الرئاسة الحكيمة
كتب أنطوان فضّول.
تستمر العلاقة بين "الثنائي الشيعي" وباقي مكوّنات الدولة اللبنانية على التباساتها المتكرّرة، لا سيما عندما يتعلّق الأمر بموقع رئاسة الجمهورية وخياراتها الاستراتيجية.
في وقتٍ تحدّث فيه النائب حسن فضل الله عن اتفاقٍ مسبق بين الرئيس جوزاف عون والثنائي قبيل انتخابه، نفت مصادر بعبدا بشكل قاطع هذه المزاعم.
في الواقع هي تصريحات مشبوهة، في توقيتها ومضمونها.
كلّنا يعلم أن الرئيس لم يبرم أي تفاهم مع الثنائي، بل إن خطابه في مجلس النواب بعد نصف ساعة من انتخابه، يشدّد علنًا وبوضوح لا لبس فيه على حصرية السلاح بيد الجيش.
وهذا المسار الذي رسمه منذ البداية، لا يزال نافذًا من دون تعديل أو مساومة، فرئيس الجمهورية عازم على المضيّ حتى النهاية في التزاماته الوطنية، وهو لن يُنهي عهده قبل ترجمة حقيقية وفعلية لكل ما ورد في خطاب القسم.
أما التوتر المتكرر والمتقطع بين رئاسة الجمهورية ورئاستي مجلس النواب والحكومة فهو حقيقة طبيعية في ظل هذا الكم الهائل من الموروثات الإشكالية التي تولّدها تعقيدات الساحة الداخلية والإقليمية والدولية.
ومع ذلك، يحرص الرئيس عون على إبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع الجميع، للتباحث عن مخارج منطقية للأزمات المتوالدة وآخرها قضية الروشة وملف الانتخابات.
لقد نجح رئيس الجمهورية في تثبيت موقع الرئاسة كمرجعية وطنية جامعة، بعيدة عن الإملاءات والاصطفافات، متمسكًا بمفهوم الدولة القادرة التي يحتكر جيشها السلاح ويقود مسار الخلاص الوطني.
بينما يستمر شدّ الحبال بين القوى الداخلية، يظهر جليًا أن جوهر الأزمة يكمن في التوازن الدقيق بين "الثنائي" الشيعي وباقي المكوّنات، في ظلّ سعي الرئيس عون إلى انتزاع الدولة من أسر الحسابات الفئوية والإقليمية.