المقالة الخامسة

كلّهم يريدون حكومة مُفصلة وفق مقاييسهم ومعاييرهم. حكومة منسجمة ورؤيتهم، خاضعة لشروطهم،
فجأة يخرجون على واقعنا، يبنون قصورًا من رمل وقلاعًا من دخان.
كل ما في بلادنا لا يزال مضبوط الإيقاع، رهن إرادة مجموعة لا تتعدى أصابع اليد، تحتكر كل شيء وتقبض على كل المقدرات وتهيمن على كل السياسات وتحتل كل المواقع وتمتلك كل الثروات
كلمة واحدة من مسؤول متنفذ أفرغت كرسيًا رئاسيًا سنتين ونيّف وأوصدت أبواب برلمان أشهر عدّة، وكبّلت حكومة ووزارات وإدارات وأعاقت حركة قضاء ونقابات وجمعيات.
اللبنانيون يعيشون في رقعة لم تبلغ سن الوطن المستقل بعد، فهي غابة برّية تعبث فيها أنواع مختلفة من المخلوقات الغريبة تتناتش فتات ما يرميه لها تجار الأسلحة وقراصنة الآثار ومستوردو الدعارة ومنتجو الصراعات الإقليمية والدولية ومصنّعو الحروب الباردة والساخنة والفاترة.
إذا ما أعطي للبنان قيادي قادر على سحب تلك العصا من يد الفاسدين، وكسرِها لشل سحرها، بالطبع تعود الحياة إلى دورتها الطبيعية ويعود إلى لبنان الإزدهارُ والأمل.
هي شرنقة في داخلها رؤية شريفة لعهد جديد يستحقه لبنان.
عسى أن تتفتح هذه الشرنقةُ في هذا العهد، فيخرج من رحمها طائر الفينيق حرًا طليقًا ينشر في سمائنا بذور الديمقراطية والعدالةِ الإجتماعية والإصلاحِ الموعود.