المتحف الوطني
شهدت مرحلة الثلاثينات من القرن الماضي ولادة المتحف الوطني بعد أن تنادى عدد من المهتمين بالآثار اللبنانية إلى تأسيس تجمع يمكن تسميته بلجنة أصدقاء المتحف.
كانت الحفريات وعمليات التنقيب عن الآثار مزدهرة في لبنان في تلك الفترة وعدم وجود مكان عام وآمن لحفظ هذه الكنوز الدفينة التي تمّ العثور عليها كان الدافع وراء الدعوة لبناء المتحف الذي أبصر النور على ما يبدو مع الاستقلال.
مع اندلاع الحرب عام 1975 شقت خطوط التماس صدر المتحف الوطني وقطعت شرايينه، فأقفل القيمون عليه أبوابه بعد أن خبّأوا القطع الأثرية الصغيرة في الطابق السفلي وغطوا القطع الضخمة بألواح الخشب وأكياس الرمل أولاً ثم بالباطون.
بعد عودة السلام إلى الربوع اللبنانية بدأت عملية إعادة تأهيل مديرية الآثار التي بدورها أعادت ترميم المتحف وسقفه وجدرانه وأبوابه وكافحت الرطوبة داخله ثم أطلقت عملية رفع المكعبات عن القطع الأثرية وترميم المتضرر منها.
تشدّد القيمون على عملية ترميم المتحف في ضرورة إعادته إلى صورته التي كانت قبل اندلاع الحرب إن في نوع الحجر أو في المساحات. الفرق الوحيد بين صرح ما قبل الحرب والصرح الحالي هو في استعمال أساليب الهندسة الحديثة في عملية العرض والإضاءة والاهتمام التقني والعلمي بمعضلة الحرارة والرطوبة وعمومًا بالوضع المناخي للمتحف الذي تمّ تجهيزه أيضًا لتكييف الهواء في داخله.
يتألف المتحف الوطني من ثلاثة طوابق ، تم العمل بالطابقين العلويين ولا يزال الطابق السفلي في مرحلة إعادة ترميم لأنه يستلزم عملية ملحة لمعالجة كميات المياه الجوفية التي يمتصّها. وقد أضيفت إليه غرفة مخصصة لعرض فيلم مصوّر خاص بتاريخ المتحف ومحتوياته وهو بعنوان «تحدّي النسيان» إلى جانب غرفة مخصصة للمبيعات والمشتريات التذكارية أسوة بكل متاحف العالم، هذه الغرفة تقوم اليوم بتغطية مصاريف المتحف وصيانة محتوياته.
عملية إعادة ترميم المتحف ساهم بها القطاع الخاص إلى جانب القطاع العام واللوحة المحفوظة داخل إحدى غرف المتحف تشهد لكثافة وهوية المتبرعين بمن فيهم المؤسسة الوطنية للتراث التي ترأستها عند التأسيس السيدة منى الهراوي.
لا يتمتع المتحف بأي كيان مستقل ، هو يتبع مباشرة مديرية الآثار. ولا تعرض فيه إلا التحف والقطع اللبنانية التي تم العثور عليها في لبنان. هو غني بقطع لها قيمة علمية وجمالية وتاريخية وهو يبرز ثروتنا الوطنية. رسالته أن يبرز كل المناطق الأثرية وكل تحف حضارتنا وأن يكون شاهدًا على تراثنا الوطني وحافظًا للقطع الأثرية التي هي ملك الجماعة لا الأفراد والتي سترثها الأجيال المقبلة كي تطلع على ماضيها العريق.
(إعداد: أنطوان فضّول)