ابراهيم كنعان
في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى النائب ابراهيم كنعان
مواليد جديدة المتن، العام 1962.
ولادته في ساحل المتن الشمالي ونشأته المسيحية عاملان يفسّران أبرز جوانب حركته السياسية ونشاطه الاجتماعي والوطني.
واكب كل المراحل التي عبرها لبنان خلال نصف قرن وعايش كل الأحداث، ليس من زاوية المراقب، بل غاص عميقًا وأحيانًا من موقع المسؤول والمستشار.
متأهل من تانيا سعادة، ولهما ابنتان: ماريا وريتا.
توزّع تحصيله الجامعي بين لبنان وفرنسا، وأنجزه حائزًاالشهادة في القانون اللبناني والقانون الفرنسي من جامعة القديس يوسف في بيروت وشهادة الماجستير في القانون الدولي الخاص من جامعة باريس الثانية.
استغل وجوده في قلب العالم الأوروبي، ليغرف من ثقافات ومعارف يحملها إلى لبنان تسمح له بتحقيق ذاته على كافة الأصعدة وتخدم وطنه.
تزامن وجوده في عالم الاغتراب مع بدء التحولات الدولية الكبرى التي ظهرت في الربع الأخير من القرن العشرين، الأمر الذي ساعده في استشراف التطورات الاقتصادية والسياسية والعلمية التي يتهيأ العالم للغوص فيها.
تبحّر في عالم الحقوق والقوانين، وصار أشبه بموسوعة، إذا صح التعبير، يمتلك المعرفة العميقة والإطلاع الواسع. ترأس المركز اللبناني للدراسات القانونية والإقتصادية، ولجنة العلاقات الدولية في نقابة المحامين في بيروت.
لم يحصر ثقافته بالمكتبة الحقوقية، بل واكب التيارات الفكرية المعاصرة بمجملها وتعمق في ثقافات الشعوب قاطبة.
تخطّت شهرته حدود بلاد الأرز لتلامس الآفاق العالمية، حيث اعتُمد مستشارًا ورئيس القسم الدولي في شركة المحاماة الدولية كينيديز وشركائهم في الرياض، وانتخب أمينًا عامًا للمجلس الحقوقي البريطاني في الشرق الأوسط.
رفض الوقوف متفرجًا على أبناء وطنه يذوقون الموت وكل أنواع المآسي، ضحايا حرب مدمرة فُرضت على لبنان ودكت كل أسواره وزلزلت أساساته وشلعت أجزاءه وحوّلته فريسة تنهشها السياسات الدولية والمصالح الإقليمية والغرائز الفئوية والشخصية.
تأثر عميقًا بالواقع المأساوي الذي أصاب المجتمع اللبناني طيلة الحرب، حيث أخذ عدد الشهداء في التضاعف،والجرحى في الارتفاع، وحيث المستقبل الأسود خيّم فوق رؤوس الجميع.
لم تؤثر الحرب على معنوياته، ولم تحبط عزيمته، بل ظلّطوال الوقت، يدعم أكثر من نشاط يتجه في سبيل خدمة المجتمع ونهضته من كبوته، وأحيانًا من موقع القائد والمحرك والملهم والمبادر.
غادر لبنان إلى بريطانيا بعد 13 تشرين الأول 1990 وبقي فيها حتى العام 1996 حيث اسهم في تأسيس "جبهة تحرير لبنان" التي تحوّلت الى نواة التيار الوطني الحر هناك في وقت لاحق، كما ساهم في تأسيس التجمع اللبناني البريطاني من أجل الحرية في لبنان.
وساهم كذلك في تأسيس اللقاء الثلاثي بين الرئيس أمين الجميّل والعماد ميشال عون ودوري شمعون الذي دعا إلى مقاطعة الإنتخابات النيابية العام 1996.
وضعته الديمقراطية في مواجهة مباشرة مع الأجهزة والإحتلالات وأعداء الوطن والتقليديين. والديمقراطية دفعته إلى المطالبة بحقوق المهجرين والمهاجرين والمغتربين والعمال والمهمشين والسجناء بمن فيهم جميع المعتقلين السياسيين.
