المشهد اللبناني
المشهد اللبناني من يوم الأربعاء 1 تشرين الأول 2025، حتى يوم الأربعاء ١٤ تشرين الأول ٢٠٢٥، إعداد أنطوان فضّول:
تدلّ التطورات التي شهدها لبنان في اليوم الأول من تشرين الأول، على بدء انحسار موجة الجمود التي طبعت الحياة السياسية في الآونة الأخيرة لمصلحة البحث عن صيغة إنقاذية جديدة.
فصفحة "البرودة الرئاسية" في طريقها إلى التلاشي، بعدما برز توافق ضمني على اعتماد وحدة الحكم كخيار لحفظ وحدة البلاد، وتفعيل البرنامج الإصلاحي المنصوص عليه في خطاب القسم والبيان الوزاري، سواء لجهة حصر السلاح بيد الدولة، أو لجهة الإعداد للانتخابات النيابية في موعدها واستئناف الجلسات النيابية لإقرار القوانين الإصلاحية.
هذا المناخ انعكس في اجتماع رؤساء الحكومات السابقين الذين شددوا على أنّ تضامن السلطات الدستورية يشكل مدخلاً أساسياً لتحقيق الأهداف الوطنية.
في المقابل، برزت حادثة إضاءة صخرة الروشة كعنوان لخلاف داخلي سرعان ما تحوّل إلى مواجهة قضائية، بعدما أصدر النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار مذكرات بحث وتحرٍّ بحق المتورطين، ما ساهم في إطفاء نار السجالات.
بالتوازي، استمرّت موجة التضامن السياسي والشعبي مع رئيس الحكومة نواف سلام الذي بدا حازماً في إدارة هذه الأزمة، مؤكداً أنّ الحكومة مصممة على مواجهة أي محاولة لزجّ المرافق العامة في التوترات السياسية والطائفية.
أما على مستوى رئاسة الجمهورية، فقد نقل زوار قصر بعبدا عن الرئيس جوزاف عون إصراره على صون الاستقرار الأمني والسياسي عبر دور الجيش والقوى الأمنية، بالتوازي مع جولات خارجية هدفت إلى تأمين دعم للبنان.
غير أنّ هذه الصورة لم تحجب المخاوف المتزايدة من احتمال تصعيد إسرائيلي، بعد تسريبات إعلامية تحدثت عن تهديدات طاولت بيروت نفسها، رغم نفي مصادر دبلوماسية لهذه الرواية.
وهنا برزت الدعوات إلى الحذر من الشائعات التي تسعى إلى إشاعة الانقسام وإضعاف الثقة بالدولة.
في هذا السياق، يستعد مجلس الوزراء لتسلّم تقرير الجيش حول خطة حصر السلاح جنوب الليطاني، وهو تقرير يُفترض أن يترجم عملياً مضمون القرار 1701، لكن في ظل اعتداءات إسرائيلية لم تتوقف.
على خط التشريع، تواصلت الاتصالات للاتفاق على صيغة قانون الانتخاب، إلى جانب مشاريع إصلاحية أخرى مرتبطة بالتفاهم مع صندوق النقد الدولي وإصلاح القضاء والقطاع العام.
وقد ناقش الرئيس عون مع وزير الداخلية أحمد الحجار جهوزية الوزارة لإجراء الانتخابات، فيما أطلقت وزارة الخارجية منصة تسجيل المغتربين.
رئيس الحكومة نواف سلام جدّد بدوره التأكيد على الالتزام الحازم بإجراء الانتخابات في موعدها، مشدداً على شمولها جميع اللبنانيين في الداخل والخارج، وعلى ضرورة تعزيز مشاركة النساء عبر كوتا نسبتها 30%.
وأعاد التأكيد أمام وفود سياسية ومدنية أنّ حصرية السلاح بيد الدولة تمثل أولوية حكومته، محذراً من محاولات الالتفاف على القرارات الحكومية كما حصل في قضية الروشة.
في المقابل، عرض النائب فؤاد مخزومي باسم "منتدى بيروت" رؤية إصلاحية متكاملة شددت على دعم القرارات الحكومية، وتطبيق القرار 1701، والتمسك باتفاق الطائف، ورفض أي تراجع عن صلاحيات مجلس الوزراء.
كما أثنى المنتدى على الدعم السعودي المتواصل للبنان، داعياً إلى معالجة الأزمات المالية والنقدية والمصرفية التي تهدد الاستقرار الاقتصادي.
إقليمياً، واصلت فرنسا والسعودية التحضير لمؤتمر دعم الجيش اللبناني في الرياض، بانتظار استكمال الإصلاحات وخطة جمع السلاح.
وقد شارك وزير الدفاع ميشال منسى في اجتماعات بالسعودية تناولت قضايا الحدود وتنفيذ القرار 1701 ومكافحة التهريب.
بدوره، أعاد وزير الخارجية يوسف رجي العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات إلى مسارها الطبيعي عبر تسلّم أوراق اعتماد السفير الجديد.
أما مجلس المطارنة الموارنة، فجدّد الدعوة إلى احترام قوانين الدولة ونبذ الانقسام، فيما واصل الوفد القضائي السوري مباحثاته مع الجانب اللبناني حول التعاون القضائي وتبادل المطلوبين.
في الميدان الجنوبي، لم تهدأ الاعتداءات الإسرائيلية التي أسفرت عن سقوط شهداء وجرحى، في وقت أعلنت الأمم المتحدة أنّها تحققت من مقتل أكثر من مئة مدني منذ وقف إطلاق النار، داعية إلى تثبيت الهدنة بشكل دائم.
وفي خضم هذا المشهد الميداني، برزت تصريحات إيرانية عن قدرة حزب الله على قلب موازين القوى إذا قرر التحرك.
بهذا المعنى، بدا لبنان أمام مشهد مركّب: حكومة تصر على الإصلاح والانتخابات، رئاسة تسعى إلى تثبيت الاستقرار، ضغوط إسرائيلية لا تتوقف، دعم عربي ودولي مشروط بالإصلاحات، وحزب الله القادر على تغيير المعادلات في أي لحظة.
يوم الخميس 2 تشرين الأول 2025، عكست التطورات السياسية والأمنية الأخيرة في لبنان حراكاً متسارعاً على أكثر من مستوى.
فقد تقدَّم ملف جلسة مجلس الوزراء المقررة يوم الخميس المقبل (9 تشرين الأول) لمتابعة التقرير الأول لخطة نزع السلاح وحصريته، التي وضعها الجيش اللبناني، من زاوية الخطوات العملية التي اتخذت في جنوب الليطاني لتثبيت الأمن والاستقرار، على الرغم من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للقرار 1701 وقرار وقف النار.
وبعد الانفراج في العلاقات الرئاسية ومع الرئيس جوزف عون، أُحيل مرسوم قانون الموازنة العامة 2026 إلى المجلس النيابي بعد توقيعه من الرئيس نواف سلام ووزير المال ياسين جابر.
كما كلف الرئيس عون نائب رئيس الحكومة طارق متري بتمثيله في القمة الروسية–العربية التي ستُعقد في موسكو بعد عشرة أيام.
واستمرت معالجة القضايا السياسية والأمنية الساخنة بين أركان السلطة، فيما تابع المسار العدلي قضية إضاءة صخرة الروشة.
واستقبل رئيس الجمهورية جوزف عون النائب محمد رعد، رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة"، حيث جرى التداول في قضايا واستحقاقات وطنية، وتم التوافق على معالجة التباينات بحرص على المصلحة الوطنية العليا.
