حرب تموز 2006 بين إسرائيل وحزب الله

اندلعت الحرب بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان في صيف 2006، وتُعرف بـ "حرب تموز" أو "حرب لبنان الثانية". كانت الحرب نتيجة تصاعد التوترات بين الطرفين، وتسببت في خسائر كبيرة على الجانبين وفي البنية التحتية اللبنانية. هنا نستعرض أهم مفاصل وتطورات هذه الحرب.
الخلفية والتوترات السابقة
قبل اندلاع الحرب، كان جنوب لبنان ساحة توتر مستمر بين حزب الله وإسرائيل، خاصة بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000. ظلت الحدود الجنوبية اللبنانية تحت تهديد مستمر مع تنفيذ حزب الله عمليات محدودة ضد القوات الإسرائيلية، بينما قامت إسرائيل بعمليات جوية أو برية متفرقة للرد. حزب الله، الذي يصف نفسه بالمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، بنى قدراته العسكرية وأسلحته طوال هذه الفترة، معززًا نفوذه في المنطقة.
الشرارة الأولى: عملية الأسر
في 12 يوليو 2006، قام حزب الله بعملية مفاجئة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، أسفرت عن أسر جنديين إسرائيليين. ردت إسرائيل بقوة على هذه العملية عبر شن هجوم جوي وبري واسع النطاق على جنوب لبنان، ما أطلق شرارة حرب مدمرة استمرت 34 يومًا.
مراحل الحرب
المرحلة الأولى: القصف الجوي الإسرائيلي
عقب عملية الأسر، شنت إسرائيل حملة قصف جوي واسعة على مختلف المناطق اللبنانية، مستهدفة مواقع حزب الله، البنية التحتية الحيوية، والجسور والمطارات. بيروت، العاصمة اللبنانية، تعرضت لعدة غارات إسرائيلية، مما تسبب في دمار واسع وخسائر بشرية كبيرة.
المرحلة الثانية: الرد الصاروخي لحزب الله
في المقابل، قام حزب الله بإطلاق مئات الصواريخ على المدن الإسرائيلية، مستهدفًا حيفا والمناطق الشمالية لإسرائيل. كانت هذه المرة الأولى التي تطال فيها صواريخ حزب الله العمق الإسرائيلي، مما أدى إلى حالة من الهلع داخل إسرائيل وتسبب في نزوح مئات الآلاف من السكان الإسرائيليين من شمال البلاد.
المرحلة الثالثة: الاجتياح البري
مع استمرار الهجمات الجوية والصاروخية، قررت إسرائيل البدء بعملية برية لاقتحام مواقع حزب الله في جنوب لبنان. القوات الإسرائيلية تقدمت ببطء نتيجة المقاومة الشرسة التي أبدتها قوات حزب الله، والتي استخدمت تكتيكات حرب العصابات.
المحاولات الدبلوماسية
خلال فترة الحرب، كانت هناك جهود دولية متواصلة لوقف إطلاق النار، ولكنها لم تنجح في البداية بسبب تمسك كل طرف بمواقفه. مجلس الأمن الدولي ظل يناقش الوضع بشكل مستمر، وفي 11 أغسطس 2006، تم التوصل إلى قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي دعا إلى وقف فوري للأعمال القتالية.
نهاية الحرب: وقف إطلاق النار
في 14 أغسطس 2006، دخل قرار مجلس الأمن حيز التنفيذ، وبدأت العمليات القتالية بالتوقف تدريجيًا. القوات الإسرائيلية انسحبت من جنوب لبنان، وتم نشر قوات اليونيفيل المعززة (قوات الأمم المتحدة) في المنطقة الحدودية لضمان عدم عودة الأعمال العدائية.
ما بعد الحرب: تداعياتها
الحرب خلفت آثارًا مدمرة على لبنان، حيث دُمرت الكثير من البنية التحتية، ونزح مئات الآلاف من اللبنانيين من منازلهم. حزب الله أعلن "انتصاره" بعد تمكنه من مقاومة الاجتياح الإسرائيلي، بينما اعتبرت إسرائيل أن الحرب كانت ضرورية لحماية أمنها القومي.
على المستوى السياسي، أدت الحرب إلى تعزيز مكانة حزب الله كقوة عسكرية وسياسية في لبنان، لكنها في الوقت نفسه أثارت انتقادات داخلية بسبب الدمار الذي لحق بالبلاد.
استنتاج
كانت حرب تموز 2006 محطة رئيسية في تاريخ الصراع الإسرائيلي اللبناني. وعلى الرغم من مرور سنوات على انتهائها، إلا أن تبعاتها ما زالت حاضرة في السياسة والأمن على طول الحدود الجنوبية اللبنانية، مع استمرار التوترات بين حزب الله وإسرائيل.