رفض الاستسلام. بل نشط، في سبيل الإسهام في مكافحة الإحباط لدى اللبنانيين. وفي الملمات الصعاب، ملأ الفراغ. نشط في فرنسا في مهمة التواصل مع رموز المعارضة المبعدين عن لبنان: الرئيس أمين الجميل، الجنرال ميشال عون، العميد ريمون إده، المهندس دوري شمعون. وقد عايش ولادة الوثيقة التاريخية الموقعة منهم.
عاد إلى لبنان ليحط رحاله في قلب المعارضة السياسية اللبنانية في صفوف "التيار الوطني الحر" حيث هو أحد أركان هيئاته السياسية والتأسيسية وأمين سر كتلته النيابية على امتداد عقد من الزمن ونيّف.
مع إطلالة الألفية الثالثة، دخل البرلمان اللبناني نائبًا منتخبًا، مدعوًا كي يساهم في إحياء الحياة الديمقراطية والمنظومة البرلمانية وتفعيل دور المعارضة التي انتدبته واحدًا من أبرز أعمدتها الناشطين في الداخل.
أمام كل استحقاق انتخابي، يجدد المتنيون الثقة به فينتخبونه نائبًا لدورة تلو الأخرى منذ السنة ٢٠٠٥، ركنًا من أركان تكتّل الإصلاح والتغيير أولاً ولبنان القوي لاحقًا.
في المجلس النيابي، يعمل لإقرار القوانين التي تساهم في الحد من الفساد المستشري، ويبحث عن السبل الآيلة لتحسين الظروف الحياتية والاجتماعية، هادفًا من تحرّكه الى تحقيق المساواة بين المواطنين وضمان كرامتهم، وإلى نهج سياسة ذات بُعْد اجتماعي تردم الهوَّة بين طبقات المجتمع وفئاته، وتكافح كل أشكال الاستبعاد الاجتماعي.
كان رأس حربة في زمن المعارضة. وركن مصالحة وتنمية وتشريع في زمن الحكم.
نجحت قناعاته ودبلوماسيته في طي صفحة مريرة في حياة المسيحيين، وتكريس مصالحة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، أعادت الطمأنينة إلى القلوب والثقة بمستقبل واعد وسلام دائم.
من خلال نضاله السياسي وأفكاره المؤمنة بالديمقراطية والحرية، والنابعة من حسّه الوطني، يعتمد عليه اللبنانيون الأحرار لتأييد قضية لبنان ورسالته وحريته، وبناء دولة العدالة والقانون، والوطن الدائم لكل أبنائه، يؤمّن فرص العمل للجميع. كما تلمّسوا فيه سعيه الدؤوب وراء إصلاح حقيقي، قائم على استئصال آفة الفساد والبحث عن السبل الآيلة إلى تحسين الظروف الحياتية والإجتماعية.
إحداث تغيير في الواقع المتردي نحو حالة ثابتة من الاستقرار والنهضة والعصرنة، هاجس لا يزال يتفاعل في نشاطه اليومي ونضاله السياسي وفلسفته الخاصة.
عارض كل قانون طُرح أو خطوة اتخذت، رأى فيهما مسًا بالتوازن الديمغرافي وضربًا لمقومات ثبات التعايش المسيحي الإسلامي في لبنان.
تحت قبة البرلمان اتصف نشاطه بالحيوية والكثافة والموضوعية. ويكفي القول إن لجنة المال برئاسته اقرت موازنتين اصلاحيتين خلال ٦ اشهر.
لقد ترك كنعان بصمة كبيرة في رئاسته للجنة منذ العام ٢٠٠٩، مراقبًا ومشرّعًا ومدققًا، حتى صح معه القول "إن هذه اللجنة ما قبل كنعان غير ما بعده"، وسمعنا في ضوء رئاسته للجنة للمرة الأولى بالحسابات المالية الغائبة، التي شكّل عمله في اللجنة خريطة طريق إصلاحية إاعادة تكوينها، الى جانب حوالى ٤٠ توصية إصلاحية باتت ممرًا إلزاميًا لإصلاح المالية العامة في لبنان، واستعادة الثقتين المحلية والدولية فيه.
كما ترأس قبل ذلك بين الـ٢٠٠٥ والـ٢٠٠٩ لجنة الشباب والرياضة، وشغل عضوية لجنة الإدارة والعدل، وقد أنتج عمله التشريعي قوانين واقتراحات وأسئلة واستجوابات، تبشّر بنهضة شاملة في مختلف القطاعات والميادين.
(إعداد: أنطوان فضّول)