إجتماع الأحزاب المسيحية حول البطريرك الماروني

إجتماع الأحزاب المسيحية حول البطريرك الماروني ينعقد في بكركي اجتماع برئاسة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يضم ممثلين لكل الأحزاب والتيارات المسيحية، وذلك بهدف مناقشة الملاحظات التي سجّلتها هذه الأحزاب على ورقة اقتراحات قدمتها بكركي، ونوقشت في اجتماعات سابقة.
تركز الورقة على بنود أساسية تتعلق برئاسة الجمهورية والشراكة الوطنية والدور المسيحي وقرار الحرب والسلم.
ملاحظات القوى المسيحية ليست كثيرة، بعضها يتعلق بالشكل وبعضها بالمضمون.
بغياب الممثلين عن "المردة"، سيضم الاجتماع ممثلين عن “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية ” والكتائب و”حركة التجدد” الى عدد من المطارنة للبحث في مسودة نهائية للوثيقة التي ستتضمن الموقف الموحد من القضايا السيادية والوطنية والسياسية الأساسية، علما ان اللجنة التي تضم ممثلي الأحزاب والتيارات كانت قد عقدت اجتماعات سابقة بعيدا من الأضواء.
لم يوفد “تيار المردة” ممثلا عنه الى الإجتماع بعدما وجّهت اليه الدعوة للمشاركة.
تسعى الكنيسة من خلال هذه المبادرة للوصول الى وحدة صف مسيحية.
لكن المناقشات أظهرت انه لا يمكن الوصول الى وحدة صف إلا على قاعدة وحدة موقف وطنية تعبّر عن المسلمين والمسيحيين. وهذا الموقف يتناول أزمة دور «حزب الله». بالإضافة أيضًا إلى أزمات أخرى تتعلق باللاجئين السوريين والاقتصاد والشغور الرئاسي، والتي هي في جوهرها نتاج أزمة «الحزب».
أما الحل فيكون بمطالبته بتسليم سلاحه الى الدولة.
أمام هذه الأولوية، توقعت الأوساط أن يكون اجتماع بكركي مثل الاجتماعات السابقة «بسبب عدم موافقة «التيار» على اتخاذ موقف من «حزب الله» وسلاحه».
من جهة أخرى، وسيشكل الموقف من الازمة الرئاسية محورا أساسيا من محاور “الوثيقة المسيحية” التي ستطرح على بساط البحث والتقرير النهائي تمهيدا لإصدارها عن بكركي برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
ان البند المتعلق بالازمة الرئاسية في الوثيقة ينص على التمسك بعقد جلسة مفتوحة لانتخاب رئيس الجمهورية وفق ما يتلاءم والدستور وبعيدا من أي اعراف او اشتراطات كمثل الحوار قبل الانتخاب.
يوم الخميس 21 آذار 2024، إحتفل العالم ولبنان بعيد الأمهات. أما الأنظار فاتجهت الى بكركي التي احتضنت اجتماعًا شاركت فيه القوى المسيحية الأساسية باستثناء تيار المردة. وتم التوافق بين المجتمعين على وثيقة لا تزال في حاجة الى مزيد من الدرس.
المشهد الداخلي يتخذ بعدًا جديدًا لجهة تجميع القوى بمواجهة قوى أخرى.
ففي بكركي، اجتمع ممثلون عن القوى المسيحية برئاسة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وغاب عنهم ممثل تيار المردة، لمناقشة وثيقة أعدها المطران انطوان ابي نجم، طُرحت في الاجتماع إعداد وثيقة مسيحية تعيد الاعتبار للخط التدريجي للمسيحيين في ما يتعلق بالدولة والكيان والميثاق والشراكة مع المسلمين في لبنان، لا سيما في الوظائف العامة.
طالبت الوثيقة بعقد جلسة مفتوحة لمجلس النواب تقضي الى انتخاب رئيس للجمهورية، وفقا للدستور وبعيدا عن اي اعراف مستجدة كالحوار وغيره.
وافق المجتمعون على المبدأ العام لوثيقة بكركي، مع الحرص على الطابع الوطني، وأُدخلت تعديلات لهذه الغاية.
ويبقى ان سلاح حزب الله يشكل العقبة الاساسية ويأخذ حيزا كبيرا من النقاش، في مسعى للخروج بموقف واضح وسيادي حيال هذا الموضوع. فلدى الحديث عن تحييد لبنان عن الصراعات، وصولاً الى حياده الايجابي، وافق «التيار الوطن الحر» على ربط ذلك بوجود جيش قوي على غرار النموذج السويسري. ولم يتحفظ عن حصرية السلاح في يد الجيش اللبناني، لكنه رفض المطالبة بالتسليم الفوري لسلاح «حزب الله» باعتبار أنّ هذه العملية يجب ان تحصل «تدريجياً وعلى مراحل وفق برنامج محدد».
وتُنبّه الوثيقة الى تراجع حضور المسيحيين في القطاع العام وبيع اراضيهم وخطر السلاح غير الشرعي اللبناني وغير اللبناني والنزوح السوري وتوطين الفلسطينيين والفساد وتأخير الاصلاح.
لم يتطرق النقاش الى مسألة انتخاب رئيس للجمهورية الواردة في الوثيقة في زاوية ان الانتخابات مسألة بديهية، كما لم يذكر موضوع الفدرالية.
