المشهد اللبناني

المشهد اللبناني من يوم الإثنين 3 جزيران 2024 حتى الأربعاء 5 حزيران 2024، إعداد: أنطوان فضّول
دخل لبنان فترة تجريبية جديدة، وداخلية بعد الزيارة الأخيرة للموفد الفرنسي جان ايف لودريان، لتحريك القعر الجامد للازمة الرئاسية التي استعصت على كل الوساطات والمبادرات والتحركات. ذلك أنه عشية اقتراب مرور سنة كاملة على آخر الجلسات النيابية لانتخاب رئيس الجمهورية في الرابع عشر من حزيران (يونيو) الماضي، إنطلقت مبادرة تحرك جديدة لتكتل “اللقاء الديموقراطي” والحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة النائب تيمور جنبلاط وسط شكوك ثابتة في إمكان نجاح أي وساطة ما دامت الوقائع والشروط السياسية التي تحكم قبضتها على الازمة لا تبدو قابلة لاي تبديل في الآفاق القريبة المدى.
وفي المعطيات عن طبيعة الأفكار والاتجاهات التي سيشرع “اللقاء الديموقراطي” في تحركه على أساسها في اجتماعاته مع الأحزاب والتكتلات السياسية، فهي تستند الى تأكيد أهمية التوصل إلى تسوية لانتخاب رئيس وفاقيّ سريعاً مع تداول بعض الأفكار التي يعتبرها “اللقاء” جيّدة لأيّ انعقاد لقاء تشاوريّ أو تحاوريّ لاحق. وسيشدد “اللقاء” على أنه من الضروريّ بحث سبل انتخاب رئيس سريعاً على أن تتمحور الخطوة التي يمكن الانطلاق منها بحسب التحضيرات التي يأخذها “اللقاء الديموقراطي” على عاتقه، حول الاتفاق على السبل التشاورية أو الحوارية التي لا يزال يراهن على إمكان التوصّل إليها. وفيما يطرح فكرة الرئيس غير الاستفزازيّ القادر على تولّي زمام السلطة مع تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، فإنّه سيطرح في اجتماعاته ضرورة الاتفاق بين الكتل النيابية لأنّه من غير الممكن انتخاب رئيس يلغي فريقاً سياسيّاً أو يضعف فريقاً آخر.
وبدأ وفد من “التكتل” برئاسة تيمور جنبلاط جولته بمحطة أولى في معراب حيث التقى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع وبعض نواب الكتلة القواتية، ثم انتقل الى لقاء ثانٍ مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل على أن تتحدد مواعيد الجولة على الكتل الأخرى تباعاً.
وسط هذه الأجواء لم تتبدل صورة التصعيد المتدحرج في الجنوب في ظل وتيرة العمليات والاستهدافات بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله” حيث أشعلت الغارات الإسرائيلية التي تكثفت بشكل لافت مناطق حدودية واسعة امتداداً إلى تخوم البقاع الغربي. وفي جديد التهديدات الإسرائيلية للبنان، اعتبر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أنه “لا بد من ضرب عاصمة الإرهاب بيروت كي تنشغل بتأهيل نفسها بعد ضرباتنا”. وأضاف، “قلت لنتنياهو إننا نقف إلى جانبك لتحقيق الحسم وسنقف ضدك إذا اخترت الاستسلام”.
ومن جهته دعا رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان إلى شنّ “ضربةٍ إستباقيّة ضدّ حزب الله في لبنان”،
وإلى الدوحة، أوفد الرئيس نبيه بري معاونه النائب علي حسن خليل لإجراء مشاورات في إطار اللقاءات التي تجريها قطر مع المسؤولين والكتل النيابية اللبنانية حول الاستحقاق الرئاسي، والخروج من الازمة الراهنة.
كما توجه إلى قطر وفد من القوات اللبنانية قوامه النائبان بيار بو عاصي وملحم الرياشي وجوزف جبيلي (عضو الهيئة التنفيذية).
والتقى الوفد وزير الدولة للشؤون الخارجية صالح الخليفي، على أن يلتقي اليوم رئيس الحكومة وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
ولم تكتمل جلسة لجنة المال والموازنة، التي اجتمعت برئاسة رئيسها النائب ابراهيم كنعان، وانقضت بقرار منه على خلفية اعتراض تكتل الجمهورية القوية» على إحالة مشاريع أو مراسيم حكومية في ظل حكومة تصريف اعمال.
