المشهد اللبناني
في أيلول 2025، شهد لبنان سلسلة من التطورات المفصلية التي شملت المشهد السياسي والاقتصادي والقضائي والأمني، مما عكس حجم التحديات التي يواجهها البلد في سعيه نحو الاستقرار.
على الصعيد السياسي، أحيا حزب الله في 27 سبتمبر الذكرى السنوية الأولى لاغتيال أمينه العام السابق، حسن نصر الله، الذي قضى في غارة إسرائيلية استهدفت مقر القيادة في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث أثار الاحتفال جدلاً واسعاً بعد إضاءة صخرة الروشة بصور نصر الله وهاشم صفي الدين، وهو ما اعتُبر تحدياً لسلطة الدولة اللبنانية، بينما دعا رئيس الحكومة نواف سلام إلى اتخاذ إجراءات للحفاظ على هيبة الدولة.
وفي نيويورك، ألقى الرئيس جوزيف عون كلمة لبنان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، مشيراً إلى الأعباء الاقتصادية والأمنية التي يواجهها لبنان، دون تقديم أدلة ملموسة على رفع صور المجازر الإسرائيلية، مما أثار تساؤلات حول مصداقية الموقف اللبناني.
على الصعيد الاقتصادي، أعلنت الحكومة اللبنانية في 25 سبتمبر عن خطة لإعادة هيكلة الديون لمعالجة الخسائر الناجمة عن الانهيار المالي الذي بدأ في 2019، متضمنة تقاسم الخسائر بين الدولة ومصرف لبنان والبنوك التجارية والمودعين، مع اقتراح سداد المدخرات لأصحاب الودائع الأقل من 100 ألف دولار على مدى ثلاث إلى خمس سنوات.
ودعا صندوق النقد الدولي لبنان في اليوم التالي إلى تحسين قانون إعادة هيكلة البنوك وتطبيق إصلاحات ضريبية لدعم الإنفاق العام وجهود إعادة الإعمار، معرباً عن قلقه من ثغرات في القانون الحالي، بما في ذلك تضارب المصالح ومنح البنوك التجارية حرية كبيرة في بعض الجوانب.
وفي المجال القضائي، أُفرج في 26 سبتمبر عن حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة، بعد نحو ثلاثة عشر شهراً من احتجازه على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم مالية، مع دفع كفالة قياسية بلغت 14 مليون دولار أميركي إضافة إلى خمسة مليارات ليرة لبنانية، وفرض حظر سفر عليه لمدة عام مع استمرار الإجراءات القضائية المتعلقة بالتهم الموجهة إليه.
أما على الصعيد الأمني، فقد نفذ الجيش اللبناني في 24 سبتمبر حملة واسعة في بعلبك أسفرت عن مقتل أحد كبار المطلوبين بتهم الاتجار بالمخدرات وإطلاق النار على عناصر الجيش، في إطار تعزيز الأمن ومكافحة الأنشطة غير القانونية.
كما شهدت مناطق جنوب لبنان استهدافاً من قبل إسرائيل في 18 سبتمبر، شملت إلقاء قنابل حارقة في منطقة اللبونة عند أطراف بلدة الناقورة، وتنفيذ غارة بطائرة مسيرة قرب الجامع في بلدة شبعا، دون تسجيل إصابات، ما أثار قلقاً أمنياً واسعاً بين السكان.
لقد كان أيلول 2025 شهراً حاسماً في لبنان، حيث تداخلت الأزمات السياسية والاقتصادية والقضائية والأمنية، وبرزت الاحتجاجات والتوترات كمرآة للتحديات المستمرة.
فالبلد يجد نفسه أمام مفترق طرق يتطلب توافقاً داخلياً ودعماً دولياً للخروج من أزماته المتعددة، في ظل استمرار الاحتقان السياسي والضغوط الاقتصادية والتوترات الأمنية التي تفرض على السلطات والمجتمع اللبناني العمل معاً لإعادة الاستقرار وتعزيز قدرة الدولة على مواجهة التحديات.