اللقاء ترأسه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وحضره عن “القوات اللبنانية” النائب فادي كرم وعن “التيار الوطني الحر” النائب جورج عطالله ومستشار رئيس “التيار” انطوان قسطنطين وعن حزب الكتائب مستشار رئيس الحزب ساسين ساسين وعن “حركة الاستقلال” إدوار طيون، بالاضافة الى حبيب شارل مالك ممثلا النائب نعمة افرام والمطارنة بولس مطر وبولس صياح وانطوان بو نجم . والطرف المسيحي الوحيد الذي تغيّب عن لقاء بكركي كان “تيار المردة”.
جاءت اجتماعات بكركي نتيجة المساعي التي قام بها المطران انطوان بو نجم بتكليف من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، والذي عمل طوال الأشهر الثلاثة الماضية مع الاحزاب في محاولة لإيجاد قواسم مشتركة فيما بينها. وواصَل جولته بعيداً عن الاضواء وتمّ بنتيجتها تشكيل لجنة مصغرة، بدأت تضع نقاط التقاطع المشتركة مع القوى السياسية اللبنانية للوصول الى خريطة طريق او تصور يوافق عليه جميع اللبنانيين. ويكون منطلق الرئيس المقبل بعد ان يتم انتخابه على اساسه.
وكان وضع كل فريق في الاجتماع الاول ملاحظاته ومطالبه على الطاولة، فتحولت هذه المطالب الى وثيقة أعدها أبي نجم، ونقحت بعد ذلك على ان تُبحَث وتصدر بنسختها النهائية. اجتماع ممثلين للقوى المسيحية الأساسية، برعاية البطريرك وحضوره، فتح آفاقاً جديدة في النقاش توصلاً الى وثيقة تجيب عن سؤال «أي لبنان نريد؟».
وما ان انتهى اجتماع بكركي حتى بدأت أطراف تابعة للممانعة بتوجيه سهام الانتقادات اليه.
يوم الجمعة 22 آذار 2024، خرجت بكركي عن صمتها، رافضة تورطها في الانقسامات الداخلية، وأشار المكتب الإعلاميّ لراعي أبرشيَّة أنطلياس المارونيّة المطران انطوان أبي نجم في بيان الى «ان التّشاور إنطَلَقَ برعاية أبينا غبطة البطريرك مع القِوى السِّياسيَّة المسيحيَّة كمرحلة أولى، على أن يتوسَّع الحِوار بعدَها ليشمَل كُلّ القِيادات الرُّوحيَّة والمرجعيَّات السِّياسيَّة اللُّبنانيَّة والِقوى المجتمعيَّة الحيَّة كمرحلة ثانية، من هُنا يهمُّنا التأكيد على ما يلي: - إنَّ المُبادَرة التّي يتُمّ التّداول بها في الإعلام، وفي الرأي العامّ، هي مُبادرة وطنيَّة جامِعَة بإمتياز، وتبتعِد عن أيّ مُقاربة طائفيَّة أو سِياسيَّة ضيِّقة. - إنَّ المُبادرة المُشار إليها أعلاه بدَأت مُنذ أكثَر من عامّ، ويتابعها فريق عمل متخصص في الدّستور والقانون والسِّياسات العامَّة، وهي بعيدَة عن أيّ إنحياز لأيّ فريق سِياسيّ، بل هي تتقاطَع في ثوابِتها مع كل الإرادات الطيِّبة التّي تعمل لخَلاص لُبنان. – نأسَف لكُلِّ التسريبات التي كانت في معظمها بعيدة عن روحيَّة المُبادرة ومضمونِها، ونأملُ من جميع الأفرِقاء المُنخَرطين فيها حاليًّا، والمدعوين للإنخِراط فيها مستقبلًا، إلى الإلتزامِ بميثاق العَمل الصَّاِمت والهادئ، بما يؤدي إلى بلوغ المبادرة الوطنية خواتيمها المرجوَّة. – بقدر الحرص على حريَّة الإعلام، فإنَّنا نهيبُ بكُلّ وسائِلها مقاربَة المُبادرة بحكمةٍ ترتقي إلى مُستوى المسؤوليَّة التَّاريخيَّة، حرصًا على هدفِها الأساسيّ، وهو خلاصُ لُبنان».وختم البيان: «يهمّنا التأكيد على أن البطريركيَّة المارونيَّة هي المرجعيّة الوحيدة المعنية بتَظهير المُحاولات والنتائِج لهذه المُبادرة الوطنيَّة الجامِعَة، في اللَّحظة والشَّكل اللَّذين تراهُما مناسبين، إلتزامًا بالميثاق الوطنيّ والَخير العامّ للشَّعب اللُّبنانيّ، وصونًا للقضيَّة اللُّبنانيَّة في مسار بناء دولة المواطنة الحرَّة السيِّدة العادلة المستقلَّة». يوم الثلاثاء 26 آذار 2024، وثيقة بكركي على قاب قوسين من صدورها صدورها بنقاط وطنية تأخذ في الاعتبار كل ما بتصل على صعيد الواقع المسيحي والاستحقاقات المعلقة فضلا عن مسألة السيادة وقرار نأي لبنان عن أي حرب وتطبيق القرارات الدولية.
عند هذه الصورة، لا تزال القوى السياسية والكتل النيابية تتحرك باتجاه ايجاد حل للعقدة الرئيسية التي تؤزم الوضع اللبناني، عبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية.