إيلي الفرزلي
في إطار برنامج أعلام من بلاد الأرز، تحيّة شكر وتقدير من أنطوان فضّول إلى دولة الرئيس إيلي الفرزلي
نائب رئيس مجلس النواب
من مواليد زحلة. متأهل من أولغينا سكاف.
منذ نشأته تربّى على التعلق بمنطقة البقاع والمحافظة على طابعه الخاص وروحية أرضه المعطاءة من جهة وعلى محورية العيش المشترك فيه، في ترجمة لخصوصية لبنان ومجتمعه ذي التشكيلة الطائفية المتعددة التي تستمد استقرارها من قوة الدولة الواحدة العادلة ذات المؤسسات الفاعلة والعاملة في سبيل خدمة المواطن والحق، المقاومة لكل مستعمر، والمتجذّرة في عمق عربي وأفق شرقي.
تلقى دروسه الإبتدائية والتكميلية في المدرسة الإنجيلية في زحلة والثانوية في مدرسة برمانا و IC. درس الحقوق ونال إجازتها من الجامعة اللبنانية في السنة 1972. مارس المحاماة منذ تلك السنة ولا يزال.
قاد خلال فترة شبابه حركة طلابية إصلاحية حظيت سنة بعد سنة، بشبه إجماع وطني، وجمعت حوله الجماهير الشبابية والإنتليجنسيا البقاعية، التوّاقة إلى تحصين الهوية القومية المشرقية وحماية الخصوصية اللبنانية المتجلية بالتعايش والسيادة والانفتاح الثقافي والاقتصادي بعيدًا عن كل أنواع التفرقة بين مواطني الوطن الواحد.
تمكن من اقتحام عالم السياسة في لبنان من بابه العريض محطمًا بذلك حواجز التقليد والوراثة السياسية ومحققًا ما يشبه الثورة الإصلاحية الديمقراطية الأولى في تاريخ لبنان المعاصر.
إرتبط اسمه بالتحرّك المناهض للإحتلال الإسرائيلي منذ السنة 1982، لا بل كان بمثابة عرّاب للقضاء على ترسّباته، حيث ترأس الجبهة الزحلية البقاعية في السنة 1986، وساهم في ترتيب الوضع الأمني في البقاع الغربي وراشيا على أثر خروج الإسرائيليين من هذه المنطقة.
مع تراجع الوضع الأمني في لبنان، وتأزمه، وقف في الخطوط الأمامية، مواكبًا كل التحولات على الساحة الداخلية. وقد حضر بفاعلية ومن موقعه القيادي، في مختلف المراحل، حيث تحرّك بهدف بلورة مقاومة دفاعية من أجل وحدة لبنان.
مع اندلاع الحرب اللبنانية، شاهد بعينيه تداعيات هذا الزلزال الأمني الرهيب وواكب الشعب اللبناني في حركة عبوره داخل النفق المظلم.
ذاق مرارة الحرب أسوة بجميع اللبنانيين حتى أنّه تعرّض لمحاولات اغتيال، تكرارًا. فنما في داخله تصميم على تغيير الواقع والسعي مع الأخيار من أجل التحرر.
سار في الاتجاه المعاكس والتحق بصفوف النخبة التغييريين والإصلاحيين في مسعى نحو خدمة الإنسان اللبناني ورقيه وتنميته.
مع دخول لبنان مرحلة الإنماء والإعمار، تحرّك على أكثر من صعيد، يوحّد الجهود، يجنّد الطاقات الشابة، يبثّ في اللبنانيين روح التطوع من أجل السير بلبنان في طريق المستقبل.
دخل قبّة البرلمان، للمرة الأولى، نائبًا عن دائرة زحلة في حزيران السنة 1991. وانتخب نائبًا عن دائرة البقاع الغربي وراشيا مرات عدّة، 1992 و1996 و2000 و2018.
تبوّأ منصب نائب رئيس مجلس النواب، دورات عديدة، في السنوات 1992 و1996 و2000 و2018. وكان الوحيد بين كل من تولى هذه المهمة الذي أخرج هذا المنصب من وضعيته العُرفية إلى الواقع العملي بحيث أنّه جسّد نيابة الرئاسة عرفًا وفعلاً. وقد عُرف بترؤسه اللجان النيابية المشتركة طوال هذه الفترات.
