سعيد متري

في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى المختار سعيد متري رئيس رابطة مخاتير المتن الشمالي.
من مواليد 27/9/1948، البوشرية. متأهل من مايا اوسكا. لهما أربعة أولاد: ميراي متأهلة من المهندس البريطاني جوناسين غرين، يوسف متأهل من وداد كيروز ولهما ثلاثة أولاد، وسام متأهل من إيلين هيكل ولهما ولدان، وجان.
والده يوسف متري، والدته ماري داغر.
نشأ، عند بوابة بيروت الشمالية، على القيم الوطنية والمبادئ الأخلاقية والشمائل المرتوية من تربية مسيحية ملتزمة، وفي كنف عائلة لها جذورها وعطاءاتها وحضورها على مستوى الكنيسة والوطن. وتحلّى منذ طفولته بخصال حميدة ومزايا طيّبة توجّها ذكاؤه الحاد وتفانيه في الخدمة والعمل.
تزامنت نشأته مع انتقال لبنان من زمن الانتداب إلى عهد الاستقلال والسيادة، مع ما تزخر به تلك المرحلة من عزة وطنية، وأعطي له أن يواكب رجالاً وطنيين كبارًا، لعبوا الدور المحوري في تاريخ لبنان المعاصر.
كلّها وقائع عاشها سعيد متري في فترة فتوته، ما ساعده على استشراف رؤية وطنية سرعان ما أخذت تتبلور سنة بعد سنة وتلازمه في مختلف المراحل التي قطعها والظروف التي عاشها والمواقع التي شغلها والمسؤوليات التي أسندت إليه.
احتلت الثقافة موقعًا متقدمًا في حياته، وقد عمل في حقل الطباعة في مطبعة أنيس الأشقر في الأشرفية، قرابة العشرين عامًا، فكان حواره شبه يومي مع الكتاب، وكان الدافع الأول لتفعيل عامل الثقافة في فكره المتحرر.
جاء انتسابه المبكر إلى الحركة الكشفية، ليرسّخ لديه روح المحبة والخدمة وحب الطبيعة والعمل الخيري النابع من التزام بالقيم الوطنية.
عاش منذ الصغر حياة كشفية، بعد أن أسس فرعًا للحركة في منطقة سد البوشرية وترأسه.
كذلك اهتم بالرياضة وتحديدًا كرة القدم. ففي عرفه، الرياضة أولوية في تنظيف البيئة الإنسانية والاجتماعية في كل مجتمع. فهي تساهم في إبعاد الأجيال الشابة عن كل انحراف وفساد وضلال. في هذا الإطار، دعم العديد من الجمعيات والنوادي وترأس نادي الجعيتاوي لكرة القدم بعد ان قام بتأسيسه.
منذ فتوته، كان ناشطًا في المسائل الاجتماعية. احتكّ بقضايا المجتمع مثابراً على تلبية حاجاته. الأمر الذي دفعه الى تبني، يومًا بعد يوم، قضايا المواطن، والسعي الى حل مشاكله ومساعدة الأهالي والبحث عن سبل للتنمية البلدية والاجتماعية.
مسيرته جمعت بين النضال من أجل مستقبل مزدهر ووطن متماسك ومجتمع راق وانسان مطمئن، وبين اجتهادات شخصية، ومثابرة على بذل الجهود الكبيرة في سبيل نجاحات على المستوى الشخصي والعائلي.
أمضى أربعين سنة في خدمة بلدته وعائلاتها، وقضاء المتن الشمالي عمومًا.
إحتاجت سد البوشرية لوحدة عيالها وتعاون جميع الفئات فيها، فاستقر الرأي على أن يتولى شؤونَها وجهٌ يجمع إلى الحكمة والصيت الحسن والمقدرة الإدارية، محبةَ الجميع والالتفاف حوله والتعاون معه. فإذا بالخيار الجامع يقع على سعيد متري لينتخب مختارًا.
خشية منه على مصلحة المختارين، وحرصًا على حقوقهم، ألّف مع مجموعة منهم في المتن في 9/9/2013، رابطة لمختاري المتن الشمالي وأنتخب رئيسًا لها. لا يزال يشغل هذا الموقع جاهدًا على متابعة حقوق المختارين وإدخال التكنولوجيا الحديثة إلى الخدمة الإختيارية.