يوم الثلاثاء 4 حزيران، تحركت كل الملفات دفعة واحدة في ما خص حرب غزة وجبهة جنوب لبنان وملف الرئاسة اللبنانية. في ملف رئاسة الجمهورية، بدأ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط زياراته التشاورية فإلتقى على رأس وفد نيابي على التوالي، كلا من رئيس حزب القوات اللبنانية ثم رئيس التيار الوطني الحر، وكان لافتا أن الوفد المرافق إلى معراب لم يكن هو ذاته الذي رافقه إلى ميرنا شالوحي. أما في جنوب لبنان فدخل سلاح جديد إلى المعارك هو "سلاح الحرائق" سواء تلك التي اندلعت شمال إسرائيل أو تلك التي اندلعت جنوب لبنان، ويأتي دخول هذا السلاح الجديد في مناخ حار يسهل عمل هذا السلاح. كما يأتي في وقت صعد فيه حزب الله من لهجته في ما يتعلق بالحرب. وفي سياق آخر أفاد بيان لمكتب المرشح الرئاسي شبلي ملاّط أن “السفير السعودي وليد البخاري التقى بمجموعة من أهل العلم والعمل في مقره في اليرزة”، وأضاف أن “السفير أوضح موقف الحكومة السعودية في استنهاض الاقتصاد في مشروع 2030 على أساس تفاعلي ومتقدم في الدول العربية، كما أعلم ضيوفه عن تقدم التشاور حثيثاً على طريق رئيس التسوية الكفيل بإعادة الثقة لطاقات أهل بلاد الأرز الراسخة”. يوم الأربعاء 6 حزيران 2024، تصدّر واجهة الأحداث الحادث الأمني المريب الذي تجلّى في الاعتداء المسلح على السفارة الاميركية في عوكر.
يوم الخميس 6 حزيران 2024، على الصعيد السياسي، تتجه الأنظار إلى زيارات الوفود اللبنانية الى الدوحة التي شملت حتى الآن وفوداً وشخصيات من “حركة أمل” والحزب التقدمي الاشتراكي و”القوات اللبنانية”.
إنتهى الأسبوع الأول ‏للحراك الاشتراكي على ايجابيات تلمّسها أعضاء «اللقاء الديموقراطي» الذين توزّعوا على الكتل النيابية في مسعى جدي ديناميكي لتقريب المسافات تجاه خريطة طريق الحل للانسداد الرئاسي، اي حوار ثم انتخاب، وقد بَدت معظم الكتل الكبرى متجاوبة باستثناء «القوات اللبنانية» التي بقيت على موقفها الرافض للحوار كمُسمّى والمتجاوب مع فكرة التشاور السياسي غير المرتبط بأي آلية محددة في اعتبار انّ فلسفة التشاور ممكنة وغير لازمة...
المسعى الجنبلاطي سيستكمل الأسبوع المقبل في اتجاه «القوات اللبنانية» ومَن تبقّى من قوى المعارضة، في اعتبار ان معظم الكتل الأخرى أبدت موافقة أو مرونة أو عدم عرقلة. وبالتالي، فإنّ الهدف يصبّ في المرحلة الأولى على تأمين النصاب لحضور الجلسات مع إبقاء باب التشاور مفتوحا عند إقفال الدورات الانتخابية الأربع وتعذر الانتخاب»...
وكشف المصدر ان المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية تراقب عن كثب مسعى الحزب التقدمي الاشتراكي، وقد وعدت بأن تساهم وتتحرك إفرادياً لتقديم المساعدة إذا اقتضى الأمر، محذّراً من انه قد تكون محاولة «الاشتراكي» هي الأخيرة قبل ان يدخل الاستحقاق الرئاسي مجددا في سبات عميق». وكان تكتل «اللقاء الديموقراطي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط قد واصل جولاته على الكتل النيابية، فيما افادت معلومات ان الجانب القطري في اللجنة الخماسية يواصل اتصالاته منفرداً بهدف تليين المواقف وتقريب وجهات النظر.
وقد عاد وفد «القوات اللبنانية» من الدوحة، وسط معلومات عن محاولة قطرية لجمع عضو الوفد النائب ملحم الرياشي بالنائب علي حسن خليل المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، لكن الرياشي نفى حصول اي لقاء وقال: «لم نكن في المكان نفسه».
وفي اطار جولته، التقى جنبلاط عضو «التكتل الوطني المستقل» النائب طوني سليمان فرنجية في دارته بالأشرفية، في حضور النواب: وائل أبو فاعور، بلال عبدالله وراجي السعد، أمين السر العام في «التقدمي» ظافر ناصر، ومستشار النائب جنبلاط حسام حرب.
ولوحظ ان الوفد الإشتراكي أرجأ زيارته الى بكفيا في اللحظات الاخيرة التي سبقت الموعد مع قيادة حزب الكتائب.
اما على الصعيد الأمني في الداخل، فترددت أصداء الاعتداء على السفارة الأميركية في عوكر لجهة رصد التحقيقات الجارية في الحادث. وأفيد أن منفذ عملية اطلاق النار على السفارة السوري قيس فراج عمل منفرداً وليس ضمن خلية واشترى السلاح والذخيرة من ماله الخاص واستطلع السفارة الأميركية عبر مشغل “غوغل”.
وأفادت مصادر مطّلعة على التحقيق عن توقيف سائق الفان الذي نقل مطلق النار من البقاع، وتبيّن أنّه لم ينقل فراج خصيصاً، إنّما كان من عداد ركاب الباص. وتجري مراجعة حركة الاتصالات على هاتف السائق، إضافة إلى استمرار توقيف رجل دين قيد التحقيق، وكذلك شقيق مطلق النار ووالده أسوة بجميع الذين يشملهم التحقيق من المحيطين بمنفّذ العملية، في إطار جمع المعلومات عن الحادث.
يوم الجمعة 7 حزيران 2024، الأنظار تتجه الى ما يمكن أن يصدر عن القمة الثنائية بين الرئيسين الفرنسي والأميركي في الإليزيه وما إذا كانا سيخصان لبنان بموقف مشترك وعندها يمكن استقراء دلالات هذا الموقف وتأثيره كتطور خارجي بالغ الأهمية حيال لبنان ان في واقع المواجهات على حدوده او في ملف أزمته الرئاسية.
وكان رؤساء دول وحكومات كل من فرنسا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وألمانيا أصدروا بياناً في باريس ووزعه قصر الاليزيه أكدوا فيه أن الحفاظ على استقرار لبنان مسألة حيوية، مشددين على عزمهم لتضافر الجهود من أجل الحد من التوتر على طول الخط الأزرق تطبيقًا للقرار 1701، ودعا الرؤساء جميع الاطراف لضبط النفس وتجنب أي تصعيد في المنطقة.
وفي السياق الدولي أيضاً، دعا الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريس إلى “وقف الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله على طول الحدود بين الدولة العبرية ولبنان”، معرباً عن قلقه من خطر نشوب “صراع أوسع نطاقاً تكون له عواقب مدمّرة على المنطقة”. وقال المتحدّث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك في بيان إنّه “مع استمرار تبادل إطلاق النار حول الخط الأزرق، فإنّ الأمين العام يدعو الأطراف مرة أخرى إلى وقف عاجل لإطلاق النار وتطبيق القرار 1701”. وأبدى الأمين العام أسفه “لأنّنا فقدنا بالفعل مئات الأرواح، ونزح عشرات الآلاف، ودُمرت منازل وسبل عيش على جانبي الخط الأزرق”.
في سياق أمني آخر متصل بملف الاعتداء الأخير على السفارة الأميركية في عوكر كشفت التحقيقات في داتا هاتف أن منفذ الإعتداء على السفارة الأميركية الموقوف قيس الفراج كان على تواصل مع مجموعات متطرفة في العراق. وأفيد أن حالته الصحية سيئة.
قضائيًا، أشعل الكتاب الذي أرسله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى الوزارات والإدارات العامة كافة، خطوط التّماس مجدّداً، كونه «يقضي بوجوب التقيّد والإلتزام بالتعميم الصادر عن النائب العام لدى محكمة التمييز بالتكليف القاضي جمال الحجار (أمس الأول) والذي يهدف إلى تأمين إعادة الإنتظام إلى عمل النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان».
هذا الإجراء الحكومي، استدعى ردّاً فوريّاً من قبل القاضية عون على جبهة ميقاتي متّهمة إياه بـ»استباحة دستورية غير مقبولة». واستندت بذلك إلى مبدأ «فصل السلطات»، قائلةً «لا يحق لك إرسال هذا الكتاب للإدارات. ولا يحق لك مخالفة المادة 7 من القانون رقم 206 /2022 لحماية نفسك أو أي شخص آخر. أنت تخالف القانون صراحة وهذا يعرضك للملاحقة».
كما توجّهت عون في دفاعها إلى «جماعة الخير والمودعين والمنهوبين» الممنوعين من معرفة «أين راحو الـ8 مليارات»، وما وثّقه تقرير الفاريس. ممنوع على الحاكم إعطاء معلومات». واعتبرت أنّ «هذه الخطة هي لسرقة أموالكم. ممنوع على القضاء أن يحاسب. يا للعار متى ستستيقظون وترفضون هذه السرقة المفتوحة».
في المقابل، «البيان الذي أسس عليه النائب العام لدى محكمة التمييز بالتكليف القاضي جمال الحجار قراره بكف يد النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون عن الملفات القضائية التي تحقق فيها، يُشكّل مضبطة اتهام كاملة، تضمّنت أسماء بجرائم منسوبة إلى القاضية عون وأبرزها:
أولاً: صرف النفوذ؛ عبر تأمين امتيازات لبعض المحظيين، ولقلة قليلة من الأشخاص على حساب أموال باقي المودعين.
ثانياً: مخالفة قرار قضائي؛ عبر تخاطب غير لائق مع رئيس مجلس القضاء الأعلى، والمجاهرة بمخالفة طلبات موجّهة إليها وفقاً للأصول.
ثالثاً: مخالفة تنظيم القضاء؛ من خلال الممارسات التي تقوم بها، وعدم التزامها بموجب التحفظ، بما يضرب أسس كل النيابات العامة وتحديداً النيابات العامة التمييزية.