سعيد الشامي"، وهو أحد عناصر تنظيم داعش، وكان يعمل على تجنيد الشباب لإقامة "إمارة لبنان" بعد السيطرة على المنطقة، وكان على تواصل مع قيادات التنظيم في سوريا والعراق. كما تم توقيف 30 شخصًا آخرين ينتمون للتنظيم في مناطق مختلفة في الشمال، من أصل 70 شخصًا يُعتقد أنهم مرتبطون به.
سياسيًا، لم تحجب هذه التطورات الأمنية المتابعة الداخلية لمسألة التعيينات، لا سيما مع اقتراب جلسة مجلس الوزراء. وبحسب المعلومات المتداولة، كان الاتفاق قائمًا على تعيين العميد رودولف هيكل قائدًا للجيش، في حين بقيت مسألة تعيين مدير عام للأمن العام قيد البحث، نظرًا لعدم التوافق على اسم بين المرشحين الأساسيين: العميد مرشد سليمان، والعميد محمد الأمين، والعميد فوزي شمعون. أما بالنسبة لمدير عام قوى الأمن الداخلي، فقد طُرحت أسماء عدة، من بينها العميد خالد السبسبي، والعميد محمود قبرصلي، والعميد رائد عبد الله، في وقت أبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري ليونة في موقفه بشأن مرشح الأمن العام.
وفي سياق متصل، لم تُحسم بعد هوية المرشح لتولي حاكمية مصرف لبنان المركزي، في ظل تنافس بين فراس أبي ناصيف، الذي واجه حملة شعبية معارضة، وكريم سعيد أو كارلوس أبو جودة، المدعومين من الفريق الرئاسي، بعد استبعاد اسم الوزير السابق جهاد أزعور.
من جهة أخرى، بدأ القصر الجمهوري التحضيرات للإفطار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية في 20 آذار الجاري، والذي كان من المقرر أن يجمع شخصيات سياسية ودبلوماسية ودينية، حيث تناول الرئيس في كلمته ملامح التوجه المقبل للعهد، مؤكدًا أهمية الإصلاح، ومحاربة الفساد، وضرورة القضاء المستقل لبناء دولة قوية وعادلة.
وفي سياق الإصلاحات المالية، تحوّلت وزارة المال إلى خلية نحل منذ وصول بعثة صندوق النقد الدولي، التي أجرت مراجعات للأداء المالي، بما في ذلك الإيرادات والنفقات، والسلف المقدمة من الدولة، إلى جانب تحضير الجداول المالية والتدفقات النقدية لضمان الشفافية وتعزيز إدارة الموارد العامة، إضافة إلى بحث تأثير زيادات الأجور على الإنفاق العام والتحضيرات اللازمة لموازنة 2026.
على صعيد التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، عيّن القاضي طارق البيطار جلسات استجواب جديدة شملت قضاة وكبار الضباط والمدراء العامين المتهمين في الملف، بعد استئناف تحقيقاته منذ شباط الماضي. وأصبح بإمكان النيابة العامة التمييزية والضابطة العدلية التعاون معه، بعدما تراجع النائب العام التمييزي جمال الحجار عن القرار الإداري الذي كان قد أصدره سلفه غسان عويدات بمنع هذا التعاون.
أمنيًا، لم تُثمر اتصالات لبنان بعد عن تحقيق تقدم مع لجنة الإشراف الخماسية بشأن تنفيذ وقف إطلاق النار، بينما استمرت الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب، إذ أطلقت قوات الاحتلال النار على مدرسة في بلدة رامية، كما سقط شهيد عسكري في كفركلا وأُصيب شخصان آخران، أحدهما بحالة حرجة.
وفي الشمال، تزايدت حركة النزوح مع استمرار الاشتباكات في سوريا، حيث عبر أكثر من 300 سوري النهر الكبير نحو مناطق آمنة في طرابلس، وتم توزيع معظمهم على المساجد والمدارس والمراكز التجارية، ما يعكس التداعيات المستمرة للأزمة السورية على لبنان.