واتسم اللقاء، الذي حضره فقط العميد أندريه رحال مستشار الرئيس المكلف التواصل مع حزب الله، بجو من الود والمزاح، وهو اللقاء الأول بين الرجلين بعد أزمة قرارات الحكومة في آب الماضي حول جمع السلاح.
كما زار رعد قائد الجيش العماد رودولف هيكل في اليرزة وبحث معه الأوضاع العامة، في مؤشر إلى مناخ جديد من الانفتاح في العلاقة.
في موازاة ذلك، توقعت مصادر مطلعة إرسال تعزيزات عسكرية إلى جنوب الليطاني ضمن خطة الجيش، فيما نفى مصدر عسكري وجود أي أثر لما يُشاع عن إعادة بناء حزب الله لنفسه جنوباً.
على صعيد آخر، شدد الرئيس نواف سلام أمام وفود شعبية على أنّ الخاسر الأكبر مما حصل في الروشة كان مصداقية الجهة المنظمة ومن يقف خلفها، مؤكداً أنّ استعادة هيبة الدولة تكون عبر تطبيق القانون ومحاسبة المقصرين.
وأكد أنّ عنوان الأمن هو حصرية السلاح، مشيراً إلى أنّ المواطنين لا يمكن أن يشعروا بالمساواة في ظل امتلاك بعض الأطراف للسلاح.
وكرر تمسكه بدولة واحدة وقانون واحد وجيش واحد.
من جهته، أكد السفير السعودي وليد بخاري، في لقاء حواري بدعوة النائب فؤاد مخزومي، حرص المملكة على تثبيت الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي في لبنان، واستمرار دعمها للشرعية اللبنانية وجهود الإصلاح وبسط سلطة الدولة على أراضيها.
أما في الملف الانتخابي، فبقيت قضية تعديل القانون بين حق المغتربين بالتصويت الكامل للمجلس وبين رفض هذا الطرح عالقة، مما أدى إلى تعليق جلسات اللجنة الفرعية.
وأكد رئيس المجلس نبيه بري تمسكه بالقانون الحالي وعدم تعديله وفق المصالح السياسية، فيما شدد نائب رئيس المجلس الياس بو صعب بعد اجتماع اللجنة على أنّ الانتخابات ستجرى في موعدها، وأنّ وزارة الداخلية ستباشر قريباً بتسجيل الناخبين المغتربين للمقاعد الستة المخصصة لهم.
ونشرت وزارة الخارجية آلية التسجيل عبر منصتها الإلكترونية وأطلقت حملة تحت شعار "صوتك بيصنع فرق".
في سياق آخر، تابع الرئيس سلام تحقيقات قضية الروشة مع وزير الداخلية أحمد الحجار ومدير عام قوى الأمن الداخلي رائد عبد الله، حيث جرى استجواب شخصين أحدهما أُبقي رهن التحقيق، فيما استُدعي ثلاثة آخرون.
أما العلاقات اللبنانية–السورية، فشهدت تحركاً جديداً بعد زيارة الوفد السوري إلى لبنان.
وأطلع نائب رئيس الحكومة طارق متري الرئيس عون على نتائج الاجتماعات التي ساهمت في توطيد الثقة وبحثت في قضية الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، حيث بات إطلاق عدد منهم ممكناً قريباً.
كما جرى تمييز بين الموقوفين والمفقودين اللبنانيين في سوريا، مع مساعٍ لتوقيع مذكرة تفاهم بين الهيئتين اللبنانية والسورية للمفقودين والمخفيين قسراً لتبادل المعلومات وكشف الحقائق.
وفي مدينة العلا، التقى وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى نظيره السوري أسعد حسن الشيباني، حيث ناقشا تعزيز العلاقات الثنائية ومتابعة اتفاق جدة حول ترسيم الحدود.
كما أعلنت المديرية العامة للأمن العام تنظيم المرحلة الثالثة من خطة العودة المنظمة للنازحين السوريين، حيث عاد نحو 80 شخصاً عبر مركز المصنع بالتنسيق مع الدولة السورية والمنظمات الدولية.
جنوباً، صعّدت إسرائيل اعتداءاتها إذ أغارت طائرة مسيّرة على سيارة في طريق الجرمق–الخردلي، ما أدى إلى استشهاد المهندسين أحمد سعد ومصطفى رزق من بلدة كفررمان أثناء قيامهما بمهمة كشف على أضرار العدوان.
وألقت الطائرات المسيّرة قنابل صوتية على بلدات حولا ومركبا ومارون الراس وكفركلا، مما أدى إلى إصابة مواطن بجروح.
وهكذا بدت الصورة اللبنانية محكومة بتداخل الملفات: من ملف السلاح وتثبيت سلطة الدولة، إلى تحقيقات الروشة والعلاقات مع سوريا، مروراً بالانتخابات النيابية المقبلة وتحديات الجنوب في وجه الاعتداءات الإسرائيلية، في مشهد يعكس تعقيدات المرحلة لكنه يؤكد في الوقت نفسه استمرار الجهود لتكريس الاستقرار الداخلي والانفتاح الإقليمي.
يوم الجمعة ٣ تشرين الأول ٢٠٢٥، اتّضحت ملامح مشهد لبناني حافل بالتطورات السياسية والأمنية والديبلوماسية، انعكست على جدول أعمال الحكومة وتحركات المسؤولين، كما على الميدان الجنوبي والاهتمامات الشعبية.
فقد تقدّم موعد جلسة مجلس الوزراء إلى بعد غدٍ الاثنين، أي بعد ساعات من انتهاء المهلة التي كان قد حدّدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام حركة «حماس» لإعلان قبولها بخطته حول غزة، ما أضفى على الجلسة بعداً سياسياً إقليمياً واضحاً.
وأفادت مصادر سياسية مطّلعة بأن ملفّ احتفالية الروشة حضر كبند أساسي على جدول الأعمال من خلال عرض وزارة العدل للإجراءات التي اتخذتها النيابة العامة التمييزية بشأن تجمّع الروشة، وكذلك قرار وزارة الداخلية حلّ جمعية «رسالات» التي دعت إليه، مع الإشارة إلى أنّ البحث ربما توسّع ليتناول أداء الأجهزة الأمنية وكيفية تعاطيها مع الحادثة.
ورأت المصادر أنّ الاتجاه العام كان إلى تجنّب تحويل الجلسة إلى ساحة خلافات سياسية، والاكتفاء ببحث البنود الخلافية من دون تعميق النقاش فيها، على أن يقدّم وزير العدل إحاطة بالإجراءات القضائية المتخذة، فيما عرض وزير الداخلية طلب سحب العلم والخبر من الجمعية المخالفة.
كما شمل جدول الأعمال عشرة بنود، أبرزها التقرير الشهري لقيادة الجيش حول خطة حصر السلاح بيد الدولة.
وأكّدت مصادر حكومية أنّ مجلس الوزراء انعقد في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس جوزف عون لمتابعة هذه الملفات الحسّاسة، على أن تُعقد الجلسة الأسبوعية العادية لاحقاً.
وفي الإطار الأمني، برزت زيارة قائد الجيش العماد هيكل إلى ثكنات عدة في الجنوب، حيث تفقد القطعات المنتشرة وأكد مع قائد قوات «اليونيفيل» اللواء ديوداتو أبانيارا أهمية التنسيق الوثيق تطبيقاً للقرار 1701، وإعادة انتشار الجيش لبسط سلطة الدولة واستعادة الاستقرار.
تزامن ذلك مع تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية، إذ واصلت الطائرات الحربية والمسيّرات قصف المناطق الآمنة شمال الليطاني وجنوبه، وصولاً إلى الضاحية الجنوبية والبقاع، ما وضع لبنان مجدداً على خط النار الإقليمي.
أما سياسياً، فقد استقبل الرئيس تمام سلام رئيس «مجموعة العمل الأميركية للبنان» السفير إد غابرييل، وبحث معه العلاقات الثنائية والدعم الأميركي للجيش اللبناني، مشدداً أمام زوّاره على أنّ درء الفتنة لا يكون إلا عبر تطبيق القانون بالتساوي، وأن مشروعه الدائم هو إعادة بناء الدولة على قاعدة القانون الواحد والجيش الواحد.
وردّاً على الحملات التي طالته، أكد أنّ ضميره مرتاح وأن مواقفه القومية تجاه القضية الفلسطينية ثابتة لا تتبدل.
وفي موازاة ذلك، أعاد الرئيس نبيه بري التأكيد على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، مستغرباً اعتراض بعض القوى على القانون الانتخابي الحالي الذي سبق أن دافعت عنه.
وأشار إلى أنّ لبنان نفّذ كامل بنود القرار 1701، كاشفاً أن الموفد الأميركي توم براك اقتنع بأن الكرة باتت في ملعب إسرائيل، لكنه عاد من تل أبيب من دون أي جواب.
وجدّد بري ثقته بوحدة اللبنانيين وقدرتهم على الصمود، موجهاً التحية لأبناء الجنوب لصبرهم وثباتهم.
وفي الشأن الانتخابي، أكد الوزير أحمد الحجار جهوزية الأجهزة المعنية لإجراء الانتخابات في موعدها، فيما كثّفت المجموعات الاغترابية اللبنانية تحرّكاتها عبر لقاءات مع سفراء لبنان في الخارج، مطالبة بضمان حق المغتربين في الاقتراع وفق أماكن قيدهم لا عبر المقاعد الستة المخصصة لهم فقط، معتبرة أنّ ذلك يعزز المساواة والانتماء الوطني.
كما أعلن «التيار الوطني الحر» بدء استقبال طلبات الترشيح على لوائحه في الدائرة السادسة عشرة الخاصة بالاغتراب استعداداً لانتخابات ربيع 2026.
وفي إطار تعزيز عمل الدولة، شدّد الرئيس ميشال عون خلال جولته على الهيئات الرقابية على ضرورة تفعيلها لضمان انتظام العمل الإداري ومحاربة الفساد والرشاوى، مؤكداً أنّ لا تهاون مع الفاسدين وأنّ أي تدخّل في عمل المؤسسات الرقابية سيواجَه بحزم.
وشملت الجولة مجلس الخدمة المدنية وهيئة الشراء العام والتفتيش المركزي وديوان المحاسبة.
أما على الصعيد الدولي، فقد اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الدكتورة اللبنانية لينا الطبال والمواطن محمد القادري بعد مشاركتهما في «أسطول الصمود» المتجه إلى غزة، ما أثار موجة تضامن واسعة في لبنان وخارجه.
وأعلنت وزارة الخارجية اللبنانية أنها تابعت القضية عبر القنوات الدبلوماسية لمعرفة مصيرهما وتأمين الإفراج عنهما.
ميدانياً، شهد الجنوب تصعيداً خطيراً تمثّل في غارات عنيفة استهدفت أحراج النبطية الفوقا، ما تسبب بحرائق ضخمة وأضرار مادية جسيمة، فيما واصل العدو الإسرائيلي إلقاء القنابل الصوتية والحارقة والمضيئة في مناطق متعددة، بينها الناقورة وصريفا ومرجعيون ودير ميماس، ما أدى إلى اندلاع حرائق متكررة.
وأعلنت «اليونيفيل» أن الجيش الإسرائيلي ألقى قنابل قرب قوات حفظ السلام أثناء عملها مع الجيش اللبناني في مارون الراس، معتبرة أن هذا التصرف شكّل خرقاً خطيراً للتفاهمات القائمة.
وهكذا بدت التطورات اللبنانية متشابكة بين السياسة والأمن والديبلوماسية، في وقت دخلت فيه البلاد مجدداً مرحلة دقيقة تتطلب حكمة في إدارة الأزمات وتوحيداً للصفوف لمواجهة التحديات الإقليمية والداخلية على السواء.
يوم الأحد 5 تشرين الأول 2025، تمحور الجدل داخل الأوساط الحكومية والسياسية حول جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المؤلف من عشرة بنود، تصدّرها بندا سحب العلم والخبر من جمعية «رسالات» على خلفية احتفالها في الروشة من دون التقيّد بمضمون الترخيص، والإجراءات القضائية بحق الذين تعرّضوا لرئيس الحكومة نواف سلام أو خالفوا القوانين المرعية.
كما برز البند الثالث المتعلق بالتقرير الأول لقيادة الجيش حول عملية حصر السلاح وحصريته بيد الدولة.
ولم تنجح الاتصالات السياسية في إيجاد تسوية هادئة لقضية حل جمعية «رسالات»، ما زاد من الهواجس بشأن مسار الجلسة وموقف الوزراء الشيعة منها، في ظل تمسّك الرئيس سلام بموقفه الداعي إلى صون هيبة الدولة وعدم التنازل عنها.
وأكد سلام خلال تدشينه شارعًا باسم الرئيس الراحل سليم الحص في بيروت أنّ حكومته عملت على بناء المؤسسات واستعادة النبل إلى الحياة السياسية، مستذكرًا مسيرة الحص في دعم فلسطين ونزاهة الحكم.
وأشارت مصادر سياسية مطلعة إلى أنّ مجلس الوزراء اطّلع على تقرير قيادة الجيش بشأن تنفيذ خطة حصر السلاح في المناطق اللبنانية كافة، وتوقف عند الخطوات الميدانية التي أنجزتها القيادة رغم الصعوبات، لا سيّما تلك المرتبطة بالاحتلال الإسرائيلي المستمر لبعض النقاط الحدودية.
وأوضحت المصادر أنّ الخطة العسكرية استمرت وفق الجدول الزمني المتفق عليه، وأنّ التقارير ستُقدَّم شهريًا.
وفي موازاة ذلك، توقعت المصادر أن تشهد الجلسة نقاشًا سياسيًا دقيقًا حول ملف «رسالات»، مع توجهٍ عام للحفاظ على هيبة الدولة من خلال الإجراءات الإدارية والقضائية.
ووفق ما نقلته قناة «الجديد» عن مصادر «الثنائي الشيعي»، فقد ساد اتجاه إلى نقاش جدّي من دون تصعيد أو كسر لأي طرف.
أما وزيرة البيئة تمارا الزين فأكدت أنّ لا نية للتصعيد بل للنقاش المسؤول، مشددة على أهمية التفاهم بين الرئاستين الأولى والثالثة لتجنيب البلاد أي أزمة جديدة.
ولفتت إلى ضرورة إعادة تنظيم عمل الجمعيات بما يتوافق مع القوانين اللبنانية من دون المسّ بالحريات العامة.
وفي المقابل، رأى وزير العمل محمد حيدر أن معالجة ملف «رسالات» يجب أن تبقى ضمن الأطر الإدارية، معتبرًا أن الحلول المفرطة قد تفتح باب الفوضى أمام جمعيات أخرى.