تسلّم حقيبة وزارة الإعلام في تشرين الأول 2004 في حكومة الرئيس عمر كرامي.
ترأس وفودًا نيابية كثيرة إلى دول عربية وأجنبية وشارك في الكثير من الزيارات الرسمية والخارجية. لعل البارز منها، مؤتمر الأمن والتعاون لدول حوض البحر الأبيض المتوسط في مالاغا إسبانيا في السنة 1992، والمؤتمر الثاني للبرلمانيين المتحدرين من أصل لبناني في البرازيل في السنة 1996، ومؤتمر الإتحاد البرلماني الدولي في هافانا في كوبا في السنة 2000، والمؤتمر الثاني لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي في الرباط في المغرب، السنة 2001. كما ترأس الوفد البرلماني اللبناني إلى الإتحاد البرلماني الدولي في المكسيك في السنة 2004.
عمل فور دخوله المجلس النيابي على تنقية القلوب وإزالة النفور وتقريب وجهات النظر بين الكتل النيابية من أجل العمل البنّاء. وقد أثار في مجلس النواب مشاريع عدة ذات طابع اجتماعي واقتصادي طاولت التعليم والطبابة وضمان الشيخوخة إلى جانب تركيزه على دعم السياحة وتحويل لبنان إلى قلب العالم الشرق أوسطي في هذا المجال. وشجّع على معالجة ظواهر افتقار اقتصادنا الوطني لأسس صناعية وتجارية وزراعية متينة. من هنا اهتمامه بالتشريعات الهادفة لتشجيع الصناعة الوطنية وحمايتها وتشغيل اليد العاملة المحلية.
في مرحلة ما بعد اتفاق الطائف، تحوّل إيلي الفرزلي إلى أحد أركان المنظومة السياسية اللبنانية وقد تلخّصت حركته بعنوانين عريضين: محورية الوحدة الوطنية واحترام التعددية المذهبية، وإنقاذ القيم اللبنانية العريقة من أتون الفلتان الأمني والفوضى والبربرية.
في هذه المرحلة تركّز اهتمامه السياسي على كيفية إعادة تكوين أسس الدولة اللبنانية على مفاهيم العصرنة، والوفاق الوطني والواقعية والإصلاح والاتزان.
عُرف عنه اهتمامه بقضايا الناس دون تمييز ولا تردد.
فتح قلبه وبيته للقاصي والداني، ولاحق كل المطالب التي كان حملها إليه الناس وبشتى الوسائل.
إجتمعت في حركته جذور أورثذكسية ولبنانية تخالطت وانصهرت وأثمرت شخصية تميزت بحيويتها. وفي مرحلة اتسمت بصراع وجودي حاد، عرف كيف يمسك بيديه كل الأطراف والتيارات.
واجه الروتين، ورفض السير على الطريق التقليدية. وهو من قلة خرجوا على الزعائمية السياسية إلى رحاب رؤية الوطن الموحد.
إنقاذًا للديمقراطية اللبنانية، وتحقيقًا لأفضل تمثيل شعبي داخل المجلس النيابي، طرح مشروع ما بات يُعرف بالقانون الأورثذكسي أو قانون إيلي الفرزلي لحل تعقيدات قانون الإنتخابات النيابية، والذي أُخذ منه في نهاية المطاف اعتماد النسبية للمرة الأولى في القانون الإنتخابي.
يتميز ببراغماتيكية نادرة، وبمواقف منبرية ذات ملامح أدبية.
بأسلوبه المفعم بالحياة خاطب كل الاجيال. كما ان الانتلجنسيا اللبنانية والعربية أجمعت على ريادته بعد ان أثمرت حكمته تطويراً لأساليب السياسة ومواكبة التحولات الإقليمية والدولية.
مواقفه كادت ان تصبح للجرأة مقياساً وللموضوعية نبراساً وللشفافية مرآة. وهو يغوص الى أعماق الوقائع يقتنص ما تستر في الخفاء فتخرج الحقيقة من يرقانة فكره، متعرية ناصعة متجردة تلفظ انفاسها العطشى الى الضوء المتلألئ فوق تموجات أسطر مخملية يعشق العقل عزف سيمفونيتها والغوص بين ضفتيها.
(إعداد: أنطوان فضّول)