يوم الثلاثاء 11 آذار 2025، واصلت اللجنة الدبلوماسية الخماسية تحركاتها في إطار متابعة تنفيذ التفاهمات الدولية المتعلقة بإنهاء الشغور الرئاسي وتأليف الحكومة الجديدة. وقد حطّت رحالها في عين التينة، حيث التقت رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالتزامن مع نشاط اللجنة الخماسية العسكرية المعنية بمراقبة التزام الأطراف بالقرار 1701 وآليات وقف إطلاق النار.
في السياق نفسه، زار الرئيس نواف سلام قصر بعبدا وعقد اجتماعًا مع الرئيس جوزف عون، حيث تمحورت المحادثات حول التعيينات المرتقبة التي كانت مدرجة على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة. وأفادت مصادر مطلعة بأن التوافق قد حُسم على أسماء القيادات الأمنية والعسكرية، إذ تم تعيين العميد رودلف هيكل قائدًا للجيش، والعميد حسن شقير مديرًا عامًا للأمن العام، والعميد رائد عبد الله مديرًا عامًا لقوى الأمن الداخلي، والعميد إدغار لوندوس مديرًا عامًا لأمن الدولة. ومع ذلك، أكدت مصادر رسمية أن لا شيء حُسم بشكل نهائي، إذ استمرت بعض التباينات بشأن بعض الأسماء.
في سياق آخر، انعقد الاجتماع السادس للجنة مراقبة تنفيذ وقف الأعمال العدائية في الناقورة برئاسة الولايات المتحدة وبمشاركة فرنسا وممثلين عن الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، حيث ركّزت المناقشات على تنفيذ القرار 1701 بشكل كامل، إلى جانب بحث القضايا العالقة بين لبنان وإسرائيل، بما في ذلك النقاط الخمس التي لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية جنوب لبنان. وأسفرت المفاوضات عن اتفاق مبدئي بين الجانبين برعاية أميركية، يقضي بتشكيل ثلاث مجموعات عمل مشتركة لمعالجة الملفات العالقة، ومن ضمنها قضية الأسرى اللبنانيين المحتجزين لدى إسرائيل.
وفي خطوة لافتة، أعلنت إسرائيل عن إفراجها عن أربعة أسرى لبنانيين كانت قد احتجزتهم خلال عملياتها العسكرية الأخيرة، وذلك كبادرة حسن نية تجاه القيادة اللبنانية الجديدة. وتم تسليم الأسرى عند معبر رأس الناقورة إلى الصليب الأحمر الدولي، الذي نقلهم إلى المستشفى اللبناني-الإيطالي في صور لإجراء الفحوص الطبية اللازمة. وكان من المفترض أن تشمل عملية الإفراج الجندي اللبناني زياد شبلي، الذي أصيب خلال المواجهات الأخيرة، إلا أن إطلاق سراحه أُرجئ إلى موعد لاحق، وسط تأكيدات من قوة اليونيفيل بأنها ستعمل على تسليمه في أقرب وقت ممكن.
في موازاة ذلك، شهد قصر بعبدا اجتماعًا بين الرئيس جوزف عون ورئيس لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية، الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، بحضور السفيرة ليزا جونسون، حيث طالب الرئيس اللبناني الجانب الأميركي بممارسة الضغط على إسرائيل للانسحاب من المناطق اللبنانية التي تحتلها وإعادة جميع الأسرى اللبنانيين.
من جهة أخرى، تزايدت التحركات الدبلوماسية الغربية في بيروت، حيث التقى الرئيس عون بالمستشار الأول في وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الأميرال إدوارد ألغرين، الذي أكد التزام بلاده بمواصلة دعم الجيش اللبناني واستكمال بناء أبراج المراقبة على الحدود لتعزيز الاستقرار. كما زار وفد اللجنة الخماسية رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث ناقشوا ملف الجنوب والتطورات الإقليمية، وسط تأكيد بري على أن استمرار الوضع الراهن سيؤثر سلبًا على لبنان بأكمله، مشددًا على ضرورة انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية.