فيما أعرب وزير المهجرين كمال شحادة عن أمله في أن تقدم قيادة الجيش الأجوبة المطلوبة خلال عرض خطتها، تمهيدًا لتحرك الحكومة دبلوماسيًا دعماً للمؤسسة العسكرية.
وتوقعت أوساط متابعة أن يشهد النقاش داخل مجلس الوزراء سجالات حادة حول البنود الأولى، خصوصًا بعد المواقف المتشنجة لبعض نواب حزب الله الذين عبّروا عن اعتراضهم على إلغاء ترخيص الجمعية.
ورأت هذه الأوساط أنّ رئيس الجمهورية جوزاف عون سعى إلى احتواء الخلاف والحفاظ على تماسك الحد الأدنى للحكومة، مؤكدة أنّ سحب رخصة الجمعية يبقى إجراءً إداريًا يمكن تمريره بالأكثرية، لكن انعكاساته السياسية قد تكون ثقيلة في ظل التوتر بين رئاسة الحكومة وحزب الله.
وفي سياق متصل، تطرقت الجلسة إلى بنود مالية وإدارية أخرى أبرزها مشروع مرسوم يتعلق بتعديل قوانين سرية المصارف، وملفات تخص الضمان الاجتماعي وشركتي الخليوي، حيث حذّرت نقابة موظفي الخلوي من المساس بحقوق العاملين وتعويضات نهاية الخدمة، مطالبةً بتدخل فوري من رئاسة الجمهورية لصون حقوق الموظفين.
كما شملت البنود مسائل تتعلق بوزارة الصحة العامة وتوزيع الاعتمادات الاستشفائية، وطلب وزارة الأشغال تخصيص جزء من أملاك سكك الحديد لأمن الدولة، إضافة إلى مشاريع مرتبطة بوزارتي الداخلية والبيئة.
وفي الشق السياسي، شدد الرئيس سلام مجددًا على أن الحكومة تعمل على بناء الدولة العادلة والقوية، متمسكًا بتطبيق اتفاق الطائف نصًا وروحًا، وحصر السلاح بيد المؤسسات الشرعية وحدها.
وردّ حزب الله على تصريحاته بلسان النائب حسن فضل الله الذي رأى أن هيبة الدولة لا تكتمل ما دامت الاعتداءات الإسرائيلية مستمرة والاحتلال قائمًا.
أما انتخابيًا، فقد افتتح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الاستعدادات للانتخابات النيابية المقررة في أيار 2026، معلنًا من معراب انطلاق الموسم الانتخابي تحت شعار «حاضرين وأكثر»، ومؤكدًا أن صوت الناخب هو الذي يحدد اتجاه البلاد.
وفي المتن، أعلن النائب إبراهيم كنعان تحالفه الانتخابي مع نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب، إيذانًا ببدء المعارك السياسية باكرًا.
وفي تطور قضائي بارز، سلّم الفنان فضل شاكر نفسه لمخابرات الجيش اللبناني بعد اثني عشر عامًا من التواري في مخيم عين الحلوة، وأحيل إلى المحكمة العسكرية للمثول أمامها في القضايا المرفوعة ضده، ما أعاد إلى الواجهة ملف المطلوبين المتوارين عن العدالة منذ سنوات.
وبذلك، طغى على المشهد العام في لبنان خلال الأيام الأخيرة مزيج من التوتر السياسي، والسعي إلى فرض سلطة الدولة، وتوازن دقيق بين مسار الإصلاح الداخلي والتحضيرات الانتخابية المقبلة، في ظل استمرار التحديات الأمنية والاقتصادية التي تتطلب مقاربة وطنية جامعة ومسؤولة.
يوم الإثنين 6 تشرين الأول ٢٠٢٥، في أجواء مشحونة بالتوتر السياسي والحذر الأمني، انعقدت جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا عند الثالثة بعد الظهر برئاسة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وبحضور رئيس الحكومة نواف سلام ومعظم الوزراء، باستثناء وزير العمل محمد حيدر الذي غاب بداعي السفر.
وقد تمحور النقاش حول عشرة بنود أساسية أبرزها البند المتعلق بجمعية «رسالات» للفنون وخطة الجيش لحصر السلاح بيد الدولة.
تصرّف الرئيس نواف سلام بمسؤولية عالية وحرص على وحدة الحكومة وهيبة الدولة، فامتنع عن السير برغبة أكثرية الوزراء بحلّ الجمعية على خلفية فعالية صخرة الروشة التي أثارت جدلاً واسعاً، بعد أن كانت «رسالات» قد حصلت على ترخيص رسمي لإحياء ذكرى مرور سنة على استشهاد السيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين وعدد من رفاقهما.
وبدلاً من سحب الترخيص، اقترح سلام تعليق العمل بالعلم والخبر إلى حين انتهاء التحقيقات الجارية حول المخالفات التي رافقت المناسبة، من إضاءة الصخرة إلى إقفال الطرقات العامة وما اعتُبر إساءة إلى الحق في التعبير والتجمع.
ورغم أنّ غالبية الوزراء، ولا سيما وزراء الثنائي، وافقوا على حلّ الجمعية، فقد تم اعتماد «الحل الوسط» الذي دعا إليه الرئيس سلام لتفادي انفجار حكومي، مع تسجيل وزير الصحة ركان ناصر الدين اعتراضه الوحيد على القرار بحجة وجوب انتظار نتائج التحقيق القضائي قبل اتخاذ أي إجراء إداري.
وساهمت مبادرة سلام في تهدئة الأجواء وإعادة اللحمة بين موقعي الرئاستين الأولى والثالثة، في حين اعتُبر القرار «مخرجاً لائقاً» للأزمة، حظي بارتياح سياسي واسع.
وظهر خلال الجلسة انسجام واضح بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة في مقاربة الملف، بينما عرض وزير الداخلية أحمد الحجار تقريره المفصّل حول التحقيق الإداري المتعلق بفعالية الروشة.
وأجرى المجلس تصويتاً شكلياً لمعرفة توجّه الوزراء، فرفع تسعة عشر وزيراً أيديهم تأييداً لسحب الترخيص، غير أنّ الرئيس سلام أوضح أنّ الغاية كانت استطلاع الآراء لا اتخاذ قرار نهائي، ليُصار في النهاية إلى اعتماد تعليق عمل الجمعية حتى انتهاء التحقيقات.
وتزامناً مع الجلسة، عُقد لقاء تضامني في الغبيري بعنوان «رسالات تمثّلني»، شارك فيه عدد من الشخصيات، بينهم الوزير السابق مصطفى بيرم والنقيبة رندلى جبور، الذين أكدوا عدم قانونية الإجراء المتخذ بحق الجمعية، فيما أعلنت «رسالات» عزمها على متابعة المسار القانوني حتى النهاية وتمسكها بحرية التعبير ومتابعة نشاطاتها الثقافية.
وفي الجانب الأمني، قدّم قائد الجيش العماد رودولف هيكل عرضاً مفصلاً لخطة الجيش الخاصة بحصرية السلاح، موضحاً أنها نُفذت على مراحل، وأن المرحلة الأولى جنوب نهر الليطاني شارفت على الانتهاء، في ظل تعاون وثيق بين الجيش والأهالي وقوات «اليونيفل»، رغم الخروقات الإسرائيلية المستمرة والمعوقات التي واجهت التنفيذ.
