وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران: ظروف دقيقة وهدنة محفوفة بالمخاطر

كتب أنطوان فضّول.
اتفاق غير معلن لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، أوقف التصعيد العسكري والتهديدات المتبادلة التي كادت تدفع المنطقة نحو مواجهة إقليمية شاملة.
رغم طابع الهدنة "غير الرسمي"، إلا أنها نجحت في كبح جماح التوتر، ولو مؤقتًا، وسط جهود دولية مكثفة لمنع الانزلاق إلى حرب لا تُحمد عقباها.
جاء وقف إطلاق النار بعد تصعيد غير مسبوق بين الطرفين.
وبلغ التوتر ذروته بعد سلسلة عمليات وُصفت بـ"الخطيرة" كادت تفجّر الوضع على أكثر من جبهة، لا سيما في جنوب لبنان والعراق وسوريا.
تحت وطأة الضغوط الدولية، وبفعل الخشية من انهيار منظومة الأمن الإقليمي، إنكفأ الطرفان إلى خيار التهدئة، مدفوعين بتوازن الردع القائم، والقلق المتبادل من نتائج حرب مفتوحة.
الداخل الإسرائيلي المنقسم، والاقتصاد الإيراني المنهك، لم يعودا يحتملان مغامرات كبرى.
لعبت سلطنة عُمان وقطر دور الوسيط المحوري في نقل الرسائل بين الطرفين، برعاية غير مباشرة من واشنطن وباريس.
تم التوصل إلى تفاهمات أولية، شملت وقف الاستهداف المباشر للبنى التحتية الحيوية، والامتناع عن تنفيذ عمليات اغتيال أو ضربات نوعية من شأنها أن تفجّر المشهد مجددًا.
الاتفاق لم يُعلن رسميًا، لكنه دخل حيز التنفيذ بهدوء، وترافق مع اتصالات دبلوماسية رفيعة المستوى في نيويورك وجنيف وبغداد.
إسرائيل، من جهتها، سعت إلى تجنّب حرب استنزاف طويلة، وركّزت على إعادة ضبط قواعد الاشتباك دون دفع الثمن السياسي أو البشري الباهظ لحرب شاملة.
أما إيران، فبدت حريصة على الحفاظ على أوراقها الإقليمية من دون تعريضها للاستنزاف أو لخسائر نوعية يصعب تعويضها.
راهن الطرفان على فرصة سانحة لاحتواء الأزمة، ريثما تتضح معالم المسار النووي الإيراني، ووجهة الإدارة الأميركية المقبلة تجاه ملفات المنطقة.
رغم تنفّس المنطقة الصعداء مؤقتًا، فإن الهدنة تظل هشّة وعرضة للانهيار عند أي تطور مفاجئ.
الحسابات السياسية والعسكرية لدى الطرفين لم تتبدل جذريًا، والخلافات البنيوية باقية.
وما دام النزاع الأوسع حول النفوذ الإقليمي والبرنامج النووي الإيراني قائمًا، فإن خطر العودة إلى التصعيد يبقى قائمًا في أي لحظة.
إستمرار الهدنة مرهون بعدم حصول أي خرق نوعي، وبقدرة الوسطاء على ضبط إيقاع الساحات المتوترة كلبنان وسوريا والعراق، وهي ساحات مشتعلة بطبيعتها ولا تخضع بالكامل لأي اتفاق مباشر.
وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران يمثل مكسبًا مرحليًا للتهدئة الإقليمية، لكنه لا يعكس نهاية التوتر بقدر ما يشير إلى توقف مؤقت لجولة من المواجهات.
الهدوء الحالي لا يرقى إلى سلام، بل هو استراحة محفوفة بالمخاطر، والمرحلة المقبلة ستحدّد ما إذا كانت المنطقة تتجه نحو تسوية أعمق أو نحو انفجار مؤجل.