على الصعيد السياسي الداخلي، استمرت السجالات حول مسألة سلاح حزب الله، حيث تعرض وزير الثقافة طارق متري لهجوم سياسي من "القوات اللبنانية" على خلفية تصريحاته التي استبعد فيها إمكانية نزع السلاح بالقوة، معتبرة أن مواقفه تشكل انتكاسة للمسار السياسي الجديد.
وبينما شهد الملف الأمني بعض الانفراجات بالإفراج عن الأسرى اللبنانيين، لا يزال المشهد السياسي مترقبًا حسم التعيينات العسكرية والإدارية وسط استمرار التوترات الأمنية والميدانية، في ظل تصاعد نشاط المسيرات والطيران المعادي في الأجواء اللبنانية.
يوم الأربعاء 12 آذار 2025، استمر الموقف الرسمي اللبناني في رفض الانخراط في الأجندات الإسرائيلية، مع تأكيد التمسك بسيادة الدولة ورفض تقديم أي تنازلات للعدو الإسرائيلي، سواء من قبل الدولة اللبنانية أو الثنائي الشيعي، الذي شدد على أنه لن يُمنح الاحتلال ما فشل في تحقيقه بالحرب، حتى لو كان الخيار بين التطبيع أو الفوضى. وفي سياق متصل، تواصلت المتابعة الرسمية للوضع الجنوبي عبر لقاءات المنسقة الخاصة للأمم المتحدة مع المسؤولين اللبنانيين، حيث جرى البحث في استمرار الاحتلال الإسرائيلي لخروقات القرار 1701، إضافة إلى مسألة دعم الجيش اللبناني.
أمنياً، أُنجزت التعيينات العسكرية والأمنية في جلسة مجلس الوزراء، حيث تم تعيين العميد رودولف هيكل قائداً للجيش، والعميد حسن شقير مديراً عاماً للأمن العام، والعميد رائد عبد الله مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، والعميد إدغار لاوندس مديراً عاماً لأمن الدولة، والعميد مرشد سليمان نائباً له. كما تقرر إبقاء العميد طوني قهوجي في منصب مدير المخابرات في الجيش، إلى جانب نائبه العميد رياض علام، لحين تعيين بديلين لهما.
وفي سياق القرارات الحكومية، ناقش مجلس الوزراء مشروع قانون لإعادة النظر في الرسوم المفروضة بموازنة 2025، إضافة إلى خطة تطويع 4500 جندي في الجيش على ثلاث دفعات، بهدف تعزيز انتشار القوات اللبنانية في الجنوب، تنفيذًا للقرار 1701. كما جرى بحث ملفات إدارية تتعلق بآلية التعيينات في الفئة الأولى، التي لا تزال تنتظر موافقة مجلس الوزراء وفق الآلية المقترحة من مجلس الخدمة المدنية.
اقتصادياً، انطلقت المفاوضات بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي، حيث استقبل رئيس الجمهورية وفد الصندوق، الذي عرض رؤية لإخراج لبنان من أزمته المالية عبر برنامج إصلاحي موحد. وأكد رئيس الجمهورية التزام لبنان بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، مشدداً على أنها أولوية لبنانية قبل أن تكون مطلباً دولياً. وانتقل الوفد بعد ذلك إلى لقاءات مع رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة ووزير المالية، حيث جرى التأكيد على أهمية تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان كخطوة أساسية في مسار الإصلاحات.
وفي موازاة ذلك، ترأس رئيس الحكومة اجتماعاً مع وفد من البنك الدولي لمناقشة مشروع إعادة إعمار البنى التحتية، حيث جرى التأكيد على ضرورة منح الأولوية للمناطق الحدودية التي تعرضت لتدمير واسع. وبلغت قيمة المشروع مليار دولار، منها 250 مليون دولار كقرض من البنك الدولي، بينما سيتم تأمين باقي التمويل عبر المساعدات الدولية.