وقرر مجلس الوزراء الإبقاء على مضمون الخطة سرّياً على أن ترفع قيادة الجيش تقريراً شهرياً إلى الحكومة حول التقدّم المحرز.
وفي مستهل الجلسة، تناول الرئيس عون الملفات الحياتية، فدعا إلى استعداد مبكر لموسم الأعياد ولتفادي أزمات الطرقات مع أولى أمطار الشتاء، كما شدد على أهمية المؤتمر الاقتصادي المرتقب والزيارات العربية والدولية إلى لبنان.
وانتهت الجلسة قرابة السادسة والنصف مساء بإعلان وزير الإعلام بول مرقص أنّ الحكومة توافرت لديها الأكثرية القانونية لحلّ الجمعية، لكنها اختارت تعليق عملها حتى صدور نتائج التحقيقات.
كما أكد الوزير تمسك الرئيسين عون وسلام بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، نافياً أي نية لتأجيلها.
في المقابل، تصاعد التوتر الميداني جنوباً، حيث شنّ الاحتلال الإسرائيلي غارات جديدة استهدفت سيارة مدنية في النبطية، ما أدى إلى استشهاد حسن عطوي وزوجته زينب رسلان وإصابة أربعة آخرين بجروح.
وزعم الجيش الإسرائيلي أنه استهدف عنصراً بارزاً في منظومة الدفاع الجوي التابعة لحزب الله.
كما امتدت الغارات إلى مناطق زغرين والقليلة ونبحا وحربتا وجرد الهرمل، وألقت مسيّرات معادية قنابل حارقة على أطراف كفركلا ودير ميماس، ما تسبب بحرائق واسعة.
وهكذا اختُتمت الجلسة الحكومية وسط توازن دقيق بين ضرورات حفظ هيبة الدولة واحترام الحريات العامة، وبين واقع سياسي وأمني متشابك، جعل القرارات الصادرة أقرب إلى محاولات استيعاب للأزمات المتلاحقة أكثر منها إلى حلول نهائية، في بلدٍ ما زال يعيش على حافة الخطر وتحت سقف التهدئة الهشّة.
يوم الثلاثاء 7 تشرين الأول 2025، سنتان على بدء الحرب في غزّة، والمنطقة في مخاض الحرب المفتوحة، على خلفية عملية «طوفان الأقصى» التي فاجأت العالم بأسره، عندما تمكنت مجموعات النخبة في حركة حماس من اقتحام مستعمرات إسرائيلية واحتجاز عشرات الجنود والمدنيين في عملية نوعية غير مسبوقة في تاريخ الصراع.
وتمحور السباق آنذاك بين العمليات العسكرية الإسرائيلية التدميرية التي حولت قلب مدينة غزة إلى “مدينة موت”، وبين المفاوضات التي أنهت يومها الثاني في شرم الشيخ بشأن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوضعها موضع التنفيذ.
أما لبنان، الذي كان قد دخل مع أطراف أخرى في ما سُمّي “المحور الإيراني” ضمن حرب الإسناد، فخرج من هذه المواجهة مثخناً بالجراح، فيما بقيت أجزاء من جنوبه محتلة.
وواصل الاحتلال الإسرائيلي إنكاره لموجبات وقف إطلاق النار وفق القرار 1701، بينما تابع لبنان المشهد التفاوضي من بعيد، دون أن يلمس إشارات إيجابية لوقف التصعيد أو لتراجع الانتهاكات، إذ استمر العدو في استهداف المواطنين الآمنين في القرى والطرقات والحقول، ومنع عمليات إعادة الإعمار أو الترميم في المناطق المدمّرة.
وفي الداخل، انشغل الوسط السياسي المحلي بمتابعة التقرير الأول الذي رفعه قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى مجلس الوزراء حول حصر السلاح جنوب الليطاني، وهو تقرير لاقى ارتياحاً عاماً وثناءً على “الدور الجبار” الذي قام به الجيش في الجنوب، بحسب ما عبّر النائب السابق وليد جنبلاط بعد لقائه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا.
وفي موازاة الهمّ الأمني، بدأت التحضيرات الرسمية والشعبية لاستقبال بابا الفاتيكان ليون الرابع عشر، في زيارة تاريخية للبنان بين 30 تشرين الثاني و2 كانون الأول.
وقد اعتبر الرئيس جوزف عون أن لبنان، قيادةً وشعباً، نظر إلى هذه الزيارة بكثير من الرجاء، بوصفها نداءً للسلام وتثبيتاً للحضور المسيحي في الشرق، فيما شدد البابا على أنه سيجدد من لبنان “إعلان رسالة السلام في الشرق الأوسط”، في بلد عانى كثيراً.
وفي السراي الكبير، استعد مجلس الوزراء لعقد جلسة جديدة خُصصت لمناقشة ملف النفايات بعد إعلان شركة رامكو نيتها التوقف عن جمعها في بيروت والمتن وكسروان، إثر إقفال مطمر الجديدة.
وبناءً على طلب مجلس الإنماء والإعمار، أُعيد فتح المطمر مؤقتاً، واستؤنفت أعمال الشركة، بانتظار قرار الحكومة بالسماح باستخدام قطعة أرض مجاورة تابعة للدولة لتوسيع مساحة المطمر.
وضم جدول أعمال الجلسة المنتظرة 34 بنداً توزعت بين ملفات مالية وإدارية وتربوية وصحية، منها: إعداد مخططات المياه، ودفع مستحقات شركات الأدوية، وتطويع عناصر جديدة لصالح الأمن العام، وإطلاق مناقصة عالمية لإدارة وتشغيل شبكتي الخليوي، إضافة إلى ملفات تخص النازحين السوريين ومشاريع نقل اعتمادات مالية لوزارة الأشغال العامة ومجلس الجنوب.
سياسياً، شهد السراي الكبير توافداً واسعاً للوفود الشعبية والنيابية الداعمة لرئيس الحكومة نواف سلام، حيث استقبله مفتي جبل لبنان الشيخ محمد هاني الجوزو مؤكداً دعمه لمقام رئاسة الحكومة ودورها في صون الدولة، كما زاره وفد من العشائر العربية برئاسة الشيخ طلال الضاهر الذي أعلن تمسكه بمؤسسات الدولة وبنهج العدالة والقانون، في حين شدد النواب محمد سليمان وسجيع عطية وعبد العزيز الصمد ورستم وأحمد الخير على دعمهم الكامل للرئيس سلام في مواجهة الحملات التي استهدفته، وانتقدوا ازدواجية حزب الله في مفهوم الميثاقية ودوره في تعطيل مؤسسات الدولة.
وعلى الصعيد الميداني، كشف التقرير العسكري أن الجيش اللبناني نفّذ جنوب الليطاني أكثر من 4200 مهمة، بينها 39 بالتنسيق مع لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، كما أقفل سبعة أنفاق إسرائيلية مكتشفة، وبقيت تسعة أخرى قيد المعالجة بفعل الاعتداءات المستمرة.
وفي الجنوب، استمر العدوان الإسرائيلي وأسفر عن ارتقاء شهيدين في دير عامص ووادي مريمين، هما علي قدوح ومحمود عيسى، فيما شيعت كفركلا زوجين استشهدا في غارة سابقة.
وتواصلت الغارات عبر مسيّرات معادية ألقت قنابل حارقة وصوتية على بلدات عدة، بينما رُصد تحليق مكثف للطائرات فوق صور والضاحية الجنوبية والجبل.