محطات عبقت بالخير وبذل الذات ونشر بذور المحبة والإلفة وروح المصالحة والأخوة داخل بيئته وفي صفوف المجتمع الذي رافقه واحتضنه في زمن نهوضه، كذلك خلال مراحله العصيبة لا سيما طوال فترة الحرب الأليمة.
أحب بلدته سد البوشرية منذ نشأته حبًّا عميقًا وتربّى على خدمة أبنائها والتضحية في سبيل إعمارها وازدهارها. علمًا ان أبناء البلدة كانوا ولا يزالون يعتبرونه مرجعًا يعودون إليه في كل همومهم واحتياجاتهم.
على يده تمّت كل التغييرات الاجتماعية التي عاشتها المنطقة في فترة ما قبل الحرب وخلالها وفي المرحلة اللاحقة لها.
عطاؤه اللامحدود لبلدته واضح وجليّ، وليس من أحد من أبناء البلدة ينكر ذلك، بل العكس، الجميع يجلّ عطاءاته ويقدّر جهوده وشخصه، وهذا ما انعكس شبه إجماع على اسمه.
له فلسفة خاصة بالحياة ، كان لها أثرها العميق في نفوس كل من رافقه وتعرّف إليه. في طبعه الهادئ وتواضعه العميق تفهم مدى قلّة اكتراثه بالشعارات وضجيج الإعلام وكثرة الكلام.
يثمّن الرئيس سعيد متري ما قام به دولة الرئيس ميشال المر من جهود وإنجازات كبيرة على الصعيدين الإداري والوطني ويقدّر دوره الداعم باستمرار لعمل البلديات والمختارين في كل أنحاء لبنان، وعلى مساندتهم وتقديم المساعدة الممكنة إليهم من أجل إنماء بلداتهم وقراهم.
تم اختيار المختار سعيد متري لترؤس رابطة مختاري المتن الشمالي، وكان الهدف وراء تكليفه بهذه المهمة لمّ شمل المختارين وخلق روح التعاون والمحبة والأخوة في صفوفهم.
من خلال رابطة المختارين، يدعم متري الغالبية العظمى من البلدات والقرى التي تعاني الحرمان والنقص والتي يتولى فيها المختارون شؤونًا ومشاريع إنمائية وحياتية عديدة، إلى جانب مهماتهم الأساسية في الأحوال الشخصية والضابطة العدلية وغيرها... يعمل من موقعه على متابعة القسم الأكبر من هذه الأعمال الضرورية والحيوية، وتفعيل دور المختارين لدى الوزارات والإدارات المختصة وتأمين التمويل اللازم لهذه المشاريع وذلك من مصادر مختلفة كمساعدات الصندوق البلدي المستقل أو من خلال المشاريع المشتركة مع وزارة الشؤون الاجتماعية.
ولأن المسؤوليات الملقاة على عاتق المختارين، لا سيما في البلدات والقرى التي لا بلديات فيها، هي كبيرة، لم يتأخر متري عن القيام بواجباته كرئيس للرابطة حيال هذه البلدات والقرى ولم يتوان عن خدمة المواطنين، في وقت يتطلع إلى مساندة من الدولة لهذه الجهود وزيادة قدرات الهيئات الإختيارية على الخدمة العامة وتفعيلها بشتى الوسائل المتاحة. من هنا يأتي دوره في تفعيل نوع من الشراكة الحقيقية والفاعلة بين الإدارة المركزية والإدارة المحلية.
جذوره مع كل ما تختزله من عراقة وأصالة، تنعكس بوضوح في مدى رعايته الفقراء.
طُلب منه دخول السياسة لكنّه رفض وهو يعتبر نفسه قريبًا من السياسيين وبعيدًا من السياسة. بالمقابل غاص في متابعة القضايا الاجتماعية حتى العمق. وتمكن بمجهوده الشخصي من أن يحوّل هذه المسائل إلى قضايا وطنية عامة حرّكت الضمير اللبناني وجيّشت في سبيله وسائل الإعلام من مرئية ومكتوبة ومسموعة ونظّمت صفوف كل أصحاب اليد البيضاء في توجّه مشترك.
بالنسبة للكثيرين هو اكثر من مختار ورئيس رابطة مخاتير، هو مثال يحتذى في الصدق والإنسانية والاجتهاد والتعاطي بمحبة مع قضايا المجتمع وهموم الناس.
(إعداد: أنطوان فضّول)