أما على صعيد العلاقة مع إسرائيل، فقد أُعلن عن تشكيل لجان دبلوماسية لبنانية ودولية، بمشاركة أميركية وفرنسية، لمناقشة الملفات الحدودية العالقة، بما يشمل الانسحاب من النقاط المحتلة وتثبيت الحدود البرية وإطلاق سراح الأسرى. لكن مصادر سياسية أبدت مخاوف من أن تكون هذه المفاوضات تمهيداً لمسار تطبيع مع الاحتلال، خاصة مع تصريحات إسرائيلية تؤكد وجود خطة متكاملة لإدراج لبنان ضمن مسار التطبيع في المنطقة.
ميدانياً، تصاعدت الخروقات الإسرائيلية في الجنوب اللبناني، حيث توغلت دبابات ميركافا باتجاه منطقة الحلواني في أطراف بلدة راميا، كما حلّقت الطائرات الحربية والمسيرة فوق مناطق مختلفة، وصولاً إلى بيروت وجبل لبنان. وسُجّلت عمليات تجريف إسرائيلية وإنشاء سواتر ترابية في محيط بلدة رميش، فيما أزالت وحدات من الجيش اللبناني شريطاً شائكاً وضعه الاحتلال في منطقة بركة ريشا. كما أطلقت القوات الإسرائيلية النار على مزارعين وعمال في مناطق زراعية حدودية.
وفي بيروت، بدأت عمليات إزالة العوائق الموضوعة أمام مصرف لبنان، بما في ذلك الصفائح الفولاذية التي أُنشئت عقب احتجاجات عام 2019، في خطوة تحمل دلالات مرتبطة بالوضع الاقتصادي والمصرفي في البلاد.
بذلك، يبدو المشهد اللبناني حافلاً بالملفات المتداخلة بين السياسي والأمني والاقتصادي، في ظل محاولات لإدارة الأزمات المستمرة، وسط تعقيدات إقليمية ودولية تلقي بظلالها على مستقبل البلاد.
يوم الخميس 13 آذار 2025، شهدت الساحة اللبنانية تطورات بارزة على الصعيدين السياسي والأمني، تمثلت في إقرار التعيينات العسكرية والأمنية، التي اعتُبرت خطوة نحو بناء أجهزة الدولة وتعزيز المؤسسات القادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها. هذه التعيينات، رغم ما أثير حولها من جدل، جاءت في سياق دعم الهيكلية الأمنية في البلاد، وتمكينها من تنفيذ المهام المطلوبة، لا سيما في ظل الأوضاع الراهنة.
وقد أثارت هذه التعيينات ردود فعل متباينة، حيث وصفها البعض بأنها بداية لإعادة تنظيم الأجهزة الأمنية وفق معايير الكفاءة، فيما رأى آخرون أنها لم تخلُ من الاعتبارات السياسية. لكن في المحصلة، تم تعيين العماد رودولف هيكل قائداً للجيش، واللواء رائد عبدالله مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، واللواء حسن شقير مديراً عاماً للأمن العام، واللواء إدغار لاوندس مديراً عاماً لأمن الدولة، إلى جانب تكليف العميد مرشد الحاج سليمان بمنصب نائب مدير عام أمن الدولة. وبعد تعيينهم، زار القادة قصر بعبدا، حيث جرى تعليق شارات الترقيات لهم بحضور رئيس الجمهورية ووزيري الداخلية والدفاع.
من جهة أخرى، ناقش مجلس الوزراء مجموعة من الملفات الحساسة، أبرزها آلية التعيينات الإدارية، التي من المقرر أن تُطرح في جلسة خاصة يوم الاثنين المقبل. كما أقرّ المجلس تعديلات على الرسوم المالية الواردة في مشروع الموازنة، حيث خُفّضت الرسوم على السياحة والمشروبات الروحية، استجابةً لمتطلبات اقتصادية واجتماعية. وفي السياق ذاته، أكدت الحكومة التزامها بإصلاح القطاع المالي، حيث شدد الرئيس جوزاف عون على ضرورة تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، وإقرار التعديلات المطلوبة على قانون السرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف.