وفي الداخل السياسي، تجددت السجالات بين القوى حول دور حزب الله وسلاحه، إذ رأى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن الحزب يجب أن يتعظ من تجربة حماس ويسلم سلاحه للدولة، بينما أكد الشيخ نعيم قاسم أن المقاومة خرجت من معركتها “بثبات واستمرار”.
وفي المقابل، تحدث النائب حسين الحاج حسن عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي ورفضه الانسحاب من خمس نقاط لبنانية، مندداً بما سماه “صمت الدولة أمام الإهانات للسيادة الوطنية”.
وفي ظل هذا المناخ المتوتر، بدأت ملامح التحالفات الانتخابية بالظهور، وسط نقاش بين الحكومة والمجلس النيابي حول تعديل قانون الانتخابات أو الإبقاء عليه.
ونقل الوزير السابق وديع الخازن عن رئيس المجلس نبيه بري تأكيده على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري ترسيخاً لمبدأ التداول الديمقراطي، محذراً من أن أي تأجيل سيؤدي إلى مزيد من الانقسام.
وفي الإطار نفسه، استقبل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، معاون رئيس حزب الكتائب للشؤون السياسية سيرج داغر، واتفق الجانبان على أهمية إجراء الانتخابات في موعدها لما لذلك من أثر في تعزيز الثقة الداخلية والخارجية، وأعاد باسيل التأكيد على حرصه على إشراك المنتشرين في العملية الانتخابية.
اقتصادياً، شهد قطاع الكهرباء تطوراً إيجابياً تمثل بتوقيع وزير المال ياسين جابر ووزير الطاقة جو صدّي اتفاقيتين مع البنك الدولي لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة وتعزيز الشبكة، مع آمال بتحقيق نقلة نوعية وإشراك القطاع الخاص في التوزيع والجباية والإنتاج.
وهكذا، بدا المشهد اللبناني غارقاً في تداخل الملفات بين الأمن والسياسة والاقتصاد والدين، فيما ظل الجنوب ينزف تحت نيران الاحتلال، والعاصمة تنتظر زيارة البابا، والدولة تسعى لتثبيت هيبتها وسط عواصف إقليمية تهب من غزة إلى بيروت.
يوم الخميس 9 تشرين الأول 2025، دخل لبنان الرسمي والسياسي مرحلة انتظار حذرة بعد انتهاء الحرب في غزة، وسط تجاذبات داخلية محتدمة وسعي حثيث من الحكومة لمعالجة الملفات المتراكمة بيئياً ومالياً، وفي العلاقات مع سوريا.
وفي هذا السياق، وصلت إلى بيروت زيارة وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني، لمتابعة التفاهمات التي جرى التوصل إليها في لقاء الرئيسين جوزاف عون وأحمد الشرع في نيويورك نهاية الشهر الماضي، ما أعاد تفعيل التواصل بين بيروت ودمشق بعد انقطاع طويل فرضته الانشغالات السورية الداخلية.
وفي خضم هذا المناخ السياسي، اندلع سجال حاد بين الرئيس نبيه بري والرئيس نواف سلام على خلفية ما اعتبره بري تجاهلاً حكومياً للجنوب بعد الحرب، إذ رأى أنّ الحكومة لم تُبدِ ترحيباً بالجنوبيين ولم تضع خطة واضحة لإعادة الإعمار.
وردّ الرئيس سلام مؤكداً أنّ حكومته كانت أول من زار الجنوب خلال 48 ساعة من نيل الثقة، وقدّمت مساعدات مالية لـ67 ألف عائلة متضررة، وسعت لدى البنك الدولي لتأمين قرض بقيمة 250 مليون دولار لإعادة الإعمار، مكرّراً أنّ الإعمار عهد لا وعد.
وفي موازاة ذلك، رحّب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بالاتفاق الذي أبرم بين إسرائيل وحركة "حماس" في مرحلته الأولى لإنهاء الحرب على غزة، معرباً عن أمله بأن يشكل الاتفاق خطوة أولى نحو وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.
كما أعرب الرئيس بري عن أمله بوقف حرب الإبادة التي تعرّض لها الفلسطينيون، محذّراً من انقلاب إسرائيل على الاتفاق، ومطالباً بتوجّه الأنظار نحو لبنان لتطبيق البنود التي من شأنها تثبيت الاستقرار على حدوده الجنوبية.
في المقابل، شهدت الساحة الديبلوماسية نشاطاً مكثفاً تمثّل بزيارة نائب الأمين العام للسلام والأمن والدفاع في الاتحاد الأوروبي شارل فريز إلى بيروت، حيث التقى الرؤساء بري وسلام وعدداً من الوزراء.
وناقش الوفد الأوروبي سبل دعم لبنان، لا سيما للجيش وقوى الأمن الداخلي، وتثبيت سلطة الدولة وتنفيذ القرار 1701، وأكد استمرار الاتحاد الأوروبي في مساعدة لبنان اقتصادياً وأمنياً، مشيداً بالمسار الإصلاحي الذي انتهجته الحكومة، وبموقفها من قضية النزوح السوري وضرورة العودة الآمنة للنازحين.
وفي موازاة هذه الزيارات، عقد مجلس الوزراء جلسة برئاسة الرئيس سلام خُصصت لبحث أزمة النفايات المزمنة، حيث تقرّر تكليف مجلس الإنماء والإعمار إنشاء خلية طمر جديدة في موقع مطمر الجديدة الصحي، مع تحديد سقف زمني لإقفاله نهائياً قبل نهاية العام 2026.
سياسياً، انشغل الوسط الداخلي بالاستحقاق النيابي المقبل، في ظلّ خلافات حادّة حول قانون الانتخابات وحق المغتربين في الاقتراع.
إذ خشي الثنائي الشيعي من تضييق محتمل على جمهوره في الخارج، بينما تخوّف "الثنائي المسيحي" من فقدان أصوات المغتربين التي ساهمت في تعزيز تمثيله سابقاً، ما دفع بعض القوى إلى طرح فكرة تأجيل الانتخابات.
وقد طالبت "المجموعات الاغترابية اللبنانية" الحكومة بتبني قانون يكرّس حق اللبنانيين غير المقيمين في التصويت وفق أماكن قيدهم، معتبرة أن ذلك يشكّل اختباراً لمدى التزام الحكومة بالمساواة والمشاركة السياسية.
من جهته، أكد الرئيس بري وجوب إجراء الانتخابات في موعدها وفق القانون النافذ، رافضاً أي تمديد للمجلس النيابي، ومشدداً على أن القانون الحالي منح صلاحيات استثنائية لوزيري الداخلية والخارجية، داعياً إلى التوجه نحو الانتخابات بلا تردد.
كما شدد على متانة علاقته برئيس الجمهورية، مستغرباً تضخيم بعض القضايا الإعلامية كملف صخرة الروشة على حساب الملفات الحيوية كإعادة الإعمار.
مالياً، عقد وزير المالية ياسين جابر سلسلة اجتماعات تحضيرية لمؤتمر البنك الدولي في واشنطن، حيث عرض نتائج الإصلاحات المالية والإجراءات النقدية التي أُقرت لتحسين الوضع الاقتصادي، في إطار المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي.
وفي مشهد أعاد الأمل إلى العاصمة، جرى مساء أمس افتتاح أسواق بيروت بمشاركة الرئيس سلام، في حدث حمل أبعاداً وطنية وثقافية تتجاوز الطابع التجاري، إذ اعتُبر خطوة رمزية لإحياء نبض العاصمة واستعادة دورها الاقتصادي والاستثماري، وسط تأكيد الرئيس سلام أن لا اقتصاد من دون أمن واستقرار.
أمنياً، نجح الأمن العام اللبناني في إحباط مخطط إرهابي إسرائيلي واسع النطاق كان يستهدف تنفيذ تفجيرات متزامنة خلال إحياء ذكرى الحرب في مرقد السيد حسن نصرالله وفي المدينة الرياضية ببيروت.
ونُفذت العملية بسرية تامة تحت إشراف مباشر من مديرية الأمن العام، حفاظاً على سرّية التحقيقات التي استمرت لتحديد الارتباطات الخارجية للمجموعة المتورطة.
وبذلك، عكست التطورات اللبنانية الأخيرة حراكاً سياسياً وديبلوماسياً نشطاً أعقب نهاية حرب غزة، في وقت واصل فيه لبنان معركته الداخلية على أكثر من جبهة: إعادة الإعمار، الإصلاح المالي، الانتخابات المقبلة، وتثبيت الأمن والاستقرار في وجه الضغوط الإسرائيلية والتحديات الداخلية.
يوم الجمعة 10 تشرين الأول 2025، طُويت في لبنان صفحة من تاريخ العلاقات اللبنانية – السورية، وفُتحت أخرى حملت مؤشّرات تحوّلٍ سياسيّ لافت في مسار العلاقة بين البلدين، مع الزيارة الرسمية التي قام بها الوفد السوري الرفيع إلى بيروت برئاسة وزير الخارجية أسعد الشيباني وعضوية وزير العدل مظهر اللويس، ورئيس جهاز الاستخبارات السورية، ومساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية.
وقد جاءت هذه الزيارة في ظل مناخ إقليمي متبدّل فرضه «طوفان العودة» في غزة وما رافقه من تحوّلات سياسية وعسكرية امتدت من آسيا الوسطى إلى المشرق العربي، فبدا لبنان وكأنه جزء من مشهد إقليمي واسع يُعاد رسمه على وقع التحوّلات الكبرى.
أعلن الوزير الشيباني خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين أنّ «القيادة السورية الجديدة أرادت نقل العلاقة مع لبنان من الإطار الأمني الذي كان سائداً في الماضي إلى علاقة سياسية واقتصادية متطورة تصب في مصلحة الشعبين الشقيقين»، في إشارة واضحة إلى رغبة دمشق في طيّ صفحة الماضي وبناء أسس جديدة للتعاون المتبادل.
وتزامن وصول الوفد السوري مع تبلّغ وزارة الخارجية اللبنانية قراراً سورياً بتعليق عمل المجلس الأعلى اللبناني – السوري الذي أُنشئ في أيار 1991 في عهد الرئيس إلياس الهراوي والرئيس حافظ الأسد، ما شكّل حدثاً رمزياً أنهى مرحلة من العلاقات الأمنية الوثيقة التي طبعت العقود الماضية.
وانحصرت اللقاءات بالرئيس جوزاف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، ووزير الخارجية يوسف رجي، فيما غابت زيارة رئيس مجلس النواب نبيه بري عن جدول الأعمال نظراً للطابع التقني والتنفيذي للمهمة، كما أوضح الوفد السوري.
وغادر الشيباني بيروت مساءً بعد سلسلة لقاءات وملفات أظهرت عمق التعقيدات التي تحكم العلاقة الثنائية.
فقد ركّز الجانب السوري على ملف الموقوفين السوريين في لبنان، مشتكياً من تباطؤ الإجراءات القضائية بحقهم، فيما أشار الجانب اللبناني إلى وجود معوقات قانونية وسياسية تحول دون الإفراج عن بعض الموقوفين المتهمين بعمليات إرهابية واغتيالات.
واتُّفق على متابعة الملف عبر لجان متخصصة يقودها وزير العدل عادل نصّار ونائب رئيس الحكومة طارق متري، في حين طلب نصّار من نظيره السوري تزويد لبنان بالمعلومات المتوافرة لدى الأجهزة السورية حول ملفات الاغتيال.
كما أكّد الجانبان ضرورة تعيين سفير سوري جديد في بيروت لتفعيل التعاون الدبلوماسي وتعزيز التواصل المؤسسي بين البلدين.
وفي لقاءاته مع الرئيس عون، شدّد الأخير على رغبة لبنان في تعزيز العلاقات الثنائية على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية، داعياً إلى تفعيل اللجان المشتركة لمراجعة الاتفاقيات القديمة وتحديثها بما يتلاءم مع الواقع السياسي الجديد.
كما أشار إلى أن الوضع الأمني على الحدود اللبنانية – السورية تحسّن مقارنة بالماضي، وأن التعاون الثنائي يمكن أن يسهم في ضبط الحدود ومعالجة ملفات الغاز والموقوفين والنازحين.
من جانبه، أكد الوزير الشيباني أنّ سوريا تسعى إلى مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي والسياسي بعد رفع العقوبات عنها، مشيراً إلى أنّ لبنان قادر على الاستفادة من مشاريع إعادة الإعمار والانفتاح الاقتصادي السوري.
وأشاد بالموقف اللبناني من قضية النازحين السوريين، معرباً عن الامتنان لكرم الاستضافة، ومؤكداً أن «العودة الكريمة والمستدامة للنازحين ستتم تدريجياً مع توافر الظروف المناسبة والبنى التحتية اللازمة».
وفي السراي الحكومي، عُقد اجتماع موسّع ضمّ رئيس الحكومة نواف سلام وعدداً من الوزراء اللبنانيين ونظراءهم السوريين، جرى خلاله التطرق إلى ملفات الحدود والتهريب والمفقودين والموقوفين، وإلى إعادة النظر في الاتفاقيات الثنائية بما يخدم المصلحة المتبادلة.
وأكد الرئيس سلام أنّ لبنان حريص على بناء علاقة متوازنة مع سوريا، على قاعدة التعاون بين دولتين مستقلتين، وأن الحوار والانفتاح يشكّلان السبيل لترسيخ الاستقرار في البلدين والمنطقة.
وتخلّلت الزيارة اجتماعات أمنية منفصلة بين اللواء حسن شقير مدير عام الأمن العام اللبناني، واللواء عبد القادر طحان مساعد وزير الداخلية السوري، وكذلك بين مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد طوني قهوجي ورئيس جهاز الاستخبارات السورية حسين السلامة، تناولت ملفات التنسيق الأمني وضبط الحدود وتسريع معالجة قضية الموقوفين.
وفي الموازاة، برزت مواقف عربية داعمة للبنان، إذ جدّد السفير السعودي وليد بخاري تأكيد بلاده دعمها الثابت للشرعية اللبنانية ومؤسساتها الدستورية، وحرصها على عودة لبنان إلى دوره الريادي في المنطقة.
أما ميدانياً، فقد سُجِّل تحليق للطيران الإسرائيلي فوق مناطق البقاع الأوسط والسلسلة الغربية، في مشهد ذكّر اللبنانيين بأن الاستقرار لا يزال هشّاً، وأن مصير المرحلة المقبلة مرهون بمدى نجاح المساعي الدبلوماسية الجارية لتثبيت وقف النار على الحدود الجنوبية.
وهكذا، دخل لبنان مرحلة جديدة من تاريخه السياسي والدبلوماسي، ترافقت مع إعادة ترتيب أوراقه الإقليمية في ظل مساعٍ داخلية وخارجية لتثبيت الاستقرار وترميم العلاقات مع الجوار، فيما بقيت الأنظار شاخصة نحو ما ستؤول إليه هذه المبادرات في الأسابيع المقبلة، بين أملٍ بتسوية شاملة وخشيةٍ من انزلاقٍ جديد نحو المجهول.
يوم الأربعاء ١٤ تشرين الأول ٢٠٢٥، في خضمّ المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، عاد رئيس الحكومة نواف سلام إلى بيروت بعد زيارة إلى باريس استمرت أربعة أيام، أجرى خلالها سلسلة اتصالات مع مسؤولين فرنسيين وأميركيين وسعوديين وعرب، بعيداً عن الإعلام، ما أضفى على زيارته طابعاً سياسياً دقيقاً حمل إشارات دولية واضحة إلى أن لبنان ما زال ضمن دائرة الاهتمام العربي والدولي، رغم عدم مشاركته في قمة شرم الشيخ المخصصة للسلام في غزة.
ومع عودته، استعادت الحركة السياسية زخمها، إذ استعدّ سلام لزيارة صيدا في جولة إنمائية تفقد خلالها المستشفى الحكومي والمستشفى التركي ومرفأ المدينة، قبل أن يعقد اجتماعاً في دار البلدية ويشارك في مأدبة غداء في مدرسة المقاصد الإسلامية.
في المقابل، برز موقف لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، أكد فيه أنّ لبنان لا يمكن أن يكون خارج مسار التسويات الإقليمية، مشدداً على ضرورة وقف إسرائيل لعملياتها العسكرية والانتقال إلى التفاوض برعاية أميركية، في إشارة إلى أنّ الحرب والدمار لم يحققا لإسرائيل أهدافهما.
هذا الموقف قرئ على أنه محاولة لوضع لبنان ضمن خريطة التسويات المقبلة، خصوصاً في ظل ترقب ما سيؤول إليه اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي خرقه الاحتلال عبر قصف مواقع عدة في القطاع، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى، الأمر الذي زاد من تشكيك الأوساط اللبنانية في جدية أي اتفاق جديد مع إسرائيل، ولو رعته واشنطن.
وفي ظل هذه الأجواء، أشارت مصادر رسمية إلى ضرورة انتظار التطورات الميدانية والسياسية لبناء المواقف على الوقائع، خصوصاً بعد دخول العرب طرفاً أساسياً في اتفاق غزة والتحضير لمرحلة إعادة الإعمار، فيما لم تظهر بعد تفاصيل زيارة الموفدة الأميركية مورغان أورطاغوس إلى بيروت، بانتظار وصول السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى اللبناني الأصل لمعرفة توجهاته ومهامه.
ومن باريس، جدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رسالة إلى الرئيس عون تأكيده تصميم فرنسا على تنظيم مؤتمرين لدعم لبنان قبل نهاية العام، أحدهما لدعم الجيش اللبناني، والثاني للنهوض الاقتصادي وإعادة الإعمار، مشيداً بدور القوات المسلحة اللبنانية في حفظ السيادة وبالقرارات الشجاعة لتعزيز حصرية السلاح بيد الدولة.
على الصعيد الداخلي، واصل الرئيس نبيه بري لقاءاته السياسية، فاستقبل مستشار رئيس الجمهورية العميد أندريه رحال ونائب رئيس الحكومة طارق متري، وبحث معهما في المستجدات، مؤكداً أن إعادة الإعمار ليست منّة بل حق سيادي لا يقايض عليه.
كما أجرى وزير الخارجية يوسف رجي اتصالاً بنظيره المصري بدر عبد العاطي، ناقش فيه تطورات وقف الحرب في غزة وسبل تعزيز التنسيق الثنائي، وأشاد بالجهود المصرية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.
وفي الملف الانتخابي، أكد وزير الداخلية أحمد الحجار من طرابلس أن الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها في أيار 2026، مشدداً على التزام الوزارة تطبيق القانون والمهل الدستورية كاملة.
ومن دار الفتوى، شدد النائب فؤاد مخزومي على حق المغتربين في الاقتراع لجميع النواب الـ128، داعياً إلى تفعيل مراكز «الميغا سنتر» لضمان الشفافية وسهولة التصويت.
أما على المستوى المالي، فقد شارك وزير المال ياسين جابر في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي في واشنطن، وبحث مع المدير التنفيذي للبنك عبد العزيز الملا مشاريع لبنان الممولة من البنك وترتيبات زيارة وفد المدراء التنفيذيين إلى بيروت في تشرين الثاني.
وأوضح رئيس لجنة المال النيابية إبراهيم كنعان، من جهته، أن لبنان ما زال يتفاوض مع صندوق النقد منذ 2019 بانتظار مسار تعافٍ واقعي يضمن استرداد الودائع وإصلاح المالية العامة ومكافحة الفساد.
وفي الملف القضائي، شهدت بيروت اجتماعاً لبنانياً سورياً ضم وزيري العدل في البلدين، عادل نصار ومظهر الويس، ونائب رئيس الحكومة طارق متري، لمتابعة صياغة الاتفاقية القضائية بين البلدين التي ستشكل الإطار القانوني لمعالجة ملفات الموقوفين والمفقودين والفارين من العدالة.
وأكد نصار أن الاتفاقية قطعت مراحل متقدمة وتشمل تسليم معلومات عن الاغتيالات السياسية وتسليم المطلوبين، فيما أبدى الجانب السوري تفهماً وتعاوناً، متعهداً بالكشف عن معلومات حول الاغتيالات والمفقودين اللبنانيين.
وفي تطور أمني، تسللت عناصر من الأمن العام السوري إلى بلدة حوش السيد علي الحدودية وخطفت مواطنين لبنانيين، ما دفع السلطات اللبنانية إلى فتح اتصالات عاجلة مع دمشق لإعادتهما.
وفي الإطار العسكري، عاد «الميكانيزم» المشترك لمراقبة وقف النار بين لبنان وإسرائيل إلى الاجتماع، بينما زار مستشار وزارة الدفاع البريطانية للشرق الأوسط الأدميرال إدوارد أل غرين بيروت، حيث التقى الرئيس عون ووزير الدفاع ميشال منسى، مؤكداً استمرار دعم بلاده للجيش اللبناني وإنشاء أبراج مراقبة جديدة على الحدود.
وفي الجنوب، تواصلت الاعتداءات الإسرائيلية رغم وقف إطلاق النار، إذ استهدفت مسيّرات معادية مزارعين يقطفون الزيتون في حاريص، وتوغلت آليات إسرائيلية في خلة وردة قرب عيتا الشعب، فيما شهدت مناطق النميرية والزهراني تحليقاً مكثفاً للطيران الاستطلاعي.
أما صحياً، فقد تصاعد الجدل حول تلوث مياه «تنورين» بعد إعلان وزارة الصحة وجود بكتيريا ضارة، ما استدعى رداً من إدارة الشركة التي طالبت بتصحيح الخطأ، فيما بدأت مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية فحوصات جديدة للمياه تمهيداً لإعلان النتائج.
وهكذا، بدا المشهد اللبناني حافلاً بالتطورات السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والأمنية، في وقت يسعى فيه لبنان لتثبيت استقراره وسط محاولات متواصلة لإعادة تموضعه ضمن المعادلات الإقليمية الجديدة، مستنداً إلى دعمٍ دوليّ متجدد ورغبةٍ داخلية في إعادة بناء الدولة على أسس السيادة والشفافية والإصلاح.