توصيات البرلمان حول النزوح السوري

يوم الأربعاء 15 آيار 2024، إنعقد المجلس النيابي وسجّل موقفاً، بشبه إجماع، وتبنى توصية للحكومة، الّا انّ العبرة، ليست في اصدارها فحسب، بل في نفاذ مندرجاتها، وقدرة الحكومة على تحمّل مسؤولياتها وحمل الجانب السوري على الكف عن الانكفاء المريب حيال هذا الملف، والتجاوب الجدّي مع مطلب كل اللبنانيين بإعادة النازحين، وكذلك في حمل المجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص الدول الاوروبية على مساعدة لبنان، وهو أمر مشكوك فيه حتى يثبت العكس، وخصوصاً في ظل إصرار دول اوروبا من دون استثناء على إبقاء النازحين في لبنان، ومعلوم انّ الاتحاد الاوروبي أصدر موقفاً خطيراً منذ فترة غير بعيدة، عارض فيه إعادة النازحين ودعا الى دمج النازحين في المجتمعات التي لجأوا اليها. وكانت الهيئة العامة للمجلس التي اجتمعت برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قد استمرت لنحو ثلاث ساعات، جرى في ختامها التصويت بأكثرية النواب الحاضرين على توصية للحكومة، خلاصتها:
اولاً، انّ النزوح السوري أثر على لبنان اقتصادياً ومالياً واجتماعياً وأمنياً وبيئياً وصحياً، وعلى الاستقرار العام فيه. وتنامي شعور بالقلق لدى عموم اللبنانيين من التغيير الديموغرافي والمجتمعي. ثانياً، إنّ لبنان ليس بلد لجوء، وغير مهيأ ليكون كذلك دستورياً وقانونياً وواقعياً.
ثالثاً، المبادرة الى تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس الحكومة وعضوية وزراء الدفاع والداخلية والمهجرين والشؤون الاجتماعية وقيادة الجيش والأمن العام والأمن الداخلي وأمن الدولة، للتواصل والمتابعة المباشرة والحثيثة مع الجهات الدولية والإقليمية والهيئات المختلفة، لا سيما مع الحكومة السورية، ووضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة النازحين، باستثناء الحالات الخاصة المحمية بالقوانين اللبنانية والتي تحدّدها اللجنة.
رابعاً، الالتزام الواضح بتطبيق القوانين النافذة التي تنظّم عملية الدخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه.
خامساً، القيام بالإجراءات القانونية اللازمة لتسليم السجناء من النازحين إلى السلطات السورية، وفق القوانين والأصول المرعية.
سادساً، دعوة المجتمع الدولي والهيئات المانحة لمساعدة الحكومة في تخصيص الإمكانيات اللازمة للأجهزة العسكرية والأمنية من أجل ضبط الحدود البرية والتنسيق مع الجانب السوري للمساعدة من الجهة المقابلة، وحصر حركة الدخول والخروج عبر المعابر الشرعية بين البلدين.
سابعاً، الطلب من أجهزة الأمم المتحدة كافة، لا سيما مفوضية اللاجئين والجهات الدولية والاوروبية المانحة اعتماد دفع الحوافز والمساعدات المالية والانسانية للتشجيع على إعادة النازحين إلى بلدهم، ومن خلال الدولة اللبنانية ومؤسساتها أو بموافقتها، وعدم السماح باستغلال هذا الامر للإيحاء بالموافقة على بقائهم في لبنان وتشجيع هذه الجهات على تأمين مثل هذه التقديمات في داخل سوريا.
ثامناً، الاستفادة من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، ومنها قرارها حول خطة التعافي المبكر الصادر العام 2021، حيث يمكن أن يشكّل المدخل لتسريع العودة إلى الداخل السوري، عن طريق المساعدات لتأهيل البنى التحتية من دون تعرّض الدول المانحة لعقوبات قانون قيصر.
تاسعاً، نقل رسالة واضحة للدول والهيئات العاملة بملف النزوح، بأنّ لبنان لم يعد يحتمل جعله سداً أمام انتقال النازحين إلى بلدان أخرى، وأنّه بكل الأحوال لن تكون مهمته حماية حدود هذه الدول، من إمكانية الانتقال إليها ممن يرغب أو يحاول من النازحين مغادرة لبنان، وبأي وسيلة ممكنة. وبالتالي، فإنّ المسؤولية الأساس هي في تحويل الدعم نحو تعزيز انتقال النازحين وتأمين استقرارهم في بلدهم مع ما يتطلب ذلك من تأمين مقومات حياتهم.