أما على الصعيد التربوي، فقد أُقرت زيادة في رواتب الأساتذة المتعاقدين، ورفع بدل أجر الساعة إلى 366 ألف ليرة، في خطوة تهدف إلى تحسين ظروفهم المعيشية.
في الشأن السياسي، طُرح خلال جلسة مجلس الوزراء موضوع سحب السلاح غير الشرعي، حيث طالب وزراء القوات اللبنانية ووزير الكتائب بوضع جدول زمني واضح لهذا الملف، مع التأكيد على الالتزام بما ورد في البيان الوزاري. في المقابل، لم يُطرح ملف التطبيع مع إسرائيل، رغم ما يروج له إعلام العدو، وأكد وزير الخارجية يوسف رجي أن هذا الموضوع لم يُبحث رسمياً، فيما شدد نائب رئيس الحكومة طارق متري على أن الموقف اللبناني واضح في رفض أي محاولات لفرض أمر واقع من قبل الإسرائيليين.
وفي ما يخص المطار، أوضح وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني أن ما جرى في مطار رفيق الحريري الدولي لم يكن تعيينات بقدر ما كان تكليفات إدارية تهدف إلى تحسين الأداء الإداري والتشغيلي لهذا المرفق الحيوي، بانتظار استكمال إجراءات تأليف مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني.
على الصعيد الاجتماعي، شهد السراي الكبير إفطاراً سياسياً موسعاً برعاية رئيس الحكومة نواف سلام، بحضور شخصيات سياسية ودينية بارزة، حيث شدد في كلمته على أهمية استعادة هيبة الدولة، وبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، وضبط السلاح غير الشرعي، وفق ما نص عليه اتفاق الطائف. كما أكد التزام لبنان بتنفيذ القرار 1701، مع ضرورة استكمال الجيش انتشاره في الجنوب، وتعزيز التعاون مع قوات اليونيفيل.
في المحصلة، تبرز هذه التطورات كجزء من مسار متكامل يهدف إلى إعادة هيكلة الدولة اللبنانية، وتعزيز مؤسساتها، رغم التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تواجهها. ويبقى التحدي الأساسي في تنفيذ هذه الإصلاحات بعيداً عن التجاذبات السياسية، لضمان تحقيق الاستقرار المنشود.
يوم الجمعة 14 آذار 2025، كان من المتفق عليه أن الحكومة، التي كانت تعرف بـ"حكومة الإصلاح والإنقاذ"، قد وضعت رزنامة عملها موضع التنفيذ، حيث كانت التعيينات العسكرية والأمنية على رأس الأولويات، كما كانت هناك استعدادات لوضع آلية عملية للترشيحات والتعيينات في الإدارة والمراكز العليا في الدولة. ومع ذلك، واجهت هذه الخطط تحديات كبيرة بسبب التطورات غير المؤاتية في الجنوب، حيث استمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي في استفزاز العائدين إلى القرى الجنوبية عبر استخدام الطائرات المسيّرة والعديد من أدوات الإرهاب الأخرى، مما جعل اللجنة العسكرية الخماسية عاجزة عن ردع الاحتلال ووقف انتهاكاته.
وفي ظل هذه الضغوط الجنوبية، استمرت العراقيل المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي للنقاط الخمس وضربه عرض الحائط باتفاقية وقف إطلاق النار، وهو ما فاقم من الأوضاع. كما تداخلت هذه الضغوط مع الاشتباكات والمواجهات في سوريا، مما أثر بشكل كبير على التفاهمات الوطنية الداخلية في لبنان. وقد تناول الرئيس جوزف عون هذه المواضيع في كلمته خلال إفطار دار الفتوى.
في السياق نفسه، أشارت مصادر سياسية مطلعة إلى أن ما طرحه وزراء "القوات اللبنانية" بشأن ضرورة تحديد جدول زمني لسحب سلاح حزب الله لم يؤدي إلى أي خرق في التضامن الوزاري، رغم إقرار كبار المسؤولين بأن قرار الحرب والسلم يجب أن يكون بيد الدولة اللبنانية. كما أكدت المصادر أن ما تم إقراره بشأن التعيينات الإدارية يعتبر خطوة إصلاحية كبيرة من شأنها إنهاء الشواغر في الإدارات العامة.
من جهة أخرى، وفي طرابلس، أطلق رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي مبادرة لعقد لقاء سياسي موسع في دارته لبحث تداعيات التطورات في سوريا على الواقع النيابي اللبناني. وقد لاقت المبادرة دعم عدد من الشخصيات السياسية البارزة، وأفضت المداولات إلى اتفاق على عقد اجتماع آخر قريباً في طرابلس لمتابعة هذه المواضيع.
في "إعلان طرابلس"، تم إدانة الأحداث الدرامية في الساحل السوري، ودُعي إلى ضرورة ضبط التجاوزات فوراً وتقديم الدعم اللازم للنازحين السوريين. كما تم التأكيد على رفض محاولات إسرائيل فرض التطبيع مع لبنان، ودُعي إلى اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية للحد من الفلتان الحاصل في البلاد.
وفيما يخص الإصلاحات الداخلية، أكد المسؤولون أن خطوات الإصلاح، بما في ذلك التعيينات الإدارية، ستكون مفتاح الدعم العربي والدولي للبنان. ومع ذلك، أشار البعض إلى بطء تنفيذ الإصلاحات، مشيرين إلى أن هناك حاجة ملحة لوضع هذه الإصلاحات على سكة التنفيذ سريعاً. وفيما يتعلق بالاتفاقيات الاقتصادية مع المملكة العربية السعودية، تم تأجيل زيارة رئيس الحكومة نواف سلام إلى السعودية إلى ما بعد عيد الفطر، على أن تكون الوزارات المعنية قد أكملت الملفات اللازمة لتوقيع الاتفاقيات.
أما في ما يتعلق بالوضع الجنوبي، فقد شدد الرئيس نبيه بري على أن لبنان لن يتخلى عن أي شبر من أرضه، وأنه سيستخدم كل الوسائل المتاحة لحماية حقوقه. كما أكد ضرورة الحفاظ على وحدة اللبنانيين لمواجهة التحديات الراهنة. وبالنسبة لموضوع النازحين السوريين، دعا إلى ضرورة أن يتخذ المجتمع الدولي خطوات سريعة لحل هذه الأزمة بما يضمن استقرار لبنان.
على المستوى القضائي، شهدت قضية انفجار مرفأ بيروت تطورات إيجابية مع استمرار المحقق العدلي في متابعة التحقيقات، حيث استجوب بعض المسؤولين وأكد على استمرار التحقيق حتى الوصول إلى الحقيقة.
وفي السياق ذاته، استقبل وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت، حيث جرى بحث الوضع في جنوب لبنان والضغط الدولي على إسرائيل للالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 والانسحاب من الأراضي اللبنانية.
وميدانياً، أجرى وفد دبلوماسي وعسكري من السفارة الأميركية جولة في المنطقة الحدودية مع إسرائيل، اطلع خلالها على الإجراءات التي يتخذها الجيش اللبناني في المنطقة.
يوم السبت 15 آذار 2025، برزت مشاركة وفد كبير من "تيار المستقبل" في زيارة ضريح كمال جنبلاط، حيث ترأست النائبة بهية الحريري الوفد، فيما أصدر الرئيس سعد الحريري بيانًا أكّد فيه على وحدة المسار بينه وبين جنبلاط، مشيرًا إلى أن دماء كمال جنبلاط ورفيق الحريري جمعتهما، لكن القاسم المشترك الأكبر بينهما يبقى تحقيق حلمهما بلبنان مزدهر ومستقر.
على صعيد آخر، عكست صورة الإفطار الذي أقامه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى مناخًا جديدًا في البلاد، حيث شهد حضورًا واسعًا ضمّ أركان الدولة والسياسة والطوائف، بمشاركة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، إلى جانب رؤساء الجمهورية والحكومات السابقين، وقادة الطوائف، بالإضافة إلى شخصيات سياسية بارزة، من بينها رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي نادرًا ما يشارك شخصيًا في مناسبات عامة.
وخلال كلمته، شدّد الرئيس جوزف عون على أهمية مشاركة جميع الشرائح في الحياة السياسية دون تهميش أو إقصاء، داعيًا إلى احترام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، ورافضًا أي تفسير سياسي أو طائفي لهما. وأكد على ضرورة تنفيذ القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار لضمان سيادة لبنان واستقراره، معتبرًا أن إعادة إعمار المناطق المتضررة تتطلب تضافر الجهود بين الدولة والمجتمع المدني والأصدقاء والأشقاء.
أما المفتي دريان، فقد وجّه رسالة دعم إلى الرئيس عون، مشيرًا إلى أن انتخابه وتشكيل حكومة جديدة يعكسان إرادة اللبنانيين في الخروج من الأزمات. وأكد على ضرورة العمل الجماعي لإنقاذ لبنان، معتبرًا أن القيادة الحكيمة للرئيس عون ورئيسي مجلس النواب والوزراء، إلى جانب الشخصيات الوطنية الفاعلة، ستفتح صفحة جديدة من الإصلاح والإنقاذ.
في هذه الأجواء، انطلقت التحضيرات لزيارة الرئيس جوزف عون إلى باريس، حيث من المقرر أن يستقبله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 28 من الشهر الجاري، عشية مؤتمر لدعم لبنان تحضّر له فرنسا. وقد أشار ماكرون إلى التزام بلاده الكامل بدعم لبنان على مختلف المستويات، مشددًا على ضرورة تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لإنعاش البلاد.
على الصعيد السياسي الداخلي، شهدت الأيام الماضية تكثيفًا للقاءات والمشاورات، حيث زار رئيس الحكومة نواف سلام رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، لبحث المستجدات السياسية والميدانية، خاصة في ظل استمرار إسرائيل بخرق بنود وقف إطلاق النار والقرار 1701. وترافق ذلك مع تحضيرات حكومية للتوافق على آلية تعيينات المراكز الإدارية، بما فيها حاكمية مصرف لبنان.
أما على المستوى الأمني، فلا يبدو أن الوضع في الجنوب يتجه نحو التهدئة، إذ صعّدت إسرائيل عملياتها العسكرية، مستهدفة بالغارات والاغتيالات مختلف المناطق، لا سيما الجنوب والبقاع الشمالي والحدود اللبنانية – السورية. وفي آخر هذه العمليات، شنّت غارة على سيارة في برج الملوك – قضاء مرجعيون، ما أدى إلى سقوط ضحايا. وقد تبنّى الجيش الإسرائيلي الهجوم، زاعمًا استهداف عنصر من "حزب الله" كان ينفّذ نشاطًا أمنيًا.
وسط هذه التطورات، يترقب لبنان زيارة الرئيس عون إلى فرنسا، والتي تعكس التزام باريس بدعم البلاد، في وقت لا تزال المساعي الدبلوماسية للحلّ تدور في حلقة مفرغة. ومع استمرار التحديات، تتجه الأنظار إلى كيفية إدارة المرحلة المقبلة، في ظل الانقسام السياسي والتوترات الأمنية، بينما يبقى تنفيذ القرارات الدولية وضمان الاستقرار الوطني من أبرز الملفات المطروحة على الطاولة.
قبيل سفر رئيس الجمهورية جوزف عون إلى باريس بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الثامن والعشرين من آذار، وسفر رئيس الحكومة نواف سلام إلى المملكة العربية السعودية نهاية الشهر، برزت تحركات سياسية مكثفة محلياً ودولياً. زيارة الرئيس عون إلى فرنسا، هي أول محطة أوروبية له، تأتي في سياق تعزيز العلاقات اللبنانية-الفرنسية، وشكر باريس على دعمها المستمر للبنان. وقد اعتُبرت هذه الزيارة خطوة تمهيدية لزيارة رسمية أوسع لرئيس الجمهورية إلى باريس، حيث من المتوقع انعقاد مؤتمر دعم للبنان في أواخر الربيع. كما عُلم أن الرئيس عون يرغب في استكمال جولاته إلى دول اللجنة الخماسية، بعد زيارته إلى السعودية، على أن تكون زيارته إلى فرنسا قصيرة ومكثفة.
يوم الأحد 16 آذار 2025، تصاعدت الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، سواء عبر الاغتيالات أو التهديدات بشن ضربات موسعة، وذلك على خلفية حادث إطلاق نار قالت المصادر الإسرائيلية إنه وقع "بالخطأ" أثناء تشييع أحد شهداء حزب الله. وفي الوقت ذاته، شهدت المختارة حدثاً بارزاً تمثل في إحياء الذكرى السنوية لاستشهاد كمال جنبلاط، بحضور سياسي وحزبي وشعبي واسع، تقدمه رئيس الحكومة نواف سلام.
وعشية جلسة مجلس الوزراء في السراي الكبير، التي كان من المقرر أن تبحث في آلية التعيينات في سائر وظائف الدولة، التقى رئيس الحكومة نواف سلام رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، حيث بحثا في الاستحقاقات المقبلة، لا سيما التعيينات الإدارية، بما فيها تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، وسط ترجيح كفة الوزير السابق جهاد أزعور لهذا المنصب. كما ناقش الطرفان تشكيل ثلاث لجان لترسيم الحدود البرية مع فلسطين المحتلة، على أن يكون التفاوض غير مباشر وبعيداً عن أي طابع دبلوماسي أو سياسي، في ظل الرفض اللبناني لأي مفاوضات تتجاوز القضايا التقنية والعسكرية، وذلك وفق ما أكدت الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس.
في السياق نفسه، انتظر لبنان عودة أورتاغوس ورئيس لجنة الإشراف الخماسية، اللواء الأميركي جاسبر جيفرز، إلى بيروت أو تل أبيب، وسط ترقب لما سيحملانه بشأن تشكيل اللجان الثلاث المعنية بترسيم الحدود. في المقابل، أظهرت المواقف الأميركية استمرار الضغوط السياسية والاقتصادية على لبنان، حيث أوصى نائب مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بيتر ماروكو الإدارة الأميركية بإلغاء المساعدات المخصصة للبنان تدريجياً، بينما أعد نواب جمهوريون مشروع قانون يربط المساعدات بشروط سياسية محددة. كما برزت تصريحات الموفد الأميركي ستيف ويتكوف، الذي أبدى تفاؤله بانضمام السعودية إلى "الاتفاقات الإبراهيمية"، ما قد يمهد لاحقاً لانضمام سوريا ولبنان إليها، وهو أمر رفضته الدولة اللبنانية رسمياً.
على الصعيد الداخلي، تحوّل إفطار دار الفتوى إلى لقاء وطني جامع ضم الرؤساء الثلاثة، إلى جانب قادة المؤسسات الأمنية والمراجع الروحية ورؤساء الأحزاب. وخلال كلمته، شدد الرئيس عون على ضرورة تنفيذ القرار 1701 وانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، مؤكداً أن الاستقرار في لبنان مرهون بتطبيق القرارات الدولية التي تضمن سيادته وأمنه. من جهته، أكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أن الإرادة الوطنية قادرة على تجاوز الأزمات، مشيراً إلى أن عودة لبنان إلى سابق عهده من الازدهار والتفوق ليست مستحيلة، شرط تكاتف جميع القوى السياسية. وفي ختام الإفطار، قُدِّم إلى الرئيس عون وسام دار الفتوى المذهب، كعربون محبة وصداقة، ليكون الأول من نوعه الذي يُمنح لرئيس الجمهورية، في خطوة حملت دلالات على أهمية الوحدة الوطنية في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد.